قمة الخليج... تحلق خارج نطاقها وتغفل مشاكل شعوبها!

 

شبكة النبأ: يلتهب ساحل الخليج الفاصل بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران عدوها الأوحد، بنيران النزاعات الشرسة منذ فترة طويلة لكنها برزت بشدة خلال الاونة الأخيرة، إذ يسود العلاقات بينهما مناخ من التوتر والتصعيد المتبادل والسجال الحاد على عدة مستويات، مما يضع الأمن الاقليمي على المحك، خصوصا بعدما شهدت معظم البلدان في مجلس التعاون الخليجي حركات احتجاجية غير مسبوقة كما هو الحال البحرين والكويت، مما وسعة رقعة الخلاف مع إيران التي تعتبر الخليج فناءها الخلفي وتعتقد أن توسيع نفوذها هناك من مصالحها المشروعة.

ففي ظل الأوضاع التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية من متغيرات واحداث متسارعة على المستويين الاقليمي والدولي، عقدت دول مجلس التعاون الخليجي قمتها في المنامة مؤخرا، والتي تناول الاضطرابات الداخلية على أكثر من صعيد إضافة الى الازمة السورية مع الاتهامات المستمرة لايران التي بدورها نفت كل الاتهامات الموجهة إليها، ويرى المحللون ان تصاعد حدة الخلاف بين دول الخليج وايران نظرا لحساسية القضايا المتنازع عليها وأبرزها قضية البحرين ونزاع جزر الحدود مع الإمارات فضلا عن الأزمة السورية التي غالبا ما تتسم بصبغتها الطائفية، مما يضع جميع الإطراف المتخاصمة أمام موجة خلاف عارمة تأبى الركود.

الصراع الإيراني الخليجي

فقد قالت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء إن إيران رفضت اتهامات من دول الخليج العربية بأنها تتدخل في شؤونها قائلة إن هذه الدول "تهرب من الواقع"، وطالبت ست دول خليجية متحالفة مع الولايات المتحدة إيران بإنهاء ما أسمتها "التدخلات" في المنطقة في بيان صدر في ختام قمة لمجلس التعاون الخليجي استغرقت يومين وأبرز مجددا ريبة هذه الدول في طهران، ولم يسهب البيان الختامي للقمة كثيرا في الشأن الإيراني لكن أكثر الشكاوى شيوعا من دول الخليج العربية متعلقة بالبحرين التي اتهمت إيران مرارا بالتدخل في سياساتها الداخلية من خلال التحريض على الاحتجاجات، ونقلت وكالة الطلبة عن رامين مهمان باراست المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله في بيان "تنصل دول المنطقة من مسؤولية المشكلات الداخلية هي إحدى وسائل الهروب من الواقع وإلقاء اللوم على آخرين أو استخدام أساليب قمعية ليست هي الوسائل السليمة للاستجابة للمطالب المدنية.، وقال وزير خارجية البحرين خالد بن احمد بن محمد آل خليفة للصحفيين في المنامة إن إيران تمثل تهديدا بالغ الخطورة. بحسب رويترز.

وأضاف أنه على الصعيد السياسي هناك قدر كبير من التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي يضاف الى ذلك خطر بيئي على المنطقة يتمثل في التكنولوجيا المستخدمة في المنشآت النووية فضلا عن خطر البرنامج النووي، ومضى يقول إن مستوى الخطر مرتفع لكن دول المجلس مستعدة لأي ظروف تتطلب التحرك، وقالت وكالة الطلبة أنه عندما سئل مهمان باراست عن تصريحات وزير البحرين أجاب إنها لا تستحق الرد، واتهمت البحرين التي يتمركز بها الأسطول الخامس الأمريكي إيران بأنها وراء الاضطرابات في حين تنفي طهران هذا، واستعان حكام البحرين بقوات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في العام الماضي لإخماد الاحتجاجات. وأدانت إيران هذه الخطوة وقالت إنها ستؤدي لزعزعة استقرار المنطقة.

الكويت

في سياق ذاته دعت الكويت إيران إلى إبداء مزيد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتصدي لبواعث القلق في دول الخليج العربية بشأن سلامة محطتها النووية المطلة على الخليج، وقال أمير الكويت صباح الأحمد الصباح في القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي في البحرين إن إغلاق محطة بوشهر أخيرا يبين ضرورة تعاون طهران مع الوكالة التابعة للامم المتحدة لضمان سلامة المحطة، وقال الشيخ صباح "إن القلق الذي انتاب دول المنطقة جراء ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا عن الخلل التقني الذي أصاب محطة بوشهر النووية يؤكد أهمية ما ذكرناه سابقا من حتمية تعاون الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والالتزام بمعاييرها وشروطها ضمانا لسلامة دول المنطقة وشعوبها من أي آثار إشعاعية محتملة"، وإيران هي الدولة الوحيدة التي تملك محطة نووية في طور التشغيل وليست طرفا في اتفاقية السلامة النووية التي تضم 75 دولة وأقرت في أعقاب كارثة مفاعل تشرنوبيل عام 1986. بحسب رويترز.

ودعا الشيخ صباح إيران أيضا إلى حل الخلافات التي طال أمدها مع دول مجلس التعاون الخليجي قائلا "نجدد الدعوة إلى الأصدقاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستجابة إلى دعواتنا لهم بإنهاء القضايا العالقة بين دول المجلس والجمهورية الإسلامية الإيرانية لا سيما قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة وموضوع الجرف القاري وذلك من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي."

السعودية

الى ذلك حذرت السعودية إيران من التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية وطالبتها بالامتناع عن "إثارة الفتن" وهو ما نفته ايران، وتأتي التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بعد مزاعم مشابهة وجهتها المملكة لايران من قبل، ونقلت صحيفة الحياة التي تصدر من لندن عن الأمير سعود قوله "إن التدخل لإثارة الفتن غير مقبول من جار، "هذا الأمر غير مريح لأنها تحاول استغلال الظروف للتدخل"، ولم تفسر الصحيفة ما كان يقصده الوزير السعودي بكلمة "الظروف" إلا أن أبرز شكوى خليجية عربية بشأن التدخل الإيراني المزعوم في المنطقة تتعلق بالبحرين التي اتهمت طهران بالتدخل في سياستها الداخلية. بحسب رويترز.

وتعيش البحرين حالة من الاضطراب منذ احتجاجات تنادي بالديمقراطية قادتها الأغلبية الشيعية في المملكة العام الماضي، وجلب الحكام السنة للبحرين قوات من السعودية والامارات العام الماضي للمساعدة على قمع الاحتجاجات وأدانت إيران الشيعية الخطوة وقالت إنها قد تؤدي إلى

القضايا منها الأزمة السورية والصراع في اليمن و"التدخل الإيراني"، ويشتكي الشيعة في البحرين من تعرضهم للتهميش منذ وقت طويل في المجال السياسي والاقتصادي وهو ما تنفيه الحكومة. ورفض الحكام السنة للمملكة المطلب الرئيسي للمحتجين وهو تشكيل حكومة منتخبة.

هموم داخلية وامنية

على الصعيد نفسه بحث قادة دول الخليج اعمال قمتهم السنوية العادية في المنامة قضايا داخلية تتركز على التكامل الاقتصادي والامن والشؤون الاجتماعية بالاضافة الى الاوضاع السيئة في الجوار المضطرب، وقال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مفتتحا القمة ان "العالم العربي يموج بتغيرات وتطورات عدة" مشيرا الى "العمل على ايجاد مظلة آمنة تعيش مجتمعاتنا في حماها (...) ما نواجهه من مسؤوليات يتطلب منا العمل بسياسية موحدة وتكامل اقتصادي وسياسي ودفاعي وامني".

من جهته، عبر ولي العهد السعودي عن الامل في ان تتبنى دول المجلس الاعلان عن الاتحاد الخليجي خلال قمة مرتقبة في الرياض لهذا الغرض، وقال ان دول الخليج تسعى الى "بناء منظومة دفاعية واخرى امنية مشتركة"، اما امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح الذي تشهد بلاده اضطرابات فاشار الى "الظروف والمتغيرات المتسارعة في الشرق الاوسط مما يتطلب استمرار التشاور لمراجعة ما تم اتخاذه من تدابير لمواجهة هذه الظروف"، وحول الاتحاد الخليجي، قال دون توضيحات "هناك صيغ عدة لعملنا المشترك"، في غضون ذلك، افاد شهود عيان ان الشرطة فرقت تظاهرة في قرى شيعية تزامنا مع انعقاد القمة الخليجية، ردد المتظاهرون خلالها هتافات مناهضة مثل "الشعب يريد اسقاط النظام" و"هيهات منا الذلة" و"يسقط حمد" في اشارة الى ملك البحرين. واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريقهم، واعلنت جمعية الوفاق الاسلامي، اكبر تيار شيعي معارض، انها "تطالب قادة دول مجلس التعاون بالضغط لاقناع القيادة البحرينية لايجاد حل للازمة (...) ينقل البلد من الحل الامني الى الاتفاق على الحل السياسي". بحسب فرانس برس.

كما دعت جمعية "وعد" ذات التوجه الليبرالي "قادة مجلس التعاون الى الانصات لشعوبهم، ونحن في البحرين مطالبنا عادلة، ونعتقد أننا سنواصل نضالنا السلمي والحضاري"، اما في سلطنة عمان فكانت الحركة الاحتجاجية محدودة واقتصرت على المطالبة بالاصلاح السياسي ومحاربة الفساد، وقد رد عليها السلطان قابوس بن سعيد بتعزيز صلاحيات البرلمان الذي يضم مجلسا منتخبا وآخر معينا، وبالوعد بمحاربة الفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/كانون الأول/2012 - 15/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م