دول الخليج... شعوب متحركة وانظمة مرتبكة

 

شبكة النبأ: تشهد معظم دول الخليج اضطرابات كبيرة وحراك سياسي غير مسبوق خاصة في المدة الاخيرة، تتمثل بالاحتجاجات الشعبية المستمرة، التي تحول بعضها إلى مواجهات عنيفة في أنحاء عديدة كما هو الحال في البحرين واليمن والكويت والسعودية وعمان، وحتى ما يحدث في الامارات وقطر مثل المعارضة على الانترنت، فعلى الرغم من انتهاج الحكومات الخليجية اشد أساليب القمع والتعسف على المعارضين، فضلا عن التعتيم الإعلامي المستمر، الا ان ثورات معارضين مازالت مستمرة وتستلهم ثورات الربيع العربي الاخرى، وهذا الامر يشكل خطراً على الحكومات الخليجية التي تتعامل مع المطالبين بقمع متواصل، ونظرا لما تشهده الساحة الاقليمية والدولية من متغيرات واحداث متسارعة على المستويين الاقليمي والدولي، التي تمثلت بالانتفاضات التي اطاحت بزعماء حكموا لعقود في دول عربية والمنافسة الاقليمية مع ايران والصراع في سوريا، ستضع هذه الامور انفة الذكر الخليج امام تحديات كبير، لذا تحاول دول الخليج  ايجاد وحدة خليحية في كافة المجالات تخفف من خطر الاضطرابات.

فعلى الرغم من الثراء الفاحش يشتكي معظم المواطنين من تارجع الاصلاحات السياسية في دول الخليج العربي، ومن تباطؤ تطور وتبلور المفاهيم السياسية الحديثة، وهذا يبعث الاستياء داخل  ملكيات الخليجية التي تقف اليوم على محك التغيير، ويرى مراقبون في حال استمرار الجمود السياسية والتراجع الحقوقي في دول الخليج، فان الاسر الحاكمة قد تواجه عن قريب انتفاضات لا يمكن تفاديها في المستقبل القريب.

دول الخليج تنتقد "تدخلات" إيران في شؤونها و"المجازر" في سوريا

فقد طالب زعماء مجلس التعاون الخليجي إيران يوم الثلاثاء بالكف عما وصفوه بالتدخل في شؤون دولهم. وتنفي الجمهورية الإسلامية محاولتها تقويض المملكة العربية السعودية أو دول الخليج المجاورة.

كما دعا زعماء المجلس في بيان صدر في ختام قمة استغرقت يومين المجتمع الدولي إلى التحرك سريعا لوقف المذابح وانتهاكات القانون الدولي في سوريا. وجاء في البيان الختامي لمجلس التعاون الخليجي إن المجلس أبدى "رفضه واستنكاره لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون وطالب إيران بالكف فورا ونهائيا عن هذه الممارسات وعن كل السياسات والإجراءات التي من شأنها زيادة التوتر وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة."

وعن سوريا طالب البيان الذي تلاه عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي "بالتحرك الجاد والسريع لوقف هذه المجازر والانتهاكات الصارخة التي تتعارض مع كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية والقيم الإنسانية."

كما ناشد البيان المجتمع الدولي "تقديم كافة أشكال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري الشقيق لمواجهة الظروف الحياتية القاسية."

وقالت الكويت يوم الاثنين إنها ستستضيف مؤتمرا دوليا للجهات المانحة لصالح سوريا في نهاية يناير كانون الثاني وسط تزايد القلق على ملايين السوريين الذين يعانون من الحرب والحرمان من المأوى وبرد الشتاء.

كما دعا زعماء دول الخليج العربية الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي. وفي نوفمبر تشرين الثاني اعترف مجلس التعاون الخليجي بائتلاف المعارضة الذي تشكل حديثا باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري.

ولم يسهب بيان زعماء الخليج الختامي في الشأن الإيراني لكن الشكوى الأكثر شيوعا من تدخل إيران المزعوم تتعلق بالبحرين التي اتهمت طهران مرارا بالتدخل في شؤونها الداخلية.

وتنظر إيران للخليج باعتباره فناءها الخلفي وتعتقد أن لها مصلحة مشروعة في توسيع نفوذها هناك.

وقال وزير خارجية البحرين خالد بن احمد بن محمد ال خليفة للصحفيين إن إيران تمثل خطرا كبيرا جدا. وأضاف في إشارة إلى النشاط النووي الإيراني أن من الناحية السياسية هناك قدر كبير من التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي وخطر بيئي على منطقة الخليج من التكنولوجيا المستخدمة داخل المنشآت النووية كما أن هناك خطر البرنامج النووي.

ومضى يقول إن لهذا السبب فإن مستوى الخطر مرتفع لكنهم مستعدون إذا واجهوا ظروفا تتطلب اتخاذ إجراء ما. وفي حين ان البحرين لم تهزها انتفاضة بحجم تلك التي هزت مصر او ليبيا فإنها مضطربة منذ اندلاع احتجاجات مطالبة بالديمقراطية بقيادة الأغلبية الشيعية في البلاد العام الماضي.

ولجأت البحرين لقوات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في العام الماضي للمساعدة على إخماد الاحتجاجات وأدانت إيران هذه الخطوة قائلة إنها من الممكن أن تؤدي لزعزعة استقرار المنطقة. وتتهم البحرين إيران بأنها وراء الاضطرابات في حين أن طهران تنفي هذا.

ويشكو شيعة البحرين من التهميش منذ زمن طويل في الحياة السياسية والاقتصادية وهو ما تنفيه الحكومة. ورفض الحكام السنة المطلب الأساسي للمحتجين وهو حكومة منتخبة.

اضطرابات متجددة

الى ذلك أصدر المفتي العام للمملكة العربية السعودية بيانا يندد فيه بالمظاهرات ملقيا باللوم فيما يبدو على ايران في الاضطرابات التي تنتشر بين الشيعة في الدول العربية الخليجية، ونقلت صحيفة الوطن عن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ قوله "إن الخليج العربي يتعرض إلى هجمة تسعى للنيل من الدين والقضاء على المصالح المادية والثروات التي يحتويها" وحذر آل الشيخ من الانقياد الى "الأعداء" الذين دعوا الى المشاركة في الاحتجاجات قائلا إنهم يهدفون الى احداث الفرقة بين شعوب المنطقة، وقالت صحيفة الوطن ان آل الشيخ انتقد أيضا ما سماه "تعددا في وسائل الاتصالات والقنوات الفضائية التي تبث الشر والشرك والتكفير والإرهاب وأنواع الإجرام مهيبا بعموم المسلمين أن يحصنوا أبناءهم ضد تلك الوسائل الهدامة. بحسب رويترز.

الخليج والاردن

من جهة أخرى درست دول الخليج العربية سبل مساعدة الاقتصاد الأردني المتعثر بعدما قررت الحكومة الأردنية رفع الدعم عن الوقود مما دفع أسعار الطاقة للارتفاع بشكل كبير وأدى إلى احتجاجات في الشوارع، وواجه الأردن صعوبات في خفض عجز الميزانية والحصول على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي، وتعاني البلاد أيضا من انقطاعات في امدادات الغاز من مصر بعد عدة هجمات تخريبية على خط الأنابيب منذ اندلاع الانتفاضة المصرية العام الماضي، وقال وزير خارجية الامارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إن الأردن يواجه عجزا اقتصاديا بسبب اعتماده على استيراد الوقود الثقيل، ونقلت وكالة أنباء الامارات الرسمية (وام) عن الشيخ عبد الله قوله في مؤتمر صحفي في أبوظبي مع نظيره الأردني ناصر جودة "نبحث في الامارات وفي دول مجلس التعاون حول كيفية إغلاق أو تحجيم هذا العجز وهذا يحتاج إلى نقاش مع إخواننا في الأردن ودول مجلس التعاون على المستوى الفني لبحث كيفية التعامل مع هذا الوضع وقد يستغرق بعض الوقت"، وقد أحجمت السعودية هذا العام عن تكرار ضخ 1.4 مليار دولار في الاقتصاد الأردني. بحسب رويترز.

وحدة دول الخليج

على الصعيد نفسه قال وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي عقب اجتماعهم ان مشروع تحقيق وحدة بين الدول الست الذي اقترحته السعودية العام الماضي يحتاج لمزيد من المناقشات، وكان الملك السعودي عبد الله قد حث مجلس التعاون الخليجي على المضي قدما نحو مرحلة الوحدة وذلك في نهاية خطاب ألقاه في ديسمبر كانون الاول ركز فيه على انتفاضات الربيع العربي العام الماضي والتهديد الذي تمثله ايران الشيعية.

وامرت دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين والامارات العربية المتحدة وعمان في يناير كانون الثاني بتشكيل لجنة لدراسة الفكرة وقدمت اللجنة مقترحاتها لوزراء الخارجية، وقال مجلس التعاون الخليجي في بيان بعد انتهاء الاجتماع "نظراً للحاجة إلى مزيد من الوقت والتشاور قرر المجلس تكليف الأمانة العامة باستكمال مرئيات الدول الأعضاء ، وعرض ذلك على المجلس الوزاري في دورته القادمة لدراسته والتوصية بشأنه للمجلس الأعلى" ولم يكشف البيان عن شكل الوحدة التي سيتبناها المجلس او وجهات نظر الاعضاء المختلفة. بحسب رويترز.

وركز مجلس التعاون الخليجي في الماضي على تحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس، ووافقت الدول الست على اتحاد جمركي لكنها ما زالت مختلفة بشأن كيفية تقاسم العائدات وناقشت فكرة العملة الموحدة لكنها ما زالت منقسمة ايضا بشأن مكان البنك المركزي. وتفكر دول مجلس التعاون الخليجي في طرح ضريبة للقيمة المضافة بنسبة موحدة، ولم توافق دول المجلس على انشاء درع صاروخي مشتركة تدعو إليها واشنطن منذ نحو ثلاثة عقود.

انطلاق نحو التغيير

الى ذلك أدلى الناخبون العمانيون الذين يتطلعون إلى فرص للعمل وإلى تغيير ديمقراطي بأصواتهم في أول انتخابات بلدية في مؤشر على إصلاح محدود استجابة لاحتجاجات استلهمت انتفاضات الربيع العربي، ويحكم السلطان قابوس الدولة الخليجية الصغيرة المنتجة للنفط منذ عام 1970 وتقع قبالة إيران على مضيق هرمز الذي يمر منه حوالي خمس شحنات النفط العالمية، والانتخابات الأخرى الوحيدة التي أجريت في عمان هي انتخابات مجلس الشورى وهو هيئة تتمتع بسلطات تشريعية محدودة. وتوسيع الديمقراطية كان مطلبا للمحتجين في المدن العمانية أثناء الانتفاضات العربية العام الماضي علاوة على الوظائف والقضاء على الفساد.

وقال الناخب حريب خلفان في منطقة السيب في مسقط "نشعر أن التغيير قادم مع هذه الانتخابات الجديدة التي ستمنحنا الفرصة لأن نطلب من المسؤولين كي يفسروا علنا تصرفاتهم ويقروا بأخطائهم"، ويتنافس نحو 1475 مرشحا على المقاعد في 192 مجلسا بلديا في بلد يبلغ عدد سكانه 2.8 مليون نسمة. ولم ترد تقارير على حدوث احتجاجات أو أي حوادث أخرى في أنحاء البلاد، واندلعت احتجاجات في عدد من المدن العمانية أوائل العام الماضي حيث أغلق المتظاهرون طرقا رئيسية وبدأوا إضرابا عن العمل للمطالبة بتحسين الأجور وبمزيد من الوظائف ومحاربة الفساد وبعض التعديلات الديمقراطية، غير أن السلطان قابوس لا يزال يتمتع بشعبية في بلد لم يكن متطورا على الأغلب وواجه حربا في إقليم ظفار عندما تولى السلطة من والده، وسارع السلطان قابوس بعد المظاهرات بإجراء تغيير في الحكومة ووعدت الحكومة بتوفير الاف الوظائف وأعلنت عزمها إجراء انتخابات بلدية ومنحت مجلس الشورى بعض السلطات التشريعية حيث منحت أعضاءه الحق في تأييد أو رفض مشاريع القوانين. لكن السلطان يحتفظ بالقرار الحاسم، واثنان من أعضاء مجلس الشورى المنتخب كانا نشيطين من بلدة صحار الصناعية التي شهدت أكبر الاحتجاجات. وتضم الحكومة الحالية المؤلفة من 28 وزيرا تسعة أعضاء في مجلس الشورى، قالت مريم الشريف (32 عاما) وهي أستاذة جامعية كانت تنتظر أمام لجنة اقتراع "انا هنا لأدلي بصوتي لأنني أشعر بأن الانتخابات ستؤدي في النهاية إلى حكومة تضم بشكل كامل وزراء منتخبين"، وبالرغم من أن المجالس البلدية تحظى بسلطات محدودة إلا أن بعض الناخبين عبروا عن أملهم في أنها قد تعطي دفعة لنمو الوظائف من خلال نفوذها على الشركات المحلية، وقال بدر سيف (24 عاما) وهو متسرب من التعليم من بركة "جئت إلى هنا كي أضمن أن الشخص الذي سأعطيه صوتي سيجتهد كي يوفر وظائف لنا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/كانون الأول/2012 - 12/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م