الطائفية في كل خطوة... اتركوا القتلة يمرون

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ابن جارنا في الثامنة من عمره دهسته سيارة مسرعة حين كان يلعب في الشارع العام المار من امام منزلهم.. السبب هو الحكومة.. لماذا؟ لانها لم تبن ملعبا لكرة القدم في تلك المنطقة. الملاعب التي تبنيها الحكومة ليس وراءها غير الفساد وزيادة ثروات الفاسدين.

جاري الاخر صعقه التيار الكهربائي، لانه اراد ان يسحب خطا اخر من منطقة مجاورة. السبب هو الحكومة، لماذا؟ لان قطاع الكهرباء مليء بالفاسدين. من هي الحكومة؟ انها نوري المالكي.. من هم الوزراء؟ ينتمون الى قوائم شتى.. اقالة الوزير، استهداف للمكون.. محاسبة الوزير: تسقيط سياسي... الحكومة فاسدة، لا احد فيها  غير رئيس الوزراء... تلك لقطة اولى.

العشائر تقطع الطريق الدولي للعراق، ابناؤنا اكبادنا، و(نكص ايده الي يوصل حدنا) شعار لتظاهرتين بالانبار وسامراء بحضور نواب وشيوخ عشائر... يلتم شيوخ العشائر ويصدرون بيانهم، (اقامة عصيان لكافة دوائر الدولة، اضافة الى اقامة تظاهرة جماهيرية سلمية في مدينة الرمادي، واغلاق الطريق الدولي السريع مرة ثانية لحين الموافقة على المطالب التي رفعها اهالي الانبار الى الحكومة الاتحادية).

واتهم بيان المؤتمرين اطرافا متنفذة في الحكومة بـ(السعي الى اقصاء المكون السني من العملية السياسية من خلال مداهمات عشوائية تقوم بها القوات الحكومية طالت كافة المحافظات السنية)، مكان انعقاد الاجتماع العشائري، قاعة الوقف السني وسط الرمادي... هذه لقطة ثانية.

الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي  إياد السامرائي قال ان(أن الاستهداف الذي تعرض له وزير المالية رافع العيساوي يمثل ضربة أخرى للعملية السياسية في العراق ومسمارا آخر في نعش المشاركة الوطنية ).

واعرب السامرائي عن امنياته أن يكون ما حدث غلطة يتم التراجع سريعاً عنها ، أما الإصرار على الخطأ فيحمل معاني النية المبيته لتفجير الأوضاع والتي طالما هدد البعض بها بين الحين والآخر... هذه لقطة ثالثة.

قالت رئاسة إقليم كوردستان، إن رئيس البرلمان العراقي ابلغ رئيس الإقليم مسعود بارزاني بأنه (مخول) من قبل ائتلاف العراقية لاتخاذ أي موقف لـ(تعديل مسار الحكم) في العراق.

وهذه لقطة رابعة، هي ليست الاخيرة، لكني اكتفي بهذا القدر من اللقطات التي اعقبت اعتقال مجموعة من حراس وزير المالية العراقي رافع العيساوي، والمنضوي ضمن القائمة العراقية الوطنية.

كيف يمكن قراءة هذا الحدث الجديد والذي يشكل ازمة كما يراه كثيرون؟ الازمة بين الاقليم والحكومة الاتحادية لازالت مستمرة، والاكراد يتمادون في تحديهم للقطعات العسكرية التابعة للمركز، بالتعرض للمرة الثالثة لطائرة عسكرية.

مسعود البرزاني فرصته مواتية للانبطاح اكثر امام الباب العالي العثماني بعتباته الاردوغانية الجديدة.. مام جلال ترك الخصوم على ابواب المستشفى الالماني، واستحقاقات الخلاقة تثير اعصاب السيد مسعود.. والانتخابات المحلية على الابواب، بارزاني يواجه معارضة قوية في الإقليم واعتراضات شعبية واسعة النطاق لكيفية إدارته الإقليم ومحاولته السيطرة على كل مرافق الحكومة والفساد المالي والإدراي المستشري في مؤسسات حكومة الإقليم. ولم تقتصر هذه الاعتراضات على الأحزاب المعارضة، بل تعدتها لتشمل الحليف الاستراتيجي للبارزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني، أي الاتحاد الوطني والرئيس جلال طالباني شخصياً. فقد تمخّض اللقاء الذي جمع بين الطالباني ونوشيروان مصطفى، المنسق العام لحركة التغيير المعارضة، قبل فترة، عن انضمام الاتحاد الوطني لمطلب المعارضة الرئيس وهو إعادة مشروع دستور الإقليم إلى البرلمان لمناقشته وتعديل النظام السياسي في إقليم كردستان من نظام شبه رئاسي إلى برلماني.

القائمة العراقية التي تعيش (الشتات السياسي)، والتي عصفت باركانها الهزات والزلازل ، لا تعرف كيفية التعامل مع رئيس الحكومة ، الذي اخذ يخرج من منطق السلطة الى منطق الدولة في الكثير من اجراءاته الحكومية ، والازمة مع الاكراد ، جعلت القاعدة الشعبية للقائمة العراقية تغني على عزف (القانون) المنفرد في تعاطيه مع الاكراد . والانتخابات ايضا على الابواب واستحقاقاتها لا تخدم من وقف مع الاكراد في نزاعهم مع المركز حول المناطق المتنازع عليها ذات الغالبية السنية، وهم الذين صوتوا للقائمة العراقية، بشعاراتها البراقة.

في الازمة الجديدة (لحست؟) القائمة العراقية شعاراتها الوطنية واستعاضت عنها بالشعارات الطائفية، ومن اكثر من تلك القائمة في العزف على الوتر الطائفي، والذي رافقها منذ اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة، ومن اكثر منها براعة في التهديد بالعنف و(تطييف) كل مشكلة مع رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.

التيار الصدري، كما عودنا منذ اجتماعات سحب الثقة، يندرج عليه المثل العراقي القائل (على حسّ الطبل خفن يا رجليّه) وهي فرصة ايضا لتصفية حسابات سابقة مع رئيس الحكومة، سياسية وتاريخية.. وايضا نضيف الانتخابات على الابواب.

في جميع ردود الافعال التي حملتها التصريحات المتضامنة مع وزير المالية، وليس مع حمايته، والذين هم الطرف الرئيسي في المعادلة، لم نسمع شيئا عن القانون كمبدأ عام حاكم لجميع القضايا والمشاكل، بل ما سمعناه هو صوت العشائرية والابوية في التعامل مع الحكومة واجهزتها التنفيذية..

الابناء لا يخطؤون، والاباء مبجلون، وكل ما يتعلق بعباءة الاب وعقال الشيخ مقدس لا يجوز تدنيسه، وهي خطوط حمر لا يصح الاقتراب منها.

حمايات الوزير، وفرّاش الوزير، وساعي البريد في مكتب الوزير، ملائكة تسير على الارض، حتى اننا نرى اجنحتها احيانا في دهاليز الوزارات العراقية، انهم محصنون من المساءلة والاستدعاء، وليذهب القانون الى الجحيم، ودعوا القتلة يمرون، فالمظلة الطائفية اوسع من سماء العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/كانون الأول/2012 - 10/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م