تعيينات الشورى وسياسة الإبداع في الفشل

د. إيهاب العزازي

لا أعرف كيف يفكر الرئيس محمد مرسي في إدارة شئون البلاد وكيف يتخذ قراراته فهل يتخذها بعد دراسات وتقارير مساعديه والجهات المعاونة له على أساس علمي يتميز بالرغبة في تطوير وتنمية مصر واختيار أصحاب العلم والخبرات، أم على أسلوب الدول الرجعية المتخلفة التي تسعى لتمكين النظام عبر نشر رجالة ومؤيديه في كافة مفاصل الدولة للسيطرة عليها وتحجيم المعارضة وإقصائها من المشهد السياسي.

 فمن الواضح جدا عبر الأشهر الماضية من حكم الرئيس مرسي أنه يعتمد في اختياراته على أهل الثقة والمؤيدين له سواء من داخل جماعته وحزبه وبقية التيارات والأحزاب والحركات التي تؤيده والشواهد كثيرة جدا بداية من اختيار مساعديه ومستشاريه وحكومته فغلب عليهم جميعا الإنتماء السياسي والتنظيمي لفكر الرئيس وطريقته في الإدارة وهو ما يجعل المصريون يتساءلون إلى أين تتجه مصر فسياسة الحزب الواحد والرجل الواحد والفكر الواحد لن تنجح في قيادة وطن مثل مصر بتنوعه الثقافي والاجتماعي والديني.

 وما صدمني وجعلني أشعر أن الرئيس لايشعر بالشارع المصري والغضب المنتشر بداخله من اختياراته وسياساته هو إصراره على إتباع نفس الإسلوب والطريقة في الإعتماد على أهل الثقة في تعيينات مجلس الشورى فلقد ظهرت للجميع كرسالة واضحة الرئيس يكافئ مؤيديه ومحبيه ورجالة الذين يقفون معه ضد المعارضة وهى رسالة مفادها أن المستقبل في تولى المناصب في مصر لأهل الثقة وليس أهل الخبرة والعلم.

من المفترض أن مجلس الشورى هو جهة سياسية تشارك في صنع التشريعات والقوانين للدولة المصرية ولتكون بيت الخبرة التشريعي عبر مجموعة من عقول ونوابغ مصر في شتى المجالات المختلفة للخروج بقوانين وسياسات تضع مصر على طريق المستقبل عبر خبرات علمية تضع علمها وتاريخها وخبراتها في خدمة الوطن ومصر زاخرة بهؤلاء محليا ودوليا وليس كما فعل مبارك ويكرر نفس سياسته الرئيس مرسي الآن فهم حولوا المجلس لمجرد هيئة لتكريم رجال النظام عبر تعيينهم في المجلس وهو ما يجعلنا نشك في أن لهذا الوطن مستقبل في ظل حكم الرئيس مرسي وأن العلم والخبرة هم معيار الإختيار الحقيقي لتولى الوظائف والمناصب في مصر فسياسة أهل الثقة فشلت في صنع مستقبل لكل الأوطان التي إعتمدت عليها بل شاركت بقوة في تدهورها وزيادة الغضب الشعبي وإنهيار أنظمة وحكومات ولهم في مبارك عظة وعبرة.

إن الأسماء التي ظهرت للساحة في قرار الرئيس لها كامل الإحترام والتقدير ولكن بصورة سريعة نجدهم إما من التيار الذى يؤيد الرئيس بأحزابه المختلفة أو الشخصيات التي تدافع عن النظام ليل نهار في وسائل الإعلام وبعض الشخصيات من المؤسسات الدينية والعسكرية ولا أعترض على الأشخاص ولكن على الأسلوب والطريقة في تعيينهم فهم جميعهم من متصدري المشهد السياسي والجميع يعلم أنه مكافأة على جهودهم مع الرئيس وهو ما سيفقدهم المصداقية في الشارع المصري وأن الرئيس يمارس سياسة أخونة مفاصل الدولة والأهم لماذا لايكون هناك معيار محدد للإختيار وتكون الخبرة والعلم هم المعيار الأساسي لأن مصر تحتاج للعلماء بشدة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها المضطرب المشوش المشحون بصراعات سياسية تسعى للسيطرة على الحكم على جثث أبنائها ودمائهم التي تسيل في كل المظاهرات والإضرابات فصرخات الغضب تتصاعد وهو أكبر دليل على أن الرئيس يمارس سياسة الإبداع في الفشل.

الأهم هل يدرك السادة المعينون الجدد في مجلس الشورى أنه مشكوك في شرعيته وتم تحصينه بقرار من الرئيس خوفا من قرار بحلة من المحكمة الدستورية كما فعلت مع مجلس الشعب لوجود عوار دستوري في قانون الإنتخاب وهل يدركون أنهم يشاركون في مؤسسة غير شرعية وبلا صلاحيات حقيقية أن المجلس في تركيبته الحالية مجرد ديكور سياسي للنظام لحين إنتخاب مجلس النواب الشعب سابقا فهل يضحون بأسمائهم وتاريخهم بهذه السهولة أم أن الكراسي والمناصب في مصر أصبحت غاية الأن وليست هدف وأؤكد أن بعض الشخصيات التي تحترم تاريخها وقيمتها العلمية والمجتمعية ستحترم نفسها وتعتذر عن هذه العضوية التي لن تزيدهم بل سوف تحرقهم سياسيا عبر مجلس غالبيته من فصيل سياسي واحد لايؤمن إلا بالفكر الواحد والرجل الواحد وتجربة مجلس الشعب القصيرة أثبتت ذلك بقوة.

رسالة للرئيس مرسي لاتهدم دولتك وحكمك بيدك فأنت رجل علم وتعلم قيمة الخبرة والكفاءة في صنع المستقبل ولاتتخيل أن تمكين رجالك ومؤيديك من كافة المناصب والوظائف سيعزز حكمك ولا تقصى ولا تشوه معارضيك فهم صوت قطاع كبير من الشعب معترض عليك فلا تخلق أعدائك بيدك ولك في تجربة مبارك والحزب الوطني خير دليل وشاهد على ذلك فمصر تحتاج للجميع ولن ينجح تيار بمفردة فمصر بالجميع ستنهض نحو المستقبل.

dreemstars@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/كانون الأول/2012 - 9/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م