سوريا والارهاب... اجندات تدمير لا اكثر

شبكة النبأ: مواقف وإعمال الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا تثبت وبالدليل القاطع عن وجود خطط وأهداف إقليمية مسبقة لتدمير هذا البلد وجعل أراضية ساحة حرب مفتوحة للجميع، ويرى بعض المراقبين ان القطر السعودية وتركيا لاتزال تواصل مساعيها في سبيل إثارة الفتنه الداخلية وعم العناصر المتشددة وبعض العصابات الإجرامية وجماعات تنظيم القاعدة في سبيل خلق حرب أهلية شاملة وطويلة الأمد في سبيل تأمين مصالحها الخاصة على حساب الدم السوري. وحقائق اليوم تثبت تجرد تلك العصابات الإرهابية المجرمة من كل قيم الإنسانية بل ان حقائق جديد تثبت عمالة وانقياد هذه المجاميع الإرهابية الى جهات دولية ومخابرات عالمية معادية الى سوريا، وفي هذا الشأن فقد كشف مراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، ايتي انغل، ان عناصر من المتمردين ساعدوه في التسلل الى سورية عبر الحدود المحاذية لتركيا والتجول بأمان داخل الاراضي السورية. واظهر تقرير اعده المراسل الاسرائيلي من داخل سورية، وتناول المراسل الاسرائيلي جانبا من الاوضاع في سورية من خلال المناطق التي وصل اليها والتابعة للمتمردين وخصص المراسل في نصه معظم التقرير للتحريض على الأسد والجيش السوري. واجرى المراسل مقابلة مع احد الجنود الذين تركوا الجيش السوري وانضم الى الجماعات المسلحة ، اسمه حسين وكان قائدا لوحدة البطاريات المضادة للطائرات في الجيش السوري، كما عرفه التلفزيون الاسرائيلي. في حديثه قال حسين ان ما ازعجه خلال خدمته في الجيش السوري انه كبر وتربى على عقيدة ان اسرائيل عدوة ويجب التدريب والاستعداد لمواجهتها وتحرير فلسطين.

وعلى رغم تركيز المراسل في نصه على ان الجيش السوري ارتكب مذابح ضد هؤلاء المتمردين والجيش الحر، الا ان الصورة الابرز في تقريره كانت لجثث جنود من الجيش السوري منتشرة في منطقة قريبة من المتمردين وقد تحدث عنها متفاخرا احد المتمردين قائلا:" ان هؤلاء هم كلاب الاسد.. انظر كيف قتلناهم.. تعال يا اسد وانظر الى كلابك كيف قتلوا". واستعرض المتمردون امام عدسة الكاميرا الاسرائيلية، استخدام الاسلحة والبنادق واطلاق النيران منها وكيف يلهون على مدرعة سيطروا عليها من الجيش السوري.

المراسل الاسرائيلي حاول ان يكشف جوانب من مواقف هؤلاء تجاه اسرائيل فاختار احدهم باسم ابو فادي واظهر من خلال حديثه انه يعلم بان الذي يلتقيه يهوديا من اسرائيل. واختار من حديث ذلك المتمرد السوري قوله:" لا مشكلة عندنا مع اليهود. نستقبل اليهود اذا هم ضد الأسد حتى اذا جاء الى هنا ارييل شارون وقال لي انه ضد الأسد سأقول له عيوني أنت واستقبله بيننا". فسأله المراسل الاسرائيلي مستغرباً: شارون... شارون الاسرائيلي فرد عليه "شارون الاسرائيلي استقبله هنا اذا قال انه ضد الأسد"، فعبر المراسل الاسرائيلي عن ارتياحه موضحاً انه قبل دخوله الى سورية كانت علاقته المباشرة مع عناصر انسحبوا من الجيش السوري، دون ان يكشف الوسيلة التي تم خلالها التواصل وبداية العلاقة معهم.

الأسلحة الكيماوية

في السياق ذاته قال مندوب سوريا الدائم في الامم المتحدة في رسالة إلى الامين العام للمنظمة الدولية بان جي مون ومجلس الامن إن بلاده تشعر "بقلق حقيقي" من احتمال ان تقوم بعض الدول بتزويد الجماعات المتطرفة بأسلحة كيماوية ثم تدعي بعد ذلك أن الحكومة السورية هي التي استخدمتها. واتهم السفير بشار الجعفري الحكومة الأمريكية أيضا بدعم "ارهابيين" في سوريا والقيام بحملة تزعم أن دمشق قد تستخدم اسلحة كيماوية في الحرب الأهلية. وتقول الولايات المتحدة انها لا تساعد الجماعات المسلحة إلا بالمعونات الإنسانية وبعض المعدات غير المميتة لكنها تقر بأن بعض حلفائها يسلحون تلك الجماعات. وتتهم حكومة الأسد السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة وحكومات غربية اخرى بدعم الجماعات المتطرفة وتسليحهم.

وقال الجعفري إن سوريا أكدت بشكل متكرر علنا ومن خلال القنوات الدبلوماسية إنها لن تستخدم تحت أي ظرف من الظروف أي اسلحة كيماوية قد تكون لديها لأنها تدافع عن شعبها من ارهابيين تدعمهم دول معروفة جيدا على رأسها الولايات المتحدة. وكتب الجعفري في الرسالة المؤرخة في 8 ديسمبر كانون الاول لكنها لم تعلن إلا في وقت قريب أن سوريا تشعر "بقلق حقيقي" بخصوص إمكان أن تقوم بعض الدول التي تدعم الارهاب والارهابيين بتزويد الجماعات الارهابية المسلحة بأسلحة كيماوية ثم تدعي ان الحكومة السورية هي التي استخدمتها.

وتقول دمشق ان بواعث القلق التي تعبر عنها الولايات المتحدة ودول أوروبية بخصوص احتمال لجوء قوات الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية قد تستخدم ذريعة للتحضير لتدخل عسكري. ويقول خبراء عسكريون غربيون إن سوريا لديها أربعة مواقع يشتبه في انها خاصة بالأسلحة الكيماوية وإن بإمكانها انتاج مواد تستخدم في الأسلحة الكيماوية مثل غاز الخردل والسارين وربما أيضا غاز الأعصاب (في إكس).

وقال الجعفري في رسالته إن دولا مثل الولايات المتحدة التي استخدمت أسلحة كيماوية وأسلحة مماثلة ليست أهلا للقيام بهذه الحملة خصوصا انها في عام 2003 استخدمت ذريعة امتلاك العراق أسلحة للدمار الشامل لتبرير غزوها واحتلالها له. وأضاف أن سوريا قالت مرات لا تحصى منذ أثيرت المسألة إنها لن تستخدم اي اسلحة كيماوية قد تكون بحوزتها ضد شعبها تحت أي ظرف من الظروف. وتابع أن الحكومة السورية تحذر من ان الجماعات الارهابية قد تستخدم تلك الأسلحة ضد الشعب السوري.

وقال متحدث باسم الامين العام للأمم المتحدة ان بان عبر عن قلقه من تصاعد العنف في سوريا بما في ذلك أنباء تعرض علويين للقتل الجماعي ومزاعم اطلاق صواريخ طويلة المدى في الأراضي السورية. وتحدث بان إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم للتعبير عن قلقه بوجه خاص بشأن التقارير التي أفادت بقصف مقاتلات سورية مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق ومقتل ما لا يقل عن 25 شخصا. بحسب رويترز.

وذكر التلفزيون السوري ان المعلم أبلغ الامين العام للامم المتحدة انه يجب "أن يحرص الاخوة الفلسطينيون على عدم ايواء أو مساعدة هذه المجموعات الارهابية الدخيلة" على مخيم اليرموك. ومجلس الامن الدولي المؤلف من 15 عضوا غير قادر على اتخاذ اجراء ذي مغزى نحو انهاء الصراع في سوريا. وترفض روسيا والصين اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في المجلس إدانة الاسد او دعم عقوبات ضد حكومته.

 الى جانب ذلك أفادت بعض المصادر ان مقاتلي جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة الذين سيطروا مطلع الاسبوع على قاعدة الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي منعوا ايا كان من الدخول الى هذه الثكنة الشاسعة والتي تحوي مركز بحوث عسكري. وكان مقاتلو جبهة النصرة استولوا مطلع على ثكنة الجيش هذه الواقعة على بعد حوالى 20 كلم شمال غرب حلب، وذلك بعد يومين من معارك طاحنة. وتمتد الثكنة على مساحة كيلومترين مربعين تقريبا، وكانت آخر مقر مهم للقوات النظامية في منطقة على تماس مع محافظتي حلب وادلب وتقع بشكل شبه كامل تحت سيطرة قوات المعارضة.

وافاد صحافي كان في موقع الهجوم ان عددا كبيرا من المقاتلين الذين دخلوا القاعدة هم اسلاميون عرب او من القوقاز وأحد قادتهم رجل اوزبكي يطلق على نفسه اسم ابو طلحة. وافاد الصحافي ان مقاتلي النصرة كانوا ما يزالون يتمركزون عند مداخل القاعدة العسكرية ويمنعون ايا كان من الاقتراب منها وقد هددوا بالخصوص الصحافي الذي كان على مقربة من المكان. بحسب فرانس برس.

ومركز البحوث العلمية التابع للقاعدة العسكرية هو مركز عسكري سري للغاية كان المسلحون يخشون ان يكون بداخله سلاح كيميائي او مواد كيميائية تستخدم في انتاج هذا السلاح. ورأى احد القياديين في مجموعة أخرى ان الطوق الامني الذي يفرضه هؤلاء المقاتلون الاسلاميون المتطرفون و"الاجراءات الامنية الشديدة للغاية التي يفرضونها حول القاعدة العسكرية تثير الشبهات".

من جانب أخر اتسمت عمليات شحن السلاح الى الجماعات المسلحة بالفوضى والعشوائية. إذ يعقد مسؤولون بالمخابرات والقوات الخاصة من العديد من البلدان وأثرياء من الخليج يعملون مستقلين على ما يبدو اتفاقات مع نطاق من الجماعات الصغيرة لإمدادها بما يجود به الممولون. وبالرغم أن ما يسمى المجلس العسكري تعمد استبعاد اثنتين من جماعات المعارضة الأكثر تشددا وإحداهما جبهة النصرة التي أدرجتها واشنطن أخيرا في قائمتها الخاصة بالجماعات الإرهابية العالمية ما زالت الهيمنة فيه لعناصر إسلامية بعضها يثير قلق الولايات المتحدة البالغ.

وعلى الرغم من نشر صواريخ باتريوت لتهدئة مخاوف تركيا بشأن احتمال التعرض لهجمات صاروخية سورية فلا تزال الولايات المتحدة على وجه الخصوص حريصة كل الحرص على تجنب زلل قدميها الى عمق أكبر. ويبدو القادة السياسيون في بريطانيا وفرنسا أكثر تحمسا إلى حد ما لزيادة مشاركتهم لكن لن يتخذ أي من البلدين أي إجراء مهم دون واشنطن. وأثار الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند في وقت سابق هذا العام احتمال تقديم دعم في مجال الدفاع الجوي إلى تلك الجماعات الارهابية لكن لم يحدث شيء من ذلك حتى الآن.

وشاركت أجهزة مخابرات غربية وخليجية في تشكيل ما يسمى المجلس العسكري غير أن التركيز الرئيسي لأجهزة المخابرات والقوات الخاصة الغربية على طول الحدود التركية ما زال منصبا على محاولة تعقب شحنات الأسلحة وإبلاغ السعوديين والقطريين وغيرهم بالجماعات التي ترى واشنطن أنه يجب تجنبها. ويقول مسؤولون إن من شبه المؤكد أن ذلك أيضا لم يكن كافيا لمنع ذهاب بعض الأسلحة على الأقل إلى جماعات لا تريد القوى الغربية تسليحها. ويخشى هؤلاء المسؤولون أن يبدو من أولئك المسلحين مع الوقت ما يخالف ولائهم كقوى يمكن الاعتماد عليها فيما يبدو.

لكن خطر خروج أسلحة من سوريا في الأجل القصير ربما يكون مبالغا فيه إلى حد ما. فحتى الجهاديين الأجانب الذين يفدون إلى سوريا يركزون في المقام الأول على محاربة قوات الجيش النظامي فيما يبدو دون حماس يذكر لاقتطاع جانب من المجهود الحربي والموارد من المعركة هناك لاستهداف الغرب. ويقول نايجل إنكستر وهو نائب سابق لرئيس جهاز المخابرات البريطاني ويرأس الآن وحدة المخاطر السياسية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "يكمن القلق في أن يحدث ذلك في وقت لاحق." وأضاف أنه يحتمل أن تكون قطر قد أرسلت أعدادا من صواريخ الدفاع الجوي بالفعل إلى سوريا رغم أن التحدي الأساسي يتمثل في تعقب هذه الأسلحة الصغيرة نسبيا وتحديد مواقعها وما استخدمت فيه. وتابع "ذلك يتطلب على الارجح وجود قوات قطرية خاصة داخل سوريا."

وعملت القوات الخاصة القطرية بشكل مكثف على الارض في ليبيا حيث كانت تقوم بشحن امدادات عسكرية إلى البلاد برا من السودان واسقاطها من الجو بواسطة طائرات فرنسية واخرى تابعة لحلف شمال الاطلسي. وعملت هذه القوات عن كثب مع أجهزة المخابرات التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى. ونشرت دول غربية عشرات الافراد او اكثر على الارض في ليبيا في المراحل الأخيرة لتلك الحرب. لكنها تحجم فيما يبدو عن العمل في الأراضي السورية.

وقال مصدر امني أجنبي في قطر ان خيار ارسال قوات متخصصة الى سوريا نوقش على مدى اشهر لكن ليس واضحا ما اذا كان لدى القوات القطرية القدرة على العمل بمفردها. واضاف "هناك احساس لدى بعض القوى الاوروبية بأن العملية تسودها فوضى تامة وان هذا خطأ القطريين. القطريون شعروا بان كثيرا من الناس يريدون تغييرا جذريا فيما يتعلق بالطريقة التي يعالج بها (القطريون) عمليات نقل الاسلحة." بحسب رويترز.

وتقول منى يعقوبيان وهي مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية وتعمل حاليا خبيرة في شؤون سوريا في مركز ستيمسون بواشنطن "يكتسب الجهاديون مزيدا من النفوذ على الأرض سواء سلحت الولايات المتحدة المعارضين أو لم تفعل." وأضافت "يعتبر مقاتلو جبهة النصرة من بين أكثر مقاتلين فعالية." ويرى من يعارضون التدخل في سوريا في الولايات المتحدة وغيرها أن هذا يعتبر في حد ذاته اثباتا لصحة قرار عدم تسليحهم بشكل مباشر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/كانون الأول/2012 - 6/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م