أمريكا... أزمة من وراء ستار

 

شبكة النبأ: تواجه الولايات المتحدة الأمريكية كغيرها من دول العالم مجموعة من التحديات والأزمات الداخلية التي أثرت وبشكل سلبي على حياة اغلب مواطنيها، منها ارتفاع معدلات البطالة وازدياد إعداد الفقراء وهو ما أسهم أيضا بارتفاع معدلات الجريمة التي أصبحت إحدى أهم المشاكل التي تقلق ساسة البلاد بحسب بعض المراقبين الذين اكدوا على ضرورة تغير بعض القوانين الأمريكية وإيجاد خطط سريعة لتلافي المشاكل المستقبلية والتي قد تكون ثورة شعبية ضد تلك السياسة، وفي هذا الشأن فقد قالت الحكومة الأمريكية إن عدد الأمريكيين الفقراء الذين يعانون نقص الغذاء بشكل متكرر زاد بمقدار 800 ألف في عام 2011 ليصل إلى حوالي 17 مليونا مقارنة بعام 2010. وقالت وزارة الزراعة في تقرير إن حوالي 5.5 في المئة من الأمريكيين أو حوالي 17 مليون نسمة عانوا "انخفاضا شديدا في الأمن الغذائي" العام الماضي وهذا يعني أنهم اضطروا إلى ترك بعض الوجبات أو عدم تناول الطعام ليوم واحد بسبب عدم وجود مال لشراء الغذاء. وأضافت أن هناك زيادة بلغت 800 ألف شخص.

وأدى ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ النمو منذ الركود الشديد في عامي 2008 و2009 إلى زيادة طلبات الحصول على كوبونات الغذاء وهو برنامج رئيسي في الولايات المتحدة لمكافحة الجوعإلى مستويات قياسية. وباتت تكلفة المساعدات الغذائية للفقراء قضية مهمة في عام الانتخابات إذ يطالب الجمهوريون بخفض كبير في كوبونات الغذاء والمساعدات الطبية للمساعدة في خفض عجز الميزانية. ويقول الديمقراطيون إن التخفيضات عميقة جدا.

وقال جيم ويل رئيس جماعة بحوث الأغذية ومركز العمل لمكافحة الجوع إن هذا العام من المرجح أن يكون أكثر تعقيدا فيما يتعلق بمكافحة الجوع لان اعانات البطالة تصرف لعشرات الآلاف من العمال العاطلين عن العمل على المدى الطويل. وبلغ المعدل العام لانعدام الأمن الغذائي للأفراد 16.4 بالمئة وهو دون تغير تقريبا منذ عام 2008 عندما ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ بدأت وزارة الزراعة مراقبة الأمن الغذائي في عام 1995.

الى جانب ذلك قال تقرير إن الانفاق الاتحادي على الاطفال في الولايات انخفض للمرة الاولى في ثلاثة عقود في الوقت الذي يعيش فيه اكثر من خمس الاطفال الأمريكيين في فقر بالفعل. وقال التقرير السنوي "نصيب الاطفال" والذي أعده معهد (إربان انستيتيوت) المعني بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية ومقره واشنطن إنه رغم زيادة اجمالي الانفاق الحكومي في 2011 إلا انه حدث انخفاض في الانفاق على الاطفال. واضاف التقرير أن من المتوقع ان ينخفض اجمال الانفاق على الاطفال بنسبة 4 بالمئة هذا العام مع تراجع الدعم المؤقت من اموال التحفيز بمقدار 30 مليار دولار. وبدون اجراء تشريعي سيبقى حجم الانفاق على الاطفال بلا تغيير على مدى السنوات العشر القادمة لكنه سيتقلص إلي 8 بالمئة من اجمالي الميزانية. بحسب رويترز.

وانخفض اجمالي الانفاق على الاطفال خمسة مليارات دولار الى 445 مليار دولار في 2011 وذلك للمرة الاولى منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي. وتراجع نصيب الاطفال في الميزانية الاتحادية الى 10.4 بالمئة العام الماضي من 10.7 بالمئة في 2010 في حين ارتفع اجمالي الانفاق الحكومي إلى 3.6 تريليون دولار من 3.52 تريليون.

الفقراء والأغنياء

الاختلاط الاجتماعي في السكن تراجعا منذ 30 سنة في الولايات المتحدة حيث يميل الأشخاص ذوو الدخل المنخفض أكثر فأكثر إلى العيش في أحياء فقيرة فيما يعيش ذوو الدخل المرتفع في أحياء ثرية، على ما افادت دراسة جديدة. وجاء في الدراسة التي أعدها مركز "بيو" للأبحاث أن 28 % من الأسر الأميركية ذات الدخل المنخفض كانت تعيش سنة 2010 في منطقة غالبية سكانها من ذوي الدخل المحدود، في مقابل 23 % سنة 1980، وأن 18 % من الأسر ذات الدخل المرتفع كانت تعيش في أحياء غالبية سكانه من الأثرياء، في مقابل 9 % قبل 30 سنة.

ومن بين المدن العشر الأكثر اكتظاظا في الولايات المتحدة، تعتبر نيويورك المدينة التي تبرز فيها هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، إذ إن 41 % من الأشخاص ذوي الدخل المنخفض في نيويورك يعيشون في حي غالبية سكانه من الفقراء. أما الأثرياء فيتركزون خصوصا في هيوستن (24%) ودالاس (23%) في تكساس (جنوب). وتراجعت نسبة الأحياء التي تسكنها الطبقة الوسطى أو أشخاص ذوو دخل متفاوت من 85 % سنة 1980 إلى 76 % حاليا، بحسب الدراسة التي ارتكزت على أرقام الاحصاءات في 27 مدينة من المدن الأميركية الثلاثين الكبرى. بحسب رويترز.

وأشارت الدراسة أيضا إلى ارتفاع نسبة الأحياء الفقيرة (18 % في مقابل 12 % قبل 30 سنة) والأحياء الثرية (6 % في مقابل 3 % سنة 1980). ويعزى هذا التفاوت إلى سياسات السكن المحلية وهجرة السكان والاقتصاد المحلي. وأوضحت الدراسة أن المدن التي تسجل تفاوتا اجتماعيا كبيرا هي تلك التي شهدت في السنوات الثلاثين الماضية تدفقا هائلا للسكان، مثل هيوستن ودالاس في تكساس وميامي في فلوريدا (جنوب شرق)، من مهاجرين محدودي الكفاءة يتقاضون دخلا منخفضا إلى موظفين يتمتعون بكفاءة عالية ومتقاعدين ذوي دخل مرتفع.

واظهر استطلاع للرأي الى أن ثلث الامريكيين الذين يحتفظون بالمال في منازلهم يخبئونه داخل مجمد الثلاجة. واشار الاستطلاع الذي اجراه معهد ماريست الى ان 27 بالمئة من الامريكيين يفضلون تجميد اموالهم بالمعني الحرفي للكلمة مقابل 11 بالمئة يختارون اخفاء مدخراتهم في الفراش. وقال المعهد في بيان "واحد بين كل عشرة اي 10 بالمئة يدسون اموالهم في اناء الكعك في حين يترك تسعة بالمئة المال في مكان ما اخر بالمنزل." وبحسب الاستطلاع يدخر 19 بالمئة من الامريكيين اموالهم خارج المنزل بينما قال 17 بالمئة انه لا يوجد مكان امن داخل المنزل لاخفاء المال المدخر. واستطلع المعهد اراء أكثر من ألف من البالغين في الولايات المتحدة عبر الهاتف.

60 % من سكان أمريكا

من جانب اخر أظهرت إحصاءات أمريكية تصف حالة السكان في الولايات المتحدة تصاعدا في أعداد ذوي الأصول اللاتينية والآسيوية مما سيغير بشكل جذري شكل الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمسين المقبلة. وقال مكتب التعداد الأمريكي في توقعات إن بحلول عام 2060 سيشكل غير البيض 57 في المئة من سكان الولايات المتحدة بزيادة اكثر من مثلي عددهم في 2012 الذي يبلغ 116.2 مليون ليصل الى 241.3 مليون نسمة. وأضاف أن الأقليات العرقية تمثل الآن 37 في المئة من السكان.

وقال مكتب التعداد إن أغلب هذا التغير سيرجع الى استمرار زيادة مواليد الأقليات بمعدل أعلى من مواليد البيض 2010. وأضاف أن واحدا تقريبا من كل ثلاثة من سكان الولايات المتحدة سيكونون من أصل لاتيني بحلول 2060 في زيادة عن النسبة الحالية وهي واحد من كل ستة. ومن المتوقع ايضا أن تزيد أعداد الآسيويين بمقدار يتجاوز المثلين على مدى السنوات الخمسين المقبلة.

وقال توماس مسنبورج القائم بأعمال مدير مكتب التعداد في بيان "ستصبح الولايات المتحدة دولة تعددية حيث يظل السكان البيض من غير الأصول اللاتينية أكبر جماعة منفردة لكن لن تكون هناك مجموعة تمثل أغلبية." وتتجه الولايات المتحدة بثبات نحو مزيد من التنوع العرقي وتوقع خبراء لسنوات أن تصبح "الأقليات" هي "الأغلبية" قبل عام 2050. وتوقع مكتب التعداد أن ذلك سيحدث عام 2043. وربما يستغرق هذا التحول عشرات السنين لكن التغيرات المتوقعة تعيد بالفعل تشكيل السياسات والسياسة العامة والاقتصاد وإنفاق المستهلكين.

وتبدو هذه التغيرات المقبلة واضحة فيما تسعى البلاد لمواجهة قضايا مثيرة للجدل من الهجرة وزواج المثليين إلى إصلاح الرعاية الطبية وبرامج التأمينات الاجتماعية بعد الانتخابات الرئاسية.

وفاز الرئيس باراك أوباما بفترة ولاية ثانية بدعم أساسي من ذوي الأصول اللاتينية والسود والناخبين الشبان. كما تم تقنين زواج المثليين وهي القضية المعروضة على أكبر المحاكم الأمريكية حاليا في عدة ولايات وهو الأمر الذي يقول خبراء إنه يلقى قبولا متزايدا بين الناخبين الأصغر سنا.

وتبنت الشركات والمعلنون استراتيجيات في مواجهة التغيرات السكانية الأمريكية من خلال استهداف المزيد من مراكز التسوق الموجهة للمتسوقين من ذوي الأصول اللاتينية. وقال ستيف مردوك وهو المدير السابق لمكتب التعداد وخبير علم الاجتماع في جامعة رايس إنه رغم أن عدد السكان البيض تراجع في عدة ولايات مثل كاليفورنيا وتكساس فإن التقرير يبرز هذا الاتجاه في أنحاء البلاد. وأضاف "هذا تنوع منتشر على نطاق واسع بشكل متزايد... إنه لا يقتصر على بضع مناطق."

وحذر اندرو تشرلين خبير علم الاجتماع في جامعة جونز هوبكنز من ان التقرير هو مجرد توقعات تستند إلى عوامل يمكن أن تتغير. وقال "من الواضح أن أعداد مجموعات الأقليات ترتفع ولكن لا يمكن أن نتأكد بشكل قطعي متى سنصبح بلد 'أغلبية الأقلية'... هذا يعطينا فكرة عن الشكل الذي ربما سنبدو عليه.. لكننا لا يمكن أن نكون متأكدين. هذا بعد نصف قرن من الآن." بحسب رويترز.

وفي وقت سابق من العام الجاري تجاوزت نسبة مواليد غير البيض للمرة الأولى 51 في المئة وهو اتجاه تأثر بزيادة في الزيجات بين المجموعات العرقية المختلفة. وقال بول تيلور من مركز بيو للأبحاث إن نتائج مكتب التعداد تشير إلى تقسيم البلاد إلى مجموعتين رئيسيتين هما السكان البيض الأكبر سنا والأجيال الأصغر سنا التي تزداد تنوعا.

البريد الالكتروني

الى جانب ذلك حاول رئيس وكالة المخابرات الامريكية التي تتنصت على الاتصالات الالكترونية في الخارج طمأنة الامريكيين بان وكالة الامن القومي لن تقرأ بريدهم الالكتروني الشخصي اذا تم سن قانون جديد لامن الاتصالات الالكترونية للسماح للشركات الخاصة بتبادل المعلومات مع الحكومة. ووافق مجلس النواب الامريكي في وقت سابق على مسودة قانون سيسمح للحكومة والشركات بتبادل المعلومات عن التسلل للشبكات الالكترونية. ولكن البيت الابيض وكبار اعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين أيدوا اتخاذ موقف أوسع.

واثار المنتقدون مخاوف بشأن الخصوصية فيما يتعلق بتبادل مثل هذه المعلومات خشية ان تسمح لوكالة الامن القومي التي تحمي ايضا شبكات الكمبيوتر الحكومية بجمع معلومات عن اتصالات الامريكيين وهو امر يحظره القانون بشكل عام. وقال الجنرال كيث الكسندر في كلمة امام معهد امريكان انتربرايز "حقيقة بامكاننا حماية الحريات المدنية والحياة الشخصية والامن الالكتروني كأمة."

ولكنه قال انه من أجل المساعدة في حماية القطاع الخاص فمن المهم ان تتمكن وكالة المخابرات من ابلاغه بنوع برامج الكمبيوتر الضارة واختراقات الشبكة الالكترونية التي تتوقعها والسماع من الشركات عما تراه خرقا للاجراءات الحمائية لشبكاتها من الكمبيوتر. واضاف "لا يتطلب ان تقرأ الحكومات بريدهم الالكتروني او بريدكم الالكتروني لفعل ذلك. انه يتطلب ان يقوم مزود خدمة الانترنت او تلك الشركة بابلاغنا بما يحدث في ذلك الوقت." بحسب رويترز.

وقال ان المعلومات التي تسعى اليها الحكومة هي عنوان الانترنت مصدر البريد الالكتروني الذي يحتوى على برامج ضارة ووجهته وليس محتوى البريد الالكتروني نفسه. وقال الكسندر ان من المهم اعداد هذا القانون الان وليس الانتظار حتى تحدث ازمة يمكن ان تتسبب في رد فعل مبالغ فيه من جانب الحكومة او الذهاب الى مدى ابعد من اللازم. وأنحت الحكومة الامريكية باللائمة على متسللين من الصين في اختراق اجهزة كمبيوتر شركات امريكية وسرقة معلومات تتعلق بالملكية الفكرية. وتقول شركات امن الانترنت ان ممتلكات خاصة بالملكية الفكرية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سرقت.

كلينتون تقلل

من جانب اخر وفيما يخص السياسة الأمريكية فقد استبعدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فكرة خوضها سباق البيت الأبيض مجددا عام 2016. وعملت كلينتون وزيرة للخارجية على مدار الأعوام الأربعة المنصرمة في حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي انتصر عليها وفاز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة في عام 2008 غير أنها تعتزم ترك منصبها. وانتخب أوباما لفترة ثانية في منصب الرئيس.

وفي معرض ردها على سؤال حول عزمها خوض انتخابات الرئاسة في عام 2016 أثناء مقابلة مع المذيعة باربارا والترز بثتها قناة إيه.بي.سي نيوز قالت كلينتون "قلت إنني لا أعتقد حقيقة أنني سأقبل على هذا الأمر مجددا. أنا ممتنة للغاية لأني خضت هذه التجربة من قبل." وأعلنت كلينتون - وهي أحد أشهر أعضاء حكومة أوباما ووصفت كثيرا بأنها مرشحة ديمقراطية محتملة للرئاسة عام 2016 - أنها ستترك منصب وزيرة الخارجية.

وقالت "الأمر يبدو في غاية البساطة ولكنني كما تعلمين أمارس أعلى مستويات الأنشطة الأمريكية وحاليا الدولية منذ 20 عاما وأعتقد أن الوقت قد حان لترك الساحة ربما أمارس بعض القراءة والكتابة والقاء الكلمات والتدريس." وأشارت كلينتون (65 عاما) في المقابلة إلى أن عمرها لن يقلقها إذا قررت خوض الانتخابات. وقالت "أنا وبدون حسد لست بصحة جيدة فحسب ولكنني أتمتع بقوة احتمال وطاقة كبيرة. أنا فقط أريد الخروج (من الساحة السياسية) لأرى ماذا هناك الى جانب هذا. قمت بهذا العمل المهم للغاية هذا العمل المرضي في واشنطن كما قلت 20 عاما. أريد أن أخرج وأقضي بعض الوقت في البحث عما يمكنني المساهمة به غير ذلك." وذكرت أنها قد تعمل في مجال الأعمال الخيرية أو المجال الأكاديمي بعد ترك منصبها في وزارة الخارجية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/كانون الأول/2012 - 5/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م