شبكة النبأ: وأخيرا يصعد متئدا شاعرنا
الكبير محمد على الخفاجي الى بارئه تعالى، وذلك بعد ان واجهة بقوة
وصلابة مرضا عضالا اصيب به منذ ما يقرب من عام ونصف، وللحقيقة نقول إن
الشاعر الراحل لم يلق من الاهتمام ما يليق بقامة ادبية مثله سواء من
الحكومة او من المؤسسة الثقافية والمنظمات الثقافية لاسيما اتحاد
الادباء والوزارة المعنية بالثقافة.
وعل العموم غادرنا الشاعر محمد علي الخفاجي صاحب (ثانية يجيء
الحسين) وهي مسرحية تتطرق للوقفة الحسينية العظيمة بوجه الظلم.. عالجها
الشاعر بحبكة مسرحية حداثوية راقية، ولغة ثرية وادارة فنية مدهشة
للصراع الدرامي، بحيث حصلت هذه المسرحية على الجائزة الاولى في مسابقة
مهمة اقيمت في الجزائر من بين عدد كبير من الاعمال المسرحية المشاركة
آنذاك من عموم العالم العربي لاسيما مصر المعروفة باجادة كتابها للمسرح.
وعلى الرغم من ابتعاد الشاعر الخفاجي عن الوسط الثقافي ما يقرب اكثر
من عشرين عاما، إلا انه تمكن بموهبته الفذة وأصالته في كتابة الشعر
والمسرح والاوبرا ايضا، ان يعود بقوة ويؤكد قدرته وعطاءه الادبي الثر
والمتميز ليطبع وينشر ويصدر اكثر من خمسة كتب تتوزع على الشعر والمسرح
والاوبرا..
والشاعر والكاتب المسرحي محمد علي الخفاجي المولود في مدينة كربلاء
المقدسة بداية الأربعينات من القرن المنصرم اصدر عدة مسرحيات منها (
ثانية يجيء الحسين) عام1967 و(أدرك شهريار الصباح ) 1972 و(حينما يتعب
الراقصون ترقص القاعة ) 1973 و(الديك النشيط )2002و(الجائزة) 2008 وقد
اصدر أول أوبرا عراقية حملت عنوان ( سنمار ) عام2008 حاصل على العديد
من الجوائز العراقية والعربية وشارك في عدة مهرجان عالمية وعربية
وعراقية وله نصوص شعرية تدرس في الكتب الأكاديمية في دول المغرب العربي.
يقول احد الكتاب عن الخفاجي .. إن الشاعر والفنان المسرحي والأديب
والروائي وكل مبدع هو رسول عصره وليس هو الذي ينسج معاني الجمال فقط
ويبدع الصورة بالحرف ويبعث الروح في الكلمة ويبنيها بالمعاني والدلالات
والصورة والأفكار والرؤى المتجددة. ليس الشاعر موقفاً أدبياً أو
جمالياً فقط بل هو موقف أخلاقي وأنساني أيضاً في تعامله مع الكلمة وفي
تعامله مع الذات ومع الأخر ومع الأشياء في الواقع وخارج منطقة الواقع.
هكذا هو الشاعر محمد علي الخفاجي فهو إلى جانب كونه شاعرا ومسرحيا
مبدعا فهو إنسان أيضا يتمتع بروح المحبة والسمو والأخلاق العالية. لم
أره يوماً يحمل ضغينة او حقداً او كرهاً لأحد انه صديق الجميع. لم ينس
مدينته كربلاء يوما وقد رحل عنها بفعل ظروف قاهره ولم ينس أصدقاءه
ومحبيه يتفقدهم واحداً واحداً يسأل عن أخبارهم، إبداعهم، همومهم،
أفراحهم.
هذا هو الخفاجي متعدد الثقافات فهو شاعر ومسرحي ولغوي وقبل كل هذا
أنساني ولد في كربلاء عام 1946 عمل مدرسا للغة العربية بعد إكماله
الدراسة الجامعية في كلية الآداب جامعة بغداد، شهدت له كربلاء قصائده
الأولى في دواوينه شباب وسراب عام 1964، مهرا لعينيها عام 1965، لو
ينطق النابالم 1967، أنا وهواك عام 1970 ومسرحية ثانية يجيء الحسين
التي استقاها من منابع مدينة كربلاء الثرة ومن أعظم ينبوع في التاريخ
الإنساني فداءاً وبطولةً وأدباً وثقافةً وحضارة ، ملحمة الطف الخالدة
والتي فازت بجائزة المسرح العراقي في يوم المسرح العالمي. ثم تواصل في
شعره وكان ديوانه لم يأت أمس سأقابله الليلة عام 1975 منعطفا جديدا في
رؤاه الشعرية وانتقاله إلى القصيدة السياسية قصيدة الإنسان والحرية،
قصيدة الموقف والكلمة الصارخة بوجه الظلم والعدوان والزيف والباطل
إنصافاً للحق والعدل وحرية الإنسان وتحطيم قيود العبودية ومصادرة الرأي
وسجن الفكر التي تمرد عليها الخفاجي في شعره وحياته.
وختاما، تدعو مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الله سبحانه وتعالى ان
يتغمد الشاعر الراحل محمد على الخفاجي برحمته الواسعة ، ويلهم ذويه
الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. |