الاقتصاد الأمريكي... السير صوب الهاوية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يشهد الاقتصاد الأمريكي في عاما الحالي تراجعا ملحوظا في نموه بسبب الزيادة الكبيرة في الضرائب واقتطاعات آلية الموازنة فضلا عن مشكلة الديون التي أرهقت الاقتصاد الأمريكي، مما ينذر بانكماش جديد ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد العالمي، لأنها تتعامل معه وبالتالي هي متأثرة بحالته نموا وتراجعا، ويرى المحللون ان الاقتصاد الأميركي يستعد لاستقبال عام آخر من التخبط، إذ سيمر بعدة اضطرابات مالية كما الحال في سنوات الاخيرة من العقد المنصرم متأثرا باقتصاديات الأوربية والأسيوية ونمو اقتصاد  أمريكا ألاتينية، ولعل النظام الضريبي يشكل أهم الأسباب والمؤشرات المقلقة التي تلقي بظلالها على آفاق النمو المرتقبة للاقتصاد الأمريكي خلال المستقبل القريب. وفي ذات الاطار يقترح الرئيس الامريكي باراك أوباما مع اعضاء الكونغرس حلولا وخططاً بشان الضرائب والانفاق يسمح لهما بتفادي منحدر مالي يلوح في الافق قد يدفع الاقتصاد الامريكي للانزلاق مجددا الي الركود، حيث يتوقع بعض المراقبين نجاح خطط اوباكا الجديدة، بينما اخرون يتوقون حدوث العكس، وعلى الرغم من كل المشاكل والمعاناة الاقتصادية في امريكا حاليا، لا يزال اقتصادها الاكبر والاكثر تنوعا وحيوية في العالم، وعليه تشير المعطيات آنفة الذكر بان الاقتصاد الولايات يعاني في هذه المرحلة من حالة كساد قد تفاقم من حدة الأزمة الاقتصادية في الوقت الراهن، على الرغم من جهود مكافحي الركود الاقتصادي،  لأخرج اقتصاد امريكا الى  بر الأمان، تقبى حلولهم لا تخلو من المشاكل وربما لا يبعد اقتصاد امريكا كثيرا عن دائرة الخطر في المستقبل القريب.

السيناريو الاسوأ

كما يبدو اعضاء الكونغرس مصممين على منع الاقتصاد الاميركي من السقوط في "الهاوية المالية" التي ستثير كارثة جديدة لن تقتصر على الولايات المتحدة بل ستنعكس على العالم باسره، ويشير تعبير "الهاوية المالية" الى برنامج زيادات ضريبية واقتطاعات في النفقات العامة سيدخل يدخل حيز التنفيذ تلقائيا اعتبارا من مطلع كانون الثاني/يناير ما لم يتم التوصل الى اتفاق بين الرئيس باراك اوباما واعضاء الكونغرس الجمهوريين والديموقراطيين من اجل تخفيض العجز في الميزانية، وفي هذه الحالة فان نفقات الدولة الفدرالية للسنة المالية 2013 التي بدأت في الاول من تشرين الاول/اكتوبر ستخفض تلقائيا بمقدار 109 مليارات دولار.

وستطاول الزيادات الضريبية جميع شرائح المواطنيني واوضح مركز الابحاث "تاكس بوليسي سنتر" المستقل المتخصص في مسائل السياسات الضريبية ان الضرائب ستزداد بنسبة 20 بالمئة على الجميع ما سيتسبب بنفقات اضافية بقيمة الفي دولار في السنة لعائلات الطبقات الوسطى.

ويخشى خبراء الاقتصاد ان تنعكس هذه الزيادة الحادة في الضرائب على استهلاك الاميركيين وان تؤدي بالتزامن مع التخفيضات الكبرى في النفقات العامة الى انهيار الطلب الداخلي، ويحذر الاحتياطي الفدرالي من انه لن يكون لديه في مثل هذه الحالة اي وسائل لمنع الاقتصاد من العودة الى الانكماش في حين ان البلاد لم تتعافى بعد كليا من الانكماش السابق الذي استمر من كانون الاول/ديسمبر 2007 الى حزيران/يونيو 2009.

وبحسب آخر احصاءات مكتب الميزانية في الكونغرس الصادرة في مطلع الشهر، فان الهاوية المالية ستؤدي الى تراجع اجمالي الناتج الداخلي الاميركي في 2013 بنسبة 0,5 بالمئة وارتفاع البطالة مجددا في السنة ذاتها الى 9,1 بالمئة بالمقارنة مع 7,9 بالمئة اليوم، ويرى بيتر موريتسي استاذ الاقتصاد في جامعة ماريلاند ان هذا السيناريو يبقى متفائلا وهو يحذر من ان عواقب الهاوية المالية قد تكون "كارثية" ذاكرا من بينها ارتفاع البطالة الى ما فوق 15 بالمئة وانهيارا ماليا في الولايات وتعثر اصحاب القروض العقارية في تسديد اقساطهم وافلاس مئات المصارف، ويشير محللو مكتب غلوبال اينسايت الى ان احتمال حصول تقليص حاد في الميزانية في الولايات المتحدة لن يكون سوى "حادث بين مجموعة من الاحداث الاخرى" التي قد تنعكس على صعيد العالم، وهم يخشون في حال دخوله حيز التنفيذ من حصول "سيناريو الاسوأ" بفعل تزامن "الهاوية المالية" مع تدهور الوضع في اوروبا والتباطؤ الواضح في نمو الاقتصاد الصيني والارتفاع الجديد في اسعار النفط بسبب التوترات في الشرق الاوسط. بحسب فرانس برس.

وعندها قد يتراجع اجمالي الناتج الداخلي الاميركي بمعدل 1,7 بالمئة في 2013. غير ان المحللين يشيرون الى ان الولايات المتحدة ستكون افضل حالا من دول اخرى مثل ايطاليا واسبانيا حيث قد يتراجع الاقتصاد باكثر من 4 بالمئة، وبحسب مكتب الميزانية في الكونغرس، فان خطة التقشف المالي التلقائية التي ينص عليها القانون ستخفض العجز الى 4,0 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي خلال العام 2013 مقابل 7,6 بالمئة عام 2012، واوضح النائب الجمهوري السابق بيل فرينزل الذي يعمل اليوم باحثا لدى معهد بروكينغز في واشنطن ان هذه السياسة لن تكون مناسبة الا بنظر "الذين يرغبون في حصول انكماش وبطالة" مشيرا الى ان "السياسيين المسؤولين سيسعون قدر الامكان لتجنبها باي ثمن"، ويبدو ان رأيه لقي اذانا صاغية اذ اعرب اوباما والقادة الجمهوريون والديموقراطيون في مجلس النواب عن عزمهم على تفادي وقوع الكارثة والتفاوض بشان تسوية تسمح بتعديل القانون في هذا الاتجاه.

حركة الاستهلاك

فقد اكد البيت الابيض ان "الهاوية المالية"، العلاج التقشفي الالزامي الذي يلوح مع بداية 2013 بسبب عدم التوصل الى اتفاق في الكونغرس على خطة خفض الديون، ستدفع الاميركيين الى الحد من استهلاكهم، وذلك في تقرير، وفي حال لم يتفق الكونغرس الذي يهيمن عليه جزئيا الجمهوريون والحكومة برئاسة الديموقراطي باراك اوباما من الان وحتى الثاني من كانون الثاني/يناير، فان العمل بالاعفاءات الضريبية سينتهي بالنسبة الى كل المكلفين وستدخل اقتطاعات الموازنة حيز التطبيق.

وقد دخلت حلقة المستشارين الاقتصاديين لاوباما في التفاصيل ونشرت تقريرا في بداية موسم الاعياد الملائم اصلا لدفع المشتريات الى الامام، وقال التقرير "مع مثل هذه الزيادات على الضرائب (...) قد ينفق المستهلكون 200 مليار دولار اقل" مما هو متوقع في 2013، في حين ان "استهلاك الاسر هو ركيزة اقتصادنا لانه يسهم في اكثر من ثلثي زيادة اجمالي الناتج الداخلي" منذ نهاية الانكماش في 2009. بحسب فرانس برس.

وحذر اوباما الذي اعتبر ان الاميركيين دعموا مشروع موازنته عندما اعادوا انتخابه لولاية ثانية في البيت الابيض، من انه سيرفض اي اتفاق لا يتضمن زيادة بنسبة 2 بالمئة على ضرائب الاسر الاكثر ثراء والتي تكسب اكثر من 250 الف دولار في السنة، من جهتهم، يرفض الجمهوريون زيادة "معدل" الضريبة على الاكثر ثراء، وتم تعيين وزير الخزانة تيموثي غايتنر للاشراف على المفاوضات التي بدات مع النواب الجمهوريين للتوصل الى تسوية.

إنهيار مالي آخر

على الصعيد نفسه عبر خبيران اقتصاديان امريكيان بارزان عن تشاؤم عميق من ان يتمكن السياسيون في واشنطن من التوصل لاتفاق لكبح الدين العام الضخم الذي يثقل كاهل الولايات المتحدة، وقالت شيلا بير رئيسة مجلس الادارة السابقة للمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع وستيفن روتش -وهو خبير اقتصادي مخضرم في كلية الادارة بجامعة ييل- إن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) يخلق فقاعة مالية كارثية اخرى بمحاولاته لتحفيز الاقتصاد من خلال سياسته المعروفة بالتيسير الكمي، وكان الاثنان يتحدثان في مؤتمر ترعاه مؤسسة راند ومجموعة تومسون في مقر راند في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، وقالت بير -التي استقالت من رئاسة المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع في يوليو تموز 2011- إن سياسة مجلس الاحتياطي لضخ الاموال في الاقتصاد مصحوبة بفترة لم يسبق لها مثيل من اسعار الفائدة المنخفضة تاريخيا تخلق "أكبر فقاعة للسندات على الاطلاق"، واضافت أنها تعتقد ان الولايات المتحدة تتجه نحو إنهيار مالي على غرار ذلك الذي شهدته عندما انهارت سوق المساكن قبل ست سنوات لكن السبب هذه المرة هو ان المستثمرين يبحثون عن عوائد أعلى وأكثر مخاطرة في فئات اخرى من الاصول. بحسب رويترز.

ووصف روتش سياسة مجلس الاحتياطي لاسعار الفائدة المنخفضة والتيسير الكمي بأنها "قنبلة موقوتة"، وستسري زيادات في الضرائب وتخفيضات في الانفاق تبلغ قيمتهما الاجمالية حوالي 600 مليار دولار في الاول من يناير كانون الثاني ما لم يجد الكونجرس وسيلة لاستبدالهما باجراءات أقل حدة لخفض عجز الميزانية قبل ذلك الموعد، واعرب روتش وبير عن اعتقادهما بأن ادارة اوباما والكونجرس لن يتمكنا من اقرار الاصلاحات الهيكلية الاساسية الضرورية للتغلب على أزمة ديون امريكا الطويلة الاجل، وتسجل الولايات المتحدة عجزا سنويا يزيد عن تريليون دولار منذ بضع سنوات. ويبلغ حجم الدين القومي الان اكثر من 16 تريليون دولار.

الهاوية المالية

مهما تعددت اسماء الاستحقاق بين جدار او كارثة او هاوية مالية، فان الولايات المتحدة تتجه بشكل مباشر نحو زيادة كبيرة في الضرائب واقتطاعات آلية في الموازنة في الثاني من كانون الثاني/يناير، مما ينذر بانكماش جديد ستكون له انعكاسات في مختلف انحاء العالم، وما لم يتم التوصل الى اتفاق بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس وبين الرئيس باراك اوباما بحلول 31 كانون الاول/ديسمبر، فان اعادة صياغة تلقائية دون تمييز للموازنة ستدخل حيز التنفيذ في العام 2013 مما سيجعل الوعود الانتخابية لاوباما وللمرشح الجمهوري ميت رومني وهمية، الا ان الخبراء حذروا من ان الوقع الاقتصادي والدبلوماسي ل"الهاوية" لن يكون اقل كارثية، واوضح ستيف بل المدير السابق للجنة الموازنة في مجلس الشيوخ ان "الولايات المتحدة تواجه خطر خسارة مركزها كاحتياطي نقدي دولي"، محذرا على غرار كل الخبراء في واشنطن من ضرورة تسريع المفاوضات وفرض التوصل الى اتفاق قبل نهاية العام.

وحذر مارتن انديك مدير برنامج الشؤون الخارجية في مركز بروكينغز انستيتيوت "انه التحدي الاكبر" للسياسة الخارجية للرئيس المقبل، واضاف "سيؤثر ذلك على الاقتصاد وعلى العلاقات مع شركائنا التجاريين وحلفائنا وعلى قدرتنا على النمو والحفاظ على انتشارنا العسكري في الخارج"، ويبدو ان واشنطن تحصد العاصفة بعد ان زرعت الريح بنفسها، ففي صيف 2011، تفادت الولايات المتحدة في اللحظة الاخيرة التخلف عن السداد بعد صراع استمر اشهرا بين الجمهوريين والديموقراطيين حول رفع سقف الدين والتوصل الى خطة لخفض العجز القياسي، وتم التصويت انذاك على قانون يلزم، ايا كان الثمن، خفض العجز البالغ 1200 مليار دولار على مدى عشر سنوات اعتبارا من العام 2013. وتم تشكيل لجنة خاصة مكلفة اعداد خطة التخفيض، الا ان وكالة التصنيف ستاندارد اند بورز اعتبرت ان النص "غير كاف"، وخفضت تصنيف البلاد نقطة واحدة ما شكل ضربة مالية كبيرة.

كما ينص احد بنود القانون على اجراء اقتطاعات تلقائية في حال فشل اللجنة وهو احتمال اصبح واقعا في اواخر 2011 عندما لاحظ اعضاؤها مدى الخلافات بينهم حول مسالة زيادة الضرائب، ومن المفترض بالتالي ان يحصل خفض آلي في الموازنة الفدرالية بواقع 10% تقريبا يشمل كل الوزارات اعتبارا من 2013. وفي موازاة ذلك، ستزداد الضرائب بنسبة 20% على الجميع ما يوازي الفي دولار سنويا في الاسر المتوسطة الدخل، بحسب مركز تاكس بوليسي سنتر. بحسب فرانس برس.

ولا يزال من الممكن ان يصوت الكونغرس على قانون جديد لالغاء الاجراء الالي او لارجاء التطبيق لبضعة اشهر، الا ان المفاوضات عالقة في هذا العام الانتخابي، وقال غاري ثيير من شركة ولز فارغو ادفايزرز "لا يبدو اي من الحزبين مستعدا للتوقيع على اتفاق قبل الانتخابات". واضاف ان "الهاوية المالية اجراء فعال لخفض العجز بشكل سريع الا انه سيضر بالاقتصاد في الوقت نفسه"، ويندد كل السياسيين بمن فيهم اوباما ورومني بعواقب "الهاوية"، الا ان احدا لا يتراجع عن موقفه. واوردت صحيفة واشنطن بوست ان الرئيس سيلجأ الى حقه في الفيتو لاعتراض اي اتفاق مؤقت ما لم يتضمن زيادة في الضرائب على الاكثر ثراء، مما يشكل موقفا متشددا، وسيتم تقليص نفقات الدولة الفدرالية بما فيها النفقات العسكرية للسنة المالية 2013 التي بدات في الاول من تشرين الاول/اكتوبر، ب109 مليارات دولار مما سيعيد عجز المالية (اذا ما اضيف الى الضرائب) الى 641 مليار دولار، اي 4,0% من اجمالي الناتج الداخلي (في مقابل 7,6% في 2012)، الا ان نسبة البطالة الرسمية سترتفع الى 9,1% في نهاية 2013 (في مقابل 7,8% في ايلول/سبتمبر)، بحسب مكتب موازنة الكونغرس، وحذر صندوق النقد الدولي من جهته ان الولايات المتحدة يمكن ان تخسر اربع نقاط من النمو وان تعود الى الانكماش الامر الذي سينعكس على الاقتصاد العالمي، وفي مطلق الاحول، فان الرئيس والكونغرس اللذين سينتخبان في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر لن يبدآ مهامهما سوى في كانون الثاني/يناير، وعليه فان اوباما والكونغرس الحالي هما من سيتفاوض في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر وربما حتى الاول من كانون الثاني/يناير.

مهمة عاجلة

الى ذلك قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه وزعماء الكونجرس يتعين عليهم أن يشرعوا في العمل من أجل تفادي زيادات في الضرائب وتخفيضات في الإنفاق سيبدأ سريانها بشكل تلقائي مع نهاية العام في الوقت الذي أجري فيه محادثات مع أعضاء الكونجرس، وقال أوباما للصحفيين "أعتقد أننا جميعا ندرك أن لدينا مهمة عاجلة يتعين إنجازها"، وأضاف "ينبغي أن نضمن ألا ترتفع الضرائب على الأسر في الطبقة المتوسطة وأن يبقى اقتصادنا قويا وأن نخلق الوظائف.. تلك أولويات يتقاسمها الديمقراطيون والجمهوريون والمستقلون والناس في جميع أنحاء البلاد"، والتقى أوباما مع عدد من زعماء الكونجرس وكبار المساعدين في قاعة روزفلت بالبيت الأبيض. وجلس على يمين الرئيس الأمريكي رئيس مجلس النواب جون بينر المنتمي للحزب الجمهوري وعلى يساره زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور هاري ريد، وحضر الاجتماع أيضا جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وزعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي ووزير الخزانة تيموثي جايتنر وكبير موظفي البيت الأبيض جاك ليو ورئيس المجلس الاقتصادي القومي جين سبرلنج. بحسب رويترز.

وأكد أوباما على موقفه بأن الحل لتجنب ما يعرف بالمنحدر المالي يجب أن يوازن بين زيادة ايرادات الضرائب وأي خفض في الإنفاق أو إصلاحات في برامج شبكة الأمان الاجتماعي، وقال أوباما "آمل بأن يكون ذلك بداية لعملية مثمرة نستطيع فيها التوصل إلى اتفاق بشأن تقليص العجز في ميزانيتنا بطريقة متوازنة ومعالجة بعض من هذه المعوقات التي تعرقل النمو على الأمد الطويل والتركيز على ضمان قدرة أسر الطبقة المتوسطة على المضي قدما."

ضعف الدولار

على صعيد ذو صلة نبه عدد من الخبراء الماليين إلى خطورة الأرقام الرسمية الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، والتي تشير إلى تحقيق عجز في الميزانية بنحو 780 مليار دولار في الشهور الست الأولى من العام المالي الجاري، ولفت محللون إلى أن أي تلكؤ اقتصادي جديد وخصوصا في الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية سيرفع من احتمالية انهيار الدولار وعليها انهيار العملات المرتبطة به، إلا أن الحل الأسهل والذي يتمثل بفك ارتباط العملات بالدولار ليس بالحل الأنسب للاقتصادات وخصوصا في الدول النامية، وقال الاقتصادي الأول في مجلس دبي الاقتصادي، علي الصادق "موضوع فك ارتباط العملات العربية بالدولار ليس بالأمر السهل، أو الأمر الذي يمكن تحقيقه في وقت قصير، وخصوصا في الدول النفطية حيث يتم تسعير النفط بالدولار"، وأضاف الصادق "في حال قررت دولة ما على فك ارتباطها بالدولار واعتماد سلة عملات بدلا منه فإن ذلك يستوجب وضع خطة على مدى 5 إلى 10 سنوات لتمهيد الطريق وإعطاء الفرصة للاقتصاد المحلي بشكل عام وللبنك المركزي فيها بشكل خاص للتمكن من التحول للتعامل بعملات أخرى"، من جهته، قال المحلل الاقتصادي غسان معمر "توجه عدد من الدول الواحدة تلو الأخرى بفك ارتباط عملتها بالدولار يشكل خطرا كبيرا على استقرار أسعار الصرف، وخصوصا في الأزمات الاقتصادية الحالية مما يدل على تتراجع أداء الاقتصاد الأمريكي"، وأضاف معمر "تكمن المشكلة الأساسية، التي تواجه أي دولة راغبة بربط عملتها بمجموعة من العملات تتمثل بأن تسوية المدفوعات الدولية تتم بالدولار، وما يترتب على ذلك من المعاملات التجارية والاستيراد والتصدير والشحن وغيرها"، وأشارت تقارير اقتصادية أمريكية إلى أن ميزانية واشنطن تتجه نحو تسجيل عجز جديد يتجاوز حاجز الترليون دولار هذا العام، وذلك بعدما بلغت الحصيلة الإجمالية المقدرة لعجز الخزينة مستوى 780 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من السنة المالية الحالية. بحسب السي ان ان.

وبحسب تقرير لجنة الموازنة في الكونغرس الأمريكي، فإن المبلغ الحالي - على ضخامته - يبقى أقل من نظيره خلال الفترة نفسها من العام الماضي، والمقدر بنحو 829 مليار دولار، ويعود سبب هذا الانخفاض الطفيف إلى تقلص النفقات الحكومية وزيادة العوائد المحصلة من قبل السلطات، وخاصة عبر زيادة المبالغ التي دفعتها الشركات الأمريكية كضرائب على أعمالها حتى هذه الفترة، وهو أمر إيجابي يدل على تحسن في الاقتصاد دفع تلك الشركات إلى توسعة أعمالها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/كانون الأول/2012 - 23/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م