دردشة انترنيتية جمعتني بصديق عراقي يعيش في السويد.. سألني عن يومي
كيف هو؟؟ قلت الحمد لله ماشية.. شوية تعبانين بس الله كريم.. قال:
ارجوك لا تتهرب من الاجابة بالطريقة العراقية كلمني عن يومك في بغداد
فقد اشتقت اليها كثيرا.. قلت: ببساطة ياصديقي ان يومي يقسم الى ثلاثة
اقسام..
القسم الاول هو العمل، الذي اقضي معظم ساعاته وانا افكر في الطريق
الاسلم للعودة الى البيت بعيدا عن زحمة السيطرات الثابتة والمتنقلة...
والقسم الثاني هو البيت الذي احاول ان انام فيه من دون ان افكر
بالنهوض المبكر أملا بالإفلات من خنقة نقاط التفتيش، الا ان آمالي
دائما ما تخيب لانها ـ اي السيطرات ـ عادة ما تكون قد تكاثرت وانقسمت
وتوالدت ليلا تبعا لمجريات الاحداث والشدائد الامنية، وتصريحات
المسؤولين في نشرات الاخبار المسائية، وقد تجد ان زحمتها قد وصلت الى
باب دارك ويتوجب عليك ان تنتظر نصف ساعة حتى تستطيع ان تخرج السيارة من
الدربونة...
اما القسم الثالث من يومي فهي الساعات نفسها التي اقضيها في
السيطرات صباحا ومساءا، والحق ان هذا القسم هو (الحيوي) في يومي لأني
عادة ما اتناول فيه الافطار الصباحي وهو عبارة عن كأس شاي ساخن وحلقتين
او ثلاثة من السميط وقد احصل على جريدة بسعر مدعوم اطالع عناوينها التي
تبشرنا بالحشود العسكرية والتلويحات العنترية بين حكومتي المركز
والاقليم.. على فرض اننا (عايزين مشاكل) بعد ان تجاوزنا مشكلات
التهديدات الارهابية والتدخلات الاقليمية التركية والايرانية والطرطرية
السعودية ـ القطرية.
وكما اني أعمل لدنياي في السيطرة فانا اعمل لأخرتي ايضا، وادفع الى
واحد من جيوش الملثمين من الشحاذات والشحاذين ربع دينار بايت في جيبي
وقد ادفعه الى احد (البخاخين) الذي يصر على تنظيف زجاج السيارة بكل
وقاحة واصرار، وربما اشتري من (تجار) السيطرات بعض الحاجيات التي قد لا
احتاجها مثل عيدان البخور او كلينكس او لعب الاطفال او قطع قماش
للتنظيف او مثلث فسفوري ومطفأة حريق وسمسمية ونساتل وحلويات وماكنة
حلاقة وملقط ومشط وصبغ احذية وصبغ شعر وصبغ اظافر وغيرها.
استرسلت مضيفا لصاحبي البطران بعد ان انفتحت قريحتي الكلامية : عادة
ما احرص في السيطرة على اجراء بعض المكالمات الهاتفية المحظورة في
البيت وقد اعقد صفقات سرية ولكنها خالية من الفساد الاداري والمالي
المستشري لدينا بصفقات الاسلحة الروسية والطائرات الاوكرانية والكندية
وعقود النفط الصينية والكهرباء الايرانية والمواد التموينية الهندية.
ظن صاحبي اني ابالغ بعض الشيء فأقسمت له اني اعرف شابا قد اتم خطبة
زواجه في احدى السيطرات بعد ان عجز هو واهله ليومين متتاليين من الدخول
الى الحي الذي تسكن فيه العروس نتيجة لغلق السيطرة الرئيسة لمنطقتهم
لظروف قاهرة كأن يكون الاشتباه بوجود سيارة مفخخة او ان مسؤولا من
امانة بغداد كان يزور حيهم للاطلاع على المنجزات الرائعة والابتكارات
العظيمة للأمانة في تصريف مياه الامطار من الشوارع العامة باتجاه غرف
نوم المواطنين الخاصة.. فما كان من ابو العروسة الا يضع حدا لتلك
المشكلة، فجاء بابنته الى زحمة السيطرة والتقت بالعريس وشافها وشافته
واقتنع الاثنان ببعضهما فتعالت الزغاريد وكلمات التهاني (شايف خير
مستاهلها) وربما يقرر الاثنان اذا ما كتب الله لهما العمر المديد ان
ينجبا طفلا ذكرا يسمياه (تفتيش) او ان يرزقا بنت حلوة وتخبل يسمياها
(سونار).
Mohamed_kliel@yahoo.com
|