دس.... تور

هادي جلو مرعي

دائما ماأتذكر جملة تنطقها ممثلة تتغنج في فيلم مصري(ديستور) كلما دخلت بيتا...

فقدت أعصابي، توترت بشدة، أحسست إنني سأتحول الى كرة من لهب لايحترق بها سواي، وكان مرد ذلك الإنفعال الى سؤال عرضته علي مذيعة أخبار جميلة من القاهرة، كانت تسأل عن الإحتكام الى الدستور في الخلافات السياسية بين الأفرقاء.

رئيس الحكومة العراقية شكل قيادة (قوات دجلة)، ويقول المؤيدون للفكرة، إنه إجراء دستوري وعلتهم في ذلك، إن الدستور العراقي يتيح للحكومة الإتحادية أن تحرك قواتها في كل أنحاء البلاد، وأن تشكل قيادة عمليات عسكرية كلما رأت إن الحاجة قائمة لذلك، وإن ماقام به المالكي يندرج في هذا الإطار ولايخرج عن المواد الدستورية التي ترعى السلوك الذي يعتمده رئيس الوزراء في كافة الإجراءات التي أتخذت طوال السنوات الماضية وكل ذلك يصب في مصلحة البلاد ومستقبل العباد.

الكورد رفضوا ذلك، وتوعدوا، وهددوا، وحركوا قوات البيشمركة نحو الحدود الفاصلة بين الدولة الكردية وجمهورية العراق، وقالوا، إن إجراءات المالكي ليست دستورية وتخالف كل الإتفاقات السابقة بين القوى السياسية قبل وبعد تشكيل الحكومة، وليس لرئيس الحكومة الإتحادية إلا أن يقرر وبسرعة حل هذه القيادة الجديدة، وعدم التفرد بالقرار... بالتأكيد فإن قوى سياسية كردية لن تكون بمنأى عن المشكلة بين المركز والإقليم (صراع المالكي، البارزاني)، وسارعت تلك القوى ومن بينها الإتحاد الوطني بزعامة رئيس الجمهورية جلال طالباني لإعلان التأييد للخطوات التي إتخذها رئيس الإقليم ومضى رئيس الجمهورية ليهدد قائد القوات البرية الفريق علي غيدان بمحاكمة على سلوكه الذي يمثل جزءا من حراك الحكومة الإتحادية.

هناك قوى تعيش حال الصراع السياسي مع المالكي، وهي في هذه المرحلة الإنتخابية بحاجة الى إضعاف الرجل، وليس أفضل من معاركه مع الخصوم لتكون وسيلة ناجعة تؤدي به الى تراجع في مواجهتها، ولتقليل حظوظه في الحصول على دعم الناخبين في الإنتخابات البلدية القادمة مطلع 2013، لكن هذا الأمر غير مؤكد خاصة وإن حائط الحمية العربية والحافز القومي سيكون كافيا ليستند إليه المالكي في حشد الشارع الذي تستهويه فكرة أن الأكراد يستعدون لإعلان دولتهم ولكنهم ينتظرون الفرصة السانحة التي لم تأت بعد وربما يطول الوقت حتى يحين موعدها السعيد أو التعيس، الله أعلم، وبحسب المزاج الدولي والإقليمي. لكنهم متفقون على ضرورة التصدي لطموحاتهم التي لن تقتصر على مساحة الإقليم المعروفة بل تتعدى الى المناطق المسماة (المتنازع عليها).

منذ أن تم التصويت على الدستور العراقي فإن اللغط لم ينقطع و يثار من حين الى آخر، بل عند كل نازلة، وعند كل حالة خلاف بين هذا الفريق السياسي أو ذاك داخل البرلمان و بين القوى السياسية، كلها تحتكم الى الدستور، وهي لاتحتكم أبدا وكلها تتهم بعضها بمخالفة الدستور حتى صرنا لانعرف من يحترم الدستور ومن لايحترم، وينتهك؟ بل صرنا نؤمن إن الدستور (خارج التغطية) ولاقيمة لحضوره مادام لايؤخذ به إلا في نطق الكلمة (الدستور) في المؤتمرات الصحفية، حيث الكل يدافع عنه ويطلب الإحتكام إليه، والكل ينتهكه ويضربه كما يركل لاعبو كرة القدم (التابه)، فلانعود نعرف الى أين تمضي وفي أي مرمى ستدخل، وكيف ستنتهي المباراة ؟ومن سيفوز؟فقط نحن ندرك إن الخاسر هو الشعب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/كانون الأول/2012 - 18/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م