احراق دجلة ام احراق العراق؟

الدستور العراقي ما يراه الاكراد فقط

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في صورة شهيرة نشرتها العديد من المواقع الالكترونية قبل انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، حيث ضبطت عدسة مصور وكالة رويترز (ماجد جابر) وزير الخارجية العراقي (هوشيار زيباري) خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، وهو يقرأ تقريرا بعنوان (مسيرة التطوير والتحديث في الوطن العربي) بالمقلوب.

لعل هذه الصورة الشهيرة تمثل قصة الاكراد بعد العام 2003 افضل تمثيل فيما يتعلق بعلاقتهم مع الحكومة الاتحادية ومع الدستور.

الدستور الذي اصبح قميص عثمان في كل مشكلة بين المركز وبين الاقليم، ناهيك عن كونه قميصا ايضا في كل سجال سياسي بين الفرقاء في العراق، برع الاكراد في حمل هذا القميص والتلويح به، مستفيدين من قدرات اعلامية كبيرة الكترونية او ورقية، تمثلها بالدرجة الاساس امبراطورية المدى وموقع شفق الالكتروني. ويستطيع المراقب ان يتتبع جذور التصريحات والمواقف من خلال هذين المصدرين ليلمس حجم هذا التاثير والامتداد.

عمليات دجلة لازالت الاحدث فصولا في مستجدات العلاقة المتوترة بين الاقليم والمركز، فالحكومة الاتحادية ترى تشكيل هذه القوات شانا اتحاديا ودستوريا على الجميع عدم الاعتراض عليه، فيما تراه سلطات الاقليم لا يستند الى مادة دستورية وهو اجتهاد شخصي من قبل رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي.

في النسخة المطبوعة او الالكترونية للدستور العراقي، وفي الباب الرابع منه(اختصاصات السلطات الاتحادية)، تقول المادة 110 منه والتي (تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية) وفي ثانيا يقول الدستور (وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها، لتامين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه).

المادة واضحة وصريحة ولاتحتاج الى فقهاء قانونيين لشرحها او لمحاكم دستورية للبت فيها، وقد مارست سلطات الاقليم خرقا دستوريا فاضحا عندما اعترضت تقدم القوات العراقية الى الحدود السورية من جهة الاقليم، لكن ذلك حسب الاكراد حق مقدس لا يمكن الاعتراض عليه او المساس به. في مقابل حقوق الاخرين التي لا يمكن ان توازي حق الاكراد في الدستورية او التقديس.

وهو خرق لم يلتفت له الاكراد في زيارة وزير خارجية تركيا العثمانية الجديدة الى كركوك، وايضا خرق لم يلتفت اليه الاخ مسعود البرزاني في استضافته لنائب رئيس الجمهورية المتهم بقضايا ارهابية والفار من بغداد، الى غيرها الكثير من الخروقات الدستورية فيما يتعلق بدخول بقية العراقيين الى محافظات الاقليم، وقضايا التاشيرة والاقامة الى مدن الاقليم المقدسة.

لا احد يستطيع الاعتراض على الاكراد، وان حدث ذلك فهو شوفيني، حاقد وحاسد لما تحقق من منجزات بنضال وتضحيات الاكراد.

وكل خلاف يحدث يأتيك من يذكر بانه لولا الاكراد لما اصبح المالكي رئيسا للوزراء، وهو الاحدث في سلسلة التصريحات الكردية للاخ مسعود البرزاني. كما في لقائه الاخير مع جريدة المدى (نحن الذين سهلنا له الوصول الى بغداد، ثم دعمناه مرارا ونحن الذين قمنا بمنحه الثقة وجعله رئيسا للوزراء).

في العرف الاجتماعي اي عمل او مساعدة يتفضل عليك بها الاخرون ستكون دينا قابلا للرد في المستقبل، ولا يخضع رد الدين بالنسبة للمتفضل به لقيود او شروط، فصاحب الفضل لايقبل بالاعتذار او التاخير، وهو في العرف الاجتماعي يمكن ان يقوم بابتزازك من خلال عدة طلبات يجب الموافقة عليها، عملا بالقول العامي العراقي(سوّيت فضل عليه).

اعود الى صلب الموضوع والى العنوان الذي تسيد بداية هذه السطور، كتب القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ادهم بارزاني وهو قريب ايضا لرئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) انه (بالامس رأينا قيادات وآمري الانفال كيف يحاكمون خلف قضبان المحاكم، واليوم اذا ارادت قيادات دجلة مقاتلة الكورد والكوردستانيين فان امامهم طريقين فقط).

واوضح بارزاني (انهم اما ان يحترقوا بنيران الپيشمرگة خلف المناطق المستقطعة وليس داخل اراضي كوردستان لان هذه الاراضي المقدسة لا تستطيع تحمل (بساطيلهم)، او ان تقبع قيادات دجلة خلف القضبان نفسها).

وتذكيرا بسياسات النظام السابق وتماهيا معها وعلى خلفية هذه المساجلات حول عمليات دجلة، قالت جامعة صلاح الدين في اربيل، إنها تدرس تجريد رئيس الوزراء نوري المالكي من شهادة الماجستير التي نالها من الجامعة. وعرض قسم الفلسفة بكلية الآداب هذا الطلب على رئيس الجامعة الذي قال إنه يدعمه.

وقال رئيس جامعة صلاح الدين احمد دزئي في تصريح للصحفيين (نعمل الان لسحب الشهادة من المالكي). واقر دزئي بصعوبة ذلك، لكنه قال (من الناحية المعنوية فان طلب سحب الشهادة سيكون له تاثيره وسنعمل بجد لتحقيق ذلك).

الانتهاكات الكردية للدستور كثيرة مثلها مثل بقية المكونات والكتل السياسية في العراق، رغم وضوح الكثير من مواده القانونية، الا ان القراءة بالمقلوب تبقى هي الطاغية على المشهد السياسي العراقي في صراعات ومناكفات الفرقاء السياسيين، وعلى راسهم الاكراد في علاقتهم بالحكومة الاتحادية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/كانون الأول/2012 - 17/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م