دول الخليج في مواجهة التحديات الصعبة

علي ال غراش

منطقة الخليج تشهد حاليا مرحلة مصيرية مليئة بالتحديات الخطيرة مع هبوب رياح التغيير، بالإضافة الى تزايد حدة التوتر واحتمال وقوع حروب في المنطقة الاستراتيجية كأهم منتج للطاقة النفط. وكما قلنا سابقا رياح التغيير قادمة الى المنطقة حيث الشعوب اصبحت في مرحلة متقدمة من الوعي بأهمية حتمية التغيير، وانها مستعدة للتضحية من اجل تحقيق الاصلاح الشامل حسب تطلعاتها، وان على المسؤولين في دول الخليج المساهمة في التحول والتغيير السلمي بما تريده الشعوب بشكل سريع وبتقديم تنازلات كبيرة جدا للمصلحة الوطنية العامة، قبل التأزم والتشدد ووصول الامور الى الشارع والعنف والاعتقال وسقوط ضحايا وسفك دماء عزيزة على الوطن، فرياح التغيير اصبحت واقعا الان في دول الخليج حيث كل دولة تواجه ازمة تغيير ومطالب من قبل شعبها.

ما افضل وانجح السبل لإنقاذ الوطن والمواطنين وكذلك انظمة المنطقة؟.

هل يدرك ويتفهم قادة المنطقة الخليجية مطالب شعوبهم، الشعوب الطيبة المسالمة التي تريد ان تكون كريمة وعزيزة وشريكة في ادارة وتنمية الوطن تحت دستور منبثق من ارادة شعبية مباشرة؟.

وهل الانظمة عبر السبل الامنية والاعتقالات والتعذيب وسحب الجنسيات..، قادرة على امتصاص غضب الشعوب التي كسرت حاجز الخوف والرعب من الانظمة لنيل حقوقها الوطنية كشركاء في الوطن؟

ان الاعتماد على القوة الامنية وتخويف الشعب، وسياسة فرق تسد واثارة النعرات .. وتسقيط الرموز وقادة الحراك، والتشكيك والتخوين في شباب الحراك والاحتجاجية والتظاهرات السلمية، وربط الحراك بالخارج، والاعتماد على مساعدة الغرب، وشراء الاسلحة بمبالغ خيالية وتوقيع الاتفاقيات الامنية... وغيرها، لن تنقذ الانظمة بعدما تخلت الغرب عن بعض الانظمة العربية التي شهدت ثورات.

ومن الخطأ الفادح اصرار بعض انظمة المنطقة على توقيع الاتفاقيات الامنية (بالمليارات الدولارات) مع الغرب الذي يبحث عن مصالحه فقط وامتصاص خيرات المنطقة، اذ ان شعوب المنطقة ليست بحاجة للاتفاقيات الامنية والدفاع الاستراتيجي وتضييع خيرات الوطن باسم حماية الشعب كما يدعي بعض الانظمة وهي في الحقيقة لحماية الانظمة الخائفة من شعوبها!. فشعوب المنطقة اولى بهذه الاموال لحماية امنها، فالوطن لا يحميه الا ابناؤه. والمواطنون بحاجة الى الشعور بالثقة وبالشراكة في ادارة الوطن ومن باب اولى صرف هذه الاموال على المواطنين اصحاب هذه الخيرات.

كما ان محاولات حكومات المنطقة بتهدئة الشارع وامتصاص الغضب عبر بعض المسكنات المؤقتة السطحية.. ، ستبقى محاولات سطحية بسيطة أقل بكثير من طموح الشعوب وغير جذرية وهي غير قادرة على معالجة الامراض التي بدأت تتحول الى وباء مثل الفساد والاستغلال للمناصب والفقر .. والتي تزيد حالة الغضب الشعبي، بل يحتاج الامر الى مشروع اصلاحي سياسي شامل جذري وبمشاركة الشعب قبل الاستفحال والانفجار ويصعب بعد ذلك العلاج حين لا ينفع الفهم المتأخر ولا الندم!..

الحل الوحيد الناجح للدول الخليجية والانظمة بالخصوص من الاثار السلبية من الثورة التغييرية وتداعياتها .. هو اللجوء الى الشعب - الشعب القادر على صناعة الثورة وبناء وحماية الوطن، وحماية هيبة وقوة النظام، فالشعب هو القوة المغيبة والمهمشة حتى الان عن المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية للوطن بل في صناعة القرار - وذلك عبر الاستجابة الى مطالبه واحترام ارادته واعطائه حقوقه الكاملة في تحديد مصيره والدستور والنظام الذي يضمن له العدالة والحرية والكرامة والمساواة، نعم انها العدالة - انصاف الشعب الرعية والحرية واحترام الارادة الشعبية في اختيار وتحديد الدستور.

الشعب هو الذي يحمي وطنه، وحمى الله دول المنطقة وشعوبها وشعوب العالم من كل شر، ونتمنى ان يعم الامن والامان والسلام في كافة دول العالم عالمنا الصغير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/تشرين الثاني/2012 - 14/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م