الإطار المرجعي للفرد

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: تبدأ الجماعة تكوينها من وجود فردين أساسيين أو أكثر تضمهم علاقة صريحة واضحة تجمعهم في نطاق شعور نفسي متبادل سواء أقام ذلك الشعور في هدف اقتصادي أو تعليمي أو راحة اجتماعية أو سلالة في قرابة أو مصاهرة أو صلة جغرافية أو مكانية.

فأفراد الأسرة وطلاب المدرسة وعلماء المصانع وموظفو المكتب وجنود الجيش ..كل هذه الأمثلة وأشباهها تقدم لنا نماذج من الجماعة الإنسانية التي تعتبر مرجع للفرد، وحياة الجماعة تشبع دافعا أساسيا في التكوين النفسي للإنسان كما أن دوام حياة الإنسان وتحقيق رغباته ووسائل عيشه تعتمد أساسا على حياة الجماعات بشتى أنواعها ومستوياتها، وكل فرد يشعر بوجود غيره من الناس ويتكيف في سلوكه معهم. كما أنه يتوقع من الآخرين أنواعا من السلوك. فهو فرد له بيئته النفسية الاجتماعية التي هي كل ما يتصل بعلاقاته وآماله وصدق اعماله من سخط أو اعجاب وما يتعلق بذلك من حقوق وواجبات. البيئة النفسية الاجتماعية تلازم الإنسان حيث كان لا تنفصل عنه ولا هو ينفصل عنها ولا يستطيع إنسان أن يقوم بسلوكه دون أن يهتم بأعمال الآخرين سلبا وايجابا. بل ان كل احساس وادراك وانفعال لدى الإنسان انما هو نتيجة تفاعله مع محيطه النفسي والاجتماعي بحيث لو زال ذلك المحيط لزال معه كل شيء حتى الإنسان نفسه كإنسان. البيئة النفسية الاجتماعية تتألف من جماعات نفسية داخلية متعددة هي أشبه بالحلقات التي قد يلتقي بعضها في حياة الإنسان مثل جماعة الأسرة الوالدية أو الزوجية أو الصداقة أو الزمالة أو الجوار أو مع جماعة أو فرد معاد له.

ان البيئة النفسية مع الأفراد المحيطين في التجمعات السابقة وامثالها على اختلاف درجاتها ومساحاتها ومستواها تتألف من مواقف. من أمثلتها: موقف الأم من رضيعها، الزوج مع زوجته، الأب مع ابنائه، المعلم وهو يلقي درسه على طلابه، القائد مع جنده، المتكلم مع سامعيه أو الكاتب مع قرائه، التاجر مع زبائنه..الموقف هو الظروف المثيرات والعوامل النفسية الاجتماعية التي يتفاعل معها الإنسان بالاضافة الى الإنسان نفسه في تكوينه العقلي والروحي والانفعالي، وما يصدر عنه من استجابات عادية سليمة أو شاذة منحرفة. فالموقف النفسي الاجتماعي يتضمن ثلاثة عناصر اساسية هي:

1ـ المثيرات المنبهات :

هي كل تغير في البيئة المحيطة سواء أكانت مادية طبيعية أو انسانية أو نفسية داخلية وخارجية. هذه المثيرات محركات داخلية أو خارجية ولكنها تتصل بالإنسان وتتعلق بالمجتمع وما فيه ومن فيه.

2ـ التكوين النفسي للإنسان ذاته:

هو يستقبل المثيرات مهما كان مصدرها حيث تقوم الفعالية المركزية للفرد في ابعاده الجسمية والادراكية والروحية والانفعالية والخلقية وما لدى الإنسان من خبرات واطار مرجعي حين يتفاعل كل ذلك في نوعية استقبال المثيرات ودرجتها وبالتالي في نوعية الاستجابات المختارة، هذا يسمى بالتكامل الإنساني أو الشخصية الفردية. في هذا يختلف الأفراد في كيفية استقبال مثير واحد،  بالتالي قد يختلفون في أشكال الاستجابات ودرجاتها.

3ـ الاستجابة الإنسانية :

هي ما يظهر على الإنسان من ردود أفعال قولية أو سلوكية أو تعبيرية ظاهرة أو باطنة. تعمل العقيدة والتنشئة والتربية والثقافة السائدة والأخلاق العامة أثرا كبيرا في تحديد الاستجابات، اعتيادا أم شذوذا واستقامة أو انحرافا.

ان هناك نوعا من التوافق والترابط بين عوامل التحريك المثيرة وبين الإنسان نفسه وبين الاستجابات. فالفرد قد يستجيب لبعض المثيرات في محيطه الاجتماعي دون غيرها، بينما غيره يستجيب لأنواع أخرى، لكن وحدة التربية الاجتماعية والروحية والفكرية تجعل أفراد المجتمع أكثر انسجاما وتقاربا مما يحقق وحدة الجماعة في بنائها النفسي وهذا أساس كل وحدة أو تضامن أو تقارب.

ان البيئة النفسية الاجتماعية للإنسان تتضمن حلقات اجتماعية صغرى مع مواقف نفسية معها. الموقف يتضمن مثيرات واستجابات يكون الإنسان كله كوحدة متكاملة يتفاعل معها وكل ذلك جميعا في نطاق ما يسمى أحيانا بالمجال النفسي الاجتماعي للإنسان.

والفرد يعيش بشكل عام مع المجتمع ضمن جماعة شخصية خاصة به، يعيش مع الجماعة بشعوره وعواطفه واهتماماته، يتأثر بها ولو كان بعيدا عنها الى أجل قريب أو بعيد وهذه الجماعة النفسية يرتبط الفرد بها طواعية إذا شاء وتحتل عليه تفكيره ويتأثر سلوكه بسلوك أفرادها، كما ينسجم مع أفكارها واتجاهاتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2012 - 30/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م