إصدارات جديدة : من العنف الى التراحم

 

 

 

 

الكاتب: فيرن نيوفيلد ريديكوب

الناشر: الروشم / بغداد

عدد الصفحات : 462 صفحة من القطع الكبير

ترجمة: سهيل نجم، مصطفى ناصر

الطبعة الاولى/ 2012

عرض: حيدر الجراح

 

 

 

شبكة النبأ: الصراع قديم قدم البشرية، وكثيرا ما تخلل هذا الصراع عنفا وحشيا بين المتصارعين.. رأينا ذلك بوضوح في القرن العشرين وقدم لنا دروسا في التعلم حول مفردات الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب والإبادة النووية.

نتذكر صورا لمذابح ولاجئين يبحثون يائسين عن الامان في الجبال او مخيمات اللاجئين في بلدان مجاورة، وكثيرا ما عرضت التلفزيونات مدنا قصفتها المدفعية ومقابر جماعية ومواكب تشييع وعزاء، وهي كلها من جراء وبسبب الصراع العرقي، ومع بداية القرن الواحد والعشرين طبعت في أذهاننا حادثة 11 ايلول 2001 بوصفها تعبيرا عن صراع يحرك مشاعر الناس في صلب كياناتهم.

ان الصراع العرقي الداخلي واعمال الارهاب هي ليست الا قمة جبل الثلج، فالصراع المبني على الهوية يعبر عن نفسه يوميا في الخلاتفات الزوجية ومنافسات الاقارب اللانسانية المشتركة والحرب التكنولوجية. في مستوى اقل وضوحا هناك الصراعات العميقة الجذور التي نحملها في ذكرياتنا ، ذكرياتنا التي تسمح لنا بتجنب شخصنة الافراد او الجماعات ونرغب في ان نشخصنهم (جحيما على الارض) ان توقنا الى كمالنا يجعلنا نتساءل لماذا تكون لدينا هذه المشاعر وما المطلوب منا فعله حيال ذلك؟، في العام 1983 اقضت مضجع العالم صور الاف الاثيوبيين الذين يموتون جوعا. تبرع الفنانون الشعبيون بأوقاتهم ومواهبهم ليسجلوا (الدموع لا تكفي) لدفع الناس بالتبرع بالمال لشراء المساعدات الغذائية، وبيعت القمصان التي طبع عليها (الدموع لا تكفي) حتى في محلات تومبسون ومانيتوبا الامريكية.

اشار هنري ريميل الخبير الاقتصادي لجامعة مانيتوبا والضيف المتحدث في احدى الفعاليات من اجل السلام ان وراء كل مجاعة كبيرة صراع ساق الناس الى استعمال الغذاء سلاحا. ان اغلب الصراع العميق الجذور هو عما يحدث في داخل الانسان. كل عالم داخلي للشخص، ان اردنا استعارة مفهوم الداخلية من الفيلسوف ايمانويل ليفيناس، مليء بالافكار والذكريات والعواطف والرغبات والمشاعر. وكما يلاحظ عالم النفس السياسي ديميتريوس جوليوس، ثمة جانب لا منطقي قوي في مايفعله الناس اثناء مواقف الصراعات.

يتحدث الكتاب عن امكانية تطوير انماط جديدة من انظمة العلاقات نتيجة لعملية المصالحة التي تعقب الصراعات، ونظام العلاقات الذي صاغه المؤلف هو اجابة عن سؤال: اين تحدث الصراعات عميقة الجذور؟، وللإجابة عن هذا السؤال طور المؤلف المفهوم على الشكل التالي: تتحدث مفردة علاقات عن تفاعل او تاثير متبادل عبر الزمن وتاتي (نظام) من المعنى اليوناني للكلمات، الذي هو حرفيا الوقوف معا. فنظام العلاقات يخلق سياقا، مثال ذلك العائلة، محل العمل، او المجال الذي يتعامل فيه الفرقاء مع بعضهم الاخر. وقد يتغير نظام العلاقات من متجانس الى مشاكس او قد يبدأ خلافي وينتهي الى التصالح. وقد يتورط فيه شخصان او مجاميع كبيرة من الناس، فريقان او اكثر، وقد يكون نظام العلاقات داخليا، مادامت لدينا صراعات بين انفسنا وضميرنا، اذا استعرنا المفهوم من الفيلسوف بول ريكور.

يستعمل المؤلف مصطلحي(الصراع العميق الجذور) و(الصراع المبني على الهوية) بالتبادل. ويعود اصل ذلك الى جون بورتن وهو اول من اشار الى ان الصراع العميق الجذور يتعلق بالتهديد للمطالبين بتلبية حاجات الهوية، ولفهم الصراع العميق الجذور نحتاج الى فهم حاجات الهوية وكيف نعرف تلبياتنا لهذه الحاجات، ان الهوية امر معقد جدا ذلك لاننا قد نتعرف على جماعات مختلفة، فان تصنيف الولاءات المنشطرة يعرض احتمالات كثيرة للصراع الداخلي العميق الجذور.

جماعة الهوية هم اي جماعة لهم القابلية على نقل الاحساس بالهوية الى اعضائها، على الرغم من ان ليس جميع الاعضاء مرتبطين بها بطريقة اولية. لا يمكننا ان نحزر عبر النظر فقط الى احد ما ونبت الى اية جماعة هوية اولية ينتمي، فلربما ينبني الانتماء على اللغة او الدين او الجنس او العرق او المهنة او الميل الجنسي او تفضيلات الطعام او القيم او اسلوب الحياة او لون البشرة او الجغرافيا. قد تلعب مجموعات متنوعة ادوارا مختلفة في حياة الشخص عبر الزمن.

هذه المواضيع تناولها المؤلف في الفصلين الاول والثاني، في الفصل الثالث يقدم المؤلف مفهوم الرغبة المحاكاتية او التقليد كما جرى تطويرها من رينيه جيرارد الذي كرس اكثر من اربعين عاما في التعمق في اصول العنف. يبين هذا المفهوم اننا نعرف الكثير من مظاهر هويتنا عبر تقليد الاخرين.

الفصل الرابع يتفحص الرؤى الاخرى لجيرارد عن القربان والضحايا بالنيابة والتحامل البشري بخلق الاختلاف. وهذا يثير سؤالا: كيف يمكننا فهم الاختلاف الذي يصبح استبداديا عندما تهيمن جماعة على اخرى؟، تضع هذه الفصول الاساس للفصل الخامس لاضاءة مفهوم البنى المتسلطة الذي تتسيد فيه مجموعة على اخرى وتهيمن على حياة أولئك الخاضعين لها، ان التمايزات والادوار العرقية والجنس والدين هي الموضوعات التي جرت مناقشتها في الفصل السادس عن العرقية القومية، ينظر هذا الفصل في الواقعية السياسية والاطار النظري المهيمن لفهم مثل هذه الصراعات التي حدثت في اواخر القرن الماضي، ويسلط الضوء على الادب في هذا المجال، واضعا في دائرة السؤال بعضا من الافكار الاساس المتخندقة بالواقعية، تقترح هذه المادة عن الاختلاف اننا نحتاج الى النظر بعمق اكثر الى السؤال: لماذا تصبح الصراعات بهذه الكثافة؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/تشرين الثاني/2012 - 29/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م