العراق والذهب الأسود... صراع متأرجح

 

شبكة النبأ: بعد الهدنة الوجيزة بين الحكومة المركزية العراقية والحكومة الإقليمية في شمال العراق، بشأن صادرات النفط وسياسة الطاقة، عاد فتيل الصراع المحتدم بين بغداد وأربيل لأشتعل مجددا، بسبب أزمة العقود وانتهاج السياسات البيروقراطية، وخصوصا بعد التطورات السياسية الجارية بين تركيا والعراق وبين الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق ، التي لها التأثير الأبرز في عدم الوصل الى الاتفاق بين أطراف النزاع، حيث ادت التوترات بين بغداد وإقليم كردستان الذي وقعت معه إكسون اتفاقات نفطية تعتبر أكثر ربحية لكن الحكومة المركزية تقول إنها غير قانونية، الى انسحاب شركة إكسون من المشروع الذي تبلغ قيمته 50 مليار دولار، وكانت إكسون أول شركة كبيرة توقع اتفاقات نفطية مع كردستان، وباتت الآن في بؤرة نزاع حول النفط والأراضي بين الحكومة المركزية في بغداد والأكراد الذين يتولون إدارة إقليمهم في شمال العراق منذ عام 1991، وقد تثير التساؤلات عمن يمكنه أخذ حصة إكسون في هذا المشروع المهم شكوكا بشأن هدف العراق لزيادة إنتاج الخام إلى ما يتراوح بين خمسة ملايين وستة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015 من 3.4 مليون برميل يوميا في الوقت الراهن، حيث يسعى العراق الى بذل الجهد الاكبر خلال العقد الحالي من خلال الاستثمارات الشركات النفط العالمية الكبرى، في حين ترى شركات النفط الكبرى أن هناك شروطا أفضل إضافة إلى توافر الأمن وظروف عمل أيسر في كردستان مقارنة مع عقود الخدمة الصارمة والصعوبات في ظل الروتين والبيروقراطية ومشكلات البنية التحتية التي تواجهها المشروعات النفطية في باقي أنحاء العراق، وقد وقع العراق عضو منظمة أوبك بالفعل سلسلة من العقود مع شركات أجنبية لتطوير صناعة النفط في إطار جهود إعادة البناء بعد أعوام من الحرب والعقوبات الاقتصادية، غير أن العقبة الرئيسية أمام إعادة تأهيل قطاع الطاقة العراقي تتمثل في عدم جذب استثمارات أجنبية كافية حيث يحجم كثير من المستثمرين بسبب العقود الصارمة والإجراءات الروتينية، وقد تسببت هذه الخلافات والاضطراب بشأن أزمة النفط الحالية، نذير وخطر محتدم يشير بعواقب وخيمة على صعيد الاقتصاد العراقي اذا ما تحسنت الأوضاع السياسية بين الخصوم.

لوك أويل الروسية

فقد نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن شركة لوك أويل ثاني أكبر منتج روسي للنفط الخام قولها إنها ستدرس عرضا من إكسون موبيل بشأن شراء حصتها في حقل غرب القرنة-1 الذي تريد الشركة الأمريكية الانسحاب منه، وكانت إكسون قد أبلغت الحكومة العراقية برغبتها في الانسحاب من المشروع النفطي الذي تبلغ تكلفته 50 مليار دولار والواقع في جنوب العراق، وكانت لوك أويل التي تعمل حاليا في تطوير حقل غرب القرنة-2 قد قالت إن الحقل أكبر من إمكاناتها لكنها ذكرت أنها ستنظر على الأقل في العرض.

ونقلت الوكالة عن أندريه كوزياييف رئيس العمليات الخارجية في لوك أويل قوله "تلقينا عرضا من إكسون. سندرس هذه الإمكانية على الأرجح. لكننا لم نتخذ أي قرار اليوم، وقال مسؤول بارز إن بغداد تتوقع أن تستكمل إكسون بيع حصتها في غرب القرنة-1 بحلول نهاية ديسمبر كانون الأول وأبلغت الشركة الأمريكية العراق بأنها تجري بالفعل محادثات مع شركات نفط كبرى، وقال فيصل عبد الله المتحدث باسم نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني إن أكسون أبلغت السلطات العراقية بأنها بدأت في إجراء محادثات مع بعض شركات النفط الكبرى بما فيها بريتش بتروليوم وشل ولوك أويل وسي.إن.بي.سي وإيني وعرضت عليها شراء كامل حصتها في غرب القرنة-1. بحسب رويترز.

وأضاف أن السلطات العراقية تشترط للموافقة على عملية الشراء أن يمتلك المشتري الموارد المالية والفنية الكافية لتطوير حقل النفط العملاق، وتسعى لوك أويل إلى التعويض عن التراجع في إنتاج حقولها في روسيا - حيث تواجه منافسة من شركات مدعومة من الدولة - من خلال الاستحواذ على أصول أجنبية للتنقيب والإنتاج، وقالت مصادر في قطاع الطاقة إن بغداد تتطلع لأن تحل شركات من روسيا أو الصين محل إكسون. غير أنه لم يتضح بعد ما هي الشركات التي تتمتع بالقدرة المالية التي تمكنها من خلافة إكسون.

جازبروم

فيما قال المتحدث باسم حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة إن العراق خير شركة جازبروم نفت الروسية بين إلغاء اتفاقات نفطية مع إقليم كردستان شبه المستقل أو الانسحاب من عقدها لتطوير حقل بدرة النفطي، واشترت جازبروم نفت الذراع النفطية لشركة جازبروم التي تحتكر تصدير الغاز الروسي في أغسطس آب حصصا في امتيازين في كردستان بعد خطوات مماثلة من شركات أخرى مثل إكسون وتوتال أثارت غضب الحكومة المركزية في بغداد، وقال المتحدث فيصل عبد الله إن العراق بعث برسالة إلى جازبروم في نهاية أكتوبر تشرين الأول يطلب فيها ردا رسميا على تخييرها بين إلغاء الاتفاقات الموقعة مع حكومة إقليم كردستان أو الانسحاب الكامل من حقل بدرة النفطي، وكانت شركة جازبروم قالت العام الماضي إنها تتوقع أن تبدأ الإنتاج في بدرة بواقع 15 ألف برميل يوميا في أغسطس آب عام 2013، وتقوم الشركة بتطوير الحقل الذي يحتوي على احتياطات تقدر بنحو 100 مليون برميل والواقع قرب الحدود مع إيران مع شركة تباو التركية وكوجاس الكورية الجنوبية وبتروناس الماليزية، ورفض الكسندر ديوكوف رئيس العمليات في جازبرم نفت التعليق في هذا الصدد. بحسب رويترز.

شركة تركية

من جهة أخرى قال مسؤولون من قطاع الطاقة إن تركيا سترفض طلب إحدى الشركات استيراد الغاز الطبيعي من شمال العراق لعدم تقديمها اتفاق الشراء اللازم في الوقت المحدد له بسبب التوترات السياسية، وكانت شركة سياهكاليم التركية المحدودة قدمت طلبا إلى الهيئة التنظيمية لسوق الطاقة التركية لاستيراد غاز بين عامي 2014 و2033 على أن تبدأ باستيراد 700 مليون متر مكعب سنويا ثم يرتفع حجم الواردات إلى 3.2 مليار متر مكعب سنويا، وقال المسؤولون إنه كان ينبغي على الشركة تقديم اتفاق شراء إلى هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية في غضون 90 يوما بعد أن قضت الهيئة بقبول الطلب في بادئ الأمر. بحسب رويترز.

وقال أحد مسؤولي الطاقة التركية "التطورات السياسية الجارية بين تركيا والعراق وبين الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق الشمالي كان لها تأثير في عدم الحصول على الاتفاق"، وبموجب اللوائح الخاصة بالحصول على ترخيص استيراد الغاز الطبيعي في تركيا يتعين على الشركات تقديم عقد بين الدولة المصدرة والشركة يثبت أنه سيتم نقل الغاز، وذكرت مصادر قريبة من سياهكاليم أن الشركة طلبت وقتا إضافيا من هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية لكن الهيئة لم ترد حتى الآن وأن العملية ما زالت مستمرة.

صفقات طويلة الأجل

من جانب آخر قالت مصادر نفطية إن العراق يسعى جاهدا لإيجاد مشترين لكامل إنتاجه النفطي في عام 2013 وإبرام عقود طويلة الأجل حيث تشتكي شركات التكرير الأجنبية من الأسعار المرتفعة ودرجات الجودة المتغيرة لصادرات النفط الخام من العراق الذي يشهد نموا سريعا، وتظهر صعوبة المفاوضات لإبرام عقود بين شركة تسويق النفط العراقية (سومو) ومشترين من آسيا وأوروبا والولايات المتحدة أن سوق النفط العالمية تتمتع بامدادات معروض كافية رغم هبوط صادرات النفط الإيرانية، وقال مصدر نفطي طلب عدم الكشف عن هويته "يأمل العراق في بيع كميات أكبر لكن لا أعتقد أنهم حققوا نجاحا بعد"، ويتوسع العراق سريعا في طاقته التصديرية مستخدما الخبرة والاستثمارت الأجنبية بعد العقوبات على الدكتاتور السابق صدام حسين والغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 للإطاحة به. بحسب رويترز.

وبدأ الإنتاج الجديد يتزايد في الجنوب ووافق إقليم كردستان شبه المستقل على استمرار تدفق إنتاجه في خط الأنابيب العراقي الشمالي، وقالت المصادر إن هناك عوامل تجعل بعض شركات التكرير لا توافق على زيادة الإمدادات في العقود طويلة الأجل لعام 2013 من بينها التغيرات في جودة النفط العراقي والأسعار الرسمية التي يعتقد مشترون بأنها مرتفعة للغاية وإمكانية الحصول على امدادات أرخص من السوق الفورية، وقالت مصادر تجارية ومسؤول عراقي نفطي كبير إن شيفرون من بين هؤلاء الذين يريدون خفض مشترياتهم من العراق العام القادم. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من شيفرون، وقالت المصادر النفطية إن بي.بي البريطانية تسعى أيضا لخفض مشترياتها.

دي.ان.أو

كما اكتشفت شركة النفط النرويجية دي.ان.أو مزيدا من النفط في حقل بينيان في منطقة كردستان العراق لترتفع احتياطياتها المؤكدة والمحتملة لأكثر من مثليها في الحقل الذي تتوقع الشركة أن يصل لطاقته الانتاجية الكاملة في 2014، وقالت دي.ان.أو إنه عثر على عمود نفطي إضافي بطول 210 أمتار في بئر بينيان-3 الواقع في امتياز أربيل الأمر الذي من المتوقع أن يعزز كميات النفط الاجمالية المؤكدة والمحتملة بالحقل إلى ما بين 600 و700 مليون برميل تقريبا من 300 مليون برميل، وقال توم براتلي المتحدث باسم دي.ان.أو "نعمل على خطة موحدة لحقلي بينيان وبستورة ونتوقع الانتهاء من أعمال التطوير في 2014"، وأضاف "نتوقع (إنتاج) بضع عشرات الآلاف من البراميل يوميا. لا يمكننا تحديد المستوى بدقة أكبر الان، وأنتجت الشركة 41 ألفا و545 برميلا من المكافئ النفطي يوميا في الربع الثاني من العام وتعتزم زيادة الانتاج من حقل طاوكي الغني في كردستان إلى 100 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا بنهاية العام الجاري. بحسب رويترز.

وحقل طاوكي هو مصدر النفط الرئيسي لشركة دي.ان.أو، وقال براتلي "سيكون الانتاج كبيرا لكن مستوياته لا تقارن بحقل طاوكي" مضيفا أن نفط بينيان وبستورة أثقل ولذلك يتطلب عددا أكبر من الآبار، وتملك دي.ان.أو التي تنقب عن النفط وتنتجه في العراق واليمن حصة عاملة قدرها 40 بالمئة في امتياز أربيل وهي التي تتولى تشغيله، وارتفع سهم دي.ان.أو 3.6 بالمئة بحلول الساعة 0835 بتوقيت جرينتش متفوقا على مؤشر بورصة أوسلو الذي ارتفع 0.3 بالمئة.

باكستان بتروليوم

في حين وقع العراق عقدا نهائيا للتنقيب عن الغاز مع باكستان بتروليوم في إطار خطة لجذب استثمارات في قطاع الطاقة العراقي بعد سنوات من الإهمال، ويمنح العقد الشركة الباكستانية حق التنقيب عن الغاز في الامتياز 8 الذي يغطي منطقة مساحتها ستة آلاف كيلومتر مربع في محافظتي ديالي وواسط في شرق العراق، ويحوز العراق عاشر أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم ويقول إن الأولوية ستكون لاستخدام الغاز في سد احتياجات السوق المحلية وبشكل رئيسي لتشغيل محطات توليد الكهرباء لكنه ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية التصدير في حال تلبية الاحتياجات الداخلية، وقال أحمد الشماع وكيل وزارة النفط العراقية أثناء مناسبة توقيع العقد إن تطوير الامتياز 8 يمكن أن يكون واعدا للغاية كمصدر للغاز لتغذية محطات توليد الكهرباء في المستقبل وتمهيد الطريق أمام العراق ليكون مصدرا رئيسيا. بحسب رويترز.

وفاز عدد قليل من الشركات العالمية من بينها باكستان بتروليوم وكويت إنرجي ولوك أويل بعقود في مايو آيار في الجولة الرابعة لتراخيص الطاقة في العراق التي اتسمت بضعف الإقبال بسبب شروط العقود الصارمة التي وضعتها بغداد، وقال عاصم خان الرئيس التنفيذي لباكستان بتروليوم للصحفيين في بغداد "نخطط لإنفاق 100 مليون دولار كحد أدنى لبدء أنشطة التنقيب وربما نحتاج استثمارات إضافية بقيمة 400 مليون دولار."

كويت إنرجي

الى ذلك قال مسؤول كبير في قطاع النفط العراقي إن العراق طلب من كويت إنرجي شراء حصة شركة تباو التركية في عقد التنقيب بالمنطقة رقم 9 بعد أن قرر مجلس الوزراء العراقي إبعاد الشركة التركية المملوكة للدولة عن المشروع، وسيجعل ذلك حصة كويت إنرجي في المشروع 70 بالمئة وحصة دراجون أويل 30 بالمئة. وتمتلك تباو حاليا حصة 30 بالمئة في المشروع، وقال عبد المهدي العميدي مدير دائرة التراخيص بوزارة النفط العراقية للصحفيين إن مجلس الوزراء رفض إقرار تباو التركية كشريك، ورفض العميدي ذكر أسباب القرار لكن إبعاد تباو يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات السياسية بين بغداد وأنقرة. بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/تشرين الثاني/2012 - 26/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م