لقد تم طرح السؤال التالي في نهاية مقالة سابقة: هل من حق اي حكومة
سحب وتجريد بعض المواطنين من جنسياتهم الاصلية لمجرد المطالبة بالإصلاح
ومحاربة الفساد أو نقد ومعارضة سياسة السلطة الحاكمة، أم الجنسية
الاصلية لا تسحب لأنها تؤكد على اصالة وانتماء اي مواطن الى اصله الى
تلك البقعة من الارض قبل تقسيم المنطقة الجغرافية حسب الحدود الحالية
وتأسيس الدول الحديثة ووجود حكومات حديثة العهد وانبثاق قوانين الجنسية
المفصلة حسب مزاج النظام الحاكم الحالي؟.
من البديهي في الدول التي تحترم مواطنيها وتشعر انها تمثل الارادة
الشعبية وتطبق الدستور المنبثق من قبل الشعب مباشرة، وان مصيرها بيد
الشعب لا يتم سحب الجنسية من اي مواطن. اما في دول الانظمة المتغطرسة
الغارقة في الفساد فالوضع مختلف لانها - بمثابة الاله - تفصل الدستور
حسب مزاجها وتعطي الجنسية لمن تريد وتسحبها ممن تريد ولو كان المواطن
جذور وجوده في الوطن أقدم وهو اكثر محبة واخلاصا لوطنه. انها انظمة
تعتبر نفسها هي الوطن وهي القانون بل فوق القانون، بل اله للبلاد
والعباد!!.
هناك انظمة تقوم بسحب الجنسية من مواطنيها بحجة الاضرار بالوطن –
وحتما المقصود هنا بالوطن والقانون في الحقيقة هو النظام الحاكم -.
ولكن من يحدد ماهية الضرر على الوطن وحقيقة وقوعه، وايهما اشد ضررا
وخطرا على الوطن والمواطنين، هل هو النظام الفاسد - الاستبدادي
والدكتاتوري والقمعي البوليسي المستعد ان ينكل بجميع من يعارض سياسته،
سياسته القائمة على استغلال البلد وكأنه ملكه الخاص، وتوزيع مناصب
الدولة على عائلته وحاشيته، وتوزيع الولاء للمواطنين حسب خضوعهم لسلطته،
وسحب الجنسية ممن يخالفه وتجنيس من يريد وتوظيفهم في السلك الامني
لحماية نظامه من المواطنين الاصليين، نظام غير انتخابي يواجه حملة
شعبية رافضة لمنهجه -، اما المواطن الشريف الصالح الذي يريد العدالة
والعزة والكرامة والمساواة بين المواطنين والحرية تسود في بلاده، وان
يكون النظام منتخبا من قبل الشعب مباشرة ؟.
وهل كل مواطن شريف يخرج للمطالبة بالعدالة والاصلاح ومحاربة الفساد
والظلم بطريقة سلمية يصنف بانه مضر بالوطن يجب سحب الجنسية منه ؟!.
ان المواطنة انتماء بالروح والدم والاستعداد التام للتضحية وتقديم
كل شي من اجل بنائه وتطوره، ومنها محاربة الظلم والفساد والاستغلال
لخيرات الوطن وتعريض اللحمة الوطنية للتفتيت والانقسام وتعريض الوطن
للمخاطر..، وليست المواطنة جنسية تمنح من قبل النظام ومن مؤسساتية يحدد
من يريد ومن لا يريد ان يكون مواطنا؛.. فالوطن والمواطنة فوق النظام
ومؤسساتهم الفاسدة.
ان سحب الجنسية عمن يطالب بالعدالة والدفاع عن حقوق المواطنين وبناء
الوطن الديمقراطي الحر، هو ارهاب جديد من قبل الانظمة لزرع الخوف ومنع
المواطنين الشرفاء من مواصلة المطالبة بحقوقهم الوطنية، وهو دليل على
الافلاس السياسي لتلك الانظمة التي تشعر بالرعب من أرتفاع صوت مطالب
شعوبها بان تكون شريكة في الوطن وليست مجرد لعبة بيد نظام فاقد للحكمة
في معالجة امور البلد، لدرجة اصبح الوطن والمواطنين في خطر.
.. لا يمكن لأي نظام يحكم حسب دستور شعبي ان يسحب جنسية مواطن صوت
على الدستور مهما فعل..، واذا ارتكب عملا ما فيجب ان يقدم الى المحكمة
لتحقيق والتحقق من ذلك العمل ومحاكمته اذا ثبت خطأه في ظل سلطة قضائية
عادلة مستقلة عن السلطة التنفيذية الحكومة، وحسب الدستور المنبثق من
ارادة شعبية مباشرة، وليس حسب مزاج النظام الحاكم.
سؤال يبحث عن اجابة: اذا قام نظام بأعمال منافية للعدالة منها
استغلال السلطة، ونهب خيرات الوطن، والاعتقال والتعذيب والقتل ... بحق
المواطنين، هل سيتم محاسبته وستسحب منه الجنسية؟. |