مدن العالم... أفضليات البحث عن سبل الرفاهية

 

شبكة النبأ: تواصل الكثير من الجهات والمؤسسات المدنية والحكومية والإعلامية اهتمامها المتزايد بواقع المدن وتطويرها من خلال إعداد البحوث والدراسات في سبيل الوصول الى نتائج مهمة يمكن ان تسهم بتحسين سبل العيش في تلك المدن، ويرى الكثير من المراقبين ان تلك الجهود ستسهم بتشخيص العديد من النقاط سواء كانت ايجابية او سلبية وهو ما سيسهل للكثير من الحكومات تحديد مواقع الخلل والعمل على معالجتها، وغي هذا الشأن فقد أجرت وحدة الأبحاث في مجلة الايكونوميست البريطانية مسحا عن المدن التي توفر افضل ظروف المعيشة لسكانها، وشمل 140 مدينة في مختلف قارات العالم. وتصدرت مدينة ميلبورن الاسترالية قائمة المدن والعواصم العالمية التي توفر أفضل ظروف الحياة لسكانها حسب هذه الدراسة. وجاءت العاصمة النمساوية فيينا في المرتبة الثانية بينما احتلت العاصمة البريطانية لندن المرتبة 53 من بين 140 مدينة تتوزع عبر القارات الخمس.

ولم تتمكن العديد من المدن الاوروبية والامريكية من مجاراة نظيراتها الاسترالية والكندية التي احتلت سبع مواقع ضمن المدن العشر الاولى من الترتيب. واعتمدت الدراسة خمس مجالات لقياس مدى ظروف الحياة الجيدة التي تقدمها تلك المدن، وهي الاستقرار، ومدى توافر الخدمات الصحية في مستشفياتها، إضافة الى مدى إشعاعها الثقافي ونوعية بيئتها، ومستوى التعليم فيها، ومستوى البنية التحتية القائمة فيها. وعزت الدراسة فشل العديد من المدن الأوروبية في احتلال مراتب متقدمة للأزمة المالية والاقتصادية التي تخيم على القارة منذ ثلاث سنوات.

وفيما استثنت الدراسة كلا من بغداد وكابل بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة فيهما، استنتجت في الوقت نفسه أن مدنا مثل داكا في بنغلاديش، ولاغوس في نيجيريا، وهراري في زيمبابوي، وكراتشي في باكستان والجزائر العاصمة لا تستجيب للمعايير الخمسة واحتلت هذه المدن المراتب الأخيرة الى جانب العاصمة السورية دمشق. اما أفضل المدن العربية، حسب هذا التصنيف، فقد كانت ابو ظبي، تليها عدة مدن خليجية، مثل المنامة والدوحة والكويت ودبي، وان كانت كل هذه المدن في مرتبة متوسطة مقارنة بباقي المدن التي شملها الإحصاء.

أكثر المدن غلاء

في السياق ذاته أظهرت دراسة أن أوسلو هي المدينة الأكثر غلاء في العالم وتليها زوريخ ثم طوكيو لكن سكان زوريخ المركز المالي السويسري هم أصحاب أكبر قوة شرائية في العالم. وكشف المسح السنوي الذي يجريه بنك يو.بي.إس السويسري ويشمل 72 مدينة أن زوريخ التي فيها مقر البنك هي المدينة الأولى في العالم من حيث متوسط الأجور والقوة الشرائية.

ودرس المسح أسعار سلة من 122 سلعة وخدمة بعد تعديلها لأخذ تقلبات سعر الصرف في الحسبان. وتم حساب مؤشر تكلفة المعيشة بقسمة أسعار السلع على متوسط صافي الأجر في الساعة في 15 قطاعا. وقالت الدراسة "في طوكيو تحتاج للعمل تسع دقائق لتكسب ما يكفي لشراء (شطيرة همبرجر) بيج ماك بينما في نيروبي تحتاج 84 دقيقة."

ويحتاج سكان زوريخ للعمل 13 دقيقة لشراء الشطيرة لكن السلع الأخرى في المدينة السويسرية أرخص نسبيا من نظيراتها في طوكيو مما يجعلها في صدارة مؤشر القوة الشرائية. وقال يو.بي.إس "العاملون في زوريخ يمكنهم شراء آي فون بعد العمل لمدة 22 ساعة بينما في مانيلا يحتاجون للعمل نحو 20 ضعف هذه المدة." بحسب رويترز.

وعلى العاملين أن يكدحوا 42 دقيقة في اسطنبول لشراء شطيرة بيج ماك و29 دقيقة في شنغهاي بينما يتطلب الأمر عشر دقائق فقط في نيويورك وهونج كونج. وأقل المدن في تكاليف المعيشة هي دلهي ومومباي. وجاءت نيويورك في المرتبة السادسة من حيث الغلاء بينما حلت موسكو في المرتبة الأربعين وشنغهاي في التاسعة والأربعين. ودرس المسح أيضا ساعات العمل ووجد أن أقصرها في باريس وليون وكوبنهاجن بينما كان أطولها في آسيا وافريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية إذ يكدح العاملون هناك أكثر من 2000 ساعة سنويا.

قرارات خاصة

على صعيد متصل أطلقت مدينة بريستول البريطانية عملة خاصة بهافي إطار مبادرة تهدف إلى الحفاظ على التجارة في المدينة، وتأمل أن تحقق عوائد كبيرة. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن أكثر من 350 شركة في المدينة دعمت المبادرة، مما جعلها أكبر بديل عن الجنيه الاسترليني في المملكة المتحدة. وأضافت أن جنيه بريستول يختلف عن العملات الورقية ويمكن استخدامه عبر شبكة الإنترنت وحتى عن طريق الهاتف المحمول، ويهدف إلى مساعدة التجّار المحليين من خلال إصدار نقود لاستخدامها من قبل الزبائن في مخازنهم فقط، مقابل قيامها بشراء مخزونها من الموردين المحليين، أو دفع رسوم مقدارها 3% لتحويل جنيه بريستول إلى الجنيه الاسترليني.

وأشارت (بي بي سي) إلى أن مدينة بريستول لها تاريخ ناصع من التفكير المستقل، وتملك الكثير من المخازن التجارية المؤيدة لاستخدام الموردين المحليين، والتي صارت تعلم الآن بأن قبول جنيه بريستول يلزمها بشراء احتياجاتها من الموردين المحليين أو دفع غرامة.

ونسبت إلى سيران موندي، صاحب فكرة جنيه بريستول، قوله إن "إبقاء المال في المدينة بدلاً من تداوله في النظام المالي العالمي سيمكننا من الاحتفاظ بأكبر كمية منه تعمل في المدينة". وأضاف موندي "نأمل أن نجني قريباً من وراء المشروع عوائد تصل إلى 6 ملايين جنيه استرليني وتجاوز هذا الرقم في العام المقبل، ولدينا طموحات كبيرة بشأن فوائد جنيه بريستول". بحسب يونايتد برس.

في السياق ذاته تخطط سلطات مدينة برامبتون الكندية لمنع الناس من نشر ثيابهم في حدائق المنازل الأمامية. وذكرت صحيفة برامبتون غارديان الكندية، أن أعضاء مجلس المدينة طرحوا المسألة خلال العام الماضي، لأول مرة، وطلبوا من طاقم بحث دراسة مسألة نشر الثياب على الحبال في الحدائق. وقد رد طاقم البحث بالقول إنها لا تشكل في الواقع مشكلة، سوى أن بعض الشكاوى قدّمت منذ عام ،2009 أغلبها يتعلق بنشر الثياب على الأسوار والأسيجة. واستطلع الباحثون قوانين 14 بلدية أخرى، ووجدوا أن واحداً منها ليس لديه أنظمة داخلية بشأن نشر الغسيل. لكن بغض النظر عن هذه النتائج، فقد طلب أعضاء مجلس مدينة برامبتون من الطاقم مواصلة العمل على إعداد مسوّدة تمنع هذا الفعل. وقال عضو المجلس جون هوتون إنه لا ينبغي للسكان رؤية ثياب جيرانهم الداخلية معلّقة على الأسوار.

من جهتها اعلنت بلدية نيويورك عن بناء اكبر عجلة في العالم قريبا على ستايتن ايلاند متجاوزة بكثير حجم عجلة لندن وتلك الموجودة في سنغافورة وهي الأعلى راهنا. والعجلة الجديدة يبلغ ارتفاعها 190 مترا ويفترض ان ينجز بناؤها في العام 2014 وان تفتح ابوابها امام الجمهور في 2015. وتتضمن 36 سلة يمكن لكل واحدة منها استقبال 40 راكبا. وتبلغ سعة العجلة الاجمالية 1440 شخصا.

وقال مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويورك في بيان "عجلة نيويورك ستكون فريدة من نوعها ولن تشبه اي عجلة اخرى في العالم. ستوفر منظرا يخطف الانفاس ومن المؤكد انها ستتحول الى احد مواقع الجذب الرئيسية في نيويورك". وستبلغ كلفة بناء العجلة 230 مليون دولار وستكون جزءا من مجمع فندقي وتجاري شاسع. وكانت البلدية قدمت خطة بقيمة 480 مليون دولار لاعادة تأهيل الواجهة البحرية في ستايتن ايلاند (احدى خمس دوائر في نيويورك جنوب مانهاتن) وتحويلها الى قطب سياحي وتجاري. بحسب فرنس برس.

وتتوقع البلدية 30 الف زائر للعجلة في اليوم خلال الموسم السياحي و4,5 ملايين شخص في السنة. وهذا العدد يتجاوز بمليون شخص زوار العجلة الكبيرة في لندن المعروفة باسم "لندن آي" التي بنيت العام 1999 ويبلغ ارتفاعها 135 مترا. وستبني عجلة نيويورك شركة "ستارنيث" التي بنت عجلة لندن.

في السياق ذاته قال مصدر مطلع إن مبنى ادمرالتي آرك التاريخي في لندن سيحول إلى فندق بعد ان اشتراه المستثمر الاسباني رافائيل سيرانو مقابل حوالي 60 مليون استرليني (96 مليون دولار). ويأتي بيع المبنى الذي بني قبل 100 عام ضمن موجة صفقات متوقعة ستتخلص فيها الحكومة البريطانية من ممتلكات عقارية في أطار مسعى لخفض النفقات. بحسب رويترز.

وتجتذب سوق العقارات في لندن المستثمرين في جنوب أوروبا لما تتمتع بها من مزايا تجعلها أداة استثمارية أمنة. ومن بين مشاريع سيرانو السابقة في لندن فندق بولجاري الفاخر في نايتسبردج. ووقعت شركة اليجرا يوروبين هولدينجز العقارية الاسبانية عقدا في اغسطس آب الماضي لشراء مبنى يضم مقر شركة شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك في لندن مقابل حوالي 60 مليون استرليني. ويقع مبنى ادمرالتي آرك على الطرف الاخر لطريق ذي مول المؤدي إلى قصر بكنجهام وكان مقرا لقسم شؤون مكتب رئاسة الوزراء. وشيد الملك إدوارد السابع المبنى تخليدا لوالدته الملكة فكتوريا.

الدراجة الهوائية

من جهة أخرى وفي شوارع هونغ كونغ المزدحمة، ترتفع أصوات أبواق السيارات بينما تقل سيارات الأجرة الحمراء والباصات الضخمة والحافلات الصغيرة الناس من مقر عملهم وإليه... لكن شيئا واحدا ينقص في هذا المشهد وهو الدراجات الهوائية. فقد اعتمدت مدن كثيرة في العالم الدراجات الهوائية كوسيلة نقل غير مكلفة وصحية وصديقة للبيئة، وأعلنت نيويورك مؤخرا عن مشروع لتشارك الدراجات.

لكن الوضع مختلف في هونغ كونغ حيث تعتبر الحكومة الدراجات الهوائية نشاطا ترفيهيا وليس وسيلة نقل وترفض تشجيع التنقل على متن الدراجات الهوائية في المناطق المدينية المزدحمة بسبب خطر الحوادث. إلا أن رئيس تحالف الدراجات الهوائية في هونغ كونغ، مارتن ترنر، يرى أن الوقت قد حان كي تعتمد المدينة وسيلة النقل هذه.

ويقول "هونغ كونغ بحاجة إلى الدراجات الهوائية. فنحن نعاني من زحمة سير خانقة وتلوث الهواء ومشاكل صحية، والدراجات الهوائية هي الحل لتلك المشاكل كلها". ويضيف "لكن هناك جمود بيروقراطي. فالخطة الموضوعة لوسائل النقل تقوم على القطارات والباصات ولم تأخذ يوما الدراجات الهوائية في الحسبان".

وقد تكون هونغ كونغ أسوأ مدينة بالنسبة إلى راكبي الدراجات الهوائية. فقد ارتفع عدد الدراجين الذين قتلوا في هونغ كونغ من 10 سنة 2010 إلى 19 السنة الماضية، بحسب الشرطة، وازداد عدد حوادث الدراجات الهوائية من 1914 إلى 2348 حادثا في الفترة عينها. ومن الأسباب التي تفسر ذلك هو أن السائقين غير معتادين على تشارك الطريق مع راكبي الدراجات الهوائية. وتعتبر وزارة النقل أن زحمة السير خانقة في هونغ كونغ والمساحات على الطرقات محدودة، لا تشجع الحكومة استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة للنقل في المدن لاعتبارات تتعلق بالسلامة على الطرقات". بحسب فرنس برس.

ويرى مارتن ترنر أن هونغ كونغ ليست حالة استثنائية لأن الكثير من المدن التي تعتمد الدراجات الهوائية كوسيلة للنقل تعاني من زحمة سير ومن التلوث والحر. ويقول "إنها مسألة سياسات وتنسيق وتخطيط وتوعية. وإن كان العالم يتطور ويروج الدراجات الهوائية في المدن ويحسن نوعية حياة السكان، فنحن أيضا يمكننا ذلك".

مئة عام

الى جانب ذلك يظهر راجي زيدان رئيس بلدية مدينة بيت جالا في الضفة الغربية فرمانا عثمانيا عمره مائة عام، ليدلل من خلاله على عراقة بلدته التي تأسست فيها اول مدرسة للبنات في فلسطين واول كلية جامعية، فاستحقت ان تكون أول بلدية فلسطينية. والفرمان مكتوب بلغة تركية بأحرف عربية، وقال راجي زيدان " عندما زارنا السفير التركي لم يستطع قراءة الفرمان لأنه مكتوب بأحرف عربية." وفي غرفة رئيس البلدية صفت على الجدار الغرفة صور لخمسة عشر رئيسا لبلدية بيت جالا تعاقبوا عليها منذ العام 1912، ابتداء من سالم ابو السبل، الذي يبدو كشيخ جليل بقنبازه الابيض ولحيته، ومن ثم تتوالى صور اخلافه الذين يظهرون على التوالي مع قنباز وعمامة، ثم قنباز وطربوش، ثم قنباز وكوفية وعقال، ثم في ملابس حديثة.

ومدينة بيت جالا الجبلية من المدن المسيحية الرئيسية في الضفة الغربية، وهي توأم لمدينة بيت لحم وامتداها للغرب، وترتفع عن سطح البحر 850 مترا، ومساحة اراضيها 14500 دونما..وقد صادرت منها اسرائيل الاف الدونمات لتبني مستوطنة هار غيلو، واعتبرتها بلدية القدس ضمن أحياءها. وبدأت مدينة بيت جالا الخميس والجمعة احتفالات رسمية وشعبية من المقرر ان تستمر حتى نهاية العام، وفقا لراجي زيدان.

وقال رئيس البلدية "ان مدينة بيت جالا مدينة مؤسسات فقد استحقت ان تكون بلدية، بسبب مؤسساتها الكبيرة والكثيرة التي تواجدت فيها منذ القرن التاسع عشر". فقد شيدت في بيت جالا اول كلية جامعية في فلسطين، والمعهد الاكليري الذي تخرج منه كل بطاركة القدس الكاثوليك ومنهم البطريرك ميشال صباح والبطريرك فؤاد طوال، وفقا لزيدان.

واضاف زيدان "فيها ايضا اول مدرسة بنات في فلسطين شيدت العام 1870، وهي تعرف بالمدرسة الموسكوبية وقد شيدها الروس، وفيها كنيسة العذراء التي بنيت قبل 150 عاما، اضافة الى جمعيات ومؤسسات تعنى بشؤون المراة والطفل". وتصارع بيت جالا مثل باقي المدن الفلسطينية للحفاظ على اراضيها من قضم الجدار الاسرائيلي الفاصل. وقد طالت الهجرة بيت جالا كما طالت غيرها من المدن المسيحية.

وقال راجي زيدان "ان الفقر والاوضاع الاقتصادية في الفترة العثمانية جعلت الناس تهاجر، فهاجر اول فلسطيني من بيت جالا عام 1860 وتبعته عائلات كاملة" مشيرا الى وجود الالاف من ابناء المدينة في تشيلي وهندوراس والبيرو وغيرها، فيما لا يزيد عدد سكانها اليوم عن 17 الفا. وقال الكاتب والشاعر خليل توما من مدينة بيت جالا "من الصعب ايقاف الهجرة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وعدم وجود افق للمستقبل امام الشباب، اضافة الى عدم حرية الحركة، فقد كانت الناس تذهب للعمل في القدس، اما الان فالحركة معدومة". وأضاف توما "للأسف لا يوجد ثقافة وتوعية حول خطورة الهجرة التي تشكل خطرا على وجودنا كفلسطينين وكمسيحيين". بحسب فرنس برس.

ومضى يقول كانت حركة المدينة بمهرجانها الاحتفالي جميل جدا، وردت لها الروح، فقد تضررت بيت جالا وعانت خلال فترة الانتفاضة جراء القصف الاسرائيلي بما فيه الكفاية، وتضرر فيها نحو 200 بيت". اما مسؤولة مسرح الحارة مارينا برهم التي يشارك مسرحها بفاعلية في المهرجان، فقالت لوكالة فرانس برس "لقد حضرنا للمهرجان منذ ستة اشهر بالتعاون مع البلدية، حضرنا العابا ودمى وسيرك تستحق هذه المدينة ان نعطيها الفرحة والبهجة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تشرين الثاني/2012 - 23/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م