(مدد يا أم هاشم)... عن المد الشيعي في مصر

متابعة: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: جلسوا والخوف بأعينهم، يا شيخنا ماذا نفعل؟ هل التشيع علينا هو المكتوب؟ قال: يا شعب مصر لا تحزن، سنقف لهم بالمرصاد، الذبح على الشيعة هو المكتوب.

حين قتل بن لادن استهجن علماء المسلمين السنة طريقة قتله ودفنه، وكان قاب قوسين او ادنى من ان يصبح شهيد الاسلام والمسلمين في نظر معظم المسلمين علماء ومتعلمين.

لا نستغرب ذلك لو حدث بعد سنوات ان يمنح بن لادن وسام الاستشهاد من الدرجة الاولى، ويكون في علّيين هو وغيره من جهاديي العصر الحديث، عدم الاستغراب له ادلة من ماض قريب جدا، فالزرقاوي اصبح شهيدا، وصدام حسين حاز تلك المرتبة العظيمة، وهو الان بين يدي رب رؤوف رحيم.

ماذا لو كان صدام حسين شيعيا؟ سؤال اطرحه على نفسي كثيرا، وهو سؤال من المحال الاستمرار في طرحه، لسبب بسيط وهو انه لم يكن بقي في حكمه طيلة تلك العقود، لسبب بسيط ايضا، لأنه سيكون خارجا عن الملة، وكل خارج عليها لا يحق له البقاء.

ولو افترضنا انه بقي بقدرة القادر الامريكي والسعودي والعربي، وشهدنا فصول محاكمته، كنا سنقرأ كثيرا ان القران الذي كان يحمله بين يديه هو قران فاطمة، وان الوثائق التي تأخذ بالتكشف ستثبت ان صدام حسين كان ابن زواج متعة، الى غيره من افتراضات تجيب على اسئلة مفترضة، هي الى الاستحالة اقرب.

استبشرت الشعوب العربية خيرا وفيرا بالربيع العربي، وهو مصطلح صكّته الجزيرة واخواتها في الفضاء الاعلامي العربي، وغابت عن المشهد في البداية طبيعة الدول الداعمة لهذا الربيع، وطبيعة انظمتها السياسية، ولكن ذلك لم يستمر طويلا، لتتكشف بالتالي القوى الداعمة لهذا الربيع وطبيعة الانظمة الحاكمة فيه، وعلى راسها السعودية وقطر وتركيا.

لا يختلف عاقلان حول التوجه الوهابي لنظام الحكم السعودي، ولا يختلف عاقلان ايضا حول الدعم القطري للإخوان المسلمين، ولا يختلف عاقلان ايضا حول التوجهات العثمانية الجديدة لحكام تركيا الأتاتوركية.

مثلث تشكل من هذه الدول الثلاث وكل حسب دوره المرسوم له، دور يراد له ان يخدم هذه التوجهات الجديدة لشرق اوسط تتصارع فيه الهويات القاتلة(الاثنية – القومية – الطائفية)، والارهاصات بدأت في تونس، واشتعل اوارها في سوريا، مرورا بليبيا ومصر.

في تونس اتهمت ما اطلقت على نفسها اسم الرابطة التونسية لمناهضة المد الشيعي (غير حكومية) المركز الثقافي الايراني التابع لسفارة إيران بتونس بنشر المذهب الشيعي في تونس وطالبت الحكومة بإغلاقه "فورا" كما احجمت الحكومة التونسية عن منح الترخيص للجمعيات الشيعية ضغطاً من جماعات سلفية وهابية.

وقال أحمد بن حسانة رئيس هذه الرابطة المثيرة للجدل "ندعو الحكومة إلى الإسراع فورا بغلق المركز الثقافي الإيراني الذي يعمل على نشر المذهب الشيعي في تونس ضمن مخطط محكم (..) وإلى إيقاف كل البرامج الحكومية المشتركة بين تونس وإيران في مجالي التبادل الثقافي والتعليمي".

ولم يقف بن حسانه عند هذا الحد حيث حرض وزير الداخلية التونسي حبيب الصيد على الامتناع عن منح التأشيرة القانونية لمجموعة من المتشيعين التونسيين الذين تقدموا في وقت سابق بمطلب في تكوين جمعية تسمى جمعية المودة الثقافية الشيعية.

وتأتي كل هذه المحاولات في الوقت الذي يرى عبد الحفيظ اللبناني أحد المتشيعين الذي اعتنق المذهب الشيعي بعد دراسات معمقة،  ان المذهب الشيعي، أصيل في تونس وليس دخيلاً عليها وموجود منذ القرن الأول الهجري ويقول "وجد الباحثون والمدققون أن المذهب الاثني عشري كان اسبق من الشيعي الإسماعيلي في الوصول إلى بلادنا وأبو الضياف يرى ان حب أهل البيت (ع) هو ديدن سائر سكان تونس". ويضيف "وجدت في (المذهب الشيعي) الإسلام الحقيقي الصافي النقي، باقي المذاهب لا تمثل الإسلام الا بنسبة مئوية معينة".

في ليبيا نسمع الكثير من التحذير من هذا المد الشيعي، وهو كثيرا ما يتم ربطه بإيران، التي اصبحت هاجسا للدول العربية اكبر من الهاجس الاسرائيلي ايام القوميين العرب.

في سوريا تم الاعلان عن التوجهات الطائفية اعلانا صريحا، فالنظام علوي وهو يبيد اهل السنة.

مصر هذه الايام تنشغل بما تم التعارف عليه في الادبيات الحديثة للغة المشايخ والعلماء بالمد الشيعي، وهو مصطلح يطلق على ظاهرة انتشار الشيعة وتزايد أعدادهم في البلدان ذات أغلبية تتبع المذهب السني كالأردن أو المغرب.

بالرغم من نشأته الشيعية ايام الفاطميين، ليصبح في عهد صلاح الدين الأيوبي، معقلاً لأهل السنة والجماعة إلى وقتنا الحالي، قام الأزهر، لأول مرة في تاريخه منذ نشأته، بتنظيم محاضرات لمواجهة (المدّ الشيعي) مما يراه البعض أنه مخالف لمنهج الأزهر.

تلك المحاضرات جاءت بناءً على توصية من لجنة مواجهة (المد الشيعي)، التي شكلها الأزهر بعد لقائه بالسلفيين والإخوان والصوفية.

تلك المحاضرات تناولت موضوعات مختلفة عن الشيعة، ولكن المشترك الرئيسي، كان قضية (سب الصحابة - وأمهات المؤمنين - والتقية - والعصمة – ونكاح المتعة - والولاية - وتحريف القرآن).

المحاضرات ركزت على جملة نقاط وتوصيفات هي كالتالي: الشيعة هم أهل لا إله إلا الله - الوقوف بوجه المد الشيعي هو الحفاظ على وحدة الأمة والمجتمع، حتى نوقف هذه الفتنة - الشيعة مذهب من مذاهب المسلمين، لكن إشاعته معناه نشر الفرقة والانقسام - ليس دقيقاً أن الشيعة يسبون الصحابة، ولكن يؤخذ عليهم هو تكفير الصحابة - نكاح المتعة – زيادة بعض الكلمات في الآذان - القرآن محرف - طعن الشيعة في الصحابة مثل أبى بكر وعمر وعثمان كارثة من الكوارث - تغلغل الشيعة الرافضة بالمرض المعاصر، والذى يعد أخطر من مرض السرطان.

وكل تلك التوصيفات هي قديمة قدم المذهب الشيعي ولا شيء جديد فيها.. وهي ان دلت على شيء فإنما تدل على هذا الجهل المطبق لكثير من العلماء والمفكرين السنة بأبسط المصادر والمراجع التاريخية وهي في اغلبها الاعم، سنية الانتماء.

لم يتداع علماء السنة يوما لتأسيس جمعيات لمناهضة المد الوهابي، لان هذا المد مبسوط اليد بالريال والدولار او بالأحزمة الناسفة، ثم هو من نفس العائلة المذهبية المباركة، وهو غصن من اغصان الدوحة السنية، التي تترحم على القاتل وتساويه بالمقتول.

وحده المذهب الشيعي ملعون وخارج النظم العائلية المذهبية الاسلامية، ثم اي اسلام يتحدثون عنه؟ وهو الذي يساوي بين علي ومعاوية، وبين يزيد والحسين، وبين الحجاج وسعيد بن جبير، وبين عمرو بن العاص وابو ذر الغفاري؟

مؤكد ستنشأ على اعتاب الربيع السلفي والإخواني وربما الوهابي الكثير من المنظمات والهيئات حول الدفاع عن ارضاع الكبير، وحول فوائد بول الحمير والبعير، وحول زواج المسيار والشاطيء والرمل افضل من زواج المتعة، والصلاة خير من النوم توقيف الهي، والقتلة والمجرمون عباد الله المخلصون، وغيرها كثير مما سيضحك منه المتفرجون من غربيين وشرقيين، ينظرون الى امة الاسلام بهذه السخرية والاستهزاء.. هل نلومهم؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/تشرين الثاني/2012 - 19/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م