شبكة النبأ: يروي المدونون من كل
أنحاء العالم، بأقلامهم وبوسائل التعبير الحديثة كالانترنت (مواقع
التواصل الاجتماعي) وحس النقد، أكثر الأحداث مأسوية سواء كانت حقوقية،
إنسانية اجتماعية، كالتي شهدتها الثورات العربية، في مصر والبحرين
وليبيا وسوريا، إذ أن المدونة الساخرة او نقدية التي تنتقد المسئولين
أو الزعماء، باتت اليوم بمثابة وجبة يومية لدى كثير من القراء في الوطن
العربي.
لكن على الرغم من ذلك، مازالت السلطات الشمولية تشدد قبضتها على
مدونات الكتاب، التي لها تأثير فعال ودور كبير على الشعوب، باعتبارها
فسحة كبيرة للتعبير عن معاناة الناس وهمومهم والخروج من حالات الكبت
التي تفرضه معظم الحكومات الاستبدادية المهيمنة على دولهم، من خلال وضع
خطوط حمراء جديدة لتقيدهم، وانتهاكات لحرية التعبير، فقد زادت حدة
الهجمات التي تعرضت لها حرية التعبير في الآونة الأخيرة، مما أثار قلقا
كبيرا اثر الممارسات الإجرامية و الانتهاكات الصارخة بحقوق المدونين
العرب من خلال الاعتقال والملاحقة وسوء المعاملة والقمع المتواصل
لأسباب واهية، فلم تكتف سلطات الأنظمة الشمولية بوسائل الرقابة والقمع
المتعارف عليها في هذا الميدان، من خلال حبس تقييد وحبس حرية التعبير
بشكل مباشر أو غير مباشر، فرض سيطرة الدولة بالرقابة الذاتية، واستخدام
وسائل التحكم؛ كالاحتواء، والاحتجاز، التي لا تزال تمارس على نطاق واسع
في كثير من الدول العربية، إذ أنها تقف عند هذا الحد بل ابتدعت أساليب
جديدة لتمويه شعوبها، بأن هناك حرية إعلامية، من خلال تعبئة الرأي
العام وتجنيدهم بواسطة قادة الرأي، وهذا يضع حرية الصحافة والتعبير في
العالم العربي على فوهة الهاوية، في ظل عدم توفير الدعم القانوني لكل
ضحايا انتهاكات حرية الرأي والتعبير والفكر والإبداع في العالم العربي.
البحرين
فقد قالت وكالة أنباء البحرين إن السلطات احتجزت أربعة رجال
لاتهامهم بإهانة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على موقع تويتر، وقال محمد
المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان إن الأربعة وهم في
العشرينات من العمر احتجزوا بعد أن صادرت قوات الأمن أجهزة الكمبيوتر
الخاصة بهم ومعدات الكترونية أخرى، ويمثل انتقاد الملك حمد وأفراد
العائلة المالكة خطا أحمر في البحرين، وقالت الوكالة نقلا عن رئيس
النيابة أحمد بوجيري إن النيابة العامة استجوبت الأربعة ووجهت لهم تهمة
إهانة ملك البلاد على حساباتهم الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي،
وأضاف أن المتهمين الذين تقرر حبسهم على ذمة التحقيق سيواجهون محاكمة
جنائية عاجلة، وشهدت البحرين اضطرابات سياسية منذ اندلاع المظاهرات
المطالبة بالديمقراطية التي قادها الشيعة في العام الماضي وأخمدتها
السلطات، وقد سجنت زينب الخواجة وهي ابنة ناشط بحريني سجين لإتلافهما
ممتلكات عامة في مركز للشرطة بينها صورة للملك حمد، وقال محامي زينب إن
الحكم صدر ضدها لتمزيقها صورة للملك. بحسب رويترز.
وفي يوليو تموز حكم على النشط البارز نبيل رجب بالسجن ثلاثة أشهر
بسبب تغريدة على تويتر تنتقد رئيس الوزراء وهو من العائلة المالكة قالت
المحكمة إنها أهانت كل البحرينيين. وتمت تبرئته لاحقا بعد استئناف
الحكم، وفرضت العائلة المالكة الأحكام العرفية واستعانت بدول خليجية
لإخماد انتفاضة العام الماضي لكن الاضطرابات تواصلت، ويشتبك محتجون مع
الشرطة بشكل شبه يومي ودعت واشنطن حليفتها إلى إجراء محادثات مع
المعارضة، وتتهم السلطات البحرينية إيران بتشجيع الاضطرابات وتعهدت برد
قوي على الاحتجاجات العنيفة مع تعثر المحادثات مع المعارضة.
مصر
في سياق متصل قال مدونون مصريون بارزون انهم لا يتفقون مع ما يقال
عن تراجع وانتهاء دور التدوين في مصر بعد الانتفاضة الشعبية التي اطاحت
بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي وانتخاب رئيس جديد للبلاد في
وقت سابق هذا العام، ويرون ان البلاد تمر بحالة "مخاض" جديدة تحتاج
للنقاش وتبادل وجهات النظر من خلال المدونات كما حدث قبل الانتفاضة
التي اندلعت في يناير كانون الثاني 2011، وتولى محمد مرسي المنتمي
لجماعة الاخوان المسلمين رئاسة مصر في 30 يونيو حزيران ويواجه وجماعته
معارضة قوية من احزاب التيار المدني بسبب ما يقولون انه تهميش لدورهم
في الحياة السياسية وفي الجمعية التأسيسية لصياغة دستور البلاد الجديد
لصالح التيار الاسلامي، وقالت الناشطة والمدونة نوارة نجم في ندوة
نظمها موقع (أصوات مصرية) التابع لمؤسسة تومسون "لا أرى ان التدوين
دوره انتهى. بعد الاحداث المكثفة يكون في مجال للناس لتجلس وتتكلم"،
واضافت "سيحدث مخاض جديد (مثل الذي سبق الانتفاضة ضد مبارك) لكنه يحتاج
لاعداد جيد. لازم نلم بعضنا من جديد ونكون رؤية ونرى كيف سنتعامل"،
وقال المدون وائل عباس "ما زلنا في حاجة للتدوين لأن الاعلام (التقليدي)
لم يتغير ولا يزال فيه استقطاب ورجال اعمال (يقومون بتوجيهه)
وايديولوجيات... ظروف الاعلام لا تتيح لي الوصول بشكل كامل ولذا انا في
حاجة لمدونتي."
ويرى عباس ان سبب تراجع التدوين بمفهومه التقليدي هو ان "الناس في
أوقات الازمات تحتاج إلى الخبر بشكل سريع ومختصر"، واضاف "التدوين
يعتمد على الفلسفة والتحليل والاراء والاحداث تجبرك على انه لا مجال
للتحليل لكنك في نفس الوقت تعبر عن وجهة نظرك بين طيات الخبر لكن بشكل
مختصر"، اما الناشط اليساري والمدون وائل خليل فيرى ان موقع تويتر
للتدوينات القصيرة "كان سببا في تغير طبيعة التدوين" واثر بدوره على
المدونات الطويلة التقليدية، واشار خليل الى دور التدوينات على تويتر
في التأثير على الاحداث السياسية في مصر خلال المرحلة الانتقالية التي
تولى فيها الجيش ادارة امور البلاد وحتى الآن، وعن اشكالية عدم خضوع
التدوين لاي معايير مهنية فيما يتعلق بنقل الاخبار قال المشاركون في
الندوة انهم يرفضون وضع ميثاق مهني او اطار تنظيمي للتدوين في مصر لان
ذلك "سيقيد حريتهم" ويفقد التدوين ميزته الاساسية امام الاعلام
التقليدي. لكنهم اتفقوا على اهمية الالتزام بالمصداقية والدقة في نقل
الاخبار.
وقالت المدونة ليليان وجدي "ليس مطلوبا من المواطن الصحفي الحياد
مثل الصحفي التقليدي لكن الالتزام بالحقيقة هو الذي يصنع الفارق بين
المواطن الصحفي الجيد والمواطن الصحفي الردئ"، واضافت انه يتعين على
المدون الالتزام بالمصداقية والتحقق مما ينشره "اذا اراد من الناس ان
تتابعه وتقرأ اخباره وتعتمده كمصدر موثوق"، وقالت نوارة نجم انه كانت
هناك محاولات لوضع ميثاق عمل للمدونين قبل الانتفاضة لكن الجميع رفضها،
وشبهت هذه المحاولات بانها تهدف الى "طلاء المدونات كما يحدث للجدران"
وذلك في اشارة الى قيام السلطات مؤخرا بطلاء جدران الشوارع المحيطة
بميدان التحرير بوسط القاهرة معقل الانتفاضة ضد مبارك لازالة رسوم
جرافيتي رسمها نشطاء ايام الانتفاضة وما تلاها من احداث، وقال وائل
خليل ان المدونات بمختلف انواعها "مساحة ملكك تماما... انت الذي تضع
شروطها ... وكل فرد يضع معاييره ويدفع ثمنها"، وعما اذا كانت الملاحقات
والمضايقات الامنية للمدونين مستمرة بعد الانتفاضة كما كان يحدث ابان
عهد مبارك قال المشاركون انها تراجعت بسبب "كسر حاجز الخوف" لدى الكثير
من افراد الشعب المصري بشكل عام وليس بسبب تغير عقيدة الاجهزة الامنية،
وقال وائل عباس ان الاجهزة الامنية ربما تكون تتحاشى المدونين
المعروفين لكنها لا تزال تلاحق وتعتقل المدونين غير المشهورين. بحسب
رويترز.
وأشار عباس الى ان "التشريعات المقيدة (للحريات) والقادرة على الحبس
والتشريعات المطاطة لم تتغير" حتى الآن، ولعبت المدونات دورا بارزا قبل
الانتفاضة بدءا من عام 2004 وكان لها الفضل في كشف الكثير من قضايا
التعذيب والفساد في البلاد، ويرى وائل عباس انها اجبرت وسائل الاعلام
التقليدية على التطرق لقضايا لم يكن مسموح لها بتناولها من قبل مثل
مشاكل الاقليات والتعذيب والتحرش الجنسي وغيرها.
ووفقا لمؤشر منظمة (صحفيون بلا حدود) الدولية تحتل مصر المرتبة 166
بين 179 دولة من حيث حرية الصحافة. لكن المنظمة اشارت الى ان مصر شهدت
"حرية تعبير حقيقية" في اعقاب الاطاحة بمبارك الا ان قيودا فرضت على
تناول بعض الامور مثل تلك المتعلقة بالجيش، وذكرت ان عددا من الصحفيين
والمدونين ومستخدمي الانترنت تم التحقيق معهم من قبل القضاء العسكري
بسبب توجيه انتقادات للمجلس العسكري الذي كان يدير البلاد او لتناولهم
قضايا تتعلق بالقوات المسلحة.
الجزائر
من جهتها حكمت محكمة جزائرية بالسجن ثمانية اشهر مع وقف التنفيذ
و100 الف دينار (الف يورو) غرامة ضد المدون الجزائري طارق معمري بعد
دعوته الى مقاطعة الانتخابات التي جرت في 10 ايار/مايو، وقالت القاضية
في محكمة الجنح بسيدي امحمد بالجزائر العاصمة آسيا شقال في جلسة
المحاكمة التي غاب عنها المتهم "قضت محكمة الجنح بالسجن ثمانية اشهر
غير نافذة وغرامة مالية قدرها 100 الف دينار ضد طارق معمري مع تحميله
المصاريف القضائية"، وكان وكيل الجمهورية (المدعي العام) طالب بانزال
عقوبة السجن ثلاث سنوات بطارق معمري (23 سنة) بتهمة "تحطيم ملك الغير
وحرق وثائق ادارية والتحريض المباشر على التجمهر"، والقي القبض على في
الثاني من ايار/مايو للتحقيق معه بعد نشره شريط فيديو على مواقع
التواصل الاجتماعي يدعو فيه الى مقاطعة الانتخابات، قبل ان تطلق
النيابة سراحه في انتظار محاكمته، وكان طارق معمري ينتطر النطق بالحكم
خارج المحكمة بينما حضر والداه اللذين عبرا عن ارتياحهما لعدم سجن
ابنهما، وقال طارق معمري وهو عامل، "لا تهم مدة السجن ولا صيغتها لكني
اعتبر ان القضاء ادانني بغير حق"، اما محامي طارق معمري امين سيدهم
فاكد ان "هذا الحكم يعتبر ادانة لكل المناضلين من اجل حقوق الانسان
لانه لا يستند الى اي اساس قانوني". بحسب فرانس برس.
واضاف "سنستاف الحكم خلال العشرة ايام التي يسمح بها القانون
وسنستنفد كل الاجراءات القانونية من اجل الغاء الحكم"، وخلال التحقيق
اعترف المتهم بالتهم الموجهة اليه، وقال "نعم حطمت لوحات الاعلانات
الانتخابية واحرقت بطاقة الناخب. فضلت ان افعل ذلك حتى لا احرق نفسي"،
وكان رئيس مكتب الجزائر العاصمة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق
الانسان قلل من طلب النيابة، وقال ان الحكم سيكون بين ستة اشهر وسنة
سجن غير نافذ كما حدث في قضية مناضل حقوق الانسان عبد القادر خربة،
وكانت نفس محكمة سيدي امحمد ادانت الناشط الحقوقي عبد القادر خربة في
الثالث من ايار/مايو بالسجن سنة غير نافذة وغرامة 20 الف دينار (200
يورو) بتهمة "التحريض على التجمهر وانتحال صفة الغير" بعد مشاركته في
وقفة احتجاجية لكتاب الضبط المضربين عن العمل، كما حكمت محكمة الوادي
(650 كلم جنوب شرق الجزائر) في 6 ايار/مايو على الشيخ جميل الصلوي
السلفي اليمني بالسجن ستة اشهر مع وقف التنفيذ وبغرامة مالية قدرها
100الف دينار (الف يورو) والمنع من دخول الاراضي الجزائرية عشر سنوات،
بعدما افتى بتحريم الانتخابات، كما ينتطر ان يحاكم اربعة نشطاء حقوقيين
في 27 ايلول/سبتمبر بتهمة "التحريض على التجمهر" بعد تجمعهم امام
المحكمة خلال محاكمة زميلهم عبد القادر خربة.
عمان
على الصعيد نفسه ذكرت وكالة الأنباء العمانية أن محكمة عمانية قضت
بسجن مدون لمدة عام في قضية الكتابات المسيئة والتحريضية ضد الحكومة،
ويمثل الحكم الصادر ضد مختار بن محمد الهنائي الذي يعمل بصحيفة الزمان
خطوة أخرى من جانب السلطنة لردع اضطرابات تستلهم ثورات الربيع العربي
التي تشهدها المنطقة منذ العام الماضي، وسلطت احتجاجات هذا العام في
عمان الضوء على صعوبة تنفيذ استراتيجية لاحتواء الغضب الشعبي من خلال
توفير عشرات الالاف من الوظائف في القطاع العام، وقالت وكالة الانباء
العمانية ان الهنائي اتهم ايضا "بجرائم الاعابة ومخالفة قانون تقنية
المعلومات" ووقعت عليه غرامة قدرها الف ريال (2600 دولار). وكانت قضيته
جزءا مما وصفته المحكمة "قضية الكتابات المسيئة والتحريضية"، وأضافت
الوكالة ان المحكمة أجلت النطق بالحكم على متهمين اخرين إلى 14 اكتوبر
تشرين الاول. بحسب رويترز.
وحكم على نحو 12 عماني بالسجن مدد تصل إلى عام بتهمة التجمهر بشكل
غير مشروع وصدرت احكام مماثلة ضد اكثر من 20 شخصا بسبب كتابات على
الانترنت اعتبرتها المحكمة "تحريضا" على الحكومة وتعليقات وجهت للسلطان
قابوس بن سعيد سلطان عمان، جاءت التعليقات ضد السلطان قابوس -الذي
يتولى السلطة منذ 42 عاما وهو الان اقدم حاكم عربي- خلال احتجاجات جرت
في اواخر مايو ايار.
كوبا
الى ذلك اعلنت المدونة الكوبية يواني سانشيز على حسابها على تويتر
ان السلطات الكوبية افرجت عنها مع زوجها الجمعة "بعد توقيفهما 30 ساعة"
وعبرت عن شكرها لكل الذين "رفعوا اصواتهم" من اجل اطلاق سراحهما، وكانت
المدونة الكوبية التي منحت عدة جوائز دولية تقديرا لمدونتها
(ديسديكوبا.كوم/جينيراسيوني) اوقفت مع زوجها الصحافي المنشق رينالدو
ايسكوبار في بايامو التي تبعد 750 كلم جنوب شرق هافانا حيث كانا ينويان
حضور محاكمة سياسي اسباني شاب، وكتبت سانشيز (37 عاما) على تويتر "اطلق
سراحنا للتو بعد ثلاثين ساعة على توقيفنا"، واضافت المدونة التي تعد من
اهم شخصيات المعارضة الكوبية على الانترنت "اطلق سراحنا ونشكر كل الذين
ساهموا برفع اصواتهم او بكتابة آرائهم على تويتر لنعود الى بيتنا"،
وتابعت "خلال توقيفي رفضت ان اتناول اي طعان او اشرب اي شىء والآن اشرب
اول كأس ماء في بيتي". بحسب فرانس برس.
من جهته، قال معارض آخر اليزاردو سانشيز مدير اللجنة الوطنية لحقوق
الانسان والمصالحة الوطنية ان "ثمانية معارضين آخرين على الاقل اوقفوا"
خلال محاكمة الاسباني انخيل كاروميرو في بايامو، ويحاكم كاروميرو (26
عاما) الذي يقود حركة شباب الحزب الشعبي الحاكم في مدريد بتهمة القتل
غير العمد بعد مصرع المنشق الكوبي اوسوالدو بايا (60 عاما) حائز جائزة
ساخاروف للبرلمان الاوروبي في 2002 في حادث سير وقع في 22 تموز/يوليو
قرب بايامو، وفي ختام الجلسة، طلبت النيابة الحكم بالسجن سبع سنوات على
الشاب الاسباني. |