حلم يختزل كل الأحلام

نذير النقيب

لطالما حلمنا والحلم حق مادام يدور في فلك المتاح. ولطالما حلمنا ووصفنا احلامنا باسهاب

 مفرط وتحدثنا عن ادق تفاصيل المستقبل وكيف نريد ان نصبح وعليه نكون.

ولطالما رسمنا في مخيلتنا العرجاء صور جمالية ناقصة الملامح لحياة مخملية طويلة من دون

منغصات أو ألم لطالما حلمنا و حلمنا ولا زلنا نحلم بكل خاطرة تخطر على قلوبنا بالمناسبة.

لولا الحلم لأصابنا الجنون كما تعلمنا؟

 فقد حلمنا بوظيفة مرموقة و منصب رفيع في مؤسسة حكومية أو معرفة شخصية نافذة من العيار الثقيل نتباها بمعرفتها في كل مجلس عام أو خاص أو بثروة مالية يسيل لها اللعاب أو موقع اجتماعي بارز يشار له بالبنان نستقبل فيه بكل الوان التبجيل والاحترام اينما حللنا مثل الفاتحين الأبطال أو بالشهرة الواسعة شهرة تطبق كل الأفاق.

طبعا مع رغبة ملتهبة ودفينة بسماع الناس تلهج بحروف اسمائنا صباحا مساءا من دون فتور او ابطاء ولا أبالغ اذا قلت ان هناك شرذمة ممن بالغ بحلمه ومد عنقه ليملك العباد والبلاد.؟؟

وهكذا بكل صلافة تستمر قائمة أحلامنا مفتوحة على مصرعيها بشراهة ونهم لنضيف لها في كل

لحظة حلم جديد. وتمضي القافلة باهلها على هذا المنوال جيل بعد جيل.؟؟

ولا اكون قد ابحت سراً خطيراً اذ قلت لطالما تكللت بعض هذه الاحلام بالنجاح ولو بصورة مؤقتة

وشعار الحالمون الأثير (الغاية تبرر الوسيلة) ففي عرفهم كل الوسائل مباحة ومتاحة للوصول

الى غايتهم المنشودة.؟ فاما عن طريق المال والعلاقات. وتارة عبر دهاليز السياسة وألاعيبها.؟

وتارة عبر ما يسمى بالاحزاب وامتدادتها.؟ وهناك من تقمص الدين تقمصا اذ لبس عباءة التقوى

من دون وجه حق وراح يستغفل الناس باسم الشريعة وتلك أخطرها.؟؟

وطالما ولطالما ظلت تنمو وتستفحل حتى طالت واستطالت وشمخت على فطرتنا السوية وتغولت

على سجيتنا البريئة فاسقطتنا صرعى بين براثن فكيها.؟ أستشرت فينا الى حد العُجب فحجبت

بصيرتنا عن رؤية الحق بحجب كثيفة و طبقة سميكة من سخام الشهوات. أماتت معها قلوبنا

 وأحالت حياتنا الى لهاث ولهاث بل لهاثات لا تنتهي نجري فيها خلف سراب نحسبه نحن الظماء ماء.!!

هكذا أذا الفنا احلامنا مغموسة في مستنقع الأنا المريضة. أنانية مفرطة الى حد الوجع. ومصلحة انية.؟ مغلفة باسم الحلم ما تلبث أن تتعرى وتتساقط كأوراق الخريف.!

و امام فداحة وجسامة هذه الحقائق الحياتية المعاشة دعونا نواجه الحقيقة بشجاعة متسائلين.؟

 اما آن الآوان لنقف ونسأل انفسنا لمرة واحدة من دون خوف أو وجل، نسأل هذه النفس الامارة بالسوء ماذا تريدين.؟ والى اين تأخذينا.؟ من نحن.؟ وماذا نريد ان نكون.؟ اما آن الآوان لنحلم بحلم واحد يختزل كل هذه الاحلام العقيمة.؟

اما آن الآوان لكل واحد منا ان يهب روحه وعقله لفكرة المُخلص والخلاص على يديه من واقع

مريض.؟ من منا جعل حلمه منصب حول رجل واحد اختارته السماء ليكون منقذ البشرية.؟

من منا جعل امامه وقائده وسر الوجود عنواناً وهدفاً.؟

هل استطعنا ان نسخر ولو جزء بسيط من طاقتنا وليس كل طاقتنا لنشر مفاهيم ومنهج الحق لنحظى بشرف الانتماء لدولة العدل الإلهي.؟ السنا مأمورين بأمر الله عز وجل اذ قال وهو الحق بكتابه الكريم في سورة هود الآية 86 (بسم الله الرحمن الرحيم بقية الله خير لكم أن كنتم مؤمنين. صدق الله العلي العظيم) فهذا هو امامكم وسيدكم وقائدكم الذي بشر به الله انبيائه ورسله.؟ وأخذ منهم العهود الموثقة. ومن قبل ان يخلق الخلائق كلها.؟

 حتى جاء ذكره في جميع الكتب السماوية.؟ ويكفي فخرا حديث واحد من أحديث النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين الكثيرة في معنى الامامة وأحداها ذلك الحديث الجليل العظيم المروي في بحار الأنوار للعلامة المجلسي الذي يقول فيه: (لو خليت الدنيا من امام ثلاث ايام لساخت الارض باهلها) وفي بعض الروايات يذكر لو خليت الدنيا من أمام ساعة واحدة لساخت الأرض بأهلها وهذا هو الأصح، وعند هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف نقف متأملين متفكرين بمضامينه الربانية وتكليفهما الشرعي، وهذا الكلام موجه بالدرجة الأساس لأهل العقل اصحاب القلوب الحرة النزيهة ابناء الفطرة السوية. كدليل عقلي وقلبي يستأنس به كل ذي وجدان نقي ومنصف ليتحول الى خارطة طريق ومنهج عمل ينير دربنا، نستحضره في كل لحظة ونطبقه دائما حتى في أصغر تفصيلة من تفاصيل حياتنا،

 فاين نحن من كل ذلك.؟ وماذا أعددنا له.؟ كيف هيئنا انفسنا لنصرته.؟ وهو خير لنا من كل وساوسنا المسماة ظلما أحلام.!!! فلا خير بحلم ليس فيه صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.. فتذكروا يا اولي الالباب.

اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلوات الله عليه وعلى ابائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيه طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصل الله على خير البرية ابا الزهراء محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 31/تشرين الأول/2012 - 15/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م