ليبيا... حقوق على فوهات البنادق

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: تطورات جديدة وخطيرة تشهدها الساحة السياسية والأمنية في ليبيا التي لاتزال في طور التعافي بعد ان تخلصت من حكم الاستبداد والدكتاتورية من خلال ثورة التغير التي شهدتها البلاد، لكن وبرغم من كل ذلك لايزال الخوف والشك يساور الكثير من أبناء ليبيا الذين أعربوا عن خشيتهم في ان تتحول بلادهم الى ساحة صراع داخلي خصوصا وان اغلب فئات الشعب قد تسلحت إبان الثورة الليبية الأخيرة وهي اليوم تخضع لقيادات وأجندة سياسية وقبلية مختلفة هذا بالإضافة الى وجود بقايا كتائب موالية للنظام السابق، تلك الأحداث والمشاكل المتكررة قد أسهمت أيضا بتزايد القلق لدى العديد من المنظمات والهيئات الحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والتي أكدت على وجود انتهاكات خطيرة تمارس في ملف حقوق الإنسان، وهو ما تثبته بعض التقارير والوثائق والأحداث الميدانية سواء كانت في أيام الثورة ومعاركها او في هذه الأيام التي تشهد نزاع ومعارك داخلية، وفي هذا الشأن فقد قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية ان ظهور ادلة جديدة تدين مليشيات ليبية معارضة في عمليات اعدام جماعية بعد القبض على الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وقتله في مدينة سرت في 20 تشرين الاول/اكتوبر الماضي تثير تساؤلات جديدة حول مقتله. وقال بيتر بوكايرت مدير المنظمة ان "الادلة تشير الى ان مليشيات المعارضة اعدمت 66 على الاقل من افراد قافلة القذافي في سرت" بلدة القذافي الأصلية. واضاف انه "يبدو كذلك انهم اخذوا معتصم القذافي الذي كان جريحا، الى مدينة مصراتة وقتلوه هناك"، في اشارة الى احد انجال القذافي.

واوضح نقلا عن تقرير اصدرته المنظمة يوثق لعمليات الاعدام "ان استنتاجاتنا تثير شكوكا فيما اكدته السلطات الليبية من ان معمر القذافي قتل في تبادل اطلاق النار وليس بعد القبض عليه". ويفصل التقرير الواقع في 30 صفحة تحت عنوان "موت دكتاتور: الانتقام الدموي في سرت" الساعات الاخيرة في حياة القذافي والظروف المحيطة بمقتله على اساس افادات شهود عيان وصور التقطت بهواتف نقالة.

وذكرت المنظمة ان ادلتها تشير الى ان مليشيات مصراتة القت القبض على القذافي ونزعت اسلحة اعضاء قافلته، وبعد السيطرة عليهم ضربتهم بشكل وحشي. واضافت ان المليشيات "اعدمت على الاقل 66 من افراد القافلة في فندق مهاري المجاور"، مضيفة ان ايدي بعضهم كانت موثقة خلف ظهورهم. وقالت المنظمة انها جمعت مقتطفات فيديو من هواتف نقالة التقطها مقاتلون معارضون للقذافي تظهر مجموعة كبيرة من اعضاء قافلة القذافي المقبوض عليهم وهم يتعرضون للشتم والإهانة.

واوضحت المنظمة انها استخدمت صور من مشرحة مستشفى "لإثبات ان 17 شخصا على الاقل من المعتقلين الذين ظهروا في صور الهواتف النقالة اعدموا لاحقا في فندق مهاري". وقالت المنظمة انه من اجل توثيق ما حدث في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2011، قابلت ضباطا في مليشيات المعارضة كانوا في الموقع، وكذلك اعضاء ناجين من قافلة القذافي كانوا في المستشفى او في السجون او في منازلهم. واكدت ان "عمليات القتل هذه تشكل اكبر عملية قتل موثقة لمعتقلين على ايدي القوات المناهضة للقذافي خلال النزاع الذي استمر ثمانية اشهر فلي ليبيا".

واكدت المنظمة ان الادلة المتعلقة بمقتل معمر ومعتصم القذافي تشكك في التصريحات الرسمية التي ادلت بها الحكومات الليبية التي قالت ان "قتلا خلال تبادل عنيف لإطلاق النار". واظهرت صور فيديو ان معمر القذافي كان حيا عند القاء القبض عليه ولكن الدماء كانت تسيل من جرح في راسه. وظهر في الصورة وقد تعرض للضرب المبرح على ايدي المتمردين.

وقالت ان صورا اخرى تدل على ان معتصم اعتقل حيا واقتيد الى مصراتة حيث شوهد وهو يدخن ويتحدث بطريقة عدوانية مع العناصر التي القت القبض عليه. واضافت "ولكن بحلول المساء كان جثة هامدة مع ظهور جرح جديد في رقبته لم يكن مرئيا في صور فيديو سابقة، ويعرض علنا في مصراتة" التي عانت من حصار وحشي فرضته قوات القذافي. بحسب فرنس برس.

واكدت المنظمة انها قدمت تلك الادلة الى مسؤولين في السلطة الانتقالية فور عمليات القتل، ودعت السلطات الجديدة مرارا الى اجراء تحقيق كامل في هذه العمليات التي ترقى الى مستوى جرائم حرب. الا انها قالت انها لم تر "اي دليل" على إجراء اي تحقيق. وقالت المنظمة ان "احد اكبر التحديات التي تواجه ليبيا هي السيطرة على المليشيات المسلحة بشكل جيد وانهاء الانتهاكات التي ترتكبها". وقال مدير المنظمة "ان اول خطوة جيدة يمكن اتخاذها هي التحقيق في عمليات الاعدام الجماعية التي وقعت في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2011 والتي تعتبر اخطر الانتهاكات الموثقة التي ترتكبها قوات المعارضة".

حرب جديدة

في السياق ذاته اقتحم زهاء 500 شخص مجمع المؤتمر الوطني العام في ليبيا مطالبين بوقف العنف في بلدة بني وليد المعقل السابق لمعمر القذافي التي تتعرض للقصف من قبل رجال ميليشيات من مصراتة. وقالت وكالة الانباء الليبية الرسمية ان 22 شخصا قتلوا واصيب 200 آخرون في الاشتباكات. وقال محتج يدعى نصر الدين "جئنا لمطالبة الحكومة بإيجاد حل سلمي للحرب القبلية المستعرة في بني وليد."

وشق المحتجون غير المسلحين من الرجال والنساء طريقهم متجاوزين حراس الأمن عند بوابات مجمع المؤتمر الوطني في طرابلس وهم يهتفون قائلين "لا إله إلا الله (محمد) المقريف عدو الله" في اشارة الى رئيس المؤتمر الوطني. واطلقت قوات الامن الرصاص في الهواء وظلوا في مواقعهم على ابواب البناية فيما كان الاعضاء المنتخبون يجتمعون في الداخل.

وقال نصر الدين ان الكثير من المحتجين من سكان طرابلس الذين لهم اقارب في بني وليد او ينحدرون منها. وهذه هي المرة الثانية التي يقتحم فيها محتجون مجمع المؤتمر الوطني منذ توليه السلطة في الصيف. وكانت المرة الأولى في الرابع من اكتوبر تشرين الاول عندما اقتحمته مجموعة من المتظاهرين الذين يعتقدون ان بلدتهم لم تحظ بتمثل كاف في تشكيل حكومي مقترح في الوقت الذي كان فيه المؤتمر يستعد لبحث ترشيحات رئيس الوزراء المنتخب.

وفي مدينة بنغازي الساحلية انفجر الغضب حيث اقتحم نحو 400 محتج مبنى محطة الأحرار الليبية التلفزيونية الخاصة. وطالب المحتجون بان تبث القناة ادلة مصورة على ان خميس نجل القذافي قتل في المعركة. وكان مسؤولون ليبيون قد اعلنوا انه قتل في القتال في بني وليد ولكن لم يتم تأكيد ذلك. وقال المتظاهرون انهم شعروا بغضب بسبب ما اعتبروها شائعة كاذبة وقالوا انها ساعدت في اشعال العنف في بني وليد والعداء القبلي.

وفي بني وليد نفسها قال عبد الكريم غميض وهو قائد ميلشيا ان الهجمات مستمرة في البلدة التي تقع على بعد 140 كيلومترا الى الجنوب من طرابلس. وأضاف "الهجمات مستمرة. القصف يأتي من كل جانب." وقال احد سكان بني وليد "القتال متواصل وهناك دخان يتصاعد فوق مناطق معينة في المدينة."

وخارج بني وليد اصطفت مئات العربات في قرية على بعد 80 كيلومترا من طرابلس في انتظار تحقق القوات الحكومية ممن بداخلها حيث تفر العائلات من القتال. وقال رجل اصطحب اسرته على شاحنة صغيرة "نحن نهرب من خطر الصواريخ والشظايا والموت داخل البيوت. لقد انقطعت الكهرباء منذ أيام." وتأجج عداء بين مصراتة وبني وليد بسبب مقتل عمران شعبان المعارض للقذافي بعد شهرين من الاحتجاز في بني وليد. وكان شعبان وهو من مصراتة الرجل الذي عثر على القذافي مختبئا في انبوب للصرف في سرت في 20 أكتوبر تشرين الأول 2011.

وأمر المؤتمر الوطني العام في ليبيا وزارتي الدفاع والداخلية باعتقال خاطفي شعبان الذين يشتبه في أنهم عذبوه حتى الموت. وحدد المؤتمر الوطني ايضا مهلة نهائية لبني وليد لتسليمهم. وفرت مئات العائلات من بني وليد إلى ترهونة التي تبعد حوالي 80 كيلومترا. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء ان ميليشيات القت القبض على المتحدث السابق باسم القذافي موسى ابراهيم في ترهونة. لكن شخصا قال انه إبراهيم الذي كان يعقد مؤتمرات صحفية دولية في طرابلس اثناء الحرب العام الماضي بث تسجيلا صوتيا على موقع فيسبوك على الانترنت كذب انباء القبض عليه.

وقال بعض المسؤولين ان خميس نجل معمر القذافي اعتقل في بني وليد وانه مات بعد نقله إلى مصراتة لكن الحكومة لم تصدر اي بيان رسمي في هذا الشأن كما فعلت عند القبض على شخصيات بارزة تنتمي للنظام السابق. وقال نائب رئيس الوزراء مصطفى ابوشاقور على صفحته الرسمية على تويتر ان اعلان القبض على ابراهيم ومقتل خميس تم دون التحقق من الأنباء. واعلن عن مقتل خميس القذافي ثلاث مرات على الاقل خلال الحرب العام الماضي. وقالت قناة تتخذ من سوريا مقرا لها كانت تساند القذافي ان خميس قتل في معارك بجنوب شرقي طرابلس في 29 اغسطس آب 2011.

في السياق ذاته قال رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف إن بلاده لم تتحرر بالكامل، واعلن تحرير ليبيا بعد بضعة أيام من مقتل القذافي في 20 أكتوبر تشرين الأول 2011. وفي كلمة له بثها التلفزيون الليبي خص المقريف بالذكر بلدة بني وليد الواقعة على مسافة نحو 160 كيلومترا جنوبي طرابلس وهي معقل سابق للقذافي شهد اشتباكات دامية في الأيام القليلة الماضية في الوقت الذي يكافح فيه الجيش من أجل فرض النظام. وقال المقريف في كلمته "إن ما تشهده هذه الأيام هو نتاج عدة عوامل يأتي في مقدمتها التراخي والإهمال في التعامل على مدى أكثر من عام مضى مع عدد من القضايا والملفات الهامة والخطيرة" مشيرا إلى أن من بين هذه الملفات "عدم استكمال عملية التحرير بشكل حاسم في بعض المناطق".

وأضاف أن من بين هذه الملفات أيضا "التراخي والتباطؤ في بناء القوات المسلحة الوطنية والأجهزة الأمنية وكذلك عدم الإسراع في السيطرة على السلاح المنتشر في كل مكان وأيضا عدم استيعاب الثوار في شتى مرافق الدولة والاهتمام الجاد بشؤونهم وشؤون الجرحى والمبتورين وذوي الاحتياجات الخاصة منهم." وقال المقريف "التراخي في بعض الملفات الهامة خلق حالة من التذمر والاحتقان بين مختلف شرائح المجتمع وإلى انتشار الفوضى والاضطراب والفساد والضعف في أداء مختلف الأجهزة والواجهات الحكومية والرسمية." بحسب رويترز.

وذكر أن هذه الحالة "أغرت فلول النظام من داخل البلاد بالتسرب إلى مفاصل هذه الأجهزة والتغلغل فيها وربما في قيادات هذه الأجهزة والتآمر مع من هم خارج البلاد على الثورة وسلطتها الشرعية....أغرت هذه الحالة من الضعف وغياب سلطة الدولة وهيبتها الكثير من العناصر والأشخاص والمجموعات حتى وإن لم يكونوا على صلة بفلول النظام المنهار بأن يتجرؤوا على سلطة القانون ويقومون بعمليات خطف واعتقال قسري وتعذيب وابتزاز ونهب بل وتجرؤوا على أن تكون لهم سجونهم الخاصة." وقال المقريف "ما حدث في بني وليد منذ الأيام الأولى لإعلان التحرير في أكتوبر الماضي يقع في هذا السياق" مشيرا إلى أن المدينة "غدت ملجأ لأعداد كبيرة من الخارجين عن القانون والمعادين جهارا للثورة."

حملة لجمع السلاح

الى جانب ذلك سلم مئات الليبيين سلاحهم الذي تبقى لديهم في اطار حملة تسعى فيها ليبيا إلى التخلص من السلاح في شوارعها والتصدي للجماعات المسلحة المارقة. ومع مرور الوقت تحول جمع بسيط من الناس إلى طوابير طويلة في طرابلس وبنغازي في الشرق حيث نصبت خيام في ساحات رئيسية لمسؤولين عسكريين يجمعون اسلحة ومتفجرات وحتى راجمات القنابل الصاروخية.

ووسط اجواء احتفالية كان نساء واطفال يشاهدون بينما اصطف رجال لتسليم سلاحهم بينما تعزف موسيقات عسكرية واغاني. وقال محمد سلامة الذي يقيم في طرابلس بينما يقف في صف في انتظار تسليم بندقيته "نريد لبلادنا ان تصبح امنة وهادئة... لا نريد ان نرى السلاح مرة اخرى. "نريد ان نعيش حياتنا فقد ولى زمن الحرب."

ويجد قادة ليبيا الجدد صعوبة في فرض سيطرتهم على البلاد الغارقة في السلاح بينما يشعر كثير من الليبيين بعدم الرضا عن الميلشيات المسلحة التي تشكلت خلال الحرب لكنها ما زالت تجوب الشوارع واحيانا ما تطبق القانون بنفسها. وخرجت احتجاجات في الشوارع في بنغازي لزيادة الضغط على السلطات كي تتصدى لمشكلة غياب الأمن بعد هجوم شهدته المدينة على القنصلية الامريكية في 11 سبتمبر ايلول اسفر عن مقتل السفير الامريكي وثلاثة امريكيين اخرين.

واتخذت السلطات الليبية منذ ذلك الحين نهجا مزدوجا متعهدة بتفكيك الميلشيات المارقة التي تعمل دون تصريح حكومي مع تقديم الدعم لعدد من الجماعات المسلحة القوية المرخص لها من الحكومة بالعمل بينما تعمل على دعم قواتها الامنية.

وسلم سعد بكار الذي يقود كتيبة صغيرة في بنغازي السلاح والذخيرة قائلا انه مستعد لتفكيك كتيبته. وقال ان كتيبته انتظرت حتى اليوم للتأكد من ذهاب الاسلحة الى المكان السليم. واضاف انهم يريدون الانضمام الى الجيش كأفراد. وفي بنغازي قال احد المنظمين انه تم تسجيل اسماء اكثر من 800 شخص جاءوا الى نقطة التجميع. وفي طرابلس لم يعط مسؤول بالجيش رقما محددا ولكنه قال ان العدد فاق التوقعات بحضور نحو 200 شخص.

وتشير هذه الارقام الى ان جزءا بسيطا من الاسلحة التي تسربت من ترسانة معمر القذافي سلم ولكن ينظر الى هذه المبادرة على انها خطوة للامام في بلد ما زال كثيرون فيه يحتفظون بأسلحتهم مشيرين الى وضع امني محفوف بالخطر. وقال رجل الاعمال ابراهيم علي في بنغازي بعد تسليم بندقية الية "اريد ان اعيش في مكان هادئ لا يحمل فيه احد السلاح سوى الشرطة والجيش ." ولكنه قال انه سيظل يحتفظ ببندقيته في الوقت الحالي واضاف "عندما استطيع الاتصال بالشرطة وتتمكن من الوصول بسرعة في ذلك الوقت سيكون بامكاني تسليمهم هذا السلاح." بحسب رويترز.

وحملة تجميع السلاح تعاون بين الجيش ومحطة تلفزيون خاصة حشدت التأييد عبر بث حي من طرابلس وبنغازي. وخطط منظمو الحملة في المدينتين لتنظيم سحب على جوائز من بينها سيارات في ختام عملية التجميع. وقال المنظمون ان هذا الحدث سيتم تكراره في مدن أخرى. وقال يوسف المنقوش رئيس اركان الجيش الليبي ان الشعب الليبي يريد الاستقرار وهم يسلمون الاسلحة للجيش حتى يتم الاحتفاظ بها في المكان السليم وليس في الشوارع. واضاف ان هذه هي البداية في طرابلس وبنغازي وسيتم الذهاب الى مدن اخرى. وقال محمد عروسي وهو مهندس يبلغ من العمر 58 عاما وكان يقف في طابور لتسليم بندقية في طرابلس انه مقتنع بان الوضع الامني يتغير للاحسن.

جثة القذافي

في السياق ذاته عمل الرسام الصيني يان بي مينغ على تصوير جثة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي يصفه بانه ذهب "ضحية ضحاياه" قبل عام، ثم تلاه في ذلك فنانون آخرون مثل البريطانية جيني سافيل والايطالي لوقا ديل بالدو. لكن الموضوع يبقى صعبا، ولا يبدو بعد ان الفنانين العرب سيخوضون غماره، بحسب ما يقول مسؤولون في معهد العالم العربي في باريس.

ويعمل الرسام الصيني فان بي مينغ في باريس حيث يقيم منذ سنوات طويلة، وقد قدم في الربيع الماضي لوحة كبيرة تحمل عنوان "جثة القذافي، 20 تشرين الاول/اكتوبر 2011" في إطار معرض ديفيد زويرنر في نيويورك. وتظهر هذه اللوحة الزيتية (280 سنتمترا - 400 سنتمترا) جثة معمر القذافي بعد مقتله، كما عرضها الثوار الليبيون في غرفة تبريد في احد اسواق مصراتة، وهي ممددة على فراش وسخ.

ويقول يان بي مينغ "غداة مقتل القذافي، بدأت اعمل على اللوحة انطلاقا من الصور التي بثت".

ويضيف "مات القذافي بشكل مأسوي وقاس، لقد ذهب ضحية ضحاياه". ويرى هذا الفنان المولود في العام 1960 والذي عايش ما يسمى ب "الثورة الثقافية" في بلاده قبل ان ينتقل الى باريس ان "كل الثورات انتهت بإراقة الدماء. هذا هو مبدأ العين بالعين والسن بالسن". وقدمت اللوحة التي لم تبع بعد في اطار معرض يجمع اعمال يان بي مينغ تحت عنوان "بلاك باينتينغز" (اللوحات السوداء)، في اشارة ضمنية الى اللوحات الداكنة التي رسمها غويا في اواخر حياته.

وسار الفنان الايطالي لوقا ديل بالدو المولود في ايطاليا في العام 1969 على خطى نظيره الصيني، وهو يحضر لإقامة معرض في منتصف كانون الاول/ديسمبر في كومو شمال البلاد حيث سيعرض لوحات عن مقتل القذافي ايضا. وتظهر أحدى هذه اللوحات وجه القذافي الذي تشوبه الجروح باللونين الازرق والاحمر.

ويقول "انا لا اسعى إلى إثارة الفضائح" بل أنا "ارسم العنف والموت، وهكذا كان يفعل غويا ايضا"، معربا عن قلقه بعد تلقيه رسائل مجهولة المصدر تطلب منه حجب رسومه هذه عن موقعه الالكتروني. ويشرح لوقا ان "الفكرة ليست تأليه القذافي، فبالنسبة إلي هو يشبه زعيم مافيا مع نزعة تمثيلية في شخصيته، فهو ديكتاتور يشبه شخصية شريرة في عرض أوبرا مأساوي".

أما الفنانة البريطانية جيني سافيل، فهي تعمل على انجاز لوحة ملونة كبيرة الحجم تصور جثة القذافي في الغرفة المبردة. وتشرح هذه الرسامة البالغة من العمر 42 عاما ان ما اثار انتبهاها هو "تلك المئات من الايدي" التي تمسك الهواتف المحمولة بغية تصوير جثة الديكتاتور القتيل. وتظهر لوحتها جثة القذافي التي تحيط به سحابة من الهواتف النقالة. بحسب فرانس برس.

ورغم تركيز هؤلاء الفنانين على رسم جثة القذافي، لا يزال الاهتمام بهذا الموضوع محدودا بصورة عامة. وتؤكد مؤسسة "آرتبرايس" انها لم تجد لوحات مماثلة في قواعد المعطيات ومحركات البحث. كما ان معهد العالم العربي الذي يتتبع عن كثب مجال الفنون على الساحة العربية لم يرصد اي اعمال حول هذا الموضوع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/تشرين الأول/2012 - 13/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م