القارة السمراء... ثروات تسيل لعاب الدول الصناعية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن الحروب العالمية في شتى المجالات تتجه نحو القارة الإفريقية في المستقبل، فأينما تتواجد الثروات تتواجد الأزمات والصراعات سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، وعلى المستوى العالمي، فبعد عقود من الأداء الضعيف اقتصاديا وتنمويا تزهو افريقيا الآن بأنها تضم بعضا من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم، لكن في الوقت ذاته تعاني من صراعات سياسية ومعارك اقتصادية حامية الوطيس، كالانقلابات العسكرية وانعدام الأمن وانتشار الفوضى والفساد، فضلا عن اتساع نفوذ القاعدة في القارة السمراء وغيرها الكثير من الأزمات الأخرى، في حين تحرص الدول الأقوى عالميا على إستغلال الموارد الأولية الطبيعة الضخمة في تلك القارة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث يشير الخبراء بهذا الشأن أن مستقبل النفط يكمن في  الدول الأفريقية، مما يعني أن هذه الإمكانيات المذهلة، تؤهل القارة لأن تصبح حديث النجاح الاقتصادي التالي في العالم، وعلى الرغم من ذلك ما زالت القارة السمراء تواجه تحديات كبيرة على مختلف الأصعدة، ولعل أبرزها التفاوت الاقتصادي الذي يهدد النمو الاقتصادي المتسارع في معظم بلدان القارة الإفريقية بالآونة الأخيرة، لكن من جانب آخر حققت هذه القارة تقدما اقتصاديا على مدى العقد الماضي، والذي يعد أفضل عقد لها خلال السنوات الخمسين الماضية، ويرى خبراء آخرون بأن التنمية في القارة السمراء تحتاج الى إستراتيجية منظمة ومثمرة تكون بمثابة وسيلة لتحقيق كل أهداف التنمية المرغوب بها، وان النمو الاقتصادي هو بداية المطاف لاضطلاع الدول الأفريقية بدور محوري في الاقتصاد العالمي مستقبلا، فهي بحاجة ماسة لتعزيز الاستثمارات بشكل خاص، كونها مرتعا خصبا للموارد الطبيعية غير المستهلكة، مما يتيح فرصا كبيرة، لحل مشاكل كثيرة في تلك القارة تتعلق بالحروب المتنوعة، مثل تجارة المخدرات والأسلحة ونقص الغذاء والبطالة وغيرها الكثير من المعضلات الأخرى، حيث يتطلب تحقيق هذه المهام الصعبة استراتجيات غير تقليدية، لكي تتمكن القارة السمراء من مواصلة مسارها في النمو والتطور الايجابي بالمجالات كافة.

مستقبل النفط

فقد أشار أحد الخبراء في الشؤون النفطية أن مستقبل النفط يكمن في دول أفريقيا وخصوصا في دول شرق أفريقيا مثل كينيا ودولة جنوب السودان، حيث تتهافت الاستثمارات والعروض المقدمة من شركات البحث والتنقيب العالمية للحكومات الأفريقية للفوز بالعطاءات المطروحة على أرضها، وقال أيدان هايفي، الرئيس التنفيذي لشركة تيلوو للنفط " تعتبر أفريقيا مستقبل الاستثمارات النفطية حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات في هذا القطاع في غضون السنوات القادمة إلى 100 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود اقتصاديات لدول أفريقية تعتبر من أكثر الإقتصادات نموا في العالم"، وأضاف هايفي الذي تعتبر شركته من أكبر الشركات النفطية العاملة في أفريقيا "هناك العديد من الآبار النفطية ذات الاحتياطات الصغيرة والتي تمتد على مسافات شاسعة في أوغندة، ونحن نعمل حاليا على إلى جانب الحكومة الأوغندية في التوصل إلى سبل استغلال هذه الثروات بالإضافة إلى وصلها بحلقة مشاريعنا في كينيا وغيرها من دول شرق أفريقيا". بحسب السي ان ان.

وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي توقعت فيه شركة "ماكينزي" للإحصاء أن يرتفع حجم السوق الاستهلاكية في القارة الأفريقية ليبلغ 1.4 تريليون دولار بحلول العام 2020، الأمر الذي لاقى آذانا جد صاغية بالنسبة للشركات والمستثمرين الراغبين في الحصول على حصة من الكعكة، ويذكر أن الأرقام الصادرة عن شركة ماكينزي تشير إلى أن مدن جوهانزبيرغ وكايب تاون ولاغوس بالإضافة إلى مدينتي الإسكندرية والقاهرة ستكون المدن التي ستتصدر قائمة الأسواق الأكثر استهلاكا بحلول العام 2020.

النشاط التجاري

فيما تحركت الإدارة الأمريكية في الشهور الأخيرة لتعزيز نشاطها في افريقيا بهدف التصدي لانتقادات بتقصيرها في بناء روابط تجارية مع القارة السمراء في وقت تتنامي فيه المنافسة الصينية، وقال ديميتريوس مارانتيس نائب الممثل التجاري الأمريكي في مقابلة "التجارة والاستثمار يمثلان مكونا بالغ الأهمية لرؤية الرئيس للسنوات الخمس المقبلة في السياسة الأمريكية نحو الدول الأفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى"، وفي يونيو حزيران الماضي عرض الرئيس باراك أوباما الذي يخوض سباقا صعبا للفوز بفترة رئاسة ثانية الخطوط العريضة "لاستراتيجية الولايات المتحدة نحو افريقيا جنوبي الصحراء" ووعد بالعمل مع المنطقة لاطلاق طاقات التجارة والاستثمار هناك، وتركز تلك الاستراتيجية على امكانيات القارة التي تؤهلها لأن تصبح "قصة النجاح الاقتصادي التالية على مستوى العالم."

لكن ستيفن هيز رئيس مجلس الشركات المعني بافريقيا وهو تجمع للشركات الأمريكية قال إن أوباما لم يقم بما فيه الكفاية لاشراك القطاع الخاص في الخطط الأمريكية بشأن افريقيا، واضاف ان ورقة استراتيجية العمل خطوة ايجابية ولكن لا تتضمن سوى بضع أفكار جديدة ولم يحرص واضعوها على التشاور مع قطاع الأعمال بشكل كاف، وقال هيز إنه ينبغي للحكومة الأمريكية عمل المزيد لمساعدة الشركات الأمريكية الكبرى على التنافس مع الشركات الصينية الحكومية وغيرها من الشركات الأجنبية العاملة في افريقيا. بحسب رويترز.

ووفقا لتقرير أعدته خدمة الأبحاث في الكونجرس الأمريكي فقد بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الصين وافريقيا 8.9 مليار دولار فقط في عام 2000 ولكنه قفز أكثر من 1400 بالمئة خلال العقد التالي ليصل إلى 127.3 مليار دولار في عام 2011، وفي المقابل بلغ حجم التجارة بين الولايات المتحدة وأكثر من 40 دولة افريقية تقع جنوبي الصحراء الكبرى مستوى قياسيا عند 104.1 مليار دولار في عام 2008 ولكنه انخفض بشدة ابان الأزمة المالية قبل أن يصل إلى 94.3 مليار دولار العام الماضي، وذكر التقرير أن الاستثمارات الأمريكية الجديدة في المنطقة بلغت نحو 3.2 مليار دولار في عام 2010 مقارنة مع نحو 36 مليارا تدفقت من الصين وباقي العالم على افريقيا في ذلك العام.

أسعار الغذاء وتباطؤ التجارة

من جهة أخرى قال اقتصادي أفريقي بارز إن ارتفاع أسعار الغذاء قد يمثل ضربة خطيرة للبلدان المنتجة للسلع الأولية في افريقيا إذا تضافر مع انخفاض صادرات النفط والمواد الخام الافريقية إلى أوروبا والصين بسبب تباطؤ اقتصادي هناك، واعتبر مثولي نكوبي كبير الاقتصاديين ونائب الرئيس في البنك الافريقي للتنمية أن التهديد الذي يمثله ارتفاع أسعار الغذاء يلقي بظلاله على التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي في افريقيا التي ستتفوق على الكثير من بقاع العالم، وقال نكوبي "بالتأكيد هناك أسباب كثيرة للقلق" مشيرا إلى أزمة أسعار الغذاء والوقود التي اندلعت عام 2008 وأدت إلى اضطرابات اجتماعية وشغب في عدد من بلدان أفريقيا وأثرت مباشرة على نمو القارة، وتوقع تقرير بشأن الآفاق الاقتصادية لقارة أفريقيا 2012 أعده البنك الافريقي للتنمية مع مؤسسات دولية أخرى أن يرتفع النمو في القارة إلى 4.5 في المئة في 2012 من 3.4 في المئة في 2011 وهو ما ينم عن متانة في مواجهة الظروف العالمية الصعبة.

لكن البنك الدولي حذر من أن ارتفاع أسعار الحبوب بشكل مقلق بسبب الجفاف الشديد في ولايات الغرب الأوسط الأمريكي سيضر بفقراء العالم بما في ذلك افريقيا أقل القارات تقدما، وقال نكوبي في مقابلة على هامش مؤتمر لتوظيف الشبان في جوهانسبرج "هذا خطر... إن واصلت (أسعار الغذاء) ارتفاعها ستكون هناك اضطرابات اجتماعية من جديد تهدد النمو الاقتصادي في أفريقيا"، وإذا ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بشدة مرة أخرى فسيؤدي ذلك إلى الإضرار بدول أفريقيا التي تستورد الغذاء أكثر مما تصدره وسوف يتضافر مع أزمة منطقة اليورو وتباطؤ النمو الصيني ليؤثر سلبا على البلدان المصدرة للنفط والسلع الأولية الأخرى في القارة، وقال نكوبي "هذا سيمثل ضربة مزدوجة خطيرة."

ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض الناتج الإجمالي الأوروبي بنسبة واحد في المئة مثلا إلى خصم نصف نقطة مئوية من النمو الأفريقي، إلا أن نكوبي قال إن أزمة أسعار الغذاء المحدقة قد تكون أقل خطورة من نظيرتها في 2008 التي صاحبها ارتفاع مواز في أسعار النفط والوقود وتوسع في استخدام الوقود الحيوي وأحوال جوية سيئة، وأدت أزمة 2008 إلى أعمال شغب عنيفة في دول أفريقية مثل مصر والكاميرون. بحسب رويترز.

ويرى نكوبي أن الحكومات والمؤسسات العالمية أكثر إدراكا واستعدادا الآن للتعامل مع أزمة جديدة في أسعار الغذاء قائلا "العالم يعرف ما قد يحدث... هناك استعداد أفضل للتعامل مع الأزمة"، وسيكون البنك الأفريقي للتنمية مثلا مستعدا لتوفير الدعم المالي للحكومات التي تجد صعوبة في التعامل مع ارتفاع فواتير استيراد الغذاء وأزمات الميزانية، ويقول نكوبي إنه بالرغم من معدلات النمو الاقتصادي القوية نسبيا في أفريقيا فإن القارة تواجه ارتفاعا في مستويات البطالة، ويمثل الشبان 60 في المئة من مجموع العاطلين في أفريقيا. ورغم أن القارة سجلت أعلى معدلات النمو في العالم في الفترة بين 2000 و2008 فقد عجزت عن خلق وظائف تكفي لاستيعاب ما بين عشرة ملايين و12 مليون شاب وعدد متزايد من الخريجين الذين ينضمون لسوق العمل كل عام.

اقتصاد صلب

كما افاد تقرير نشره البنك الدولي ان اقتصاديات دول افريقيا جنوب الصحراء تسجل نموا قويا على الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، وكتبت المؤسسة الدولية في بيان بمناسبة صدور هذا التقرير النصف سنوي حول "الرهانات التي تؤثر على الافاق الاقتصادية في افريقيا"، ان "افريقيا جنوب الصحراء ستشهد نموا من 4,8 بالمئة في 2012، اي معدل نمو ثابت تقريبا مقارنة بمعدل ال4,9 بالمئة الذي سجل في 2011"، وباستثناء جنوب افريقيا، اكبر اقتصاد في القارة، سيبلغ النمو الاقتصادي 6 بالمئة في مجمل دول افريقيا جنوب الصراء، كما لفت البنك الدولي، واضاف ان "الدول الافريقية لم تنج من فترة التقلب الاخيرة في الاسواق والتي تعزى الى ازمة اليورو ولا من تباطؤ النمو الذي لوحظ في بعض الاقتصاديات الناشئة الاكثر اهمية ولا سيما في الصين" التي "تبقى سوقا مهمة لصادرات المعادن من افريقيا"، الا ان البنك الدولي اضاف ان "بقاء الاسعار المرتفعة للمواد الاولية والنمو المتين للصادرات في الدول التي اكتشفت مصادر معدنية في السنوات الاخيرة، اديا الى تحفيز النشاط الاقتصادي وسيشكلان محرك النمو الاقتصادي في افريقيا لبقية العام 2012"، واذ لفت الى ان الاقتصاد العالمي يبقى "هشا"، اشار البنك الدولي الى ان معدلات النمو المتينة التي لوحظت في افريقيا تبقى "ضعيفة" امام احتمال تدهور الوضع في اوروبا، ويبدي البنك الدولي قلقه من جهة اخرى حيال "ارتفاعات جديدة في اسعار المواد الغذائية والحبوب"، وحيال نتائجها على الاكتفاء الغذائي للسكان ولا سيما في منطقة الساحل التي تعاني من "اجتياح الجراد ومن جفاف ونزاع"، وشدد التقرير على اهمية الموارد الطبيعية في افريقيا التي ازدادت اهميتها مع اكتشافات حديثة، وعلى ان عددا من الدول المنتجة قد تستفيد منها خلال عقود عدة مقبلة بسبب احتياطاتها "الضخمة"، ويرى البنك الدولي انه بعد "ضياع" عقدين ونصف العقد حيث كان النمو في افريقيا ادنى منه في مجمل دول العالم، فان مفترق الالفية سجل بداية لتعويض التأخير الذي شهدته القارة، واليوم، هناك 22 دولة في جنوب الصحراء (اي 400 مليون نسمة) "ذات دخل متوسط"، اي ان اجمالي الدخل القومي السنوي للفرد فيها اعلى من الف دولار. وبحسب التقرير، فان عشر دول اخرى تمثل اليوم 200 مليون نسمة، ستنضم اليها من الان وحتى العام 2025. بحسب فرانس برس.

ويوصي البنك الدولي الدول الغنية بالموارد الطبيعية بالاستثمار دون تاخير "في تحسين الصحة والتربية وفي ايجاد فرص عمل مع تخفيض الفقر في الوقت نفسه"، لان "ذلك لن يحصل تلقائيا عندما تصبح الدول غنية"، كما حذر كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة افريقيا شانتايانان ديوراجان، ودليلا على ذلك، يطرح ديوراجان الغابون التي "تسجل احد اضعف معدلات تحصين الاطفال في افريقيا مع دخل فردي من عشرة الاف دولار" سنويا.

أكبر سد في إفريقيا

على الصعيد نفسه ينهمك عشرات العمال على ضفاف نهر أومو لبناء أعلى سد في إفريقيا في إحدى المناطق النائية في جنوب إثيوبيا، ومن المتوقع الانتهاء من تشييد هذا السد الذي سيبلغ طوله 243 مترا في العام 2014. واعتبارا من العام المقبل، سيصبح من الممكن احتباس المياه في مساحة تمتد على 210 كيلومترات مربعة مع طاقة كهرمائية نهائية تصل إلى 1870 ميغاواط، تعتبر ورشة غيبي 3 التي أطلقت في العام 2006 من المبادرات الرئيسية التي ستسمح لإثيوبيا بالالتحاق بركب البلدان ذات المدخول المتوسط في العام 2025، لكن هذا السد وهو أكبر السدود الخمسة التي شيدت في البلد او التي هي قيد البناء قد يقلب رأسا على عقب حياة السكان الذين يعيشون في جواره حتى بحيرة توركانا في كينيا المجاورة والبالغ عددهم 500 ألف نسمة رأسا. وهو قد يستنزف هذه البحيرة التي تستمد 80% من مواردها من النهر، على حد قول علماء البيئة الكينيين.

أما مروجو هذا المشروع، فيؤكدون أنه سيسمح بتنظيم مجرى مياه نهر أومو الممتد على 700 كيلومتر. وأوضح ميرهت دبيبي رئيس الشركة الوطنية لتوليد الكهرباء "حتى الآن، كان الموسم الرطب يدوم شهرين او ثلاثة أشهر، على أقصى تقدير يليه موسم الجفاف الممتد على تسعة أشهر. وبفضل السد، بات في وسع السكان الذين يعيشون في الجوار الاستفادة من جريان منتظم طوال 12 شهرا في السنة"، ولطالما عولت قبائل بودي ومورسي ونيانغتتزم المعروفة بالرسوم التي يرسمها أفرادها على أجسامهم وبالأسطوانات التي تضعها النساء بين شفاههن على الزراعة التقليدية مع استخدام الطين الذي يخلفه انخفاض منسوب المياه في النهر.

وسيتم اصطناع فيضانات في محيط السد بغية "تفادي توقف هذه الممارسات" في هذا الوادي جنوب نهر اومو المندرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، بحسب ما أكدت مديرة ورشة غيبي 3 أزب أزناكي، ونفت المديرة الإشاعات التي تفيد بأن السد سيسمح بري مزارع قصب السكر والقطن الكبيرة في جوار السد التي تحظى بتمويل خارجي والتي أطلقتها جمعية "أصدقاء نهر توركانا" في كينيا. وتكتسي هذه المسألة أهمية بالغة في نظر الخبراء الذين يقيمون آثار السد. وأكدت أزب أزناكي أن "الهدف من هذا السد يكمن في توفير الطاقة الكهرمائية لا غير"، تبلغ كلفة هذا المشروع 1,5 ميليار يورو، وهو يمول بصورة رئيسية من الشركة الوطنية لتوليد الكهرباء، فضلا عن المصرف الصيني "آي سي بي سي" الذي يتكفل بالمعدات الكهربائية التي يساوي ثمنها 319 مليون يورو.

ولم ترع هذا المشروع أي من الجهات الممولة الكبيرة من قبيل البنك الدولي ومصرف التنمية الإفريقي والبنك الأوروبي للاستثمار، وفضلت إثيوبيا التي تضم 92 مليون نسمة الاستغناء عن هذه الجهات واللجوء إلى شريك صيني، في حين كانت الدراسات المتمحورة على آثار هذا المشروع على المجتمع والبيئة لا تزال قيد الإجراء بمشاركة من منظمات الدفاع عن البيئة التي اعترضت على المشروع، وشدد ميرهت دبيبي رئيس الشركة الوطنية لتوليد الكهرباء قائلا "نحن أخذنا هذا القرار لاننا أردنا المضي قدما في المشروع"، وأقرت مديرة مشروع غيبي 3 بأن السد سيؤثر في انماط عيش السكان المحليين بطريقة جذرية، قائلة "المياه هي موردنا الرئيسي وينبغي أن نستخدمها لنأكل ثلاث مرات في النهار مثل أي كائن بشري آخر. ويجب إيجاد تسويات"، وسيجري تصدير جزء من الكهرباء التي سيتم توليدها من خلال السد إلى جيبوتي وكينيا والسودان وجمهورية صوماليلاند، على أن تعود هذه الصادرات بأرباح كبيرة. وتوظف هذه الورشة اليوم 4500 شخص من بينهم 250 موظفا مغتربا.

مسجد ضخم

في سياق متصل دشنت سلطات جنوب افريقيا مسجدا ضخما مول بناءه رجل اعمال تركي، لترتفع مآذنه 55 مترا في مدينة ميدراند وسط مجمع اسلامي، وقدم المسجد باعتباره الاضخم من نوعه في نصف الكرة الارضية الجنوبي، واستمر العمل في بناء المسجد ثلاث سنوات في هذه البلدة التي تقع بين العاصمة الاقتصادية لجنوب افريقيا جوهانسبورغ والعاصمة السياسية بريتوريا، ويضم المجمع الاسلامي ايضا مدرسة وملاعب رياضية ومشفى، وكان الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا الذي عبر عن رغبته في اقامة هذا المسجد، الح على بناء مشفى ضمن المجمع، ودشن رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما المسجد بحضور وفد وزاري تركي، وقال زوما وسط تصفيق الحضور "ان مسجد النظامي سيساهم في المزيد من التفاهم والتسامح بين مختلف الديانات"، والمسجد الذي يبلغ قطر قبته 24 مترا بني على نموذج المسجد السليماني النظامي الذي شيد في القرن السادس عشر في مدينة ادرين التركية وهو مدرج ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو. بحسب فرانس برس.

ومول بناء المسجد مستثمر تركي في القطاع العقاري هو اورهان جيليك، وقال وزير الاقتصاد التركي ظافر جاغليان الذي قاد وفد رجال اعمال تركي كبير الى جنوب افريقيا "نحن لسنا على بعد آلاف الكيلومترات من بلادنا، نحن في بلادنا"، ويحمل المسجد اسم البطل والوزير الفارسي نظام الملك أبو علي الحسن الطوسي الذي عاش في القرن الحادي عشر، وجنوب افريقيا ذات الغالبية المسيحية يقطنها نحو 650 الف مسلم ويبلغ عدد سكانها 50 مليون نسمة.

جائزة قادة افريقيا: لم ينجح احد!

على صعيد مختلف لم يفز احد بجائزة مو ابراهيم للحكم الرشيد في افريقيا ـ وهي اعلى جائزة فردية من حيث القيمة في العالم اذ تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار، وتمنح الجائزة كل عام لزعيم افريقي منتخب ديمقراطيا ويحكم بشكل جيد وعمل على رفع مستوى معيشة شعبه وترك الحكم طوعا، وقالت اللجنة التي تمنح الجائزة ان الشروط لم تنطبق على احد هذا العام، كما حدث في عامي 2009 و2010، وفاز بالجائزة العام الماضي رئيس دولة الرأس الاخضر بدرو فيرونا بايرس، الذي قاد النضال ضد الاستعمار البرتغالي وادخل نظام التعددية السياسية في البلاد ويحسب له رفع مستوى معيشة الشعب، وتقسم قيمة الجائزة على 10 سنوات تتبعها مكافأة سنوية 200 الف دولار مدى الحياة. بحسب البي بي سي.

ولدى اعلانه النتيجة قال مو ابراهيم: "اذا قطعت عهدا، فعليك الالتزام به. فاذا قلنا ان الجائزة هي للقيادة المميزة علينا ان نلتزم بذلك. لا يمكن ان نتهاون"، وقال عضو لجنة الجائزة سالم احمد سالم: "نظرت اللجنة في امر عدد من المرشحين الا ان شروط الجائزة لم تنطبق على اي منهم"، والفائزان الاخران بالجائزة منذ اطلاقها قبل ست سنوات هما رئيس بوتسوانا فيستس موغي ورئيس موزمبيق يواكيم تشيزانو، ومطلع هذا الشهر منحت مؤسسة الجائزة مليون دولار جائزة خاصة للاسقف ديزموند توتو "لنطقه بالحق في وجه السلطة"، ووصفت المؤسسة، ومقرها في لندن، الاسقف بانه "واحد من اقوى الاصوات الافريقية المطالبة بالعدالة والحرية والديمقراطية والحكم الرشيد"، ويقول رجل الاعمال السوداني المولد مو ابراهيم ان جائزة الحكم الرشيد ضرورية لان اغلب الزعماء الافارقة يأتون من خلفيات فقيرة ويغريهم التمسك بالسلطة خشية العودة لحياة الفقر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/تشرين الأول/2012 - 6/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م