بلجيكا والسلفيين... مواجهة التطرف بالتطرف

 

شبكة النبأ: تتسم بلجيكا بالحساسية إزاء التعصب والتمييز على إي فئة من فئات المجتمع البلجيكي، لكن التطورات الاخيرة في البلاد، أثارت صراعا حاميا بين الجماعات السلفية والأحزاب اليمينية في بلجيكا خاصة ًخلال الأشهر الأخيرة، وبالتالي دفع هذا الصراع السلطات البلجيكية للشعور بخطر التطرف بين طرفي الخصام، ويرى بعض الخبراء بأن الجهات السياسية التي تتبنى بعض أفكار اليمين المتطرف في قضايا تهمهم على غرار الهجرة واستهلاك اللحم الحلال وارتداء النقاب وغيرها من القضايا الاخرى، من شأنها أن تضر بالمسلمين في المستقبل، وخصوصا الإجراءات التعسفية الأخيرة ضد الإسلاميين الأصوليين، والتي أظهرت الجماعات اليمينية بصورة متطرفة، وهو أمر طبيعي لأن التطرف ينتج تطرف موجه من الجانب الآخر، ويرى العديد من المراقبين انه يجب على الحكومات الأوربية وخاصةً البلجيكية اتخاذ إجراءات احترازية إزاء العنف المتواصل من قبل الحركة المتطرفة لحماية سكانها من المتطرفين، وقد أثارت إدارة الأجندات لدى السلفيين بواعث خطر شديد اللهجة في أنحاء أوربا وخاصة بلجيكا فأصبحت الاشتباكات السلفية مؤخرا قضية مثارة في تأجيج الصراع القائم في تلك الدولة، فهل ستستطيع السلطات بلجيكية الحد من المد السلفي في بلدها؟.

تجنيد مجاهدين

فقد القت قوات الامن البلجيكية في بروكسل على سبعة اشخاص يشتبه في انهم عناصر في خلية لتجنيد "المجاهدين وارسالهم الى مناطق قتال" في افريقيا، كما اعلنت النيابة العامة الاتحادية، وجاء في بيان للنيابة الاتحادية المسؤولة عن قضايا الارهاب في بلجيكا انه "تم توقيف سبعة اشخاص من اصول مغربية وافريقية وبلجيكي واحد تمهيدا لاستجوابهم"، واضاف البيان ان الموقوفين السبعة اعتقلوا خلال ست عمليات دهم في بروكسل بشبهة الانتماء الى خلية تقوم ب"تلقين الشبان المسلمين في بروكسل المبادىء الجهادية" و"ارسالهم الى مناطق قتال" في افريقيا، ومن المقرر ان يستجوبهم قاضي التحقيق في وقت لاحق خلال النهار ليقرر بناء عليه ما اذا كان سيوجه اليهم تهما ويضعهم في الحبس على ذمة التحقيق ام يخلي سبيلهم، كما اوضح متحدث باسم النيابة، واوضح البيان ان محققي الشرطة ضبطوا ايضا خلال عمليات الدهم التي جرت في ستة من احياء بروكسل (بروكسل المدينة وفورست وسان جيل ومولنبيك واوكل وفولوي سان بيار) "برامج معلوماتية ووثائق"، واكدت النيابة الاتحادية ان هذه الحملة من الاعتقالات هي نتيجة تحقيق بدأ في آب/اغسطس بعد اعتقال "مواطن بلجيكي من اصل مغربي على الحدود الصومالية كان يريد الذهاب الى الصومال للقتال الى جانب حركة الشباب الجهادية المرتبطة بالقاعدة". بحسب فرانس برس.

واتاحت التحقيقات الكشف عن وجود خلية في بروكسل "هدفها تلقين العقيدة الجهادية للشبان المسلمين في بروكسل وارسالهم الى مناطق القتال الافريقية"، كما قال المصدر نفسه، وقد القي القبض مرارا على شبكات لتجنيد شبان في الاوساط الاسلامية في بلجيكا يرغبون في الجهاد، لكن عملها كان يقتصر حتى الان على ارسال متطوعين الى العراق او الى الحدود الافغانية الباكستانية. وفي حزيران/يونيو الماضي، حكم في بروكسل على ستة من عناصر احدى هذه الخلايا بالسجن لفترات تتراوح بين 30 شهرا وثماني سنوات.

جميعة اسلامية تحل نفسها

فيما اعلنت الجمعية الاسلامية البلجيكية الصغيرة المتطرفة "شريعة فور بلجيوم" التي تدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية في بلجيكا، انها قررت ان تحل نفسها طوعا، ووعدت في الوقت نفسه بمواصلة "الدفاع عن شرف المسلمين" في العالم، وجاء في بيان على الموقع الالكتروني لهذه الجمعية التي تأسست العام 2010 في انفير (شمال) والتي يصفها القضاء البلجيكي بانها سلفية "اليوم الاحد 7 تشرين الاول/اكتوبر، قررنا حل منظمة شريعة فور بلجيوم"، واضاف البيان الذي يحل محل الصفحات العادية للموقع ان "السبب الرئيسي لهذا القرار هو ان رسالة شريعة فور بلجيوم حجبها تسليط الضوء على المنظمة واعضائها". بحسب فرانس برس.

وقال البيان ايضا ان "السبب الثاني هو اننا نريد ان نكون جسما واحدا مع الجالية المسلمة ضد الصليبيين والذين يحتلون الدول الاسلامية. اننا نعيش مرحلة ازمة. وعليه وكوننا امة اسلامية، من واجبنا ان نوحد قوانا ومواردنا من اجل دعم المسلمين في العالم اجمع"، واكد البيان "سوف نواصل الدفاع عن شرف المسلمين في بلجيكا والخارج وسنبقى متمسكين باقامة خلافة لحماية مصالح الانسانية"، وكان زعيم هذه الجمعية فؤاد بلقاسم اتهم بالتحريض على الحقد في حزيران/يونيو بعد اعتقال شابة في بروكسل رفضت نزع حجابها خلال عملية للشرطة، وبعد وقوع صدامات بسبب عملية الاعتقال هذه، اعلنت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكيه عن تعديلات في القانون تسمح بمراقبة افضل للمجموعات الاسلامية المتطرفة.

اسلامي يطعن شرطيين

من جهة أخرى ندد رئيس رابطة الائمة في بلجيكا ورئيس اتحاد مساجد بروكسل بشدة بالاعتداء الذي ارتكبه اسلامي مفترض اقدم على طعن شرطيين اثنين بسكين في محطة مترو في منطقة بروكسل، وقال رئيس اتحاد مساجد بروكسل جمال حبابيش في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة البلجيكية في حضور عدد من المسؤولين عن المجموعة الاسلامية في البلاد "ندين بشدة" الاعتداء، داعيا الى "ملاحقة المرتكب"، واعلنت النيابة العامة الفدرالية في بلجيكا ان مرتكب الاعتداء فرنسي في الرابعة والثلاثين من العمر اعلن انتماءه الى التيار الاسلامي المتشدد وقد اوقف رهن التحقيق بتهمة محاولة اغتيال، وقدم المعتدي بالقطار من باريس ووصف نفسه بانه "مجاهد" اتى الى بلجيكا "للجهاد"، موضحا انه هاجم الشرطيين للمطالبة برحيل "الكفار" من افغانستان واحتجاجا على سياسة الحكومة البلجيكية ازاء المسلمين وارتداء النقاب، بحسب ما قالت المتحدثة باسم النيابة العامة الفدرالية ليف بلينز، كما نفى ان يكون اراد قتل الشرطيين. وقالت المتحدثة انه "كان يريد ان يقتل على ايدي عنصري الشرطة"، واكدت ان لا سوابق للمعتدي في سجلات الشرطتين الفرنسية والبلجيكية. بحسب فرانس برس.

وعلم من مصدر طبي ان احد عناصر الشرطة وهو شاب في الثالثة والعشرين غادر المستشفى بعد معالجة جروحه، في حين ان زميلته البالغة الرابعة والعشرين من العمر لا تزال في المستشفى وحالتها "مستقرة وغير خطرة".

يمينيون في بلجيكا

من جهتهم قال منتمون لحزب يميني في بلجيكا إنهم عرضوا مكافأة قيمتها 250 يورو (310 دولارات) لمن يبلغ الشرطة عن امرأة منتقبة وذلك في أعقاب اعمال شغب اندلعت بسبب النقاب في بروكسل، وابلغ فيليب ديوينتر العضو الكبير في حزب فلامس بيلانج اليميني ان اعمال الشغب جعلت الشرطة قلقة بشأن تطبيق حظر النقاب وان من المتوقع أن تضغط المكافأة على السلطات لمواصلة تطبيقه، وقال "انه سجن من قماش للنساء المضطرات للعيش تحته"، ويأتي ذلك بعدما القى محتجون صناديق وحواجز معدنية على مركز شرطة في بروكسل بعدما اعتقلت مسلمة لرفضها خلع النقاب.

وقال متحدث باسم شرطة بروكسل انه لا علم له بالاموال المعروضة لكنه قال ان اي ضابط يرى امرأة ترتدي النقاب سيوقع عليها عقوبة، واضاف "عندما يخرج احد على القانون فعلينا دائما ان نتدخل .. النقاب ممنوع سواء كانت هناك مظاهرات ام لا"، وتواجه النساء في بلجيكا غرامة بحد اقصى بقيمة 150 يورو اذا ارتدين النقاب في اماكن عامة. وحظرت بلجيكا وفرنسا ارتداء النقاب في الاماكن العامة العام الماضي. بحسب رويترز.

وقال ديوينتر انه ليس لديه علم بعدد من استجابوا لعرض المكافأة، وقالت متحدثة باسم الشرطة الاتحادية في بلجيكا ان الوضع القانوني للمكافأة يحدده القضاء لكن اذا شعر أحد بالاهانة بسبب ذلك فيمكنه تقديم شكوى للشرطة، وقال المتحدث باسم الشرطة إنها تحقق في اعمال الشغب، وانها اعتقلت 13 عضوا بجماعة (الشريعة من اجل بلجيكا) الاسلامية، ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الجماعة.

توقيف زعيم جماعة اسلامية متطرفة

الى ذلك اعتقلت الشرطة البلجيكية زعيم مجموعة اسلامية متطرفة نشطة في بلجيكا تدعى "الشريعة لأجل بلجيكا"، بعد ايام من حوادث اعقبت اعتقال امراة رفضت خلع نقابها خلال تحقيق مع الشرطة، حسبما اعلنت وسائل الاعلام البلجيكية، واعتقل فؤاد بلقاسم (30 عاما) في منزله في مدينة انتويرب البلجيكية (شمال)، حسبما قالت الاذاعة الفلمنكية "في ار تي"، ورفض المدعي العام لانتويرب الادلاء تفاصيل حول هذا الاعتقال، وتعتبر المحاكم البلجيكية فؤاد بلقاسم، حسبما افادت الاذاعة، المحرض على اعمال الشغب التي وقعت في مولينبيك احدى بلديات بروكسل، ردا على اعتقال امرأة منقبة، وقالت الشرطة ان هذه المرأة البلجيكية الشابة التي اعتنقت الإسلام، تمردت داخل مخفر للشرطة واعتدت عى شرطيين بالضرب، وقال فؤاد بلقاسم خلال مؤتمر صحافي تنديدا بتصرف الشرطة، ان "خدام الشيطان الذين اعتقلوا اختنا يريدون شن حرب على المسلمين، لكنهم لن يفوزا ابدا في بلجيكا".

وكانت المحكمة اصدرت حكما بالسجن سنتين سنة منها نافذة، على بلقاسم الذي يقدم نفسه على انه المتحدث باسم الشريعة لأجل بلجيكا، بتهمة "التحريض على الكراهية ضد غير المسلمين"، لكنه لم يتم توقيفه في نهاية محاكمتهن وعرف فؤاد بلقاسم بالدعوة لتطبيق الشريعة الاسلامية في بلجيكا حيث تبنى مواقف مثليي الجنس وحاول تنظيم احتجاجات ضد القانون البلجيكي الذي حظر ارتداء البرقع في الشارع. بحسب فرانس برس.

وحظرت بلجيكا ارتداء النقاب او البرقع في الأماكن العامة في تموز/يوليو 2011، ويتم معاقبة المخالفين لهذا القرار بالسجن سبعة ايام وغرامة قدرها 137,5 يورو، وحث بلقاسم المسلمين في 2010 على الانضمام الى صفوف المجاهدين المسلحين، وطلبت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكي بعد اشتباكات مولينبيك، اجراء تحقيق شامل في الوقائع التي تسببت في الحادث واعلنت تعديلات تشريعية لتحسين مراقبة الجماعات الاسلامية المتطرفة، واحيت هذه الاضطرابات النقاش حول سياسة الاندماج في انحاء بروكسل قبل بضعة اشهر على الانتخابات المحلية المقرر اجراؤها في تشرين الاول/اكتوبر في بلجيكا.

حريق مسجد

على صعيد ذو صلة توفي إمام مسجد مختنقا الاثنين بحي أندرلخت في العاصمة البلجيكية بروكسل إثر حريق متعمد، بحسب ما أعلنت الشرطة المحلية. واتهم مسؤولون مسلمون في بلجيكا الحركة السلفية السنية بالوقوف وراء هذا الحادث.

قتل امام مسجد الرضا في حي اندرلخت في بروكسل واصيب شخص اخر في حريق متعمد الاثنين تسبب بتدمير قسم كبير من المسجد، كما افادت الشرطة المحلية، وقالت المتحدثة باسم الشرطة ماري فيرفيكي ان الشرطة اوقفت مشتبها به، مشيرة الى ان الامام توفي مختنقا نتيجة تنشق الدخان، والمسجد المستهدف هو اكبر مسجد شيعي من بين أربعة مساجد في بروكسل التي يعيش فيها مليون شخص، ويقع مسجد الرضا في حي اندرلخت الذي يعيش فيه عدد كبير من المهاجرين المسلمين، وقالت المتحدثة باسم الشرطة المحلية ماري فيرفيكي ان "شخصا رأى احدا يضرم النار في المسجد بالقاء زجاجة حارقة سببت الكثير من الاضرار" مضيفة "لقد احترق المسجد بالكامل تقريبا"، واعربت وزيرة الداخلية البلجيكية عن "صدمتها لما جرى" ودانت الحادث ب"اشد العبارات"، وتجمع عشرات من سكان الحي امام المسجد بعد الحادث. وتوجه عناصر من رجال الاطفاء والشرطة الى مكان الحادث. بحسب فرانس برس.

واعتبرت نائبة رئيس مجلس مسلمي بلجيكا ايزابيل برايلي وهي شيعية، ان الشهادات التي جمعت في المسجد تشير الى ان العمل من فعل متطرفين سلفيين، وقالت ان "مركز الرضا الاسلامي وهو اكبر مسجد شيعي في بروكسل، كانت تحت حماية الشرطة قبل عدة اعوام" بعد تهديدات سلفية، وقال مسؤول شيعي اخر هو عز الدين لغميش الذي يعمل في المسجد ان الشعارات التي اطلقها المعتدي الذي اضرم النار بالمسجد تشير الى الحركة السلفية المناهضة للشيعة. واضاف "انه سلفي، كل الشهادات التي ادلى بها الاشخاص الذين كانوا في المسجد تظهر ذلك"، واوضح المسؤول ان المسجد الذي استهدف تلقى في الماضي رسائل تهديد. واتهم "الخطاب الداعي للكراهية الذي يطلق من بعض المساجد" السلفية في المدينة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تشرين الأول/2012 - 5/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م