دور المرأة في حل النزاعات

وترسيخ ثقافة السلام ونبذ العنف

انتصار السعداوي

بموجب العادات والتقاليد والثقافة الشرقية والفهم الخاطئ لتعاليم دينننا الحنيف، غالبا مايتجنب المجتمع وخصوصا ازواجنا وإخوتنا وأبناءنا ان يجعلنا طرفا في النزاعات العنيفة او حتى السلمية فلا يحبذ دخول المرأة كطرف محاور او حتى طرف مصالح او وسيط بين المتخاصمين او حتى طرف مفاوض او مسائل او متشاجر رغم ما تحمله النزاعات السياسية والطائفية وحتى العشائرية من هول كبير بالنسبة إلى المرأة.

 ولا تقتصر مخاوف المرأة من الإصابات والموت، بل تمتدّ لتشمل خوفها من عمليات، الاغتصاب والتعذيب والأذى الجسدي والجنسي، والعبودية الجنسية أو الاقتصادية واستطيع القول ان صورة المرأة كواجهة لتسوية النزاعات والصراعات مكروهة اذا لم تكن مرفوضة، وحتى عندما يكون الرجال خاصتنا على خطأ وتحاول المرأة تقريب وجهات النظر تلافيا لتجدد النزاع بين الطرفين، نلاحظ ان الخصم يرفض التفاهم او التحدث او التفاوض مع امرأة.

وبعض الرجال من يصعب عليهم تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات وإدارة الحوارات يدفعون بالمرأة الى واجهة المدفع كما يقولون لإجبار الخصم على التراجع والهدوء وامتصاص غضبه، وذلك ليس لإيمانهم بدور المرأة في المصالحة ونبذ العنف ولان المرأة بطبيعتها لاتميل إلى العنف بل ميالة الى السلام والوئام والتفاهم والمصالحة بل بسبب ضعفهم وقلة حيلتهم. وهذا للأسف ينطبق على الحكومة العراقية التي لم تستفد في تطبيق مشروع المصالحة الوطنية من هذه الخاصية مطلقا ولم تشرك النساء إلا قليلا او نادرا وبسبب ضغوطات المجتمع الدولي او من خلال منظمات المجتمع المدني الفاعلة في بغداد.

 رغم تشديد قرار مجلس الأمن 1325 لعام (2000) على أهمية مشاركة المرأة المتكافئة والكاملة كعنصر فاعل في منع نشوب المنازعات وحلها وفي مفاوضات السلام، وبناء السلام وحفظ السلام، والاستجابة الإنسانية، وفي التعمير في مرحلة ما بعد الصراع. ويطلب إلى الدول الأعضاء (العراق من ضمنها) أن تكفل مساهمة المرأة المتكافئة ومشاركتها الكاملة في جميع الجهود الرامية إلى صون السلام والأمن وتعزيزهما، ويحث جميع الأطراف الفاعلة على زيادة مشاركة المرأة وإدراج المنظور الجنساني في جميع مجالات بناء السلام.

والحكومة العراقية بهذا لن تستثمر لان تكون المرأة حمامة سلام بين الجماعات المتخاصمة والمتصارعة من خلال المنظمات غير الحكومية او الكيانات السياسية في البرلمان وفي خطوط وخطوات وآليات المصالحة الوطنية في بغداد والمحافظات خاصة من خلال مكاتب الحوار فلا ملامح او بصمات لدور المرأة في هذا المشروع.

فكم من عضوة برلمان لانعرف وجهها او اسمها او حتى الكتلة التي تنتمي اليها، دخلت البرلمان فقط لملء خانة فقط من خانات البرلمان الميتة وكم من برلمانية ترفع يدها للتصويت ولاتعرف لمن؟ ولماذا؟ ولصالح من تصوت؟. وكم برلمانية تستطيع ان تقول جملة مفيدة واحدة للصحافة؟ وان استطاعت ان تقول فهي لاتستطيع ان تصرح.

وكم امرأة في لجنة المصالحة والعدالة البرلمانية؟ او أي لجان خاصة بحل النزاعات؟؟

الجواب: صفر، فالمساحة المتروكة للمرأة العراقية في الحكومة العراقية لتؤدي دورها الانساني في ترسيخ ثقافة السلام ونبذ العنف هي صفر.

ولا نستطيع الا ان نشير بأصابعنا للعراقيات البارزات في منظمات المجتمع المدني والتي عملت وماتزال تعمل على نبذ ثقافة العنف وترسيخ روح السلام ودعت دائما لإشراكها في مكاتب الحوار والمصالحة الوطنية لترسيخ مبادئ الوئام والمصالحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/تشرين الأول/2012 - 4/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م