الاقتصاد العالمي بين صعود ناشئ وهبوط الدول الغنية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعرض الاقتصاد العالمي هذا العام لهزات جديدة نتيجة لتراكم ديون الدول الغنية ووصولها مستويات قياسية تقارب المستويات التي بلغتها في زمن الحرب، الى جانب نمو اقتصادي مفرط في الدول الناشئة، مما ينذر بعودة ظهور الغموض الاقتصادي من خلال السياسات الاستراتيجية المالية الاحتكارية، التي تفاقم من مشاكل الانظمة المالية حول العالم، وقد نتج للتاثيرات الجانبية لهذه السياسيات اختلالات في التوازن بالمنظومة الاقتصادية العالمية، حيث تعمل الدول المتقدمة للتخلص من الازمة على حساب الدول الناشئة التي حققت طفرات مالية مذهلة خاصةً في الاونة الاخيرة، لكن التدفق الكثيف للرساميل، واستمرار عجز البنوك العالمية يشي بولادة اضطرابات مالية جديدة، تستشرف الآفاق المستقبلية للأوضاع الاقتصادية في العالم، ويرى المحللون ان الاقتصاد العالمي يستعد لاستقبال عاما آخر من التخبطـ على الرغم من أن بعض دول النامية تشهد تطورا كبيرا بفضل اصلاحات بنيوية واجتماعية لضمان نمو دائم كما هو الحال في المكسيك و إندونيسيا، وكما يبدو أن النمو الاقتصادي في العالم سيتعثر خلال الاشهر القليلة المقبلة وهو ما قد يمهد السبيل في النهاية لانتعاش اقتصادي في النصف الثاني من 2012، وخلاصة القول أن الاقتصاد العالمي برمته سيعاني في عام 2012 من تقلبات متواصلة وستعاني الأسواق المالية من تذبذبات حادة قبل أن تستقر، إذا ما تمكنت بلدان العالم ومؤسساته المالية من التعامل بمرونة للتغلب على العديد من الأزمات، وبالأخص أزمة منطقة اليورو، مما يعني ان نهاية الازمة المالية بعيدة المنال حتى في المستقبل القريب.

ديون الدول الغنية

فقد حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من ان الديون العامة المتراكمة على الدول الغنية باتت تقارب المستويات المسجلة في "زمن الحرب"، معتبرة ان هذه "العقبة" لن يتم تخطيها الا بسلوك "طريق صعب"، وقالت لاغارد متحدثة في طوكيو خلال اجتماع لممثلي الدول ال188 اعضاء الصندوق "ان العقبة الاكبر (في وجه النمو) سيطرحها بلا شك الارث الهائل الذي ستخلفه الديون العامة وقد بلغ الان متوسط 110% (من اجمالي الناتج الداخلي) في الدول المتطورة، وهو مستوى يكاد يساوي مستويات زمن الحرب"، وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي التي صدرت فان الدين العام في الدول المتطورة سيتخطى 110% هذه السنة و113% في 2013، وقالت لاغارد انه سيكون من "الصعب الى حد غير معقول" التصدي لهذه الديون بنمو باهت داعية الى ايجاد "الوتيرة المناسبة" لخفض العجز، وتابعت "انه طريق صعب وطريق طويل على الارجح ولا مجال لاختصاره".

ودعت مرة جديدة الى اصلاح النظام المالي الذي وصفته بانه "ليس اكثر امانا حتى الان" عما كان عليه عند افلاس مصرف ليمان براذرز الاميركي عام 2008 ما تسبب باندلاع الازمة المالية، وقالت ان "التجاوزات مستمرة والفضائح تكشف ان الثقافة (المالية) لم تتغير فعليا"، واوضحت ان النظام "ما زال بالغ التعقيد والنشاطات لا تزال تتركز اكثر مما ينبغي في مؤسسات كبرى" مضيفة ان شبح المصارف "الاكبر حجما من ان يسمح بافلاسها" ما زال "يخيم" على القطاع.

نمو مفرط في الدول الناشئة

على الصعيد نفسه حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من خطر حصول "نمو مفرط" يهدد الاقتصادات الناشئة بسبب العمل الذي تقوم به المصارف المركزية في الولايات المتحدة او اوروبا لمكافحة ازمة الديون ما يثير قلق عدة دول بينها البرازيل، واعتبرت كريستين لاغارد اثناء اختتام الجمعية السنوية لصندوق النقد الدولي ان "السياسات النقدية المتساهلة يمكن ان تسبب حالات واسعة من تدفق الرساميل نحو الاقتصادات الناشئة (...) وتؤدي الى تشكيل طفرات مالية في اسعار بعض الاصول وولادة اختلالات في التوازنات المالية"، ورات ان هذا الميل "يتسارع بوضوح" بفعل معدلات الفوائد المرتفعة في القوى الناشئة الرئيسية، ما يعني مردودية مرتفعة بالنسبة الى المستثمرين.

واعربت لاغارد عن اسفها لان تضافر هذه العوامل "قد يقيد قدرة هذه الاقتصادات على استيعاب تدفقات الرساميل الكثيفة هذه ويؤدي الى خطر نمو مفرط حتى درجة التضخم والى تشكيل طفرات مالية وولادة اختلالات في التوازن"، ولمكافحة التباطؤ الاقتصادي، عمدت عدة مصارف مركزية -- الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة والبنك المركزي الاوروبي في اوروبا والبنك المركزي الياباني في اليابان -- الى تليين سياساتها النقدية عبر ضخ المزيد من السيولة وخفض معدلات فائدتها الرئيسية الى مستويات قريبة من الصفر، الا ان بعض الدول الناشئة وبينها البرازيل اعتبرت ان هذه الاعمال تزعزع اقتصاداتها عن طريق تاجيج المضاربات لديها وزيادة سعر صرف عملاتها الوطنية بصورة مصطنعة على حساب صادراتها، وفي خطابها، حاولت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي ان تقوم بدور صعب لايجاد توازن بين المعسكرين، ومع تشديدها على هذه المخاطر المتمثلة في "نمو مفرط"، حرصت لاغارد مع ذلك على الاشادة بعمل المصارف المركزية "المشروع" و"الضروري" لتحريك النشاط في الدول الغنية.

وقالت لاغارد "شهدنا مبادرات قوية اتخذتها المصارف المركزية وحظيت بترحيب صندوق النقد الدولي الى اقصى الحدود لانه اعتبرها مساهمات رئيسية في الاستقرار"، مجددة بذلك موقفا سبق واتخذته، وكانت لاغارد اعتبرت في نهاية ايلول/سبتمبر في واشنطن ان برنامج شراء السندات العامة الذي اعلنه البنك المركزي الاوروبي يشير الى "مفترق" في الازمة، وفي طوكيو، اقرت لاغارد مع ذلك في ختام الجمعية السنوية للصندوق، بان انعكاس هذه السياسات النقدية على "مصداقية" و"استقلالية" المصارف المركزية يبقى "غامضا"، من جهته، المح وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا الذي كان الاكثر بروزا في هذا النقاش، الى ان التاثيرات الجانبية لهذه السياسة "ستكون اسوأ ربما من النتائج المباشرة"، وقال مانتيغا في العاصمة اليابانية ان "الدول المتقدمة لا يمكنها ان تامل بالتخلص من الازمة على حساب الدول الناشئة"، مؤكدا ان بلاده ستتخذ "كل الاجراءات الضرورية" لحماية نفسها من التدفق الكثيف للرساميل.

استراتيجية جديدة

في سياق متصل قال صندوق النقد الدولي إنه تبنى استراتيجية جديدة للمساعدة في رصد المشاكل في الانظمة المالية حول العالم قبل أن تتطور الي أزمة مستفحلة على غرار الازمة التي حدثت في 2007-2009، وقال ديفيد ليبتون نائب المدير التنفيذي لصندوق النقد في بيان "بالنظر الي الاهمية الحيوية للانظمة المالية من اجل النمو والاستقرار الاقتصادي فان من الضروري ان تكون هناك مراقبة مالية فعالة للتمكين من الرصد المبكر للمخاطر المنظمة وتقديم نصائح في الوقت المناسب بشان السياسات المالية، وتعرض صندوق النقد الدولي لانتقادات لفشله في التحذير بصوت عال بدرجة كافية من ممارسات الاقراض المتراخية في الولايات المتحدة التي أدت الي صعود حاد لاسعار المساكن، وعندما انفجرت الفقاعة الامريكية ادى ذلك الي الازمة المالية 2007-2009 التي أطبقت بخناق النمو في الولايات المتحدة والاقتصادات حول العالم. بحسب رويترز.

وقال ليبتون انه منذ ذلك الحين اعطى صندوق النقد اهتماما متزايدا للانظمة المالية في جهوده للمراقبة "لكن تبقى الحاجة الي تكييف تحليلاته ونصائحه بشان السياسات المالية مع بيئة سريعة التغير ومعقدة بشكل متزايد، وتتضمن الركائز الثلاثة الاساسية لاستراتيجية صندوق النقد تحسين تحليله ونصائحه بشان السياسات وتطوير أدواته للمراقبة المالية والتحدث بشكل اكثر نشاطا وأكثر صراحة الي السلطات الوطنية بشان المشاكل المحتملة.

الاستثمارات في العالم

على صعيد اخر اعلن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية في تقريره السنوي العالمي حول الاستثمار ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة التي زادت 16 في المئة العام الماضي لتصل الى 1524 مليار دولار، ستفقد من ديناميتها في 2012، وان "عودة ظهور الغموض الاقتصادي" هذه السنة بالفعل، وتباطؤ محتمل للنمو في الدول الناشئة "قد يقوضان دينامية" هذه الاستثمارات، بحسب التقرير، وفي العام 2011، بقي مستوى الاستثمارات الاجنبية المباشرة ادنى بنسبة 22 في المئة من اعلى نقطة وصل اليها في 2007 (1900 مليار)، كما لفت مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية في تقريره السنوي حول الاستثمارات في العالم.

الا انه في ارتفاع كبير مع ذلك مقارنة بادنى مستوى له في 2009 (1200 مليار مليار)، وبالنسبة الى العام 2012، تتوقع وكالة الامم المتحدة استثمارات اجنبية مباشرة من 1600 مليار دولار. وسيرتفع هذا المبلغ الى 1800 مليار دولار في 2013 و1900 مليار في 2014 شرط غياب اي صدمة للاقتصاد القطاعي، واجرى مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية تقييماته على اساس ارقام الاشهر الخمسة الاولى من السنة التي تدل على تراجع عمليات الاندماج الدولية والاستثمارات، وفي 2011، زادت الاستثمارات المخصصة للدول المتقدمة بنسبة 21 في المئة لتصل الى 748 مليار دولار وتلك المخصصة للدول النامية بنسبة 11 في المئة لتبلغ مستوى قياسيا من 684 مليار دولار، وسجلت الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الاقتصاديات الانتقالية زيادة 25 في المئة وبلغت 92 مليار دولار، وللسنة الثالثة على التوالي، تراجعت الاستثمارات الخاصة بافريقيا والدول الاقل تقدما. وسبب هذا التراجع يعود بشكل كبير لغياب الاستثمارات في شمال افريقيا، وبين القوى الاقتصادية الكبرى، جذب الاتحاد الاوروبي العام الماضي 420 مليار دولار من الاستثمارات الاجنبية المباشرة والولايات المتحدة 227 مليارا والصين 123 مليارا وهونغ كونغ 83 مليارا والبرازيل 66 مليارا وروسيا 52 مليارا.

واستثمر الاتحاد الاوروبي 561 مليارا في الخارج والولايات المتحدة استثمرت رقما قياسيا من 396 مليارا واليابان 114 مليارا وهونغ كونغ 81 مليارا وروسيا 67 مليارا والصين 56 مليارا، وقال المسؤولون في الشركات الدولية الكبرى ردا على اسئلة مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية، ان الوجهات العشر الاكثر تفضيلا للاستثمارات في حدود 2014 هي الصين والولايات المتحدة والهند واندونيسيا والبرازيل واستراليا وبريطانيا والمانيا وروسيا وتايلاند.

استطلاع عالمي

كما أظهر استطلاع اجرته الخدمة العالمية لبي بي سي في 22 من بلدان العالم ان هناك شعورا طاغيا باللامساواة الاقتصادية في هذه البلدان، وتوصل الاستطلاع الى ان اكثر من 50 في المئة من المشاركين في 17 من الدول الـ 22 المشمولة يعتقدون بأن المنافع والاعباء الاقتصادية غير موزعة بشكل عادل في دولهم، واظهر الاستطلاع ايضا وجود تأييد قوي لرأسمالية الاسواق الحرة، وقال معظم الذين يتبنون هذا الرأي إن للرأسمالية مشاكل يمكن حلها عن طريق التشريعات والقيود، وأظهر الاستطلاع الذي شمل طيفا واسعا من الدول المتطورة والنامية ان الاغلبية في معظم الدول يشعرون باللامساواة من الناحية الاقتصادية، وفي بعض الدول وصلت نسبة الذين يشعرون باللامساواة 90 في المئة (كاسبانيا) او اكثر من 80 في المئة (فرنسا وكوريا الجنوبية وتشيلي وروسيا)، بينما بلغت النسبة في الولايات المتحدة 66 في المئة و61 في المئة في بريطانيا، وفي غانا، عبر اقل من 50 في المئة من المشاركين في الاستطلاع عن انهم يشعرون باللامساواة، ولكن حتى هذا العدد كان اكبر من الذين يعتقدون بأن هناك مساواة، الا ان المشاركين في اربع دول، هي استراليا وكندا والهند وكينيا، اختلفوا عن الآخرين، حيث قال اكثر من 50 في المئة منهم إن المنافع والاعباء موزعة بشكل عادل.

وأظهر الاستطلاع ان مشاعر اللامساواة قد نمت منذ اجرت بي بي سي استطلاعا مماثلا عام 2009، وذلك بمعدل 3 درجات مئوية. الا ان النتائج جاءت مختلفة باختلاف الدول، حيث ارتفعت في اسبانيا بنسبة 26 في المئة والهند بنسبة 15 في المئة والولايات المتحدة بنسبة 13 في المئة، ولا يوفر الاستطلاع تفسيرا لهذه التغيرات ولا للفروق بين الدول المختلفة، ولكن هناك ثمة اسباب واضحة. فمنذ اجراء استطلاع عام 2009، بدأ الاقتصاد العالمي بالتعافي مما يوصف "بالركود الاعظم"، ولكن هذا التعافي لم يكن متساويا، حيث اخفقت الدول المتطورة بشكل خاص في تحقيق معدلات محترمة من النمو الاقتصادي - بل كانت بعضها قد عادت الى الركود وقت اجراء الاستطلاع الاخير بما فيها اسبانيا.

وفيما يخص اسبانيا، لعل التطورات التي شهدتها سوق العمالة تعطي التفسير لتغير مشاعر الناس فيما يخص اللامساواة والظلم، فمعدل البطالة في اسبانيا ارتفع من 19 في المئة الى اكثر من 23 في المئة، بينما بلغ الارتفاع في صفوف الشباب من اقل من 40 في المئة الى 50 في المئة، اما في الولايات المتحدة، فلا يمكن تفسير هذه المشاعر بنفس الوضوح، حيث هبطت نسبة البطالة في الفترة المحصورة بين الاستطلاعين، ولكن مع ذلك ما زالت نسبة البطالة مرتفعة كما لم يكن التعافي قويا، مع ذلك، انخفضت المشاعر باللامساوة في بعض الدول كتركيا والمانيا والمكسيك. بحسب البي بي سي.

الا انه من المثير حقا ان يعبر كثيرون من المستطلعة آراؤهم عن دعمهم لرأسمالية الاسواق الحرة، رغم المشاعر المنتشرة باللامساواة، حيث ابدى 75 في المئة من المشاركين عن تفضيلهم لهذا النظام الاقتصادي. الا ان معظم هؤلاء قالوا إن مشاكل الرأسمالية يمكن حلها عن طريق التشريعات، ولم تعبر اغلبية في اي بلد من البلدان المشاركة عن رأي يفيد بأن الرأسمالية نظام معيب بطبيعته، ولو ان هذا الرأي حظي بدعم 40 في المئة من المشاركين في اسبانيا وفرنسا، وقد عبرت اقليات صغيرة جدا في اسبانيا (3 في المئة) وفرنسا (4 في المئة) عن دعمها لاقتصاد السوق الحرة دون ادخال قيود وتشريعات جديدة، اما الدعم الاقوى لاقتصاد السوق الحر، فكان في الولايات المتحدة.

نهاية الازمة المالية

من جانب أخر قال محافظ بنك انجلترا المركزي ان التعافي الاقتصادي في بريطانيا أضعف مما كان مأمولا به والتضخم مرتفع جدا وأزمة ديون اوروبا ما زالت تشكل تهديدا، وفي أول محاضرة اذاعية وقت السلم لمحافظ بنك انجلترا منذ 1939 اعترف مارفين كينج بأن البنك المركزي البريطاني فشل في التعرف بشكل صحيح والتحذير من المخاطر التي كانت تواجه البنوك قبل تفجر الازمة المالية في 2008، وقال كينج في محاضرته التي وجهها عبر راديو هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) " لقد ألقينا بالفعل عظات بشان المخاطر. لكننا لم نتصور نطاق الكارثة التي ستحدث عندما تبلورت المخاطر"، لكنه أشار الي ان بنك انجلترا تم تجريده من سلطة الاشراف بشكل مباشر على البنوك في 1997 وهو شيء سيتم الرجوع عنه العام القادم في نفس الوقت تقريبا الذي تنتهي فيه فترة عمل كينج عندما سيصبح بنك انجلترا مرة أخرى أكبر هيئة لتنظيم القطاع المالي في بريطانيا. بحسب رويترز.

وانكمش اقتصاد بريطانيا باكثر من 7 بالمئة اثناء الركود في 2008-2009 وتضخم العجز في ميزانيتها ليصبح واحدا من اعلى معدلات العجز في العالم عند حوالي 11 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مع ضخ الحكومة أموالا لتقديم دعم انقاذ لبنوك كانت على حافة الانهيار، وقال كينج ان الخطر الاكبر الذي يواجه البنوك البريطانية الان يأتي من ازمة ديون منطقة اليورو، "نهاية الازمة الحالية بعيدة وهو ما يظهره تبلور الاحداث في منطقة اليورو كل اسبوع... التعامل مع عواقب (وضعنا المصرفي السيء) من المرجح ان يكون عملية طويلة وبطئية، ولم يتطرق كينج الي التوقعات للسياسة النقدية وهي مسألة مهمة لاقتصاد بريطانيا الذي عاد مجددا الي الركود منذ ان اشار البنك المركزي الشهر الماضي الي عزوفه عن اتخاذ مزيد من إجراءات التيسير الكمي، لكنه عبر عن القلق بشان معدل التضخم الذي قفز الي 3.5 بالمئة - وهو ما يزيد كثيرا عن المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي والبالغ 2 بالمئة- بعد صعوده في مارس اذار للمرة الاولى في ستة أشهر، وقال كينج "اقتصادنا لم يسترد بعد عافيته. رغم تراجع التضخم في الاشهر القليلة الماضية الا انه مازال مرتفعا جدا. وعلى الرغم من جهود لتحفيز الاقتصاد فان التعافي يسير بخطى أبطأ مما كان مرجوا."

البنوك العالمية

الى ذلك تحتاج البنوك العالمية الكبرى إلى زيادة جهودها لجمع أموال أو تحقيق مزيد من الأرباح بعدما قدرت الجهات التنظيمية المختصة أن تلك البنوك كانت ستواجه عجزا قدره 374 مليار يورو (488 مليار دولار) لو كانت القواعد الجديدة لرأس المال قد بدأ سريانها العام الماضي، ودعمت البنوك في الأعوام السابقة قاعدة رأسمالها قبل سريان النظام الجديد الذي يهدف إلى إيجاد شبكة أمان أكبر لحماية دافعي الضرائب من الاضطرار لإنقاذ البنوك وتفادي تكرار الأزمة المالية 2007-2009، وسيبدأ سريان القواعد الجديدة تدريجيا إبتداء من يناير كانون الثاني على أن تطبق بالكامل في 2019 لكن المستثمرين والمنظمين يريدون أن تلتزم بها البنوك قبل ذلك. بحسب رويترز.  

وقالت لجنة بازل للرقابة المصرفية العالمية إنه إذا تم سريان القواعد الجديدة المعروفة باسم بازل 3 بنهاية ديسمبر كانون الأول فإن البنوك الكبرى ستحتاج 374.1 مليار يورو حتى يبلغ رأسمالها الأساسي سبعة بالمئة من الأصول وهو المستوى المستهدف المطلوب من البنوك الوصول إليه، وانخفض العجز في رأس المال 111 مليار يورو عن تقدير سابق في أبريل نيسان حينما قدرت اللجنة أن البنوك ستحتاج 486 مليار يورو إذا كان قد بدأ سريان القواعد في نهاية يونيو حزيران 2011، ويبلغ متوسط نسبة رأس المال لدى أكبر 102 بنك في العالم 7.7 بالمئة بناء على القواعد الجديدة. لكن رأسمال خمسة من تلك البنوك يقل 4.5 بالمئة وهناك 25 بنكا آخر أقل من نسبة سبعة بالمئة المطلوبة، وتعني القواعد الجديدة أن البنوك عليها أن تحتفظ بمزيد من رؤوس الأموال كاحتياطيات لتغطية القروض.

الاقتصاد المكسيكي

في حين راى عدد من المحللين ان المكسيك قد تتخطى عام 2022 البرازيل التي اصبحت القوة الاقتصادية السادسة في العالم هذه السنة، لتصبح بذلك الاقتصاد المهيمن في اميركا اللاتينية خلال السنوات القليلة المقبلة، وعلى الرغم من اعمال العنف المرتبطة بتهريب المخدرات، فان المكسيك في صدد التحول الى مكان يفضله المستثمرون الاجانب على غيره وخصوصا بسبب زيادة الرواتب في الصين، واعلن محللون في مجموعة "نومورا" المالية ومقرها في اسيا "نتوقع ان تتخطى المكسيك البرازيل لتصبح الرقم واحد في اميركا اللاتينية اعتبارا من 2022"، مدفوعة بنمو اقتصادي قوي وزيادة في الانتاجية، وسجلت المكسيك نموا بنسبة 3,9 بالمئة في 2011، وتوقع مصرفها المركزي ان يصل النمو هذه السنة الى 4,25 بالمئة. في المقابل، تباطأ النمو في البرازيل الى 2,7 بالمئة العام الماضي ولا يتوقع ان يسجل هذا العام سوى 1,6 بالمئة، وياتي هذا التباطؤ بعدما عاشت البرازيل "عقدا ذهبيا" مستفيدة من شهية الصين المفتوحة على المواد الاولية اثر انضمام العملاق الاسيوي الى منظمة التجارة العالمية في العام 2001، وعلى خط مواز، باتت المكسيك تقف عند "فجر عصر جديد" مع قيام المزيد من المستثمرين بتركيز اعمالهم فيها بسبب الكلفة المتنامية لليد العاملة في الصين، كما اكدت مجموعة "نومورا"، من جهتها، تعتبر "بوسطن كونسالتينغ غروب" (مجموعة بوسطن الاستشارية) وهي مجموعة استشارات شاملة، ان التصنيع في المكسيك بات اكثر فائدة منه في الصين، وقال هال سيركين، كبير شركاء مجموعة الاستشارات الاميركية، "نعتقد ان تكاليف الانتاج في المكسيك هذه السنة متساوية او ادنى مما هي عليه في الصين".

واوضح ان متوسط الرواتب التي يتم احتسابها مع اخذ الانتاجية في الاعتبار، كان يعادل 3,06 دولارات للساعة الواحدة في المكسيك في العام 2010 مقابل 2,72 دولار في الصين. ومن الان وحتى العام 2015، سيصل هذا المعدل الى 5,30 دولارات في الصين مقابل 3,55 دولارات في المكسيك، ووجود حدود مشتركة بين المكسيك والولايات المتحدة، اكبر مستورد في العالم، يساعد المكسيك في الوقت الحالي لكنه يشتمل ايضا على مخاطر في حال تباطأ الاقتصاد الاميركي، وكتب ماركو اوفيدو المحلل في بنك باركليز في السادس من ايلول/سبتمبر ان المكسيك، وبعدما كانت في مرتبة متاخرة وراء الصادرات الصينية طيلة عقد من الزمن، باتت في المقدمة بعد 2008-2009، وقال اوفيدو "نعتقد ان هذا التغيير هيكلي على الارجح ودائم"، واصبحت المكسيك رابع مصدر للسيارات هذه السنة وباتت صناعات اخرى تاخذ منحى تصاعديا من الطيران الى الالكترونيات مرورا بالاتصالات، ومنذ بداية العام، اعلنت "نيسان" و"فورد" و"بي ام دبليو" خططا لفتح مصانع جديدة في المكسيك او لزيادة انتاجها فيها. بحسب فرانس برس.

واصبحت "اودي" هذا الشهر اخر شركة لتصنيع السيارات تقرر فتح مصنع لها في المكسيك. وسيتيح مصنع سان خوسيه تشيابي في وسط البلاد ايجاد ما بين ثلاثة الى اربعة الاف وظيفة، وتتوقع "اودي" انتاجا سنويا من 150 الف سيارة اعتبارا من موعد فتح المصنع في 2016، وقال اوي هانس فرنر المتحدث باسم "اودي" لوكالة فرانس برس ان "ذلك سيسمح لنا بارسال سياراتنا من دون رسوم جمركية الى الولايات المتحدة واميركا اللاتينية واوروبا"، واضاف ان "هذا القرار سيخفض تكاليفنا وسيزيد من هوامش ارباحنا ويمنحنا دفعا حاسما حيال زبائننا"، ويواصل الصناعيون التمركز في المكسيك على الرغم من اعمال العنف التي اوقعت حوالى 60 الف قتيل في غضون ستة اعوام. واقر سيركين بان اعمال العنف هذه "هي احدى المشاكل التي تثير قلق الشركات"، وقد أثر العنف سلبا العام الماضي على النتائج الاقتصادية للمكسيك. واعلن المعهد الوطني للاحصاء الخميس ان الجريمة كلفت الاقتصاد المكسيكي حوالى 16,5 مليار دولار في العام 2011، اي 1,38 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي.

إندونيسيا

من جهته قال معهد ماكينزي العالمي إن إندونيسيا قد تأخذ مكان بريطانيا كسابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 إذا رفعت معدل النمو مستفيدة من الطبقة المستهلكة التي تنمو بوتيرة متسارعة، وقال المعهد إن ارتفاع نسبة الشبان بين سكان اندونيسيا واستمرار التوسع الحضري ونمو مستويات دخل الطبقة المتوسطة يجعل آفاق النمو مواتية، وبحلول 2030 ستضيف اندونيسيا 90 مليون مستهلك جديد إلى اقتصادها وسيبلغ حجم قطاع الخدمات 1.1 تريليون دولار. بحسب رويترز.

لكن المعهد قال إن تحقيق هذا النمو يتطلب من اندونيسيا التخلص من إجراءات الحماية والإجراءات التنظيمية المفرطة وضعف البنية التحتية للنقل. ويقول منتقدون إن الفساد عقبة أخرى كبيرة في طريق النمو، وحافظت اندونيسيا على نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من خمسة بالمئة سنويا لكن عليها أن تسجل ستة بالمئة سنويا لتحقيق الهدف الذي يقول التقرير إنه في الإمكان، وإندونيسيا هي رابع أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان واقتصادها في المرتبة السادسة عشرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تشرين الأول/2012 - 1/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م