ملالا يوسفزاي... فتاة هزمت طالبان

 

شبكة النبأ: لاتزال أصداء الهجوم الأخير الذي نفذته إحدى المجموعات المسلحة التابعة لحركة طالبان الباكستانية ضد الناشطة في الدفاع عن حقوق الأطفال ملالا يوسفزاي البالغة من العمر 14 سنة محط اهتمام الكثير من الأوساط والتجمعات الحقوقية والإنسانية سواء في داخل باكستان او خارجها والتي لا تزال تواصل تحركاتها في سبيل تدعيم وتعزيز سبل الحماية لكل المدافعين عن القضايا الإنسانية، ويرى بعض المراقبين ان هذا الاعتداء هو دليل واضح ومؤكد على أجرام أصحاب الفكر المشدد الذين يعتمدون على لغة السلاح في تصفية خصومهم ومعارضيهم في سبيل فرض أفكارهم وطروحاتهم المرفوضة، وهي في الوقت ذاته رسالة واضحة تؤكد هزيمة وانكسار تلك الجماعات التي باتت تعاني الكثير من المشاكل والانقسامات، وفيما يخص الاعتداء الإرهابي الأخير فقد أطلق مسلحون من حركة طالبان الباكستانية النار على فتاة باكستانية ناشطة في الدفاع عن حقوق الأطفال فاصابوها في راسها بسبب الحملات التي شنتها تاييدا لحق الفتيات في التعليم في وادي سوات الذي كان يسيطر عليه المسلحون المتشددون. واثار الحادث الذي تعرضت له ملالا يوسفزاي مشاعر الصدمة والاستنكار لدى العديد من الباكستانيين.

وتم نقلها الى قسم العناية المركزة في مدينة بيشاور شمال غرب البلاد حيث يبذل الاطباء جهودا كبيرة لانقاذ حياتها. وذكرت الشرطة ان فتاتين اخريين اصيبتا في الهجوم على الحافلة المدرسية التي كانت تقل ملالا، والذي اعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عنه وقالت ان اي شخص يتحدث ضد الحركة سيلقى نفس المصير. واجرى فريق من كبار الاطباء فحصا طبيا للفتاة في المستشفى العسكري، وقالوا ان حالتها حرجة. وصرح احد الاطباء في المستشفى طالبا عدم الكشف عن هويته لانه غير مصرح له التصريح للاعلام "لقد قمنا بفحصها بدقة، وهي في حالة حرجة. فقد انتقلت الرصاصة من رأسها واستقرت خلف كتفها قرب الرقبة". وهي في وحدة العناية المركزة وشبه غائبة عن الوعي، ولكن لم يتم وضعها على جهاز تنفس".

وفي وقت سابق قال الطبيب تاج محمد في مستشفى مينغورا سيد شريف ان "رصاصة اصابت جمجمتها لكن مخها لم يصب، انها ليست في خطر". واشتهرت ملالا على المستوى العالمي عندما كشفت في مدونة على البي بي سي قبل ثلاث سنوات عن الفظاعات التي كانت ترتكبها حركة طالبان المتشددة اثناء سيطرتها على وادي سوات حيث كان عناصر الحركة بقيادة رجل الدين المتشدد مولانا فضل الله يحرقون مدارس الفتيات ويروعون الوادي.

ولقيت حملاتها صدى لدى عشرات الاف الفتيات اللواتي حرمهن المسلحون الاسلاميون من التعليم في شمال غرب باكستان حيث تقاتل الحكومة حركة طالبان الباكستانية منذ العام 2007.

واستعاد الجيش الباكستاني في 2009 السيطرة على وادي سوات بعد حملة واسعة النطاق لطرد طالبان. وحازت الفتاة السنة الماضية على اول جائزة للسلام الوطني من الحكومة الباكستانية، وذكر اسمها في 2011 بين المرشحين لجائزة السلام الدولية للاطفال التي تمنحها لمؤسسة كيدس رايتس.

واثار الحادث الذي وقع في وضح النهار في بلدة ميغورا الرئيسية في الوادي الذي يشتهر بمناظره الخلابة، مخاوف حقيقية حول الامن بعد اكثر من ثلاث سنوات من استعادته. وتغيرت افادات الشرطة عن الحادث خلال النهار. ففي البداية صرح احد الظباط ان ملالا اصيبت بينما كانت تصعد الى الحافلة، الا انه قال في وقت لاحق ان مسلحا اوقف الحافلة بعد ان قطعت مسافة قصيرة. واضاف ان "احدهم، وكانت له لحية قصيرة، دخل الى الحافلة وسأل الاطفال من منكم ملالا واطلق ثلاث رصاصات، اصابت احداهما راسها. بينما اصابت الثانية كتف زميلتها، واحدثت الثالثة اصابة طفيفة في ساق فتاة اخرى في الحافلة".

وقام الجنرال اشفق كياني قائد الجيش الباكستاني بزيارتها بالمستشفى وأدان المهاجمين. وقال كياني في بيان "الجبناء الذين هاجموا ملالا وزميلتيها يظهرون مرة تلو الأخرى مدى الأهمية القليلة التي يعيرونها لحياة البشر ومدى الانحطاط الذي يمكن أن يصلوا اليه لتحقيق طموحهم الوحشي لفرض ايديولوجيتهم الملتوية." وقال الجيش إن لديه رسالة بسيطة كتبها في البيان بأحرف كبيرة لمزيد من التأكيد "نرفض الانحناء امام الإرهاب."

وقال انشاء الله احسان المتحدث باسم طالبان ان الجماعة الاسلامية نفذت الهجوم بعد ان حذرت ملالا مرارا وطلبت منها التوقف عن الحديث ضدهم. واضاف في مكالمة هاتفية من مكان مجهول "انها فتاة ذات عقلية غربية. ودائما ما تتحدث ضدنا. وسنستهدف اي شخص يتحدث ضد طالبان". وتابع "لقد حذرناها مرارا بان تتوقف عن الحديث ضدنا، والتوقف عن دعم المنظمات الاهلية الغربية وأن تسير على طريق الاسلام".

وادان الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري الهجوم بشدة، الا انه قال انه لن يزعزع عزم باكستان على مكافحة المسلحين الاسلاميين أو تصميم الحكومة بدعم تعليم المرأة. ودانت منظمة العفو الدولية "عمل العنف الصادم" ضد فتاة ناضلت بشجاعة من اجل حق التعليم. وقالت المنظمة التي مقرها لندن "هذا الهجوم يؤكد على الجو الخطر للغاية الذي يحيط بناشطي حقوق الانسان في شمال غرب باكستان حيث تعيش الناشطات بشكل خاص تحت تهديد مستمر من طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة".

وقال وزير الاعلام المحلي ميان افتخار حسين ان ملالا استهدفت لانها "رمز للسلام" ودعا الى شن هجوم عسكري واسع ضد المسلحين الاسلاميين في شمال غرب باكستان. واعربت صحيفة نيوز الباكستانية في افتتاحيتها عن اسفها بالقول ان "ملالا يوسفزاي في حالة حرجة مثل باكستان. نحن مصابون بسرطان التطرف، واذا لم تبذل مساع لاسئصال الورم، سيزداد انزلاقنا الى شريعة الغاب".

وكان عمر ملالا لا يتعدى 11 عاما عندما بدأت في كتابة مدونتها بلغة الاوردو على موقع البي بي سي ولكن دون الكشف عن اسمها. كما ظهرت في مقالين وثائقيين لصحيفة نيويورك تايمز. وفي تقرير اخباري بثته البي بي سي في 2011 قرأت ملالا مقطتفات من مذكراتها كشفت عن الخوف الذي عانت منه في ظل طالبان. بحسب فرنس برس.

وجاء فيها "لقد كنت خائفة جدا لأن طالبان اعلنت بالامس بان على الفتيات التوقف عن الذهاب الى المدرسة". وقالت "اليوم قالت المديرة امام التجمع الصباحي في المدرسة ان الزي المدرسي لم يعد اجباريا، وابتداء من الغد على الفتيات أن ياتين الى المدرسة بثيابهن المعتادة. ولم تأت الى المدرسة اليوم سوى 11 فتاة فقط من اصل 27 فتاة".

طائرة إماراتية

في السياق ذاته اكد مصدر اماراتي مسؤول ان طائرة إماراتية طبية ستقوم باجلاء الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي التي استهدفها طالبان، من باكستان للعلاج. وقال المصدر ان "التنسيق جار مع السلطات الباكستانية منذ حادثة استهداف الفتاة ملالا، والامارات اعربت عن كامل استعدادها منذ البداية لتقديم ما يلزم لعلاجها". واضاف ان "هناك طائرة اماراتية جاهزة للاقلاع الى باكستان ونقل الفتاة الى الخارج لعلاجها، بانتظار الترتيبات النهائية". ولم يحدد المصدر المسؤول ما اذا كان سيتم اجلاء الفتاة الى الامارات.

وكان السفير الباكستاني لدى ابوظبي اكد في وقت سابق لتلفزيون باكستاني ان طائرة اماراتية ستحمل الى باكستان ستة اطباء على ان يتم اجلاء الفتاة الى الامارات اذا ما تطلب الامر ذلك.

ودانت دول العالم والسلطات الباكستانية اطلاق النار على ملالا (14 عاما) التي نشطت في الدفاع عن حق المرأة في التعليم. وعرضت اسلام اباد جائزة تزيد عن 100 الف دولار للقبض على مهاجميها. وحركت قضية ملالا الرأي العام في العالم باسره اذ باتت تعد رمزا لمعركة النساء من اجل الحصول على التعليم. بحسب فرنس برس.

الى جانب ذلك اقيمت في كافة المدارس الافغانية صلاة لشفاء الفتاة ملالا يوسف زاي. وصرح امان الله ايمان المتحدث باسم وزارة التربية الافغانية "ادى 9,5 ملايين تلميذ في 15500 مدرسة ومركز تربوي موزعة في البلاد الصلاة لشفائها العاجل". واضاف "اعرب التلاميذ ايضا عن تضامنهم مع شقيقتهم لان الهجوم عليها كان ايضا هجوما على التعليم". وقالت فريشتا وهي تلميذة في ال17 "ملالا ليست سوى فتاة وتلميذة مثلنا. لم يكن يفترض اطلاق النار عليها بتاتا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تشرين الأول/2012 - 1/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م