في ظروف سباق العالم المتمدن والحضاري نحو الرقي والتقدم وامتلاك
عناصر القوة تعمل الدول على نشر وتعزيز ثقافة وأساليب الشفافية فهي
عامل بناء وعلامة رقي ذلك إلى جانب كون الشفافية حق من حقوق الإنسان
والمجتمع مع قناعة المواطن بانه حق له ثم مسؤولية متابعته كل النشاطات
العامة في الدولة وعلى وجه الخصوص منها المالية وما يرتبط بأدائها على
أحسن وجه سواء تلك التي تتعلق بالآراء والأفكار والنظريات والبرامج
والخطط أو تلك التي تتعلق بحركة التطبيق والتنفيذ وأيضا ما يرتبط
بالإنفاق وتحقق الإيرادات ومراقبة منافذ توزيعها – مصادر الدخل ومنافذ
التوزيع بما فيها النشاط الاستثماري -.
الشفافية من جانب تعكس ثقافة وأخلاق وقيم تعبر درجة تطبيقها عمليا
عن مستوى من الرقي والحضارة وحسن النوايا وسلامة الأنفس وصدق المنهج
والسريرة والحرص على متابعة الأداء وتقيمه وتقويمه، وكل ما كان الوعي
الشعبي بضرورتها مرتفعا وأيضا كل ما كانت المساهمة الشعبية بها واسعة
تحقق عمليا مرادها ومبتغاها وأهدافها، حتى تصبح أعراف وقواعد وتشريعات
وقوانين وإجراءات تعززها وتحفظها وتضبط مفاصلها تأخذ عليها وتتعود
المجتمعات والإفراد والنخب المتصدية لتصبح ثقافة مجتمعية ووطنية
وحضارية.
لن يتحقق ذلك إلا بوجود عناصر إدارية نزيهة وكفئة وأمينة وصادقة
تخاف الله وتستحي من الناس وتحترم مصالحهم وتراعي حرمة الشعب تكون
متحمسة بهدف تحقيق مصالح البلاد مهما اختلف مع الأخر سياسيا فمصالح
الوطن العليا هي الهدف الأسمى والمشترك، فالانتماء أولا للوطن والسباق
يجب ان يكون في اطار تحقيق الخدمة والمنفعة للمواطن ولشرائح المجتمع
المحتاجة والمهضومة الحقوق.
في عراقنا هنا لا تتحقق الأمنيات في هذا المجال الحيوي إلا بإرادة
ونوايا وبإدارة كفوءة تتطور باستمرار وتتغير باستمرار أيضا ولا يمكنا
التحول من حالة الفساد وآفته المستشرية المنفلتة غير المسيطر عليها إلا
بتغيير المسئولين والوزراء ثم المدراء والمسؤوليات ألأدنى بتغيرها
وتجديدها وخلال مدة زمنية قصيرة لا تزيد عن ثلاث سنوات أو أربع كحد
أقصى.
ولابد من تحقيق التغيير والتطوير وتبديل وتغيير الإدارات مع التركيز
على اختيار الأشخاص الكفوئين الأمناء المشهود لهم الذين يلقون احترام
غالبية العاملين وشهادتهم واختيارهم وقناعتهم واستخدام أساليب الترشيح
واستشفاف أراء العاملين.
وللأسف نجد ونشاهد في العراق المضطرب غير المستقر من الإدارات
المتشبثة المتمسكة بكراسيها والتي حولتها إلى ملكية خاصة وضياع وهي
مستمرة دون خوف أو وجل أو مراعاة أو إنصاف أو احترام للحق العام
ولمقدرات البلاد والشعب والمال العام، إدارات لازالت مستمرة ممعنة
معاندة مفسدة تساهم في عرقلة التصحيح والبناء.
وأخيرا لابد أن يصح الصحيح ويرفض ما هو قبيح ومؤذي وسقيم بالاستفادة
من التجارب والخبرات والمهارات لتحسين العمل وإدارة مرافق الدولة لأنها
مسؤولية عظيمة سيسأل عنها عاجلا أو آجلا.
|