الهجرة الى أوروبا... "متلازمة" العالم النامي

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: مشكلة الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين أصبحت اليوم إحدى أهم واخطر القضايا للعديد من دول العالم خصوصا بلدان أوربا التي باتت تتبع بعض الإجراءات الخاصة في سبيل إبعاد شبح المهاجرين عن بلادها، ويرى بعض المراقبين ان الظروف الاقتصادية الصعبة والمشاكل السياسية المتزايدة في العديد من بلدان العالم قد أسهمت بازدياد إعداد المهاجرين غير الشرعيين الساعين الى تأمين متطلبات الحياة الخاصة التي فقدوها في بلدانهم وهو ما يعرضهم للكثير من المخاطر التي تثبته العديد من التقارير والأرقام والإحصائيات، ويؤكد المراقين على ضرورة تفعيل وإيجاد القوانين الدولية الخاصة التي تضمن سلامة وحرية الفرد مطالبين في الوقت ذاته على تفعيل الشراكة الدولية وبناء مجتمع اقتصادي متكامل للحد من مشاكل الهجرة، وفي هذا الشأن اكد قادة الدول العشر المطلة على المتوسط (خمسة زائد خمسة) في ختام قمة لهم في مالطا ضرورة التصدي "للاسباب العميقة" للهجرة غير الشرعية والتعاون "الفعال" في ذلك. وهي القمة الاولى لهذا المنتدى منذ تسع سنوات ومنذ ثورات الربيع العربي. واكد البيان الختامي للقمة التي عقدت في مالطا "ان ادارة تدفق المهاجرين لا يمكن ان تتم فقط بوسائل المراقبة". واضاف قادة ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا (جنوب المتوسط) والبرتغال واسبانيا وفرنسا وايطاليا ومالطا (شمال المتوسط) في بيانهم ان السيطرة على مشكلة الهجرة السرية "تتطلب تحركا يتم التشاور بشانه للتصدي للاسباب العميقة للهجرة مع ارساء تضامن فعال وسريع وملموس".

وفي هذا السياق اعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اثر اختتام القمة قرار المنتدى تشكيل "قوة عمل مشترك لتجميع الطاقات" للتصدي للهجرة السرية من بلدان جنوب المتوسط الى بلدان شماله التي وصفها بانها "اولوية ملحة قصوى". وقال المرزوقي "من الجيد الحديث عن التنمية وشبكات الطاقة الشمسية لكن الاولوية الملحة القصوى بالنسبة الي هي الهجرة". وأضاف "لقد اقترحت على القمة التي وافقت، تشكيل فريق عمل لمنع هذه الهجرة ونجدة هؤلاء الناس بهدف تفادي حدوث مآس في البحر".

واكد المرزوقي انه ينبغي "تكاتف الجهود والامكانات لكن يجب الا يتعلق الامر بعملية امنية بل عملية انسانية. لا يمكننا ان نقبل ان يغرق مئات الناس في البحر المتوسط". واضاف ان الدول يجب ان تتحد على الصعيد البحري خصوصا لتفادي هذه "المآسي في البحر". واشار الرئيس التونسي الى ان بلاده تنوي ان تستضيف قريبا اجتماعا على مستوى الوزراء المكلفين الامن والهجرة والقضايا الانسانية لوضع "التفاصيل التقنية" لهذه القوة مشددا على ان "المهم هو الاتفاق على المستوى السياسي ثم نبحث" التفاصيل. وقال المرزوقي "ان شبابنا لديه طموحات كبيرة لكن لا يمكننا تحقيق معجزات" على مستوى التنمية الاقتصادية طالبا من "الشباب ان يتحلوا بالصبر. نحتاج الى الوقت لان تونس لديها ارث يزيد على نصف قرن من الفساد".

وكان قادة دول المغرب العربي حرصوا على طمأنة نظرائهم على الضفة الشمالية من المتوسط، ازاء التطور الايجابي للمسار الديموقرطي في بلدانهم، ودعوا الى اكبر تعاون بين الطرفين. وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ان "المنطقة شهدت تطورات سياسية ستساهم في استقرارها، ان بلداننا تحاول التوفيق بين الديموقراطية وحسن الادارة" مؤكدا ان "الحوار من شأنه ان يساعد على مواجهة تحديات الارهاب والجرائم العابرة الحدود وتهريب الاسلحة".

من جانبه تطرق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى "تحديين اثنين" هما "مواكبة الانتقال الديموقراطي واحترام حقوق الشعوب" مع "العمل على ان تحترم كرامة الافراد في كل مكان" ثم "التحدي الاقتصادي" المتمثل في "تنمية الضفة الجنوبية من المتوسط" و"النمو الذي ينبغي تحفيزه في شمال المتوسط" مشددا على ان الهدفين يجب ان يتما بشكل متواز. بحسب فرنس برس.

وقال رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي ان "مساعدتنا لدول الجنوب يجب ان تصبح الية لان الديموقراطية تتعزز بفضل التنمية". واكد مونتي ان "زهور الربيع العربي يمكن ان تذبل سريعا اذا لم يجد الناس ما ياكلونه". وقمة مالطا هي ثاني لقاء قمة للمنتدى الذي اطلق في روما في العام 1990 وسمي "الحوار 5 زائد 5". كما انها اول قمة منذ سقوط نظامي الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في تونس في 14 كانون الثاني/يناير 2011 والزعيم الليبي معمر القذافي الذي قتل في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2011.   

ترحل مهاجرين

اعلنت الشرطة اليونانية انها ستقوم بترحيل 1600 مهاجر غير شرعي خارج البلاد. وياتي ذلك بعد حملات مكثفة قامت خلالها عناصر الشرطة بمهاجمة عشرات المنازل التى كانت تقيم فيها مجموعات من المهاجرين. وخلال الحملة الامنية التى شهدتها اغلب احياء العاصمة اليونانية اثينا قامت الشرطة باعتقال اكثر من 6000 شخص للاشتباه في شرعية دخولهم الى البلاد لكنها اطلقت سراح اغلبهم في اوقات لاحقة.

من جانبه دافع وزير الامن الداخلي نيكوس ديندياس عن الحملة وقال"الوضع الاقتصادي المتدهور في اليونان يعني اننا لا نستطيع ان نتحمل إعالة المهاجرين غير الشرعيين". وقال ديندياس"اذا لم نتمكن من انشاء الية ملائمة لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية فاننا سنتعرض للانهيار". ويذكر ان السلطات اليونانية كثفت من تواجدها على المنافذ الحدودية مع تركيا تحسبا لتزايد اعداد المهاجرين غير الشرعيين او اللاجئين السوريين.

ومن المعروف ان نحو 80% من المهاجرين غير الشرعيين الى الاتحاد الاوروبي يدخلون عبر الاراضي اليونانية والتى تعاني من ازمة اقتصادية مستفحلة استدعت تدخل البنك الاوروبي و صندوق النقد الدولي لمساعدتها بخطة انقاذ مالي. في هذه الاثناء طالب بعض الساسة اليونانيين الحكومة بالتشديد من القوانين التى تعالج ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

فخلال الانتخابات العامة الاخيرة تمكن حزب الفجر الذهبي المتشدد من الحصول على اصوات كافية لدخول البرلمان كما قام عناصر الحزب الاسبوع الماضي بتوزيع اطعمة مجانية على الفقراء حول مقر البرلمان لكن بعد التاكد من وجود هوية يونانية معهم. بحسب فرنس برس. وكانت اليونان قد تعرضت لانتقادات متكررة بسبب تعاملها مع المهاجرين غير الشرعيين حيث اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات اليونانية باعتقال اللاجئين في مراكز الشرطة كما لو كانوا مجرمين. لكن اثينا ترد من جانبها بدعوة بقية دول الاتحاد الاوروبي الى "المساعدة وتقدير العبء الذى تتحمله نيابة عن دول الاتحاد الاوروبي".

في السياق ذاته طردت القوات الاسبانية والمغربية 81 مهاجرا كانوا لا يزالوا موجودين على جزيرة اسبانية صغيرة مقفرة قريبة من المغرب، وقامت بترحيل معظمهم الى المغرب. وقال متحدث باسم الحرس المدني الاسباني ان القاصرين والنساء نقلوا الى الاراضي الاسبانية، والاخرون طردوا " مشيرا الى ان اسبانيا والمغرب نفذتا العملية "معا" بدون تسجيل "اي حادث". واضاف "ببساطة، طردنا (المهاجرين) من الجزيرة الصغيرة لان بقاءهم عليها كان خطرا".

وتحدثت السلطات المغربية عن اصابة شخصين بجروح طفيفة. لكن وزير الداخلية الاسباني نفى وقوع اي حادث وقال ان "معظم المهاجرين رفضوا الذهاب الى المغرب ولكننا لم نضطر الى استخدام القوة". ونشرت صور على موقعي صحيفتي ال باييس وال موندو اظهرت جنودا اسبانا على متن زورق يقومون بإعادة المهاجرين الى المغرب ويعبرون اخر الامتار لتسليمهم الى قوات الأمن المغربية على الشاطئ.

وكان 87 مهاجرا قدموا من افريقيا جنوب الصحراء، نزلوا في في جزيرة الارض (ايسلا دي تييرا) الصغيرة والخالية من السكان، والتي يمكن الوصول اليها سباحة من شاطىء مغربي. واعلنت مدريد ان الاجلاء تم على مرحلتين، وقالت الداخلية ان "عشرة مهاجرين هم قاصرون وامهات تمت اعادتهم الى اسبانيا وهم حاليا في مليلية". وذكرت وسائل الاعلام انهم يخضعون لاشراف طبي.

في المقابل، تم ارسال "73 مهاجرا الى المغرب لاعادتهم الى بلدانهم" الامر الذي اكدته الرباط. واورد مصدر امني مغربي ان قوات الامن "تولت امرهم" في انتظار ترحيلهم الى الحدود الجزائرية التي عادة ما يدخل منها المهاجرون الى المغرب. وسعى المغرب واسبانيا الى معالجة هذا الوضع سريعا، وقال المتحدث باسم الداخلية الاسبانية "الهدف هنا لم يكن فقط التحرك بهذه الطريقة (اجلاء المهاجرين) بل تفادي وصول مهاجرين اخرين الى الشواطئ الاسبانية".

وابدى وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغالو "ثقته" بان وصول المهاجرين غير الشرعيين الى الجزيرة المقفرة كان "عملية نظمتها المافيا التي تمارس الاتجار بالبشر". وكانت مدريد قدمت مساعدات ومواد غذائية الى المهاجرين على الجزيرة، لكنها لم تمنحهم ولو املا ضئيلا بامكان نقلهم الى اوروبا. وتراهن اسبانيا على مزيد من التعاون مع المغرب لتفادي تكرار حالات مماثلة. بحسب فرنس برس.

وقال محافظ مليلية الاسباني عبد المالك البركاني للاذاعة الوطنية ان "الرد المشترك للحكومتين الاسبانية والمغربية والاتحاد الاوروبي يقضي بقول كفى لمن يمارسون الاتجار بالبشر". وفي الجانب المغربي، تم الاثنين ترحيل نحو مئتي مهاجر غير شرعي منهم نحو 170 في شمال البلاد.

 خطر الموت يطاردهم

في السياق ذاته لقي ما لا يقل عن 24 مهاجرا غير شرعي مصرعهم اثر غرق مركبهم قبالة السواحل الغربية لتركيا، كما افاد مسؤولون محليون مؤكدين ان حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع. وقال اردهان توتوك نائب محافظ ازمير، المحافظة التي غرق المركب قبالة سواحلها، في تصريح نقلته وكالة انباء الاناضول ان "عدد قتلى القارب الذي غرق ارتفع الى 24، بينهم نساء واطفال".

واضاف ان هذه الحصيلة مرشحة للارتفاع. وقال "لدينا معلومات بخصوص نساء واطفال كانوا على متن القارب في الجزء السفلي من القارب. عدد القتلى يمكن ان يرتفع". واضاف ان "عمليات البحث والانقاذ تتواصل فوق الماء وتحت الماء". واكد نائب المحافظ انقاذ 45 شخصا بينهم قائد المركب ومساعده، وكلاهما تركي، مشيرا الى انه تم توقيفهما. من جهته قال قائد شرطة ازمير علي بيلكاي ان عدد الذين انقذوا بلغ 51 شخصا، بحسب ما نقلت عنه الاناضول.

وكانت حصيلة سابقة اوردتها شبكة التلفزيون التركية "ان تي في" نقلا عن تحسين كورتبيوغلو قائمقام مينديرس التابعة لمحافظة ازمير حيث وقعت الكارثة اكدت مقتل 20 شخصا وانقاذ 45.

ولم يوضح القائمقام جنسيات القتلى الا انه اشار الى ان غالبيتهم من دول عربية. وبحسب قناة "سي ان ان تورك" فان المركب الذي كان يقل المهاجرين هو قارب صيد صغير اصطدم بصخور بعيد ابحاره من بلدة احمدبيلي الساحلية الى جهة غير معروفة. بحسب فرنس برس.

وفي العادة يحاول المهاجرون غير الشرعيين الوصول، انطلاقا من تركيا، الى سواحل الجزر اليونانية القريبة ليذهبوا من بعدها من هناك الى باقي انحاء اوروبا. وتعتبر تركيا معبرا رئيسيا للهجرة غير الشرعية الى اوروبا، وغالبا ما تعتقل السلطات مهاجرين غير شرعيين آتين من دول افريقيا والشرق الاوسط. واليونان المحاذية لتركيا هي عضو في الاتحاد الاوروبي واحدى الوجهات المفضلة لطالبي الهجرة غير الشرعية، ولكن حوادث غرق المراكب التي تقل هؤلاء المهاجرين تتكرر دوما.

على صعيد متصل لقي ستة مهاجرين غير شرعيين مصرعهم ولا يزال 27 آخرون في عداد المفقودين بعد غرق مركبهم قبالة سواحل مايوت، الجزيرة الفرنسية في ارخبيل جزر القمر في المحيط الهندي، كما افاد مصدر رسمي. وقالت سلطات الجزيرة الفرنسية ان 36 شخصا ابحروا من دوموني في جزيرة انجوان، احدى الجزر الثلاث التي يتألف منها اتحاد جزر القمر. واضافت ان المركب غرق قبالة سواحل مايوت، وقد تم انتشال ست جثث في حين انقذت فرق الاسعاف ناجيا واحدا بينما تمكن ناجيان آخران من الفرار. واوضح المصدر ان المركب الصغير غرق على بعد 200 متر من ساحل بوتيت تير، ثاني كبرى جزر ارخبيل مايوت.

وغالبا ما يحاول طالبو الهجرة غير الشرعية الابحار من انجوان الى ارخبيل مايوت الفرنسي للعمل او العلاج. و40% من سكان مايوت ال200 الف نسمة هم من المهاجرين غير الشرعيين، بحسب التقديرات. وتعود آخر كارثة مماثلة الى تموز/يوليو الماضي حين غرق قارب صغير ابحر ايضا من انجوان ما اسفر عن مقتل سبعة من ركابه وفقدان اربعة آخرين بينما امكن انقاذ 13 آخرين.

 عمليات انقاذ

من جهة اخرى اعتبر ما لا يقل عن خمسين مهاجرا تونسيا في عداد المفقودين اثر غرق مركب قرب جزيرة لامبيدوزا الايطالية وتم انتشال جثة احد المهاجرين غير الشرعيين وانقاذ 56 آخرين. وقال الناطق باسم خفر السواحل الايطالية الكومندان فيليبو ماريني "انتشلنا 56 مهاجرا بينهم امرأة، كانوا في اليم قرب جزيرة لامبيوني الصغيرة او على هذه الصخرة الكبيرة" القريبة من لامبيدوزا. واضاف ان بعض الناجين "يعانون من البرد" بعد ساعات امضوها في المياه. ونقل الناجون الى مركز للاستقبال في لامبيدوزا. وبين الناجين هناك خمسة قصر على الاقل، بحسب منظمة انقذوا الطفولة "سايف ذي تشلدرن".

وبحسب شهادات ناجين جمعها خفر السواحل فان 136 مهاجرا غير شرعي بينهم عشر نساء وستة اطفال، انطلقوا من تونس على متن سفينة صيد. وتشارك في عمليات البحث عن المفقودين زوارق حرس السواحل ومروحيات وقطع بحرية تابعة للحلف الاطلسي (ايطالية والمانية وتركية). وقال الحلف الاطلسي في بيان ان القيادة الجنوبية للحلف في نابولي تحركت استجابة ل "طلب مساعدة قدمته السلطات الايطالية".

وجاء في بيان للحلف في مقره ببروكسل "ان ثلاثة بوارج تابعة للحلف الاطلسي ومروحياتها نجحت في تحديد مكان شخصين تم انتشالهما ومعالجتهما" مشيرا الى ان الحلف ساهم في العثور على الناجين الذين لجأوا الى جزرة لامبيوني. واستدعيت مراكب خاصة وغطاسون في هذه المنطقة السياحية للمشاركة غي عمليات الاغاثة.

وكان احد الركاب ابلغ السلطات بان السفينة بصدد الغرق من هاتفه النقال. وغرقت سفينة الصيد الكبيرة التي يبلغ طولها حوالى عشرة امتار، على بعد نحو 12 ميلا بحريا (22 كلم) عن لامبيدوزا الجزيرة الايطالية القريبة من السواحل الافريقية والتي ينزل فيها سنويا آلاف المهاجرين بطريقة غير مشروعة.

والغريب انه لم يعثر على السفينة الغارقة. وهذا يعني انها غرقت بسرعة كبيرة او انها عادت بمهربيها الى تونس وهي فرضية اقل احتمالا. وفتحت نيابة اغريجنتي تحقيقا بتهمة "القتل والتحريض على الهجرة غير المشروعة" وتحاول معرفة ما اذا كان بين الناجين مهربون. الا ان الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة في ايطاليا لورا بولدريني قالت ان "فكرة وجود مهرب بين الناجين قديمة" ولم تعد واقعية. واوضحت "المهاجرون يقودون بانفسهم المركب ويتناوبون على ذلك وهم في معظم الاحيان لا معرفة لديهم بالابحار".

وتشكل لامبيدوزا التي تبلغ مساحتها 20 كلم مربعا وتبعد اقل من مئة كيلومتر عن سواحل شمال افريقيا، البوابة الاساسية لدخول اوروبا بالنسبة للمهاجرين القادمين من تونس وليبيا وحتى مصر.

وفي 2011 وصل الى هذه الجزيرة نحو خمسين الف مهاجر تونسي ومن بلدان جنوب الصحراء الافريقية في خضم ثورات الربيع العربي. بحسب فرنس برس.

ومنذ بداية 2012 شهد قدوم المهاجرين من شمال افريقيا "تراجعا حادا" بحسب بولدريني حتى وان وصل اكثر من سبعة آلاف شخص الى الجزيرة قادمين خصوصا من ليبيا وتونس ومصر. وقالت بولدريني "الامر كله يتوقف على ما يحدث في الضفة الاخرى للمتوسط، يجب مساعدة البلدان المعنية لتفادي ارتفاع اعداد المهاجرين". ولقي 280 شخصا مصرعهم لدى محاولة عبور المتوسط هذا العام بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. بحسب رويترز.

الى جانب ذلك قال مسؤول بخفر السواحل الإيطالي إن خفر السواحل أنقذ أكثر من 350 مهاجرا إفريقيا قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة أثناء محاولتهم الوصول إلى الشواطئ الأوروبية على متن زوارق خشبية متداعية. ووصل العام الماضي عشرات الآلاف من اللاجئين ومن يرغبون في الهجرة إلى لامبيدوزا خلال الاضطرابات في شمال إفريقيا مما سبب أزمة هددت الجزيرة الصغيرة إلا أن تدفق اللاجئين خف هذا العام. وصرح أحد مسؤولي خفر السواحل بأنهم أنقذوا 231 شخصا من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء من على متن زورق خشبي بينهم 33 إمرأة وأربعة أطفال. وأضاف أن المهاجرين نقلوا إلى مركز استقبال في الجزيرة ويجري التحقق من هوياتهم لمعرفة ما إذا كان يحق لهم طلب اللجوء.

مستقبل الاستثمارات

في السياق ذاته حذر تقرير رسمي حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من ان تشددها في تطبيق قوانين الهجرة بات يشكل خطرا على مستقبل الاستثمارات الاجنبية وقد يضيع على بريطانيا فرصة الخروج من الركود الاقتصادي بوتيرة سريعة. وذكر التقرير الصادر عن وزارة التجارة والاستثمار والذي سربته صحيفة (انديبندنت) ان نسبة 50 بالمئة من المستثمرين الاجانب حملوا قوانين الهجرة المعقدة والمتشددة مسؤولية عزوفهم او ترددهم في دخول السوق البريطانية.

واوضح ان نسبة 13 بالمئة من رجال الاعمال الاجانب ذكروا ان ارتفاع قيمة الضرائب المفروضة على الافراد والشركات كان سببا في ترددهم بينما اعتبر عشرة في المئة تعقيد التشريعات الاقتصادية سببا كافيا لعدم الاستثمار في بريطانيا. في حين ارجع تسعة في المئة ذلك الى قضية المهارات المهنية وخمسة في المئة الى اجراءات تنظيمية اخرى.

واعتبر التقرير وجود هذه الانشغالات الانية لدى المستثمرين الاجانب سيكون لها تأثير سلبي كبير على تنافسية الشركات التجارية على المدى القصير الامر الذي سيحد من قدرة البلاد على اجتذاب مزيد من الاستثمارات الخارجية. واضاف ان "الحفاظ على بيئة اعمال محلية قادرة على المنافسة دوليا يعد امرا اساسيا لنجاح الحكومة في تحقيق النمو الاقتصادي وفقا لجدول اعمالها".

وشدد على ان قدرة بريطانيا على اجتذاب استثمارات اجنبية مباشرة وذات قيمة عالية يبقى شرطا رئيسا لضمان النمو الاقتصادي.

ومن بين المشاكل التي اشار اليها تقرير وزارة التجارة والاستثمار اجراءات منح التأشيرات واستخدام نظام التنقيط لاستقدام العمالة الاجنبية المدربة علاوة على عزوف المستثمرين الصينيين بسبب التأشيرة البريطانية مقارنة مع التأشيرة الاوروبية (شنغن) التي تسمح لهم ببحث الفرص الاستثمارية والتجارية في 27 دولة دفعة واحدة.

ونقلت صحيفة (انديبندنت) عن مصادر رسمية لم تسمها ان وزيرة الداخلية تيريزا ماي اصبحت تحت ضغط من عدد من الوزراء وحتى رئيس الوزراء نفسه لتخفيف بعض الاجراءات المتعلقة بالهجرة بشكل عام والخاصة باستقدام العمالة الاجنبية المدربة علاوة على رفع سقف التأشيرات الممنوحة للطلبة الاجانب الراغبين في الدراسة في بريطانيا حفاظا على مداخيل الجامعات. واشارت الى ان وزيرا ينتمي لحزب رئيس الوزراء أبلغ عددا من زملائه في الحكومة ان "الاستثمارات والنمو الاقتصادي واستحداث مناصب العمل يجب ان تأتي اولا". بحسب كونا.

وكانت وزارة الداخلية فرضت اجراءات اكثر صرامة في محاولة لتنفيذ تعهدات حزب المحافظين المعلنة في عام 2010 بخفض اعداد المهاجرين الى اقل من مئة الف سنويا مقارنة مع المستوى الحالي الذي يفوق ربع مليون مهاجر يدخلون بريطانيا في كل عام. وكان كاميرون قد اعطى اشارة انطلاق حملة اقتصادية تتضمن عقد سلسلة من اللقاءات الاقتصادية بين وزراء حكومته مع مسؤولين اجانب وعدد كبير من ورؤساء الشركات الاجنبية الكبرى بهدف تسويق الاستثمارات المحلية وذلك تزامنا مع انطلاق الالعاب الاولمبية التي ينتظر ان تحقق عوائد مالية بقيمة 13 مليار جنيه على المديين القصير والمتوسط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/تشرين الأول/2012 - 23/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م