نفط إيران... تداعيات اقتصادية تتقاسمها طهران مع المجتمع الدولي

 

شبكة النبأ: لايزال ملف تشديد العقوبات الاقتصادية المفروض على إيران بسبب برنامجها النووي محط اهتمام الكثير من المراقبين والمتخصصين فهم يرون ان تلك العقوبات بدأت تؤثر وبشكل كبير على الاقتصاد الإيراني الذي أصبح يعاني الكثير من الانتكاسات بسبب تراجع صادراتها النفطية التي أسهمت بخلق جملة من المشاكل التحديات الداخلية الإضافية والتي تعد عامل ضغط مهم يسعى الغرب الى تحقيقيه بهدف إضعاف الحكومة الايرانيه وجعلها في مواجه مباشرة مع الشعب، إضافة الى تأثيراتها المباشرة على إيران فقد أسهمت تلك العقوبات وبحسب بعض المراقبين بالتأثير على العديد من دوال العالم التي تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني وهو ما سبب لها خسائر اقتصادية كبيرة وهو ما دفع بعضها الى إيجاد طرق خاصة في التعامل السري مع إيران في سبيل الحد من تلك الخسائر، وفي هذا الشأن فقد اقر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بان بلاده تواجه "بعض المشاكل" لبيع نفطها جراء العقوبات الغربية، لكنه تدارك ان السلطات "تحاول معالجتها". وفي مقابلة مع التلفزيون، قلل احمدي نجاد من تاثير العقوبات الاقتصادية الغربية على ايران ردا على برنامجها النووي، معتبرا ان معلومات كثيرة حول هذا الموضوع تندرج في اطار "حرب نفسية". واضاف "ولكن هناك بعض المشاكل لبيع النفط، وكذلك عوائق لنقل المال (الناتج من صادرات النفط) ونحن نحاول معالجتها".

ونفت السلطات الايرانية في الاشهر الاخيرة ان يكون للحظر النفطي الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في كانون الثاني/يناير تاثير كبير على صادرات ايران وانتاجها. و قال ممثل ايران لدى منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) محمد خطيبي كما نقلت عنه وكالة الانباء الطالبية الايرانية "كل شيء شبه طبيعي، لا نلاحظا شيئا غير مألوف" في صادرات النفط الايرانية. ووفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة فان صادرات ايران تراجعت في شكل كبير من مليوني برميل يوميا في بداية العام الى 1,7 مليون برميل في حزيران/يونيو الى مليون برميل في تموز/يوليو.

وأكد احمدي نجاد ان الوضع لا يزال "بالإمكان ادارته" من جانب الحكومة التي تعمل "ليلا نهارا للالتفاف على "العقوبات الا ان البلاد ستضطر الى مواصلة تخفيض وارداتها وان على الشعب ان يعيش بعضا من التقشف في هذا المجال. وقال "الوضع كما الحرب، العدو بدأ عمله في هذه المجالات، لكن لا شيء يفوق طاقة الشعب الايراني على التحمل"، مشيرا الى ان البلاد لم تعان "اي نقص" في الموارد. بحسب فرنس برس.

وادت العقوبات المصرفية ثم النفطية الغربية خصوصا الى تراجع الموارد النقدية للبلاد خلال العامين الماضيين، اضافة الى ارتفاع في اسعار الموارد المستوردة وازديادا في التضخم وانهيارا في قيمة العملة والغاء لعدد من الوظائف بفعل اقفال مصانع.

 طرق إيرانية

في السياق ذاته قالت مصادر ومسؤولون في صناعة النفط وبيانات النقل البحري إن إيران تستخدم ميناء غير معروف قبالة ساحل ماليزيا الشرقي لإخفاء ملايين من براميل النفط بعيدا عن العقوبات الغربية. ويظهر مسح أجرته رويترز لتحركات السفن ومقابلات أن النفط الإيراني يجري شحنه إلى المنطقة وتحميله على سفن فارغة ليلا في انتظار مشترين آسيويين محتملين.

ويعني تخزين النفط على ناقلات مستأجرة تعمل تحت مظلة علم بنما في المياه الهادئة قبالة ميناء لابوان الذي يتميز بأنه ملاذ آمن من الضرائب أن ايران يمكنها الحفاظ على نشاط أسطولها وضمان استمرار تدفق عائدات النفط على اقتصاد المثقل بالمتاعب. وتم بهذه الطريق تفريغ ناقلتي نفط اثنتين على الأقل في الأسابيع الأخيرة وتبحر بضع ناقلات ايرانية أخرى صوب آسيا وذلك وفقا لم ورد في نشرة رويترز فريت فندمنتالز التي تتابع تحركات اسطول الناقلات العالمي.

وقالت النشرة ان احداهما اتجهت نحو ميناء صيني وتبحر ثلاث ناقلات أخرى تحمل ما يصل الى 6 ملايين برميل من الخام او زيت الوقود صوب وجهات غير معروفة. وقال مصدر في الصناعة مطلع على خطط ايران لم يشأ أن ينشر اسمه بسبب حساسية المسألة إن ايران تريد نقل المزيد من النفط إلى ما يعتبر فعليا مستودع تخزين متحركا قبالة ساحل ماليزيا خلال الأشهر القليلة القادمة. لكنها تسعى جاهدة لإيجاد مالكي سفن مستعدين لعرض سفنهم للقيام بمهام التخزين.

ومع ان نقل النفط في جنج الليل في بحر الصين الجنوبي غير مشروع فإنه يفسر المدى الذي يمكن أن تصل إليه ايران للاستمرار في تصدير نفطها لتفادي العقوبات الغربية التي ترمي الى الضغط على ايران بسبب الاشتباه في سعيها لاكتساب اسلحة نووية. وكان حظر على تصدير النفط فرضه الاتحاد الأوروبي قد أوقف فعلا إمكانية تدبير التأمين اللازمة لعمليات نقل الخام الإيراني او منتجات تكريره. وينطوي التعامل مع قطاع النفط في ايران على مخاطر على السمعة وأخرى مالية وخطر فقدان التغطية التأمينية.

يقع ميناء لابوان على بعد أقل من 10 كيلومترات من ساحل بورنيو وهو محمي من الأعاصير ويجري في العادة استخدامه مربضا لوقوف السفن غير المطلوبة لا لتخزين نفط باهظ التكلفة. ويقول مطلعون في قطاع النفط ان هذا يجعله مكانا مثاليا لمزج النفط أو إعادة تسميته بوصفه نفطا غير إيراني واعادة بيعه تحت ناظري القائمين على تنفيذ العقوبات في واشنطن أو بروكسل.

وقال مصدر مقره سنغافورة مطلع على عمليات التخزين في سفن طافية في جنوب شرق آسيا "لابوان تشبه أرضا لا صاحب لها. ولا داعي إلى إيلاء اهتمام إلى لابوان."

وقالت شركة التأمين على إحدى سفن التخزين التي نقلت نفطا من ناقلة ايرانية أن الحكومة البريطانية أحاطتها علما بالأمر وأنها تتحرى للوقوف على الحقيقة. وقد قامت ايران مع انحسار عدد زبائنها بخفض انتاجها من النفط وخفضت بمقدار النصف تقريبا الصادرات من نحو مليوني برميل يوميا العام الماضي.

على صعيد متصل أفاد مصدر بميناء إيراني وبيانات شحن خاصة أن إيران بدأت نقل نحو مليوني برميل من زيت الوقود إلى سنغافورة في أول شحنة من نوعها منذ يونيو حزيران. وحصلت سنغافورة أكبر مركز تجاري بحري للوقود في اسيا على استثناء من العقوبات المالية الأمريكية على إيران في أواخر يونيو بعدما ضغطت على الشركات النفطية العاملة فيها لتقليص تعاملاتها مع إيران. بحسب رويترز.

وبالرغم من أن سنغافورة لم تكن على أول قائمة من الدول المعفاة من الولايات المتحدة فقد حصلت على الاستثناء بعدما أظهرت خفضا كبيرا في وارداتها من النفط الإيراني. وتظهر بيانات شحن أن سفينة العملاقة "ليدرشب" المملوكة لايران قد غادرت المياه الإيرانية. وأبلغ مصدر ملاحي مقيم بايران أن ناقلة النفط العملاقة كانت واحدة من ثلاث ناقلات راسية قبالة منشأة التصدير الإيرانية الرئيسية بجزيرة خرج محملة بزيت الوقود في انتظار مشتر.

واردات آسيا

الى جانب ذلك فمن المنتظر أن تتعافى واردات آسيا من النفط الخام الإيراني لتعود إلى مستويات ما قبل سريان حظر الاتحاد الأوروبي الذي منع شركات التأمين الأوروبية من توفير غطاء تأميني لشحنات النفط الإيراني. وتحايل كبار المشترين الآسيويين وهم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية الذين يحصلون معا على أكثر من نصف صادرات النفط الإيرانية للتغلب على الحظر الأوروبي مما يوحي بأن الواردات ستظل حول تلك المستويات على الأقل للفترة المتبقية من العام.

وتريد المصافي الاستمرار في استخدام الخام الإيراني لأن العديد من وحداتها مجهزة لتكريره حيث سيتطلب تغيير الخام اختبارات تستغرق أوقاتا طويلة لأنواع جديدة من الخامات أو قد يؤدي إلى اختلافات في الناتج. وقال سوشانت جوبتا الخبير لدى وود ماكنزي لاستشارات الطاقة "تريد المصافي الإبقاء على حصتها من النفط قدر المستطاع في ظل الفوائد الاقتصادية. نتوقع تعافيا في واردات آسيا من النفط الإيراني في الربع الأخير من العام."

وسبب الحظر التأميني الأوروبي اضطرابا لنظام التجارة والنقل البحري للنفط. فشركات التأمين الأوروبية توفر غطاء تأمينيا لمعظم أنشطة النقل البحري ويمنعها الحظر الاوروبي من توفير غطاء لشحنات النفط الإيراني بينما لا تستطيع شركات التأمين في أنحاء أخرى توفير غطاء بمليارات الدولارات تحسبا لاحتمالات حدوث تسرب نفطي. وتسبب الحظر الأوروبي في خفض صادرات إيران النفطية إلى كبار العملاء الآسيويين إلى النصف في يوليو تموز من 1.28 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران مما دفع المشترين للالتفاف حول الحظر. بحسب رويترز.

وبجانب اليابان وكوريا الجنوبية فإن شركة مانجالور للتكرير والبتروكيماويات الحكومية أكبر مشتري في الهند للنفط الإيراني تتوقع أن تتعافى الشحنات إعتبارا من أكتوبر تشرين الأول بعد استكمال منشأة تتيح استخدام سفن أكبر. وتهدف إنديان أويل كورب أكبر شركة تكرير في الهند أيضا لزيادة وارداتها في سبتمبر.

مصادر بديلة

قال العضو المنتدب لشركة ام.ار.بي.ال أكبر مشتر هندي للنفط الإيراني إن الشركة قد تسعى لشراء مزيد من النفط عالي الكبريت عبر مناقصات في السوق الفوري لتعويض نقص إمداداتها من طهران التي ترزح تحت عقوبات غربية. وقال ب.ب أوبادهيا "لدي نقص في الخام. لذا جرى طرح مناقصات عاجلة لأن الكميات الإيرانية عالية الكبريت لذا أضطر إلى تعويض النقص عبر مناقصات." وطرحت الشركة بالفعل مناقصات لشراء 1.2 مليون برميل من النفط لشهر أكتوبر تشرين الأول منها مناقصة لشراء 600 ألف برميل من النفط عالي الكبريت الذي كانت غالبا ما تشتريه من إيران.

واستخدمت ام.ار.بي.ال سفنا وتأمينا إيرانيين لكنها بحاجة إلى موافقة نيودلهي التي تفضل استخدام سفن محلية. واستخدمت الشركة سفينة محلية لنقل شحنة في أغسطس آب لكن شركات الشحن المحلية ترى بوجه عام عدم ملاءمة الغطاء التأميني المقدم من شركات محلية. وقال العضو المنتدب إن ام.ار.بي.ال تشتري كميات نفط إضافية من مصدرين مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة.

من جهة اخرى نفت إيران أن تكون تركيا قد رفعت بدرجة كبيرة وارداتها من الخام الإيراني الشهر الماضي رغم الحظر الغربي قائلة إن صادراتها مستقرة. وكانت بيانات من مصدر ملاحي وخدمة ايه.آي.اس لايف لرصد السفن قد أظهرت في وقت سابق تفريغ نحو 200 ألف برميل يوميا من الخام الإيراني في مرفأي الاستيراد التركيين علي أغا وتتنسيفلتش في أغسطس آب. ويعادل هذا الرقم أربعة أمثال واردات أنقرة من النفط الإيراني في يوليو تموز عندما اشترت 48 ألف برميل يوميا وهو أقل مستوى في عامين ونصف العام. بحسب رويترز.

لكن ممثل إيران لدى منظمة أوبك نفى حدوث تلك القفزة وقال إن دوافع سياسية تقف وراء تلك التقارير. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن محمد علي خطيبي قوله "بإعلان قفزة مضاعفة لصادراتنا إلى بلد واحد فإنهم يريدون إثارة حساسيات .. صادراتا مستقرة والإحصاءات التي تشير إلى قفزة مفاجئة في الصادرات لأربعة أمثالها أو تراجعها إلى الربع خاطئة." وبذلت تركيا جهودا حثيثة للتأمين على ناقلاتها كي تستطيع تحميل النفط الإيراني وبدأت أخيرا في استخدام سفن إيرانية تحصل على غطاء تأميني بديل في آسيا وعن طريق شركة كيش بي اند آي المملوكة للقطاع الخاص الإيراني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تشرين الأول/2012 - 17/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م