توجهات شبابنا

على موقع اليكسا Elaxa

زاهر الزبيدي

موقع إليكسا، لمن لا يعرفه، هو موقع على الشبكة العنبوتية يوفر إحصائيات دقيقة عن كل بلد في العالم، لـ 125 بلد، حيث يشتمل على استطلاعاً لما يتصفحة مواطنو هذا البلد من مواقع ألكترونية على شبكة "الأنترنت"، يطالعه أكثر من 6 ملايين مواطن شهرياً، بغية الحصول على الإحصائيات الدقيقة عن مركز المواقع التي يتابعوها ومدى تقدمها شهرياً.. وبعبارة أخرى فالموقع يعتبر مؤشراً لأهمية كافة المواقع العالمية على شبكة الأنترنت.

وما يعنينا اليوم.. نحن في العراق ما هو أهم ما طالعه المستفيدون من خدمة الأنترنت لنتمكن حينها من تقدير مدى أهمية ما طالعوه.. فالعراقيون ظهر أن أكثر عشرة مواقع أهمية في الدخول عليها هي :

1- الفيسبوك Facebook، 2- اليوتيوب YouTube، 3- جوجل عراق google.iq،

4- محرك ياهو Yahoo 5 – محرك جوجل google 6- أحد المواقع الأباحية العالمية

 7- 302 Found 8- Blogspot.com 9- موقع كووورة Kooora10- ماڵپه‌ ڕی ئاوێزه (موقع كردي)..

الموقع الإباحي الذي نراه في المركز السادس هذا الشهر كان قد أحتل المركز السابع في الأشهر الماضية، في حين أن ذات الموقع قد أحتل المركز الـ 14 في الأردن والمركز 13 في مصر المركز الـ 16 في الجزائر والـ 29 في لبنان والـ 74 في ليبيا، في حين اننا لم نجد له أثراً في السعودية والكويت وقطر !

فالكثير من الدول تمارس سياسة الحظر على الكثير من المواقع التي تتسم بالإباحية المطلقة كهذا الموقع والتي لا نرى مبرراً مطلقاً من حظرها "عراقياً" والجميع يعلم أن الكثير من الحريات لدينا قد أخذت طابعاً مطلقاً في منحها على الرغم من عظم تأثيراتها الجانبية على حياة شبابنا، إننا إذ نسمح بذلك، بتلك الصورة، نكون قد تسببنا في انفلات واسع المدى في هذا المجال، وبعيداً عن التقاليد والتعاليم الدينية، فأن مشاهدة مثل تلك المواقع وبكثرة يتسبب بشكل كبيرة في مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة.

وإذا عدنا الى أهم تأثيرات " إدمان" مشاهدة تلك الأفلام من قبل شبابنا نرى أننا وبمرور الوقت سنساهم في هدم إنسانية الشاب العراقي لكون تلك الأفلام تقدم صورة مشبعة بالابتذال والإهانة لأقدس العلاقات الإنسانية مما تتسبب بعد حين في تحولها الى سلاح دمار شامل للنفس البشرية ولرؤية الشباب العراقي عن تلك العلاقة وتجعله مشغولاً بموضوع "الجنس" طوال يومه الذي من المفترض أن يحتل العمل والابداع جزئية كبيرة ومؤثرة منه، ولايخفى علينا كيفية نمو نزعة الجريمة في داخله ليصبح المجتمع عندها في دوامة الفوضى من تلك الجرائم التي تهز الضمير الإنساني منذ زمان طويل ولا زالت، فكثير منها طالت مجتمعنا خلال السنين الأخيرة تطالعنا بها الصحف اليومية بصورة مستمرة.

لقد أخذ العالم تلك الحالة على محمل الجدية البالغة واسهب نفسيو العالم في البحث بها.. فكانت النتائج التي قد نعجز يوماً عن توفيرها لأولي الأمر ليتخذوا من خلالها الإجراءات الكفيلة بالحيلولة دون أن استفحالها بين شبابنا، تلك النتائج التي جاءت بعد سلسلة طويلة من الأبحاث مشفوعة بالاستبيانات التي وفرت الإحصائيات التي بنيت عليها تحاليل كبيرة.

لقد اشار الدكتور كيفن سكنر، مؤلف كتاب "علاج إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية"، والذي سعى فيه الى معرفة الحالة الانفعالية ( قلق... كآبة...حزن ) للأفراد ممن يشاهدون الأفلام الخلاعية ! حيث خلص بحثه إلى أن هذا النوع من الإدمان يتسبب في إصابة أفراده بنسبة عالية من الكآبة الحادة، حيث أوجد مقياساً معيارياً للكآبة من خلال موقع" growth climate " حين أجرى بنفسه استبيانا لـ450 شخص وسألهم... كم مرة شاهدت افلاما خلاعية؟ ماذا كانت النتيجة؟

30% قالوا انهم يشاهدون الافلام الخلاعية على الاقل 3-5 مرات بالاسبوع؟ واكثر من 25% اكدوا انه يرون الافلام يوميا، ثم حاول ان يعرف الفرق بين الافراد ممن يرون الافلام الخلاعية يوميا وبين من يرونها من 3-5 بالاسبوع؟ وكانت النتيجة مفاجئة له، حيث ثبت ان من يشاهد الأفلام الاباحية يوميا فأنه قد سجل نسبة عالية وحادة من الكآبة، بينما من يشاهدون 3-5 مرات بالأسبوع فأنهم يعانون من اكتئاب أيضا الا انه غير حاد.

فما بالكم بالإدمان لشبابنا في رؤية الأفلام الإباحية على مدار الأسبوع حين يفعل أحدهم المستحيل من أجل ذلك، فنحن نكاد نكون جازمين بأن شبابنا من "المدمنين" على مشاهدة تلك الأفلام 7 مرات أسبوعياً وبلا انقطاع على عظم ما كابدوه من حرمان "جنسي" وكبت ولد إنفلاتاً واسع النطاق ليس من السهولة السيطرة عليه دون إجراءات مدروسة بعمق وحلول يتم وضعها لتتناغم مع طبيعة حياتنا اليومية وواقعنا.

من جانب آخر فقد وصف مارتي كلين، السايكلوجي والمعالج النفسي المختص بالجنس، بأن "نتائج شنيعة" تتبع ذلك الإدمان في مشاهدة هكذا نوع من الأفلام.. حيث يتحول التركيز الى أن وجود المرأة على الجانب الشهواني فقط من دون العناوين الأخرى التي تتسم بها المرأة، لتنزل بذلك المرأة الى وجود حسي جسماني وتُعامل كأداة ووسيلة رخيصة لإمتاع الرجل فقط.

وبما أننا خلصنا الى أن الكآبة الحاد من أهم نتائج الإدمان، فاللكآبة إنعكاسات مؤثرة وخطيرة على حياة المصاب بها، أهما المزاج السيء والاضطراب في الشهية وفي النوم والبطء النفسي الحركي أو الأثارة وفقدان المتعة أو الميل الى النشاطات العادية مبتعداً عن النشاطات "الخلّاقة" وفقدان الطاقة والشعور بعدم القيمة "التفاهة" والذنب وصعوبة التفكير مع ما تتناوبه من أفكار بخصوص الموت أو الانتحار وغيرها من الانعكاسات التي نرى بوادرها في مجتمعنا.. فلغاية يومنا هذا نرى أن أبناءنا من الذكور فقدوا ميزة التفوق العلمي وبشكل ملحوظ فالسنوات الأخيرة شهدت تفوق الإناث من طالباتنا على طلابنا وتلك ظاهرة ملحوظة بين أبناءنا مع وجود حالة من تفشي الظواهر الغريبة على مجتمعنا كظاهرة "الإيمو" التي شهدناها في الأشهر القليلة الماضية وغيرها من الظواهر الشاذة المستهلكة في دول الغرب.

نحن بحاجة، اليوم، الى تقنين مدروس بشكل كبير لبعض المواقع على الشبكة العنكوبتية وبالأخص لتلك المواقع التي تتسبب في إستثارة مكامن خطرة من نفوس شبابنا، فالكثير من المواقع نرى بأننا شبابنا غير مهيئين، بشكل كبير، لمتابعتها بطريقة متوازنة وبعيدة عن الإسفاف الذي يؤثر على تكوينهم النفسي والجسدي.. نحن بحاجة الى الشباب القوي "المحصن" اليوم أكثر مما مضى فهم عماد المجتمع وهم من ستقوم على أكتافهم كينونة مجتمع بأسره وهم من سيتداولون، يوما ما، ثروة الوطن ويرفدوا نهضته العمرانية والاجتماعية بعدما نسهم نحن في مساعدتهم على اكتشاف ذاتهم ونستنهض هممهم لذلك.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تشرين الأول/2012 - 17/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م