شبكة النبأ: في مقالات سابقة، نُشرت
في الاعوام الماضية، أكدنا على وجود الظواهر السلبية في العملية
التربوية بالعراق، وأشرنا الى وجود العنف ضد الطلبة من لدن الكادر
التدريسي، مع تفاقم الفساد الاداري والمالي في القطاع التعليمي، ثم
تداول الرشى كظاهرة تنخر في بنية التربية والتعليم، ليصبح هذا الثلاثي
(العنف/ الفساد/ الرشا) من أخطر العقبات التي تهدد هذا القطاع الحيوي
في العراق.
وقد ورد في موسوعة الويكيبيديا أن التعليم في العراق (عانى الكثير
بسبب ما تعرض له البلد من حروب وحصار وانعدام في الأمن، حيث وصلت نسبة
الأمية حاليا إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث في
العراق. وتحاول الحكومة العراقية الحالية تدارك هذه الأزمة، بعد أن
خصصت 10% للتعليم من ميزانيتها السنوية).
لهذا لا يجب السماح بتفاقم الوضع نحو الأسوأ، وهذه مهمة الحكومة
العراقية أولا، والوزارات المعنية بالتربية والتعليم، خاصة أننا جميعا
نتفق على أن بناء الدولة العراقية القوية، يستدعي أولا بنية تربوية
تعليمية معافاة وسليمة من العاهات والظواهر المنحرفة، ولا يمكن أن
يتطور النظام الديمقراطي ويستقر، ما لم يدعمه نظام تربوي تعليمي راسخ،
لذا لابد أن تتنبّه الحكومة الى هذه النقطة المحورية التي تستدعي تقديم
الاهتمام اللازم بهذا الجانب وفقا لمعالجات علمية عملية بالغة الدقة،
واذا كانت الحروب وأزمات النظام الشمولي تقف وراء تدهور التعليم بعد
1991، فإن النهوض بهذا القطاع ينبغي أن يحدث ابتداءً من نيسان 2003،
لكن العكس هو الذي حدث لاسباب كثيرة لا ينبغي أن تستمر قط.
وقد جاء في الويكيبيديا بهذا الشأن (منذ 2003 ظهرت المشاكل الرئيسية
التي تعيق النظام، وتشمل: نقص الموارد، وتسييس النظام التربوي، والهجرة
والتشرد الداخلي من المعلمين والطلاب، والتهديدات الأمنية، والفساد.
والأمية على نطاق واسع مقارنة مع قبل، حيث أن نسبه الأميه 39 ٪ لسكان
الريف. تقريبا 22 ٪ من السكان البالغين في العراق لم يلتحقوا بالمدرسة،
و 9 ٪ من المدارس الثانوية. حيث انخفضت نسبه المساواة بين الجنسين).
لذا فإن التدهور المستمر في قطاع التربية والتعليم، يعني استحالة
بناء الدولة المدنية الرصينة التي تحكمها المؤسسات والقانون، وذلك بسبب
تفشي الامية والجهل بين العراقيين، وهو أمر لا ينسجم مع التوجّه نحو
المسار الديمقراطي وتعميق التجربة التحررية، ويتنافى تماما مع خلق
البنى الاساسية للدولة المدنية، لاسيما اذا عرفنا ان نسبة الامية بين
الشعب العراقي في تزايد مضطرد، إذ تؤكد المعلومات (حسب آخر الإحصاءات
الدولية، أن نسبة القادرين على القراءة والكتابة قد وصلت إلى أقل
مستوياتها في تاريخ العراق الحديث، إذ بلغت في العقد الأخير ما يقارب
60%، حيث عاني أكثر من 6 ملايين عراقي بالغ من الأمية التامة نتيجة
للحروب التي اتت على البلاد والحصار الاقتصادي الذي دام أكثر من 13
عام. أما اليوم، فيبلغ معدل التعليم في البلاد 78.1%، المرتبة 12
عربيا).
هذه الارقام تدلل دون ادنى شك على هشاشة القطاع التربوي التعليمي،
وعدم جدية الجهات الرسمية المسؤولة على معالجة الظواهر السلبية، كالعنف
ضد الطلبة، حيث يبدي الكثير من الطلبة لاسيما الصغار (مرحلة
الابتدائية) تخوفهم من التعامل العنيف كالضرب وما شابه، فيما تتفاقم
الرشوة ومنها بروز ظاهرة (كارت الموبايل مقابل الدرجات)، الامر الذي
يدل على ضعف قاعدة هذا القطاع الحيوي على الرغم من بذل الجهود في هذا
الاتجاه، حيث تم زيادة (رواتب المدرسين والمدربين المهمشين في فترة حكم
النظام السابق. نظراً لقلة الدعم للتعليم في فترة ما قبل عام 2003، حيث
ظهر أن ما يقارب الـ 80% من نسبة المدارس العراقية 15000 مدرسة بحاجة
لإصلاح ودعم للمنشئات الصحية بها، كذلك قلة المكتبات والمختبرات
العلمية في هذه المدارس، ومما أخفق به التعليم في العراق في هذه الفترة
تزايد الرشوة وعدم وجود كهرباء ولاماء في المدارس).
وهكذا يظهر ان مهمة تحسين القطاع التربوي التعليمي عسيرة ومعقدة،
وهي مهمة الحكومة والوزارات المعنية، حيث يتطلب الامر الى بعض الخطوات
الاجرائية المباشرة، والعمل الفوري على تحسين نظام التعليم في العراق
عبر:
- الحد من ظواهر الفساد والعنف والرشوة، باتخاذ تدابير فورية رادعة.
- الزيادة في تنمية الموارد البشرية.
- تخصيص الاموال اللازمة لقطاع التربية والتعليم.
- اعادة هيكلة وترشيد وظيفية، والقضاء على البطالة المقنّعة.
- اتخاذ تدابير حكومية فورية للنهوض بعملية مباشرة لبناء المدارس او
ترميمها.
- تصحيح النظام البيروقراطي القائم حاليا في ادارة شؤون التربية
والتعليم، لاسيما في قضية اقامة المدارس والبنايات المتخصصة.
ومع أن الخطوات الاجرائية تبدو سهلة، لكنها تبقى مرتبطة بالنظام
الاداري الفاسد الذي يحاول المستفيدون منه ماليا، أن يبقوا عليه كمنهج
اداري أوحد من اجل الاستفادة المادية القصوى، لذلك على الحكومة والجهات
المعنية أن تعمل بجدية والتزام على محاربة (المنظومة البيروقراطية)
التي تعشعش في قطاع التربية والتعليم، من اجل بناء الركيزة الاساسية
لبنية تعليمية قوية وراسخة، ومن ثم تحقيق بناء الدولة المدنية الراسخة
ايضا. |