اسرائيل وايران... تصريحات تنم عن ازمات داخلية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يظهر أن تصاعد لهجة المعارك الكلامية المستمر بين طرفي الصراع الإسرائيلي الإيراني، ما هو إلا ذريعة لإخفاء الضعف الداخلي والحقيقي الموجود لدى البلدين، وقد اتضح جليا اعتماد إسرائيل على سياسة الغموض الاستراتيجي بالقوة الناعمة، حيث تعمل على صناعة عدو وهمي، لاستفزاز الام الحنون (أمريكا)، التي باتت اليوم تغرد بعيدا عن سرب طفلها المدلل (إسرائيل) خاصة في الآونة الأخيرة، فهي على مشارف انتخابات رئاسية ستجري في نوفمبر تشرين الثاني القادم، فيما أثار الرسم الكارتوني لقنبلة بيبي عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، موجة من السخرية على المستوى المحلي والدولي، حيث كشف هذا الرسم مدى سخرية الافكار الواهمة والحجج الواهية، التي تستخدم لغرض استفزار اطراف معنية، لسلوك طريق الخديعة، الذي يسير عليه قادة إيران وإسرائيل الى دوامة الحرب الوهمية، كون تصريحاتهم مجرد كلمات أكثر وقعا من الأفعال، مغزاها تغيير بوصلة السياسة الدولية، لتحقيق نوايا تفضح تناقض الكلمات، ومن أجل سبق الأحداث وكسب حرب الغنائم المعنوية، مما يعني ان هذه التصريحات العملاقة دليل يوضح مدى الضعف الداخلي للغريمين، خصوصا وأنهما يتعرضان لانتكاسات اقتصادية وتحديات امنية وعسكرية تستنزف الخزين المادي لاقتصاد بلديهما، من خلال تصنيع وشراء الأسلحة وغيرها من الاغراض التي تتعلق بالشأن العسكري، وعليه فإن هذه الأجندة آنفة الذكر، متعدد الأوجه والأشكال تستعرض ادوارا مختلفة من الاهداف السياسية باستخدام إلاستراتيجية التدريجية المرنة ، التي تسعى من خلالها البلدان المتخاصمة الى ترسيخ وابراز خطر الحرب المفترضة.

ايران سترد بكل قوتها

فقد قالت ايران انها "سترد بكل ما يلزم من قوة" على اي هجوم، وذلك في رد فعل على خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو امام الجمعية العامة للامم المتحدة، ونفى مساعد ممثل ايران في الامم المتحدة اسحق الحبيب اي بعد عسكري لبرنامج بلاده النووي مؤكدا ان "جمهورية ايران الاسلامية تملك ما يكفي من القوة للدفاع عن نفسها وتحتفظ بالحق الكامل في ان ترد بكل ما يلزم من قوة على اي هجوم"، وقال الحبيب في كلمة لم تكن منتظرة امام الجمعية العامة للامم المتحدة قدمت على انها "رد على مزاعم رئيس الوزراء الاسرائيلي" ان اسرائيل "نظام يقوم على الارهاب وهو من اوجد ارهاب الدولة في العالم"، واتهم نتانياهو باطلاق "مزاعم عارية عن الاساس" ضد ايران في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وكان نتانياهو طلب وضع "خط احمر واضح" لمنع ايران من حيازة سلاح نووي مؤكدا ان طهران ستكون قادرة قريبا على صنع قنبلة نووية، وشبه ايران في حال حصولها على السلاح النووي ب"تنظيم القاعدة مسلح بقنابل ذرية" مؤكدا ان "مستقبل العالم على المحك" وان "الوقت ينفد"، ووصف الحبيب اتهامات نتانياهو بانها "وقحة وخبيثة" مؤكدا ان اسرائيل قوة نووية غير معلنة كما اتهم اسرائيل بالوقوف خلف عمليات اغتيال علماء نوويين في ايران، وهزأ من رسم استخدمه نتانياهو دعما لخطابه وبدت فيه قنبلة يخرج منها فتيل مشتعل، وقال "للمرة الثانية في تاريخ الامم المتحدة الحديث، استخدم اليوم رسم وهمي عار عن الاساس لتبرير تهديد موجه ضد احد الاعضاء المؤسسين للامم المتحدة"، وهو يشير بكلامه الى "الاثباتات" التي استخدمها وزير الخارجية الاميركي كولين باول في الامم المتحدة عام 2003 للتاكيد على وجود اسلحة دمار شامل في العراق ما شكل مبررا لاجتياح هذا البلد، وقال الحبيب "في عالمنا المترابط بشكل متزايد وفي عصر الاعلام هذا، بات من المستحيل خداع دول بمثل هذه الوسائل العبثية". بحسب فرانس برس.

وقال ان "على الاسرة الدولية ان تتحمل مسؤولياتها وتمارس الضغط على هذا النظام لحمله على التخلي عن سلوكه غير المسؤول في منطقة مضطربة مثل الشرق الاوسط"، واتهم الحبيب اسرائيل "بتحويل انتباه الدول الاعضاء عن خطورة برنامجها النووي السري .. الذي يشكل مصدر التهديد الوحيد للسلام والاستقرار في الشرق الاوسط"، واكد ان البرنامج النووي الايراني "محض سلمي ومطابق تماما لواجباتنا الدولية"، ويشتبه الغربيون والاسرائيليون بسعي ايران لحيازة القنبلة النووية تحت ستار برنامج مدني، الامر الذي تنفيه ايران، واكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ونتانياهو مجددا خلال لقاء في نيويورك عزم بلديهما على "منع" ايران من امتلاك القنبلة النووية، على ما اعلن مسؤول اميركي كبير، وفي ختام اجتماع لمجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا)، حضت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ايران على القيام ب"تحرك عاجل" لطمأنة المجتمع الدولي حول برنامجها النووي المثير للجدل، وركز وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على "وحدة" المجموعة و"الضغوط الواجب ممارستها" على ايران، والمفاوضات بين ايران والدول الكبرى متعثرة بعد فشل جولة التفاوض الاخيرة بين الجانبين في حزيران/يونيو في موسكو. ويدعو الاوروبيون والولايات المتحدة الى تشديد العقوبات على ايران في حين ترفض روسيا والصين ذلك.

الإرهاب النووي

فيما قالت ايران امام اجتماع الامم المتحدة انها تعتبر ان الإرهاب النووي يشمل مهاجمة أو تخريب المنشآت النووية ولأنها معرضة للاستهداف بمثل هذه الهجمات فانها تولي "أهمية خاصة" لمنع حدوثها، واضافة الى الهجمات على المنشآت النووية قالت ايران ان استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها بقصد إحداث وفيات أو إصابات أو أضرار بالممتلكات أو البيئة يعتبر ايضا إرهابا نوويا، وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي "باعتبارنا دولة لم يتعرض مواطنوها فحسب للاستهداف من قبل جماعات إرهابية لكن منشآتها النووية تعرضت ايضا لهجمات قراصنة الكمبيوتر والتخريب المدعوم من الخارج فاننا نولي أهمية خاصة لضرورة منع الإرهاب النووي"، واضاف "جميع الدول لديها التزام قانوني بالامتناع عن القيام بأي هجوم أو التهديد بالهجوم على منشآت نووية سلمية سواء كانت عاملة أو قيد الإنشاء أو المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال تخريب لمثل هذه المنشآت"، وترفض اسرائيل والولايات المتحدة استبعاد احتمال توجيه ضربة عسكرية لمنشآت ايران النووية التي يقول الغرب انها تهدف لإنتاج قنابل نووية لكن طهران تصر على انها للأغراض السلمية فحسب. واشارت إسرائيل الى أنها قد تهاجم مواقع إيران النووية بحلول ربيع 2013. بحسب رويترز.

وقال صالحي "أي فعل من هذا القبيل ترتكبه دولة مثلما تواصل دول معينة ارتكابه في بلدي لهو مظهر من مظاهر الإرهاب النووي ويمثل بالتالي انتهاكا خطيرا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي"، وقال "ينبغي (ألا) يستخدم الإرهاب النووي كذريعة لانتهاك الحق الذي لا تنازل عنه في الاستخدام السلمي للعلوم والتكنولوجيا النووية.. أي استخدام للسلاح النووي سواء من جانب دول او ارهابيين سيكون كارثيا"، ومنذ ما يقرب من 10 سنوات تجري بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين مفاوضات دون جدوى مع إيران لإقناعها بوقف برنامجها النووي مقابل حوافز سياسية واقتصادية، وقال وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله امام الجمعية العامة للأمم المتحدة انه يتعين على ايران ان تقدم ردا جادا على المخاوف الدولية وان "تكف عن اللعب لكسب الوقت"، واضاف "نريد التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي. الوقت قصير .. والوضع خطير"، واشار نتنياهو الى ان هذا قد يتسبب في هجوم اسرائيلي بحلول ربيع أو صيف عام 2013، وردت ايران قائلة ان لديها ما يكفي من القوة للدفاع عن نفسها وانها تحتفظ بحق الرد بكل قوة على أي هجوم.

قنبلة بيبي الكارتونية

على صعيد أخر "قنبلة بيبي" .. أو الرسم التوضيحي الذي عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت ثمرة مباحثات على مدى عدة أيام مع عقول مجموعة من مستشاريه المقربين حول كيفية إحداث تأثير قوى بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقال مسؤول كبير كان ضمن مرافقي نتنياهو، "الرسم أضفى على كلمته طابعا مميزا" في إشارة إلى رسم توضيحي للقنبلة استخدمه الزعيم الإسرائيلي الذي يعرف باسم "بيبي" في كلمته أمام الجمعية العامة كدليل يدعم ما يرى أنه مسعى إيراني لامتلاك سلاح ذري، وربما أثار الرسم موجة من السخرية على موقع تويتر حيث سخرت منه مجلة نيويوركر. لكن الرسم التوضيحي حقق ما كانت إسرائيل تتطلع إليه وهو لفت الانتباه، وما كان لمثل هذه المحاكاة لسلسلة لوني تيونز للرسوم المتحركة أن تفوت على نتنياهو الذي درس في الولايات المتحدة ولا على رون ديرمر أحد كبار مستشاريه الذي ولد هناك وهاجر إلى إسرائيل، ولكن نتنياهو ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أخرج قلما ورسم خطا أحمر أسفل عبارة "المرحلة الأخيرة" لإنتاج قنبلة وهي المرحلة التي ستكون إيران عندها أنجزت 90 بالمئة من الطريق إلى امتلاك ما يكفي من المواد التي تصلح لإنتاج قنبلة، وقال نتنياهو في اجتماع مع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر "حاولت أن أقول شيئا اعتقد أن اصداءه تتردد الآن في أنحاء العالم"، من إذا صاحب فكرة "قنبلة بيبي"؟، لم يجب المسؤول الإسرائيلي. بحسب رويترز.

وقال إن نتنياهو "لديه مجموعة صغيرة من المستشارين المقربين." وتابع "في الاجتماعات المختلفة يطرح هؤلاء الناس كل أنواع الأفكار. وفي النهاية يقرر رئيس الوزراء أي من الأفكار سيختار"، وأضاف المسؤول الذي وصف الرسم بأنه "أداة مفيدة" أن الفريق اجتمع على مدى أيام واقترح "مسودات لا حصر لها" واتخذ قرار بأنه "باستخدام الرسم فإن الرسالة ستصل إلى الناس"، وقال إنه لا يعرف من الذي رسم القنبلة أو ما إذا كانت نسخت من برنامج للرسوم التوضيحية. ومثلما هو الحال مع أي كلمة لنتنياهو لا يكون واضحا حتى اللحظة الأخيرة ما سيبقي عليه وما سيحذف، ولجأ نتنياهو في السابق إلى رسوم توضيحية في بعض خطبه، واستخدم رسما يوضح العبء الذي يمثله القطاع العام المتضخم على الاقتصاد عندما كان وزيرا للمالية بين عامي 2003 و2005، واستخدم في مؤتمر صحفي في أبريل نيسان الماضي جهاز كمبيوتر لوحي وشاشة عرض كبيرة لرسم شجرة قال إن ثمارها ترمز لإنجازات حكومته، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها وسائل بصرية وسمعية في الأمم المتحدة، كذلك عرض نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام نسخة من مخططات معسكر أوشفيتز النازي للتنديد بإنكار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للمحرقة.

لا حرب هذا العام

من جهة أخرى قلل الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للامم المتحدة حول برنامج ايران النووي من التكهنات داخل اسرائيل بأنه قد يأمر بشن حرب عليها هذا العام، وقام معلقون بتحليل الخطاب الذي ألقاه نتنياهو ووضع خلاله "خطا أحمر" لبرنامج ايران النووي حين امسك برسم شبيه بالكاريكاتير لقنبلة ذات فتيل ورسم خطا احمر اسفل عبارة "المرحلة النهائية" من صنع قنبلة والتي يكون عندها قد اكتمل 90 في المئة من الخطوات المطلوبة لحيازة مواد كافية لصنع قنابل، وقالوا ان الخط الاحمر الذي حدده لاي تحرك عسكري يقع اوائل عام 2013 او في منتصفها وذلك بعد وقت طويل من الانتخابات الامريكية التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني القادم وبعد انتخابات اسرائيلية مبكرة متوقعة، وكتب اوفير شيلا في صحيفة معاريف "عام الحسم عام 2012 سيمر دون حسم"، ودون ان يقول هذا صراحة لمح نتنياهو الى ان اسرائيل ستهاجم المنشآت النووية لتخصيب اليورانيوم اذا سمح لها بانتاج مواد يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة متخطية بذلك الخط الاحمر الذي وضعه، وقالت معاريف وصحف سرائيلية كبرى منها يديعوت احرونوت ان ربيع 2013 يبدو الان هو التاريخ المستهدف لنتنياهو نظرا لانه توقع انه بحلول هذا الموعد ستكون ايران جمعت ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة لصنع أول قنبلة اذا خصب لدرجة اعلى.

لكن تحدثت كل من صحيفة هاارتس الليبرالية وهايوم المؤيدة للحكومة في صدر صفحتها الاولى عن منتصف عام 2013 وهو أقصى تقييم لنتنياهو يكون فيه الايرانيون مستعدون لدخول المرحلة الاخيرة من تصنيع سلاح والتي قد لا تستغرق سوى "بضعة أشهر او ربما أسابيع"،

وأحجم دبلوماسيون اسرائيليون عن تحليل خطاب نتنياهو بالتفصيل واكتفوا بالقول ان الغرض منه هو ابراز الخطر الذي تشكله ايران، وسأل راديو الجيش الاسرائيلي وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان عما اذا كان نتنياهو قد لمح الى انه سيضرب في الربيع اذا فشلت العقوبات الامريكية والاوروبية في الحد من البرنامج النووي الايراني قال "لا ..لا لن أذهب الى هذا الحد، "رئيس الوزراء أوضح رسالة للمجتمع الدولي (انهم) اذا ارادوا منع الحرب القادمة فعليهم ان يمنعوا ايران من ان تصبح نووية. بحسب رويترز.

ووتر الخطاب المتشدد لنتنياهو ضد ايران في الاسابيع والاشهر القليلة الماضية من العلاقات مع الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي رفض نداءات طالبته بتحديد مهلة لطهران في الوقت الذي كان فيه يرد على اتهامات منافسه الجمهوري ميت رومني بأنه لين فيما يتعلق بامن اسرائيل، وامتدح نتنياهو في خطابه أمام الامم المتحدة تصميم أوباما على التمسك "بهدف مشترك" للبلدين في اشارة قوية على ان اسرائيل لن تتجاهل واشنطن وتشن هجوما منفردا على ايران، وقال دان مارجاليت الناقد في صحيفة هايوم ان خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي كان بمثابة "اعتراف واضح تقريبا على انه (نتنياهو) يعلن هدنة في الجدل العلني بينه وبين الرئيس (الامريكي). على الاقل الى ما بعد الانتخابات الامريكية"، وحذر مسؤول اسرائيلي مطلع على استراتيجية اسرائيل بشأن ايران من تفسير المواعيد التي وردت في خطاب نتنياهو على انها مهل قائلا ان الاستعدادات اتخذت بالفعل لضربات عسكرية، وقال المسؤول "حين يقول (نتنياهو) ان ايران ستمتلك قنبلة بحلول هذا الوقت او ذاك فهذا لا يعني بأي حال ان ينتظر خيار الحرب حتى ذلك الحين. هناك اعتبارات أخرى للتوقيت على صعيد العمليات والاستراتيجية.

حرب عالمية ثالثة

في المقابل قال قائد بارز في الحرس الثوري الايراني ان ايران يمكن ان تشن ضربة استباقية ضد اسرائيل اذا كانت الاخيرة تحضر لمهاجمة الجمهورية الاسلامية، وذلك بعد يوم من تحذير قائد الحرس الثوري بان اسرائيل ستضرب بلاده لا محالة، وقال الجنرال امير علي حجي زاده لتلفزيون العالم الناطق باللغة العربية انه اذا دخلت اسرائيل وايران في نزاع مسلح "يمكن توقع اي شيء .. يمكن ان يتحول ذلك النزاع الى حرب عالمية ثالثة"، وقال حجي زاده المسؤول عن الانظمة الصاروخية في الحرس الثوري "في حال اعد الاسرائيليون العدة لشن هجوم، فمن الممكن ان نشن نحن هجوما استباقيا. ولكننا لا نرى حدوث ذلك في الوقت الحالي"، واضاف ان ايران تعتبر ان اي هجوم تشنه اسرائيل على ايران سيكون حاصلا على الموافقة الاميركية ولذلك "فسواء شن النظام الصهيوني هجمات بمعرفة الولايات المتحدة او بدون معرفتها، فاننا بالتاكيد سنهاجم القواعد الاميركية في البحرين وقطر وافغانستان"، وقال "اسرائيل لا تستطيع ان تتخيل ردنا-- وستلحق بها اضرار جسيمة، وسيكون ذلك بداية لزوالها"، وقد صرح قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري ان اندلاع حرب بين ايران واسرائيل "سيحدث لا محالة، ولكن ليس من المؤكد كيف واين"، وهذه هي المرة الاولى التي تشير فيها ايران الى احتمال نشوب نزاع مسلح مع اسرائيل، في حين كانت تستبعد في السابق مثل هذا السيناريو وتتهم قادة اسرائيل بالخداع، واضاف جعفري ان "هذا الورم السرطاني الذي تمثله اسرائيل يسعى الى شن حرب علينا، ولكننا لا نعرف متى ستحصل هذه الحرب. لقد باتوا يعتبرون ان الحرب هي الوسيلة الوحيدة لمهاجمتنا"، وقال جعفري ايضا "اذا بدأوا بالهجوم فسيؤدي ذلك الى دمارهم. والكل يعلم انهم لن يستطيعون مواجهة قوة الجمهورية الاسلامية"، واضاف الجنرال جعفري حسب ما نقلت عنه وكالة فارس للانباء ان ايران "تبذل كل الجهود لتعزيز قدراتها العسكرية للدفاع عن نفسها في حال تعرضها لهجوم"، وقال ايضا "اصبحنا نتعامل بجدية اكبر مع تهديدات عدونا لبلادنا". بحسب فرانس برس.

وقد قال نائب جعفري الجنرال حسين سلامي لوكالة فارس ان "استراتيجية ايران الدفاعية تقوم على افتراض اننا سندخل حربا، ومعركة هائلة ضد تحالف عالمي تقوده الولايات المتحدة"، واكد ان الجمهورية الاسلامية وضعت الاستعدادات "لسحق" العدو عن طريق "ضرب قواعد العدو في المنطقة، وامن النظام الصهيوني (اسرائيل) وسوق الطاقة اضافة الى ضرب عناصر قوات العدو"، واضاف "لن نكون البادئين بالحرب، ولكن اذا شنت اي جهة حربا ضدنا، فسنشن هجمات متواصلة"، وازداد التوتر بصورة كبيرة خلال الاسابيع الماضية مع تهديد اسرائيل بشن ضربات جوية على المنشآت النووية الايرانية، وتتهم اسرائيل والغرب ايران بتطوير قدراتها لصنع السلاح النووي، وتؤكد ايران ان برنامجها سلمي ولكنها لم تقدم اجابات كافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن الدولي بهذا الشأن.

استعراض عسكري

من جهتها حذرت ايران اسرائيل والولايات المتحدة من اي هجوم عليها، وذلك خلال عرض عسكري كبير حضره الرئيس محمود احمدي نجاد وكبار مسؤولي البلاد، نظم في ذكرى اندلاع الحرب العراقية الايرانية (1980-1988)، وشارك الاف الرجال وعشرات الدبابات والصواريخ المنقولة على شاحنات في العرض، وقال احمدي نجاد في خطاب نقله التلفزيون الرسمي ان ايران تلجأ الى "الروحية والثقة بالنفس" اللتين سادتا خلال الحرب من اجل "النهوض والدفاع عن حقوقها" اليوم امام ضغوط القوى الكبرى، واشار جنرالات ايرانيون الى ان عرض قوة ايران العسكرية ينبغي ان تستوعبه اسرائيل التي صعدت في الاسابيع الفائتة التهديدات بضرب منشآت نووية ايرانية، وقال الجنرال حسن فيروز ابادي لوكالة الانباء فارس "لا نشعر بالتهديد من الهراء الذي صدر عن قادة ذاك النظام"، موضحا ان رد ايران على اي هجوم سيكون "فوريا ولا يمكن وقفه"، وقال قائد الجيش الايراني الجنرال عطاء الله صالحي لوكالة الانباء الطلابية (ايسنا) ان "تنظيمنا عرضا عسكريا هدفه الردع لا التهديد"، وكرر الى جانب مسؤولين عسكريين اخرين التعهد بالقضاء على اسرائيل في حال هاجمت ايران، اما رئيس قسم الطيران في الحرس الثوري المكلف الدفاع الصاروخي العميد امير علي حجي زاده، فقد كرر تهديد ايران باغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في حال تعرض الجمهورية الاسلامية في ايران لهجوم او لعقوبات توقف صادراتها النفطية، وقال "اذا لم يعد لمضيق هرمز فائدة لنا يوما ما فسنحرم الاخرين من الاستفادة منه". لكنه اضاف انه "لا مشكلة في الظروف الحالية". بحسب فرانس برس.

كما قلل حجي زاده من المناورات الحربية البحرية التي تجريها الولايات المتحدة وثلاثون دولة اخرى في الخليج وقال انها "لا تشكل تهديدا لنا"، كما تطرق احمدي نجاد في كلمته الى الفيلم المسيء للاسلام الذي صوره افراد مسيحيون متشددون في الولايات المتحدة واثار ردود فعل عنيفة في العالم المسلم، وقال ان زعم الحكومة الاميركية العجز عن فعل اي شيء لحجب الفيلم "خديعة" تستغل حرية التعبير ذريعة، واعتبر الفيلم مؤامرة خططت لها اسرائيل "لاثارة الخلافات (في صفوف الاسلام) واثارة نزاع طائفي"، كما المح الرئيس الايراني ضمنا الى ما يكرره من نفي لمحرقة اليهود مهاجما الغرب بسبب الحجب الانتقائي، برأيه، وقال "ينتفضون ضد مسألة تتعلق بحدث تاريخي (...) يهددون ويضغطون على دول لطرحها السؤال لكن في ما يتعلق باسوأ الاهانات الى المقدسات البشرية والانبياء (...) ينادون بالحرية (الرأي)"، ويشاطره الرأي بخصوص التشكيك في قصة مقتل ستة ملايين يهودي في محارق النظام النازي في اثناء الحرب العالمية الثانية المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، ففي وقت سابق قال خامنئي لملازمي البحرية "في بعض الدول الغربية لا احد يجرؤ على التشكيك في حدث المحرقة الغامض او حتى بعض السياسات غير الاخلاقية على غرار المثلية الجنسية (...) لكن اهانة الاسلام ومقدساته بذريعة حرية التعبير مجازة".

مخاوف إسرائيل

الى ذلك تبين من استطلاع للرأي أن نصف الإسرائيليين يتخوفون على استمرار وجود إسرائيل بعد حرب مع إيران يتوقعون نشوبها العام المقبل، فيما قال تقرير لوزارة الخارجية الإسرائيلية إن العقوبات الدولية تسببت بأضرار كبيرة لإيران، ووفقا لاستطلاع نشرت صحيفة "هآرتس" مقاطع منه على أن تنشره كاملا غدا، فإن 20% من الإسرائيليين يتخوفون من أن إسرائيل لن تبقى موجودة بعد حرب مع إيران بينما عبر 30% عن تخوف كبير من ذلك، وقال 24% إنهم لا يتخوفون كثيرا و 23% لا يتخوفون أبدا، وقال 27% إنه يوجد احتمال كبير لنشوب حرب بين إسرائيل وإيران في العام 2013، فيما قال 29% إنه يوجد احتمال متوسط للحرب، ورأى 32% إنه يوجد احتمال ضئيل لنشوب حرب، وقالت "هآرتس" إن نتائج الاستطلاع تدل على أن "الجمهور مذعور وخائف" وأن هذه النتائج ينبغي أن تثير قلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يلوح بمهاجمة إيران وقلق وزير الدفاع إيهود باراك الذي اعتبر أن عدد القتلى الإسرائيليين في حرب مع إيران لن يزيد عن 500 قتيل، وفي موازاة ذلك حذر قادة الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن نتائج حرب مع إيران ستكون وخيمة وأنه لا ينبغي أن تخوض إسرائيل حرباً كهذه لوحدها. بحسب يونايتد برس.

وفي سياق متصل أفادت الصحيفة بأن وثيقة داخلية تم إعدادها في وزارة الخارجية الإسرائيلية أقرت بأن العقوبات الجديدة التي تم فرضها على إيران خلال الشهور الأخيرة ألحقت ضررا دراماتيكيا أكبر مما كان يتوقع بالاقتصاد الإيراني، وصعدت الانتقادات الداخلية تجاه النظام الإيراني، ونقلت الصحيفة عن موظف كبير في وزارة الخارجية قوله إن على خلفية ذلك تسعى إسرائيل بواسطة جهود كبيرة، بذلتها، من أجل دفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض جولة عقوبات أخرى ضد إيران، ورجحت الصحيفة أن هذا التقرير كان وراء تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان "إنني مستعد لأن أخاطر والقول إنه خلال عام سنشاهد في إيران الظاهرة نفسها التي شاهدناها في كل العالم العربي" في إشارة إلى احتجاجات "الربيع العربي"، وأضاف ليبرمان "يوجد هناك تململ داخلي متزايد وهذا سيصب في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مرة أخرى، والقيادة الإيرانية تشعر بذلك أيضا ولذلك فإنها تصعد خطابها"، وبين المصادر التي استند إليها التقرير معلومات تلقتها وزارة الخارجية من دول لديها سفارات في طهران، وقال الموظف في وزارة الخارجية "توجد مؤشرات على أن المواطن العادي يتهم القيادة الإيرانية بالوضع الحاصل وليس الغرب الذي فرض العقوبات".

وأضاف الموظف أن الوضع الاقتصادي في إيران سيء وأن صادرات النفط انخفضت بنسبة 50 % بسبب العقوبات الأوروبية ودول أخرى مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وتابع أنه بسبب العقوبات المفروضة على البنك المركزي الإيراني فإن طهران تواجه صعوبة في الحصول على احتياطي العملات الأجنبية في حساباتها خارج البلاد، وأن هذا الوضع أدى إلى وجود فرق بنسبة 100% بين سعر صرف الدولار الرسمي وسعره في السوق السوداء وأن قيمة الريال الإيراني انخفضت بنسبة 50 %، وأضاف الموظف الإسرائيلي أن المواطن الإيراني يشعر بهذه العقوبات وأنه "طرأ ارتفاع حاد على أسعار السلع الأساسية مثل الخبز واللحم والكهرباء"، لكن التقرير أشار إلى أنه على الرغم من تأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات إلا أنه لم يطرأ تغيرا على قرارات مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي بما يتعلق بالبرنامج النووي.

مأزق شديدا

هل ستحذر إسرائيل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو سرا كي يسحب مفتشيه قبل أي هجوم جوي على إيران كما فعلت الولايات المتحدة في اتصال هاتفي مع سلفه ليلا قبيل الحرب في العراق عام 2003؟، في ظل استمرار التكهنات بأن إسرائيل ربما تهاجم المنشآت النووية الإيرانية قريبا وتزايد التوتر في العلاقة بين أمانو وطهران فإن الأخطار المحتملة التي يواجهها موظفو الوكالة الدولية على الأرض تمثل على الأرجح مصدر قلق كبيرا بالنسبة للدبلوماسي الياباني المخضرم.

وإن لم يكن الحظ حليفهم فهم يواجهون خطر الوجود في موقع تستهدفه الصواريخ الإسرائيلية وربما يواجهون أيضا غضبا إيرانيا يؤدي إلى طردهم من البلاد بعد ذلك على الأرجح. ومن شأن مغادرتهم أن تقلص معرفة العالم بتطورات البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، وقال تريفور فيندلي خبير نزع السلاح وحظر الانتشار النووي إن الوكالة الدولية يمكن أن تواجه "مأزقا شديدا" نظرا لأنها ملزمة بالاستمرار في تنفيذ تفويضها الخاص بالتفتيش في إيران إلى جانب حماية موظفيها من الأذى، وأضاف فيندلي الخبير بمركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية بجامعة هارفارد "يجب أن تتوخى الحذر أيضا كي لا ينظر إليها على أنها تسهل هجوما إسرائيليا من خلال سحب موظفيها مسبقا سواء أكان ذلك بعد تحذير إسرائيلي أو لمجرد التكهن بموعد هجوم إسرائيلي، وصعد المسؤولون الإيرانيون انتقاداتهم للوكالة الدولية وقالوا إنها ربما تعرضت لاختراق من "إرهابيين" واتهموها بتسريب أسرار نووية لإسرائيل، ورغم أن دبلوماسيين غربيين نفوا ذلك واعتبروه وسيلة لصرف الأنظار عن الشكوك المتزايدة بشأن الأهداف النووية الإيرانية من المرجح أن تزيد هذه الاتهامات قلق الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها بشأن سلامة المفتشين.

وقال بيير جولدشميت الرئيس السابق لمفتشي الأمم المتحدة النوويين "هناك خطر واضح على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا كانوا موجودين في موقع نووي أثناء تعرضه لهجوم جوي، وأضاف "ليس بوسعي سوى التكهن بأن إسرائيل ستحذر الوكالة الدولية مسبقا مثلما فعل الأمريكيون قبل حرب العراق في مارس 2003" في إشارة إلى اتصال هاتفي أجراه مبعوث أمريكي مع محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية آنذاك، غير أن ذلك يمكن أن ينبه إيران أيضا في حين أن إسرائيل ستريد على الأرجح الحفاظ على سرية عمليتها لأطول فترة ممكنة على عكس الحشد العسكري الأمريكي في الخليج الذي كان معلنا استعدادا لغزو العراق. بحسب رويترز.

وقال عوزي إيلام وهو ضابط إسرائيلي متقاعد برتبة بريجادير جنرال ومدير سابق للجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية "المنطق يقول إنه عندما تتخذ إجراء عسكريا فأنت لا تعلن عنه مسبقا لأنك ستفقد أي عنصر مفاجأة، وقال خبير شؤون الانتشار النووي مارك هيبس إنه سيتعين على إسرائيل دراسة أنها "إذا أبلغت الوكالة الدولية بخططها فإن الخروج الجماعي لموظفي الوكالة من ايران ربما يشكل دلالة لطهران على هجوم وشيك، ورغم ذلك أشار إيلام إلى أن إسرائيل ربما تحدد موعد أي هجوم مع وضع سلامة المفتشين في الاعتبار. وقال إن إسرائيل اختارت يوم الأحد لقصف مفاعل عراقي في عام 1981 لتقليص احتمالات إصابة أي مهندسين فرنسيين لا يزالون يعملون هناك، وتقوم الوكالة بعمليات تفتيش دورية لستة عشر منشأة نووية معلنة في إيران بينها اهداف محتملة لهجوم إسرائيلي مثل محطتي تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو.

وقال هيبس خبير الانتشار النووي بمعهد كارنيجي للسلام الدولي إن الوكالة الدولية ستفعل كل ما في وسعها لإخراج موظفيها من إيران قبل أي هجوم إسرائيلي لكن يجب أن تتوخى الحذر في كيفية عمل بذلك، وأضاف أنه إذا تبين لاحقا أن أمانو تلقى تحذيرا ولم يبلغ إيران بذلك فإن طهران ربما تعتبر أن "الوكالة الدولية كانت طرفا في غزو" مضيفا أن أي موظف تابع للوكالة سيبقى في البلاد في ذلك الوقت "سيكون في خطر شديد"، وقال فيندلي إن إسرائيل أيضا تواجه مأزقا لأنها ستريد تجنب "العار الدولي" الذي قد يلاحقها بسبب قتل مفتشين تابعين للوكالة الذرية، وأضاف أن إبلاغ المدير العام للوكالة "سرا قبل ساعات من الهجوم سيضمن إمكانية انتقال المفتشين الموجودين إلى طهران أو أي مكان آخر سريعا"، وقال جولدشميت إنه لا يعتقد أن الوكالة التي يتمثل هدفها الرئيسي في ضمان عدم تحويل أي مواد نووية في العالم إلى الأغراض العسكرية ستنقل مفتشيها إلى خارج إيران مالم تكن هناك "علامة واضحة" تشير إلى ضرورة ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تشرين الأول/2012 - 15/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م