الأمراض الجديدة... من اين تأتي؟

 

شبكة النبأ: برغم من التقدم الكبير الذي يشهده الجانب الطبي في بعض الدول المتقدمة والتي أصبحت تعتمد على تقنيات وأجهزة خاصة وحديثة تسهم بالكشف المبكر عن الكثير من الأمراض، لايزال هذا العلم المهم عاجز عن تشخيص العديد الأمراض الجديدة والغريبة التي تظهر بين الحين و الأخر لتدق ناقوس الخطر في جميع أرجاء العالم، ويرى بعض المتخصصين ان التلوث البيئي الخطير والتدني الصحي المتزايد قد أسهم وبشكل فاعل بانتشار العديد من الأمراض الخطيرة غير المكتشفة وهو ما حير العلماء والأطباء الذين لا يزالون يواصلون البحث عن مسبباتها وإيجاد سبل معالجها، وفي هذا السياق حثت منظمة الصحة العالمية العاملين في المجال الطبي في شتى انحاء العالم على الابلاغ عن اي مريض مصاب بعدوى حادة في الجهاز التنفسي وربما يكون قد سافر الى السعودية او قطر وتعرض لفيروس جديد يشبه فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس). وكانت المنظمة التابعة للأمم المتحدة قد أصدرت تنبيها عالميا بشأن مريض قطري يبلغ من العمر 49 عاما أصيب بفيروس جديد وقالت إنه زار السعودية في الآونة الأخيرة حيث توفي رجل آخر بفيروس مطابق تقريبا.

ويرقد القطري المصاب في حالة خطيرة في مستشفى ببريطانيا طبقا للمعلومات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية وقالت المنظمة انه لم يتم الابلاغ عن اي حالة جديدة لإصابة مرضية حادة في الجهاز التنفسي مصحوبة بفشل كلوي بسبب الفيروس الجديد لكنها تواصل تحقيقاتها.

ويذكر ان المريض القطري المصاب بفيروس غامض وضع على جهاز تنفس اصطناعي لإبقائه على قيد الحياة. وقال المستشفى في بيان ان "المريض موضوع على جهاز للتنفس، يزود الدم بالاوكسيجين خارج الجسم عندما تكون الرئتان عاجزتين عن القيام بذلك". واوضح المستشفى انه اتخذ تدابير صارمة لضمان عدم انتقال الفيروس الغامض الى العاملين والمرضى. وقال "لا دليل على انتقال الفيروس الى مريض اخر او موظف. ومع ذلك، تتم مراقبة الممرضين الذين يعتنون بالمريض كاجراء احتياطي".

وقال جريجوي هارتل المتحدث باسم المنظمة "نحن مستعدون في حالة حدوث اي تغير في حالة حدوث اي تغير في سلوك الفيروس." وجاء في الإرشادات الطبية لمنظمة الصحة لما يصل الى 194 دولة عضوا ان على العاملين في المجال الطبي الانتباه لأي شخص عليه اعراض إصابة حادة في الجهاز التنفسي واحتمال ارتفاع في درجة الحرارة مصحوبة بسعال وتتطلب حالته العلاج في المستشفى وكان في المنطقة التي اكتشف بها الفيروس او كان على اتصال مع حالة مؤكدة أو مشتبه بها خلال العشرة ايام السابقة.

ويعرف الفيروس بأنه من الفيروسات الاكليلية وله صلة بادوار البرد المعتادة وينتمي الى نفس اسرة فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) الذي ظهر في الصين عام 2002 . وأصاب سارس 8000 شخص على مستوى العالم وتسبب في وفاة 800 قبل السيطرة عليه. ومن شأن أي ربط بين الفيروس والسعودية إثارة قلق خاص مع قرب موسم الحج حيث يتوافد ملايين المسلمين على المملكة لأداء الفريضة. وقالت منظمة الصحة العالمية انها حددت مجموعة من المختبرات التي يمكنها توفير الخبراء في الفيروسات الاكليلية للدول التي تحتاجها. بحسب رويترز.

وقالت "انه فيروس مختلف عن سارس نظرا لحدة الحالتين المؤكدتين حتى الان وتقوم منظمة الصحة العالمية بمزيد من الابحاث لتحديد طبيعة الفيروس الاكليلي الجديد" مشيرة الى التسلسل الجيني. وقال هارتل في تصريحات للصحفيين "هذا ليس سارس ولن يصبح سارس. انه لا يشبه سارس." وصرح بأنه لم يتضح بعد ما اذا كان الفيروس ينتشر من خلال اتصال شخص بآخر او كيفية انتقاله. وقال "لا نعرف ما اذا كانت كل حالات العدوى شديدة مثل الحالتين اللتين لدينا الان ولا نعرف في الحقيقة ما اذا كانت هناك مليونا حالة من هذا الفيروس ام مجرد حالتين شديدتين."

مستويات مقلقة

في السياق ذاته اكتشف علماء عددا مقلقا من حالات الاصابة بمرض السل الرئوي التي تقاوم ما يصل الى اربعة مضادات حيوية قوية في افريقيا واسيا واوروبا وامريكا اللاتينية. ووجد الباحثون خلال دراسة دولية كبيرة نشرت في دورية (لانست) الطبية Lancet medical journal ان معدلات الاصابة بالسل المقاوم للعقاقير اكثر مما كان يعتقد في السابق وتهدد الجهود العالمية لوقف انتشار المرض.

وقال سفين هوفنر من المعهد السويدي للسيطرة على الامراض المعدية في تعليق على الدراسة "اغلب التوصيات الدولية بشأن السيطرة على السل تتعلق بانتشار السل المقاوم للعديد من العقاقير بما يصل الى حوالى خمسة بالمئة. والان نواجه انتشارا يزيد عن ذلك عشر مرات في بعض الاماكن حيث ينقل نصف المرضى تقريبا سلالات السل المقاوم للعديد من العقاقير."

والسل وباء عالمي اصيب به 8.8 مليون شخص وتسبب في وفاة 1.4 مليون مريض في 2010. والسل المقاوم للعقاقير اكثر صعوبة وتكلفة في العلاج من السل العادي وهو اخطر على حياة المريض. وقام الباحثون بدراسة معدلات المرض في كل من استونيا ولاتفيا وبيرو والفلبين وروسيا وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية وتايلاند. وعلاج حتى النوع العادي من السل يتطلب عملية طويلة يتناول فيها المرضى مجموعة من المضادات الحيوية القوية لستة أشهر. ولا يكمل الكثير من المرضى علاجهم بطريقة صحيحة وهذا أحد العوامل التي تسهم في زيادة الأشكال المقاومة للعقاقير. بحسب رويترز.

وقال توم إيفانز كبير الفريق العلمي في مؤسسة أيراس وهي مؤسسة تعمل على تطوير لقاحات جديدة للوقاية من السل ولا تسعى للربح إن الخيارات المتاحة لعلاج السل المقاوم للعقاقير "محدودة وباهظة التكلفة وتنطوي على قدر كبير من المخاطرة." وأضاف إن تكاليف علاج السل المقاوم للعقاقير يمكن أن تزيد 200 مرة عن علاج السل العادي كما أن العلاج يمكن أن يسبب آثارا جانبية حادة كالإصابة بالصمم واضطرابات ذهنية ويمكن أن يستغرق استكماله عامين.

فيروس قاتل

من جهة أخرى يقول المسؤولون ان الاف الاشخاص ربما كانوا عرضة لخطر الاصابة بفيروس قاتل في متنزه يوسمتي بارك بكاليفورنيا بعد وفاة شخصين أصيبا بالفيروس. وهناك اربع حالات اخرى من الاصابة بفيورس هانتا، وهو فيروس نادر يصيب الرئتين، تحت العلاج. وتقول إدارة المتنزه انه يتلقى 1000 اتصال يوميا على الخط الساخن لفيروس هانتا من زائرين مذعورين. والفيروس، الذي لاعلاج له، ينتشر عن طريق براز القوارض المصابة وقد تستغرق فترة ظهور الاعراض ستة اسابيع، وثلث المصابين قد يموتون.

والفيروس موجود في براز القوارض وبولها ولعابها، وما ان يجف ويختلط بالتراب يستنشقه البشر، خصوصا في الاماكن الضيقة والمزدحمة. كما يصاب البشر اذا تعرضوا لمواد ملوثة او لعض القوارض المصابة بالفيروس. وكانت اول حالة وفاة من الاصابة بالفيروس اعلنت مطلع اغسطس/اب، واحد المتوفين رجل عمره 37 عاما من سان فرانسيسكو. ويعتقد ان انتشار الفيروس في المتنزه يعود الى فئران تعيش فيما بين جدران الخيام الفخمة في قرية كاري بموقع المخيم في المتنزه.

وهناك 10 الاف شخص اقاموا بموقع التخييم بالمتنزه في الفترة من يونيو/حزيران الى اغسطس/ آب، ويخشى ان يكونوا اصيبوا بالفيروس حسب ما قال مركز الوقاية ومراقبة الامراض. وحض المركز الاطباء على الابلاغ عن اي اصابة بفيروس هانتا الى السلطات. واتصل المتنزه بثلاثة الاف مجموعة من الزائرين ليطلب منهم الاسراع بالذهاب الى الطبيب اذا شعروا باعراض تشبه الانفلونزا. وكان العاملون في المتنزه اغلقوا 91 خيمة بعدما وجدوا فئران من التي تحمل الفيروس تعيش في منطقة العزل بين الجدران المزدوجة للخيام. ويزور المتنزه الشهير 4 ملايين شخص سنويا ويذهب 70 في المئة منهم الى موقع التخييم.

على صعيد متصل أعلنت السلطات الصحية في مدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية حالة الطوارئ الصحية بعد انتشار عدوى فيروس النيل الغربي، والتي أودت بحياة 16 شخصا في المدينة منذ مطلع العام. وينتقل الفيروس إلى الإنسان عن طريق البعوض. وقالت السلطات الصحية الأمريكية إن البلد شهدت أكثر من 700 إصابة، و26 حالة وفاة منذ مطلع العام في سائر أنحاء الولايات المتحدة. وأصيب 465 شخصا جراء الفيروس في هذه الولاية منذ مطلع العام بحسب السلطات الصحية المحلية التي أشارت في بيان إلى أن "تكساس في طريقها لتسجيل عدد قياسي من الإصابات منذ ظهور المرض في العام 2002."

ووفقا لمنظمة الصحة الدولية، اكتشف فيروس النيل الغربي للمرة الأولى لدى امرأة في منطقة غرب النيل بأوغندا في عام 1937، ثم تم الكشف عنه في الطيور بمنطقة دلتا النيل في عام 1953. ولم يكن الفيروس قبل عام 1997، يعتبر من الفيروسات المسبّبة للمرض لدى الطيور، ولكن في ذلك العام تسبّبت سلالة منه في نفوق أنواع مختلفة من الطيور في إسرائيل بدت عليها علامات التهاب الدماغ والشلل. بحسب CNN.

وتحدث العدوى البشرية، في أغلب الأحيان، نتيجة لدغات البعوض الحامل للفيروس. ويكتسب البعوض العدوى عندما يتغذى من الطيور التي تحمل الفيروس في دمها طيلة بضعة أيام، وفقا للمنظمة. وقالت منظمة الصحة: "لا تصاحب العدوى بفيروس غرب النيل أي أعراض لدى 80 في المائة من المصابين بها تقريباً، أو يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بحمى غرب النيل أو بحالة وخيمة من مرض غرب النيل." ويُصاب نحو 20 في المائة ممّن يكتسبون الفيروس بحمى غرب النيل، ومن أعراضها الحمى والصداع والتعب والأوجاع الجسدية والغثيان والتقيّؤ والطفح الجلدي في بعض الأحيان وتورّم الغدد اللمفية.

الجمرة الخبيثة

الى جانب ذلك قالت السلطات الصحية ان بريطانيا يتعاطى المخدرات توفي جراء اصابته بالجمرة الخبيثة مما سبب مخاوف من زيادة تفش للإصابة النادرة في اوروبا بين متعاطي الهيروين. وقالت وكالة حماية الصحة في بيان ان المتعاطي ربما يكون اصيب جراء تعاطيه هيروين ملوثا وان هناك ما لا يقل عن سبع حالات مماثلة في انحاء اوروبا. وقال ديليس مورجان من وكالة حماية الصحة "من المرجح التعرف على المزيد من الحالات في اطار التفشي المنتشر في دول الاتحاد الاوروبي."

وأضافت الوكالة التي تأسست لحماية الصحة للوقاية من الامراض المعدية والبيئات الخطرة ان الاصابة بالجمرة الخبيثة بين متعاطي المخدرات نادرة جدا. وأرجع تفش للإصابة بالمرض في 2009-2010 في اوروبا ايضا إلى هيروين ملوث لكن قبل ذلك الحين لم يجر الابلاغ سوى عن حالة واحدة وكانت في النرويج عام 2000. وقالت وكالة حماية الصحة انه منذ يونيو حزيران 2012 سجلت حالات اصابة بالجمرة الخبيثة بين متعاطي الهيروين في اوروبا ثلاثة منها في المانيا واثنتان في الدنمرك وواحدة في فرنسا واخرى اسكتلندا.

واضافت "من غير الواضح حتى الان ما اذا كانت هذه (الوفاة) وحالة في اسكتلندا في نهاية يوليو لهما صلة بالتفشي في اوروبا لكن وكالة حماية الصحة ستواصل مراقبة الوضع." ولم تتوفر تفاصيل اخرى بشأن الضحية البريطاني الذي توفي في مستشفى في بلاكبول بشمال انجلترا. والجمرة الخبيثة بكتريا شائعة الى حد بعيد ويمكن ان تستخدم كسلاح بيولوجي. بحسب رويترز.

ونادرا ما يصاب الانسان بهذه البكتريا لكن اذا استنشقها تتمكن منه الاصابة سريعا وتظهر الاعراض في الحال ويتعذر حينها علاجها بالمضادات الحيوية. ولا تنتقل الاصابة بالجمرة الخبيثة مباشرة من شخص مصاب لاخر. ويمكن ان تأتي في عدة اشكال بينها اصابة الجلد والرئة التي تبلغ نسبة الوفاة فيها 75 في المئة واصابة الجهاز الهضمي التي يمكن ان تتطور الى اصابة الدم وتؤدي الى الوفاة.

اللقاح المضاد يخسر فعاليته

من جانب اخر يخسر اللقاح المضاد للسعال الديكي فعاليته بعد خمس سنوات من الجرعة الخامسة التي تعطى للأطفال الأميركيين بين الرابعة والسادسة من العمر، على ما جاء في دراسة نشرت في مجلة "نيو إينغلاند جورنال أوف ميديسين". وشرح الطبيب نيكولا كلاين القيم الرئيسي على هذه الدراسة وأحد مدراء مركز الدراسات الخاصة باللقاحات التابع لمركز "كايزر برماننت" الطبي أن "هذه النتائج تشير على الأرجح إلى أنه ينبغي إعادة النظر في سبل معالجة مرض السعال الديكي وتفادي الأوبئة المقبلة من خلال تعزيز اللقاحات الحالية لتوفير حصانة لمدة أطول". وتسمح هذه الأبحاث التي شملت للمرة الأولى نسبة كبيرة من الأطفال لقحوا بأغلبيتهم ضد هذا الالتهاب الرئوي منذ ولادتهم وتخطوا سن الجرعة الخامسة والأخيرة، بتقييم الحماية التي يقدمها اللقاح على مر الزمن، بحسب القيمين على هذه الأبحاث.

وقد أجريت هذه الدراسة في كاليفورنيا بين العامين 2006 و2011، وغطت وباء السعال الديكي في العام 2010 الذي أصاب في هذه الولاية أكثر من 8 آلاف شخص وتوفي إثره 11 رضيعا.

وقد قارن الباحثون 277 طفلا مصابا بالسعال الديكي تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و12 عاما، ب 3318 طفلا لا يعانون هذا المرض، في مسعى إلى تقييم خطر الاصابة بعد الجرعة الخامسة من اللقاح. فاكتشفوا أن الخطر يزداد بنسبة 42% في السنة الواحدة، بعد الجرعة الخامسة. بحسب فرنس برس.

وتختلف نسبة الحماية التي يقدمها اللقاح بعد خمس سنوات باختلاف الفعالية الأولية للجرعة الاخيرة، على ما شرح الأطباء. وتنصح المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بخمس جرعات من هذا اللقاح الثلاثي ضد السعال الديكي والكزاز والخناق. وتعطى الجرعات الثلاث الأولى للطفل في شهره الثاني ثم الرابع ثم السادس، في حين تعطى الجرعة الرابعة عندما يكون الطفل بين شهره الخامس عشر وشهره الثامن عشر. أما الجرعة الخامسة فتعطى للأطفال الذين بدأوا بالذهاب إلى المدرسة، بين الرابعة والسادسة من العمر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/أيلول/2012 - 12/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م