تهم وشتائم وتسفيه وتخوين

د. يوسف السعيدي

أن نتوجع لوجع الوطن، فهذا أقل ما تُقدمه الأجساد لأوطانها..! أن تذرف العيون دموعاً هتون، إذا ما لاح لائح الفتنة في أفق الوطن؛ فهذا - ورب الكعبة - لثمن بخس إذا فكرنا أن نُثمِّن تُراب العراق الذي لا تُساويه كل الأوطان مُجتمعة ولا القناطير المُقنطرة من ذهبٍ وفضة..!

حقٌ علينا أن نهتمَّ و نغتمَّ ونرجف هلعاً أن يُصيب وطننا ما أصاب غيرنا من ذمٍّ ودم، وجوع وخوف، وذُلٍ ومهانة، وأنينٍ ونواح.. كل هذا وأكثر إن تمادى مُمسكو حبال المهزلة الديمُقراطية في العراق في غيِّهم وعِندِهم السياسي..!

مما لا شك فيه أن هناك نوايا حسنة لدى إطراف العراك السياسي في عراق اليوم، والتي يصِب أغلبها في النهوض بالبلاد والعباد، كُلاً حسب تصوره وأيديولوجياته الخاصة؛ لكن ما يظهر اليوم عبارة عن (عناد سياسي) سيجر البلاد إلى ما لا يُحمد عُقباه والله المُستعان على ما يفعلون..!

ففي ظِل هذا التعصب السياسي، قد تتحول أهداف الساسة بشكل لا إرادي؛ من أهدافٍ ايجابية تسعى لبناء الوطن وتطويره، إلى حماقات تهدم كل شيء.. وأجزم لو أن الأوطان تنطق لنطق العراق ورثا نفسه.

فجميع الأحزاب اليوم تتغنى في حُب الوطن، وجميع السياسيين يعتبرون أنفسهم قادته وبناته، ولكنهم اليوم يُلوِّحون لبعضهم البعض بالمعاول..!

فيتبادلون التُهم والشتائم والتسفيه والتخوين، مُتناسيين أنهم على متن سفينةٍ واحدة وهدفهم واحد، بل وأنهم إخوة وأولاد عمومة.. فتجد في البيت الواحد انتماءات متعددة....

ولأني مُواطن من ملايين المواطنين ضُعفاء الحيلة، وشديدي الغيرة على بلادنا؛ أحببت الكتابة لسياسيينا وقادتنا...

لكني لازلتُ أتساءل:

ماذا لو أعطى الكبير تنازُلات لمن هو أدنى منه اصواتا انتخابيه مادامت الأهداف النهائية لدى جميع الأطراف واحدة؟

وهل حق الحزب أو الذات مُقدم على حق الوطن إذا رأى أن الوطن في خطر؟ لستم وحدكم في العراق.. فهناك الكثير ممن يعتبرون الساسة رمزاً للجدب والجوع..!

كما أن هُناك الكثير ممن يعتبرون الساسة سبباً رئيساً في جعل الفساد في العراق سمةً و ليس استثناء رغم بعض المحاسن التي تُرافقكم و التي تسعون لها بطرقكم الخاصة التي تتسق مع تركيبة المُجتمع العراقي..!

السادة الكرام أرباب الحكم والسياسة:

الانفراد بالقرار السياسي ليس في مصلحة البلاد، ولا مناص من الشراكة بين جميع القوى السياسية الشريفة ذات التاريخ النظيف

كما أن العند والتهميش للآخرين لن يزيد البلاد إلا وبالاً وخُسراناً، فها قد وصلتم إلى مرحلة التعصب للحزب وليس للوطن..!

فهلاَّ اختلفنا اختلاف مُتحابين لا مُتباغضين؟

وهذه نصيحة قالها شكسبير: لا توقدوا ناراً في دواخلكم تجاه آخرين، كي لا تُحرقكم.

أيضاً لستم وحدكم في العراق.. فهناك الكثير ممن يعتبرونكم رمزاً للتخريب والعجز والظواهر الصوتية، بعيدين كُل البُعد عن الموضوعية في الطرح والفعل.. كما أنهم يُخاطبوكم بقولهم:

قلتم أخطأنا فهاتوا صوابكم *** وكونوا بناةً قبل أن تهدموا الصرح.

السادة الكرام أرباب السياسة والحكم...

الحزبية وسيلة يتوسلها الوطن كي يرتقي، لا ليُدفن..!

وتذكروا أنه في حال خراب(البصرة).. فأنتم - لا محالة - شُركاء في صنع هذا الخراب رغم صحة ما تسعون له.....

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/أيلول/2012 - 9/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م