فتيات على طريق العنوسة!

تحقيق /انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: "لم يكن مقلقا بالنسبة لي ان ترفض ابنتي الزواج وهي في سن العشرين بحجة اكمال الدراسة وما ان تجاوزت الخامسة والعشرين وتكررت حالة الرفض لجميع من تقدموا لخطبتها بدا القلق يساورني من ان تداهمها مرحلة العنوسة وقد عجزت عن إقناعها ولا أريد إجبارها ". هكذا روت ام فاطمة حكاية ابنتها العازفة عن الزواج وهي تستدرك سن السادسة والعشرين. وكثيرا ما تتردد بعض التساؤلات حول إذا كان الذكور العازفون عن الزواج بسبب قلة الإمكانيات وعدم توفرهم على الشروط الأساسية لضمان العيش الكريم لزوجاتهم فلماذا ترفض الفتيات الزواج؟

وحتى وإن تقدم لخطبتهن شاب ليست لديه أي عقبة مادية ولا معنوية لبناء بيت يسوده الدفء والحنان. هل هناك أسباب خاصة يعرفها البنات لوحدهن؟؟ أم أن هناك عائق نفسي يحول دون قبولهن بالخطيب؟ ترى هل أصيبت فتياتنا بحمى انتظار الزوج من عالم آخر أم ماذا هناك؟ تلك المجموعة من الأسئلة  المهمة حملتها شبكة النبأ المعلوماتية لبعض أصحاب الشأن في سبيل الوصل لأجوبة قد تفيد في تحديد الأسباب ومعالجتها. 

الخوف والتردد

الخوف والتردد قد يكون احد الأسباب التي تمنع الفتاة من الزواج بحسب بعض الآراء فهذا أبو اشرف وهو موظف يقول ان ابنته جميلة واجتماعية وتلفت النضر بسرعة فائقة وهي توافق في البداية على مقابلة العريس والتحدث معه وقد تصل الحالة الى لقاء تعارف مع اهله وبعض المرات تصل الى تحديد موعد لعقد القران او شراء ذهب (النيشان) وعندما يصبح الموضوع جدي ولا مفر منه تتراجع قائله:لا اريد ان ارتبط الان،لا ارى نفسي مستعدة للارتباط برجل ابدا ولا ادري لماذا ؟ وعندها اضطر للنزول عند رغبتها وهي تبكي مرعوبة وتتوسل ان لا اجبرها، حتى مللت منها ولم يعد يفرحني رجل مناسب يتقدم لها فأقول له: اذهب اولا واقنعها.

شذى /30 سنه /محامية: سألتها هل من المعقول وانت في هذا الجمال والمكانة المرموقة لم يتقدم لك رجل ؟؟ قالت نعم تقدم لي بعضهم ولكن وكما قلتي وانا في هذا السن والمكانة لا أستطيع الارتباط برجل لمجرد الإنجاب او الإنفاق وأصبحت شروطي أصعب لابد من رجل بيني وبينه تكافؤ نفسي وثقافي وعائلي، رجل يجعل حياتي افضل وليس اسواء، رجل يكمل معي مشوار العمل والحياة الناجحة ولا ابدا معه من جديد.

جارتي أم كرار تقول ان ابنتها خطبت مرتين ورفضت مرتين وبعد ان يئست وتركتها لا اعرف كيف حاول احدهم تكرار المحاولة وخطبها مرة ثانية بعد ان تقدم لها قبل عدة سنوات ورفضته ولم نتوقع ذلك فقد كان رجلا يكبرها بستة عشر عام او أكثر فلم يصدق الرجل فاسرع وجلب النيشان واستجاب لجميع شروطها وصارت الخطبة والمهر والزواج باقل من شهر وهي الان تعيش معه سعيدة. وكان السبب ان ابنتي عاشت طول عمرها يتيمة الأب ومحرومة من حنانه وأبوته لهذا اختارت في النهاية الرجل يقارب سن والدها لهذا هي سعيدة معه ألان وأنجبت منه ولد وبنت.

شهر واحد زواج

رواء /19 سنة التقيتها في المحكمة وهي ترفع دعوى للتفريق من زوجها تقول: حاولت الرفض وعدم الزواج منذ البداية، والدي هددني ووالدتي صارت تبكي وانهارت لاني رفضت وتصورت اني على علاقة مع شاب آخر ووافقت حتى اثبت لهم اني ليست على علاقة بأحد ولم استطع الاستمرار ولم انسجم مع زوجي الشاب وعدت الى اهلي بعد شهر واحد فقط وحاولت الانتحار وفشلت وعندما وصلت الى هذه الدرجة وافق ابي على التفريق وتنازلت له عن جميع حقوقي والحمد لله لم احمل بطفل يعقد المشكلة.

وتضيف رواء  لشبكة النبأ المعلوماتية: أرجو من كل ام وأب ان لا يجبروا بناتهم على الزواج من اي شخص لان هذا حرام ويأتي بنتائج عكسية انا الان حملت لقب مطلقة بسبب اصرارهم على زواجي ولا ارى نفسي مستعدة للزواج مره ثانية مطلقا.

توصيات اخصائي

الدكتور عامر الحيدري رئيس قسم الأمراض النفسية في مستشفى الحسيني،  يعتبر الخوف من الزواج مشكلة شائعة عند المرأة. وهو يفسر حالات عديدة من فشل الخطوبة، أو الطلاق السريع، وأيضاً يمكن أن يفسر هذا الخوف عدداً من حالات العنوسة والتي أصبحت منتشرة بشكل واضح في مجتمعاتنا. وكثيراً ما نسمع عن انتهاء خطوبة ما بسبب تغير رأي الفتاة الشابة أو الأكبر سناً بعد موافقتها، وهي تقدم تبريرات واهية غير مقنعة.

وكذلك تنتشر حالات الطلاق السريع الذي يدوم أياماً بسبب رفض المرأة لزوجها بشكل مفاجئ وتكثر التفسيرات والتبريرات والاحتمالات. والتفسيرات النفسية لحالات الخوف من الزواج عند المرأة تؤكد على عدة نقاط تشكل خلفية وأسباب هذه المشكلة الشائعة..

1- وجود عقد وصراعات نفسية داخلية عند المرأة تتعلق بعلاقتها بأبيها وأمها: حيث نجد أن هناك تعلقاً خاصاً بالأب وقرباً منه مع ابتعاد نسبي عن الأم وعن تمثلها داخلياً

2- ضعف الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي: حيث يؤدي نقص المهارات في القضايا العاطفية والانفعالية، ونقص مهارات التعامل مع الآخر والمهارات الاجتماعية المتنوعة، إلى حدوث قلق وخوف شديدين من الاقتراب من الخاطب أو الزوج...

3- اضطرابات الشخصية المتنوعة

وبشكل عام فإن اضطراب شخصية الفتاة يمكن أن يبدو كخوف من الزواج، وأن يكون سبباً واضحاً يؤدي إلى إنهاء الخطبة أو الزواج بشكل مفاجئ بسبب الصفات المضطربة في شخصيتها وانفعالاتها المتغيرة وأساليبها الغريبة التي تعودت عليها.. مما يجعلها تكرر إنهاء الخطبة أو الزواج ويجعلها شريكة صعبة للرجل في الحياة الزوجية.. وفي حالة الخوف من الزواج المرتبطة بهذا السبب لابد من المناقشة والحوار وتفهم التفاصيل وخلفيات الفتاة وتاريخها الشخصي والحديث معها حول ضرورة تعديلها لمخاوفها وقلقها وتفهمه والسيطرة عليه.

وأوصى الدكتور عامر بضرورة تاهيل الخطيبين قبل الزواج في مؤسسات خاصة تابعة للأحوال الشخصية قبل موافقة القاضي على عقد القران للتأكد من صلاحيتهم اجتماعيا ونفسيا وعاطفيا للزواج ولتلافي حالات الطلاق الحاصلة بسبب عدم التوافق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/أيلول/2012 - 8/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م