عالم الحيوان... سلوكيات وطبائع لإثبات الوجود!

متابعة: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: يواصل العلماء أبحاثهم المستمرة ودراساتهم المستفيضة في سبيل التعرف على بعض أسرار وخفايا عالم الحيوان هذا بالإضافة الى التعرف على خواص وأنواع وعجائب وميزات هذه الكائنات، ويرى الكثير من المتخصصين ان عالم الحيوان هو عالم فريد ومبهم مليء بالأسرار والعجائب وهذا ما تظهره لاكتشافات المتواصلة التي يقوم بها العلماء والذين لم يتوصلو حتى اليوم الى حصر أعدادها او أنواعها حيث صنفوا منها ما يقارب مليون نوع او أكثر ولازالوا يكتشفوا الكثير من الأنواع كل عام، وفي هذا السياق فقد أعلن أحد العلماء عن اكتشاف نوع جديد من القرود في أفريقيا، في اكتشاف يعد الثاني من نوعه بعد ثمان وعشرين عاما. وتم اكتشاف القرد في جمهورية الكونغو الديمقراطية وكان يعرف بين السكان محليا باسم "ليزولا". ويعد النوع الجديد هجينا من نوعين من القرود وهما قرود الكونغو وقرود لومامي. ويقول نشطاء الحفاظ على البيئة أن هذا الاكتشاف يلقي الضوء على أهمية الحفاظ على تنوع الحياة البرية في حوض نهر الكونغو.

ونُشر هذا الاكتشاف على الإصدار الإليكتروني من جريدة "بابلك لايبرري أوف ساينس" أو مجلة مكتبة العلوم. وكان أول اتصال بين العلماء والقرد عندما شاهدوا أنثى شابة محبوسة في قفص بغرفة مدير مدرسة إعدادية في مدينة أوبالا. وقدم مدير المدرسة القرد باسم "ليزولا" وهو الاسم الشائع لدى الصيادين المحليين، عندها وضعها العلماء تحت المراقبة والرعاية. وخلال التحقيق في المنطقة المحلية وجد فريق البحث قردا أسيرا آخر، وبعد ستة أشهر رصدوا بعد عناء أطرافا طويلة سوداء لهذا النوع في البرية.

وقال قائد فريق البحث العلمي الدكتور جون هارت من مؤسسة لوكورو :"عندما بدأنا البحث في غابات تشوابا ولومامي ولوالابا كنا نعلم أننا نبحث عن شيء غير مكتشف أساسا ولكننا لم نكن نتصور حجم الكشف العلمي الذي نسعى خلفه. لم نكن نتوقع العثور على أنواع جديدة خاصة في مجموعات معروفة جيدا من الجينات الأفريقية." وذكرت ورقة بحثية تفاصيل ملامح الوجه المميزة للنوع المكتشف: شعر طويل أشقر منقط بالرمادي مع أطراف شاحبة، ووجه أجرد، مع أنف عمودي له درجات مختلفة من اللون الكريمي."

وبعد أن تيقن المحللون الأحيائيون من أن النوع الجديد واحد من سلالة قرود العالم القديم، أطلق الباحثون عليه اسم "سيركوبيثيكوس لومامينيسيس" نسبة لقربه لنهر لومامي. قال الدكتور هارت :"إن البحث الأخير أظهر أن الغابة بها أكثر من عشرة أنواع وسلالات أخرى من القرود، والمنطقة الآن في طريقها لتصبح محمية طبيعية تحمل اسم "حديقة لومامي الوطنية"، كما ان اكتشاف ليزولا وسع معرفنا حول تطور وبيئة القرود الأفريقية. وأكدت أهمية معارفنا القليلة السابقة عن الثدييات العليا."

من جانب اخر يحاول فريق بحثي إيطالي فهم لغة الحيوانات من خلال دراسة طريقة النداءات التي تستخدمها حيوانات الليمور في التواصل مع بعضها. حيث كشفت دراسة إيطالية حديثة أن حيوانات الليمور تتعرف على فصائلها الأخرى من خلال الهمهمات الأنفية التي تطلقها، وهي نفس الطريقة التي تستخدمها القرود للتواصل فيما بينها في الغابات الكثيفة.

ويدرس الباحثون للمرة الأولى شكل جهاز التواصل الصوتي لتحديد وسائل الاتصال في مملكة الحيوانات، ونشرت هذه الدراسة في "ذا إنترناشيونال جورنال أوف بريماتولوجي" أو المجلة الدولية لعلم المقدمات (وهو العلم الذي يهتم بالدراسات العلمية للقرود)، واستخدمت الدراسة تقنيات تستخدم عادة لتحليل الأصوات البشرية، حتى تستطيع التوصل إلى الطريقة التي تمكن حيوانات الليمور التواصل.

ودرس فريق البحث من جامعة تورينو بإيطاليا ثلاثة فصائل شديدة التقارب وهي حيوان الليمور البني الشائع، والليمور ذو البطن الحمراء، والليمور الأسود. وباستخدام الكمبيوتر قاموا بمقارنة التأثيرات التي يحدثها الرنين الموجود في الاتصال الهوائي الذي يحدث من خلال همهمات الأنف عند هذه الحيوانات، وقياسها على عينات صوتية محفوظة. وكانت النداءات التي تم تسجيلها تتباين بين مرة وأخرى بما يمكن أن يطلق عليه "النغمات الكلامية"، ويعني هذا المصطلح أسلوب الرنين الصوتي الذي يمكن من خلاله التفرقة بين صوت بشري وآخر. بحسب بي بي سي.

ويقول رئيس الفريق الذي قام بإعداد الدراسة الدكتور ماركو جامبا :"النغمات الكلامية هي المحددات الصوتية للكثير من الفروق اللفظية في لغات البشر، وهي تلعب دورا أساسيا في تمييز الأصوات الفردية، كما أنها من الملامح الرئيسية في التفرقة بين جنس المتحدث من البشر." ووجدت الدراسة أن قدرة السمع عند حيوانات الليمور تمكنها من التفرقة بين النداءات، حيث قال الدكتور جامبا :"إنه من المثير جدا أن حيوانات الليمور تتمكن بنفس الهمهمات من التفرقة بين الفصائل." ويأمل الدكتور جامبا أن تساعد هذه التقنية التي يستخدمها فريق البحث في تحليل وفهم نطق الحيوانات على نطاق أوسع.

الحيوانات تحزن

من جانب أخر لم تمر واقعة موت احدى الزرافات مرورا عابرا دون ان تذكي تساؤلا طرح نفسه في السابق عما اذا كانت الحيوانات تشعر بالحزن كرد فعل منها على موت اقرانها، بعد ان رصد علماء الحيوانات رفض احدى الزرافات ترك جثة صغيرها الذي مات، في ثالث واقعة من نوعها على الاطلاق. وابرز هذا الجانب السلوكي للحيوان اعتقادا لدى العلماء باحتمال ان يكون لدى الحيوانات نوع من "التصور الذهني" لفكرة الموت. ومن المعروف ان بعض الحيوانات الاجتماعية الاخرى امثال الفيلة والشمبانزي تتفحص جثث موتاها لاسيما الأقرب في شجرة عائلتها.

ونشرت صحيفة (افريكان جورنال اوف ايكولوجي) المعنية بشؤون النظام البيئي تفاصيل واقعة موت تلك الزرافة. وقد لاحظ فريد بيركوفيتش، خبير علوم الحيوان لدى معهد (بريميت) للابحاث ومركز ابحاث الحياة البرية بجامعة طوكيو باليابان ومؤسسة الحفاظ على الزرافات ببريطانيا، خلال دراسات اجراها ان انثى زرافة (ثورنكروفت) في حديقة ساوث لوانغوا الوطنية بزامبيا اظهرت رد فعل ازاء موت وليدها تمثل في مباعدة ساقيها والانحناء على الصغير.

بل ظلت الام تلعق جثة الصغير لعدة دقائق قبل ان تستعيد قواها وتنهض واقفة من جديد، ثم ما لبثت ان عادت وكررت سلوكها لعدة مرات استغرقت ما يربو على ساعتين برز خلالها مسلك الحرص على تفحص الوليد النافق.

ويؤكد العلماء ان انثى الزرافة عامة من النادر ان تقضي وقتا بمفردها، لكن هذه الزرافة قضت ساعات مع صغيرها النافق بعيدا عن أقرانها من الزرافات. وايضا نادرا ما تباعد الزرافات بين ساقيها باستثناء سلوكها اثناء التقاط الطعام او شرب المياه. الى جانب ذلك لم تكثر رؤية الزرافات وهي تتفحص جثث اقرانها الميتة.

وكتب بيركوفيتش موضحا ان رد فعل الام تجاه وليدها النافق "لم يرصده (العلماء) لفترة طويلة مقارنة بما رصدته الدراسات على الفيلة الافريقية." فالدراسات تشير الى حدوث حالة حزن تخالج الفيلة والشمبانزي ، بوصفها اعلى مراتب الحيوانات اجتماعيا، كرد فعل منها على موت اقرانها. فعندما ينفق احد أعضاء القطيع تصاب الفيلة بحالة هياج وتتفحص الجثة كما تحرص في الوقت عينه على حراستها.

في حين رصدت الملاحظة قيام الشمبانزي بحمل الموتى من الصغار لفترة طويلة. ويضيف بيركوفيتش ان سلوك الزرافة يشير الى تدرج في قبولها بالخسارة كرد فعل على الموت، وتأكيدا لذلك تمكث الانثى اربعة ايام الى جوار صغيرها الميت الاكبر عمرا. كما لاحظ خبير علوم الحيوانات زو مولر في محمية سويسامبو في كينيا عام 2010 ان زرافة (روثتشايلد) ظلت حارسة لصغيرها، البالغ من العمر شهر، بعد موته، في حين تجمعت سبع عشرة زرافة حول جثة الصغير عدة مرات خلال الاربعة ايام.

وشهد عام 2011 حادثة اخرى توقف فيها قطيع من زرافات ناميبية لتفقد موقع نفقت فيه انثى صغيرة قبل ثلاثة اسابيع، وتوقف ذكر عن السير وباعد بين ساقيه ثم بدأ اشتمام الارض، في حين قام اربعة اخرون من القطيع بتكرار السلوك لفحص الموقع وبنفس الطريقة. وعلى الرغم من ان سلوك الفيلة والقردة يشير الى ان بعض الثدييات قادرة على تصور فكرة الموت، مازال بيركوفيتش يتناول الطرح بحذر.

غير ان اهمية الاكتشاف تكمن في اتساع تناول المفهوم السلوكي على طائفة من انواع الحيوانات الاخرى التي تبرز رد فعل بعينه تجاه موت اقرانها. وربما يستطيع العلماء في المستقبل عن طريق جمع ادلة سلوكية على انواع مختلفة من الحيوانات اطلاق ابحاث قد تثمر على اجابة شافية على سؤال هل تحزن الحيوانات ام لا؟

في السياق ذاته اكتشف علماء أن طيور المسماة (western scrub jays) او "القيق" الغربية، عندما ترى طائرا ميتا توقف بحثها عن الطعام وتهبط، في الأغلب، لتتحلق حول الطائر الميت. ويعتقد باحثون من كاليفورنيا أن الطيور قد تقوم بتحذير الطيور الأخرى من احتمال وجود خطر في محيط المكان.

ونُشرت نتائج هذه الدراسة، التي عكفت عليها تيريزا إغليسياس وزملائها في جامعة كاليفورنيا، في دورية "سلوك الحيوانات". واستخدم فريق الباحثين خلال تجاربه لمتابعة ردود فعل طيور "القيق" الغربية أدوات منها قطع خشبية ملونة وطيور ميتة ودمى لطيور وطيور جارحة. وتباينت ردود فعل طيور "القيق" مع القطع الخشبية. لكن عندما رأت طائرا نافقا، بعثت رسائل تحذيرية لمسافات بعيدة.

وبعد ذلك تجمعت الطيور حول الطائر النافق في شكل مجموعات كبيرة. وأطلقت الطيور صيحات لدعوة الطيور الأخرى للتحلق حول الطائر الميت. كما توقفت الطيور عن البحث عن الطعام، واستمر التغير في سلوكها نحو يوم. وعندما كانت الطيور تشعر باقتراب طائر جارح، كانت تتجمع سويا وتطلق صيحات تحذيرية. وانقضت الطيور على الطائر الجارح لإخافته وإبعاده. لكن لم تنقض الطيور على الطائر النافق أبدا. ولم يكن لهذه الطيور رد فعل تجاه دمى الطيور الميتة. بحسب بي بي سي.

وأظهرت النتائج أنه "دون مشاهدة الصراع وطريق القتل" تعتبر طيور "القيق" أن وجود طائر ميت مجرد معلومة يمكن نقلها للطيور الأخرى مثلما يفعلون حال وجود حيوان مفترس أو طائر جارح. ويقول الباحثون إن نشر معلومة وجود طائر ميت يساعد على حماية الطيور الأخرى وينبهها إلى احتمالية وجود خطر. ولوحظت سلوكيات مماثلة من قبل بعض الحيوانات إزاء الحيوانات النافقة. وتتجمع الزرافات والفيلة، على سبيل المثال، حول جيف أقاربها، مما يوضح أن للحيونات تصور حول فكرة الموت، بل ربما تقف حدادا على الحيوانات النافقة.

تطبيقات الكترونية لتعليم القرود

الى جانب ذلك توصل أصحاب حدائق حيوان في الولايات المتحدة وكندا إلى أن القرود تحب التطبيقات مثل البشر. وفي إطار برنامج أطلق عليه اسم تطبيقات للقرود خصصت 12 حديقة حيوان في البلدين أجهزة آي باد لاستخدامها في الوقت المخصص لتعليم حيوان إنسان الغاب وموطنه الأصلي إندونيسيا وماليزيا. وقال ريتشارد زيمرمان المدير المؤسس لجمعية اورانجوتان اوتريتش التي لا تهدف للربح والتي تدير البرنامج ومقرها نيويورك "نرى أنها (القرود) مثل البشر تحب لمس الكمبيوتر اللوحي وتشاهد لقطات فيديو قصيرة لديفيد اتنبورو على سبيل المثال والنظر إلى حيوانات أخرى وحيوانات إنسان الغاب."

وتتواصل القرود من فصيلة إنسان الغاب مع أجهزة الكمبيوتر اللوحي مرتين في الأسبوع وتقضي من 15 دقيقة إلى نصف ساعة في استخدام تطبيقات مختلفة وفقا لدرجة انتباهها. ومن بين التطبيقات التي حظيت بالإعجاب الاكبر بين القرود تلك الموجهة للأطفال والتي تعلمهم أنشطة مثل التلوين والموسيقى وألعاب الذاكرة. وقال زيمرمان إن ملاك حدائق الحيوان يبحثون أيضا كيف يمكن لتطبيقات الاتصال مثل تلك الموجهة للمصابين بالتوحد أن تساعد الحيوانات على التعبير عن نفسها بشكل أفضل. وقال "فلنقل إن حيوان إنسان الغاب يشعر بألم في أسنانه. سيتمكن من النقر على جهاز الاي باد على صورة لسن والتواصل عبر هذه الطريقة." بحسب رويترز.

ولا يهدف البرنامج إلى أن يحل محل التحفيز الجسدي أو التسلق لكنه يرمي إلى زيادة الوعي بالأخطار التي يواجهها حيوان إنسان الغاب في الحياة البرية. وأضاف أن حيوانات إنسان الغاب معرضة للانقراض بشكل كبير بسبب إزالة الغابات والتوسع في مزارع زيت النخيل على حساب الغابات المطيرة. ويعتمد البرنامج على أجهزة اي باد تأتي عن طريق التبرع وسيتم التوسع فيه قريبا ليشمل حدائق الحيوان في استراليا ونيوزيلندا واليابان وأوروبا.

أسماك قرش تتعلم

في السياق ذاته أكد علماء الأحياء أن أسماك قرش من فصيلة "الليمون" تتمتع بخاصية تعلم مهارت سلوكية اجتماعية عن طريق التواصل مع اقرانها. واستطاع فريق من العلماء اجراء مقارنة لاداء اسماك القرش الصغيرة عديمة الخبرة حال اتصالها بأقران لها خضعت للتدريب وأخرى لم تخضع للتدريب. وأظهرت نتائج الدراسة أن سلوك أسماك القرش من هذا النوع مع اقرانها المدربة عززت مهارات سلوكية اتسمت بالسرعة والنجاح.

وتعد هذه الدراسة الأولى التي تتناول مجال تعلم السلوك الاجتماعي في بيئة الأسماك الغضروفية. وقال تريستان جوتريدج، مدير محطة "بيميني" لعلوم الاحياء والمشرف على الدراسة ، التي نشرتها دورية (جورنال اوف انيمال كوجنيشن): "أعتقد ان نتائج الدراسة رائعة." وأضاف أن النتائج تشير "إلى أن أسماك قرش الليمون الصغيرة بإمكانها تعلم سلوكيات اجتماعية حال تواصلها مع بعضها."

وجاءت نتائج الدراسة بناء على تجارب اعتمدت على ملاحظة اداء اسماك القرش الصغيرة في حظيرة مائية للاسماك . وضع العلماء في الحظيرة المائية "مؤشر منطقة" يعمل كنقطة بداية، في حين وضعوا في ركن اخر "مؤشر هدف" يحتوي على علامتين باللونين الأسود والأبيض ، يقتصر على العلماء وحدهم التعامل معها بتغطيتها او كشفها.

وعندما تسبح أسماك القرش إلى مؤشر المنطقة، يبرز مؤشر الهدف، وعند السباحة إلى منطقة الهدف والاصطدام بالعلامتين، تحصل الأسماك على قطعة من اسماك (الباراكودا) التي تلقى داخل الحظيرة المائية. ويجري العلماء التجربة باخضاع مجموعة من اسماك القرش "المدربة" لاداء هذه المهمة السلوكية ست مرات كل دقيقة، في حين تترك مجموعة اخرى يطلق عليها "المجموعة الزائفة" دون اخضاعها لتدريب.

بعد ذلك تحدث مزاوجة بين اعضاء المجموعتين ثم تترك داخل الحظيرة مع مراقبة وتصوير التغيير الذي يطرأ على سلوك الأسماك. وقال جوتريدج "يُظهر التصوير أسماك القرش التي تمثل المجموعة المدربة وقدر ما تكنه من اهتمام بشأن المناطق الخاصة والتحرك بين هذه النقاط." وأضاف "من الواضح جليا أن هذه الأسماك تتعلم سلوكيات اجتماعية من اقرانها، كما أن السلوك المكتسب لدى المجموعة المدربة يحفز الاهتمام لدى المجموعة الاخرى (غير المدربة)."

وعمدت الدراسة بعد ذلك إلى عزل تلك الاسماك التي كانت لاحظت سلوك المجموعة المدربة لتحديد سلوكها بمفردها. وتوصلت الدراسة إلى أن الاسماك الصغيرة التي رافقت "أسماك القرش المدربة" أكملت عددا اكبر من التجارب بصورة أسرع من اقرانها من قرينتها غير المدربة. وكان جوتدريدج قد فكر في البداية باجراء تجربته أثناء مراقبة سلوك اسماك قرش الليمون القريبة من محطة بحثه.

وقال "إذا لاحظتم اداء احد الاسماك لهذه الاشكال الدائرية المحكمة إلى جانب سلوكيات الرامية البحث عن الطعام، ستلاحظون أن اسماكا اخرى ستبدأ في القيام بنفس السلوكيات." وتشير نتائج الدراسة، التي أجريت على اسماك قرش الليمون، إلى أن أنواع أخرى من الأسماك الغضروفية قد تشترك في أداء نفس السلوك محل الدراسة. واضاف جوتدريدج قائلا "ان هذه الأسماك تنجذب إلى سلوك الأسماك الاخرى، لذا فان اسماك قرش الليمون أفضل الأنواع لاجراء الدراسة." ويعتقد جوتدريدج ان نفس النتائج يمكن تطبيقها على أسماك القرش، مضيفا انها "تهاجر مسافات طويلة وربما تواجه ظروفا اجتماعية خلال هذا النشاط"، في إشارة لسلوك االدلافين التي تتعلم مسارات هجرتها. ويأمل عالم الاحياء أن تثمر دراسته عن تحسين المفاهيم بشأن طرق تعلم هذا النوع من أسماك القرش للسلوكيات اجتماعية التي تكتسبها بالتواصل مع بعضها بعضا. بحسب بي بي سي.

على صعيد متصل ذكرت دراسة إيطالية أن القطط التي تتوسّل صاحبها للحصول على الطعام قد لا تكون جائعة فحسب، بل تعاني ربما اضطرابات نفسية. ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، عن أطباء بيطريين إيطاليين، أن توسّل القطط الدائم للحصول على طعام إضافي قد يشير إلى إصابتها بـ «اضطرابات الأكل النفسية». ولفت الأطباء إلى وجود أعراض أخرى تدل على هذا الاضطراب، وهو انعدام الإحساس بالشبع لدى هذه القطط، وعدائيتها المرتبطة بالأكل والمتمثّلة في إمساكها وعاء الطعام بأطرافها، وإصدارها أصواتاً عند تناول وجبتها.

ودرس الأطباء حالة القط «أوتو» الذي يشرع، بعد الانتهاء من تناول طعامه، في سرقة طعام القطط الأخرى، ثم يقفز على طاولة عشاء صاحبه ليمتّع نفسه بما عليها، ولفتهم أنه لم يتوانَ عن قضم الألعاب البلاستيكية أيضاً. وأشار الأطباء إلى أنهم، بعدما فشلوا في تحديد سبب طبي لسلوك «أوتو»، شخّصوا حالته بأنها حالة إدمان للطعام. ولجأ الباحثون إلى نظام مرتبط بالعلاج السلوكي، تضمّن منع صاحب القط من تناول الطعام أمامه، وتحديد أوقات للعب معه وتجاهله تماماً في أوقات أخرى، وأخيراً مكافأته إذا كان سلوكه هادئاً.

هكذا، اختفت المشكلة بعد خمسة أشهر، «ولم يقم القط بأي سلوك غير طبيعي عند رؤية الطعام، وبقي هادئاً لدى رؤية وجبات الطعام التي تعود إلى أصحابه». وقال كاتب الدراسة الأساسي باولو مونجيلو، من جامعة «بادوفا» في شمال إيطاليا: «إذا أطعمتَ القط من الطعام الموجود على طاولتك، سيظنّ أن في إمكانه الحصول على ما يريد بمجرد أن يلحّ في الطلب».

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/أيلول/2012 - 7/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م