التعليم غير الحكومي... بين النقد والتشجيع

 

شبكة النبأ: في موجة التغيير الكبرى التي حدثت بعد 2003 في العراق، شمل التغيير بنية التعليم في مراحلة المتعددة، والواقع يشير الى ان الفوضى وعشوائية التخطيط والتنفيذ شملت ايضا قطاع التعليم، حيث تعرضت بنية التعليم كغيرها من البنى الى التهشيم والتحجيم والفوضى، وحاولت كغيرها ايضا أن تنهض على الركام بحلة جديدة، إلا أنها لاتزال تعاني من وطأة الهزة القوية، ولا تزال تبحث عن السبل والانهاج التي تعطي لأنشطتها التعليمية صورة معاصرة، كافية ومكتفية في آن، بيد أن الحال التعليمي الراهن، يحتاج الى تصويب متواصل ورصد للاخطاء، ومعالجات متواصلة، سواء على مستوى العملية التعليمية نفسها، او العناصر المادية الساندة لها، فضلا عن تجديد وتطوير المناهج ومساعدة الكادر التدريسي على ملاحقة ما يستجد في العالم من طرق تدريس وغير ذلك.

ولعلنا نتفق جميعا على وجود النواقص والاخطاء التي رافقت عملية التعليم الرسمي، ومنها على سبيل المثال، قلة المدارس، وضعف الكادر التدريسي وقلته أحيانا، وتراجع أساليب التعليم وعجزها عن مواكبة الاساليب المعاصرة، ومن بينها تأشير حالات العنف ضد الطلبة، حيث هناك حلات عنف كثيرة ومتنوعة تمارس ضد الطلبة خاصة المرحلة الابتدائية، كذلك هناك أمور أخرى لايسع المجال لذكرها.

ولهذه الاسباب مجتمعة، ظهرت الحاجة للتعليم الأهلي في المراحل الدراسية كافة، من اجل الاسهام بتقليل الضغط والزخم على التدريس الرسمي من جانب، ومحاولة إعطاء صورة وجوهر نموذجي للتعليم. بمعنى أن التعليم الأهلي لم يأت كبديل للتعليم الرسمي، وهو أمر صعب المنال بطبيعة الحال، ولكن لكي نؤسس لبنية تعليمية جديدة معافاة، تستمد أنشطتها، أهدافا وأعمالا، من راهن التعليم المعاصر في المجتمعات المتطورة، صار لزاما على المعنيين أن يشجعوا التعليم الأهلي وأن يجعلوا منه النموذج الذي يمكن أن يساعد التعليم الرسمي كي يصبح تعليما معاصرا ولائقا بالطلبة. ناهيك عن أهمية دوره في التأهيل العلمي للطلبة كي يسهموا بقوة في بناء المجتمع وفق المسارات الحديثة والمعاصرة، لذا فإننا لا ندعو هنا لالغاء دور الدولة التعليمي، ولا يمكن أن نعفيها من أحد أهم واجباتها تجاه المجتمع.

ولكن مع الضغط الحاصل على المؤسسة التعليمية الرسمية وظهور المساوئ التي رافقت عملية التعليم، كان لابد من ظهور المدارس الأهلية كعضيد وليس كبديل، لهذا لابد أن تطلق الجهات المعنية الرسمية وغيرها مبادرات ايجابية في هذا الميدان، وأعني به التعليم الأهلي، وتقوم بمساندته وتطويره من خلال وضع الخطط الكفيلة بدعمه ومساندته معنويا وماديا، كأن توضع البرامج المكتوبة التي تنطوي على الضوابط اللازمة من قبل لجان واطراف متخصصة في هذا المجال وأن توضع خطوات مشجعة للتعليم الأهلي، كمنح القروض والتسهيلات المالية، وتطوير الكادر التدريسي وفق أساليب التعليم المعاصرة، وما يمكن للدولة من خطوات داعمة أخرى، يمكن أن تضعها في خدمة هذا النوع من التعليم. على أن هذه الخطوات يجب أن لاتكون بديلا عن تحسين التعليم الرسمي، فلا يجوز أن نؤسس ونطور هذا النوع، على حساب حق التعليم الذي كفله الدستور للمواطن والملقى على عاتق الدولة قبل غيرها.

ويبقى الهدف الاساس في اطلاق المبادرات الايجابية لدعم التعليم الاهلي، هو تحقيق النتائج العلمية الايجابية، من خلال انتهاج السياقات التعليمية التي تتيح للطالب فرصة تعليم نموذجية، او ناجحة في أقل التقديرات، فعلى سبيل المثال، أن مدارس التعليم الاهلي تلغي تماما مبدأ التعامل بعنف مع الطلاب كما يحدث في المدارس الرسمية، كما أنها تمثل في الواقع، صورة جيدة للمدرسة وللصف الذي يليق شكلا وجوهرا بالطالب وبالعملية التعليمية في آن.

لذا نتمنى من المعنيين جميعا أن يتحركوا باتجاه دعم التعليم الاهلي ولا نقصد بذلك الدروس الخصوصية التي تهدف الى الربح، بل نقصد تسهيل فتح المدارس الاهلية كونها تقدم النموذج التعليمي الافضل، على أن تسعى الجهات الرسمية التربوية لتحسين ما تقدمه المدارس الحكومية لطلابها في المراحل كافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/أيلول/2012 - 6/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م