فلسطين... بين مأزقي السياسة والاقتصاد

 

شبكة النبأ: تشهد فلسطين حالة احتقان سياسي وحراك شعبي مستمر في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، فقد شهدت الأراضي الفلسطيني موجة احتجاجات واسعة، وسط المطالبة الشعبية بالإصلاح السياسي والاقتصادي والقضاء على الفساد في البلاد، فيما أثارت موجة الغلاء بأسعار الوقود والمواد الغذائية، وبالتالي أدت الى الأزمة الاقتصادية حادة، كما أججت ردود فعل ساخطة على مستوى القطاعات الشعبية والتجارية، في حين تسعى السلطة الفلسطينية للحد من الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، في بلد يشهد أزمة سياسي واقتصادي غير مسبوقة، حيث تعزو الحكومة هذه الأزمة للممارسات الاحتلال، في الوقت الذي تواجه فيه عجزا في الميزانية قدره 400 مليون دولار،  ففي ظل استمرار الأزمات الاقتصادية الممثلة بموجة الغلاء الوقود و إضراب وسائل النقل وترادفها الأزمات السياسية الممثلة بالاتفاق الاقتصادي مع إسرائيل،  كلها أمور تضع فلسطين أمام مأزق اقتصادي جديد سيكون له عواقب جسيمة على الأصعدة كافة.

الأزمة الاقتصادية

فقد اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه اوعز للحكومة الفلسطينية لايجاد حلول سريعة للازمة الاقتصادية رغم انه عزا سبب تفاقمها للاحتلال الاسرائيلي، وقال خلال مؤتمر صحفي دعا اليه عباس عقب تفاقم الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة الفلسطينية بسبب ارتفاع الاسعار "اوعزت للوزراء المختصين في الحكومة، للاجتماع مع الفعاليات الاقتصادية والقطاع الخاص، والمجتمع المحلي، لدراسة الحلول بشأن الازمة الاقتصادية الراهنة".

لكنه راى "ان سبب هذه الازمة هو الاحتلال الاسرائيلي والحل الجذري هو بذهاب الاحتلال".

واشار الى ان "الازمة تفاقمت عقب قراره بالذهاب الى الامم المتحدة للحصول على مكانة دولة غير عضو في الامم المتحدة"، وفي هذا السياق اعلن انه "سيتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 الجاري، للتشاور مع الأصدقاء حول مشروع القرار بطلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة"، وقال "نحن ذاهبون للامم المتحدة لنقول نحن دولة تطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة، ويوجد 133 دولة تعترف بنا كدولة عاصمتها القدس، ولنا فيها سفارات ترفع العلم الفلسطيني". بحسب فرانس برس.

وكشف انه يتعرض لضغوط اميركية ايضا لثنيه عن التوجه للجمعية العامة وتساءل "لماذا لا تريدنا واشنطن ان نذهب إلى الأمم المتحدة؟"، ولكنه شدد "ذاهبون للجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 الجاري ولن أرحل، وسيبقى شعبنا صامدا".

الاضطرابات الاجتماعية

فيما تسعى السلطة الفلسطينية للحد من الاضطرابات الاجتماعية في الضفة الغربية التي دخلت اسبوعها الثاني الاثنين من خلال دراسة تدابير لاحتواء ارتفاع اسعار السلع الاساسية والمطالبة بتعديل اتفاقية اقتصادية اساسية مع اسرائيل.

وتوقفت حركة النقل العام في مختلف مدن الضفة الغربية الاثنين مع بدء الاسبوع الثاني من الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة والبطالة وارتفاع اسعار الوقود، بعد ان دعت نقابات النقل الى اضراب عام، واحرق المضربون اطارات سيارات واغلقت المداخل المؤدية الى مراكز المدن، ولم تعمل اي من الحافلات العامة او سيارات الاجرة او الحافلات الصغيرة داخل المدن الفلسطينية او بينها، واضطر الاف الفلسطينيين الى الذهاب الى اعمالهم ومدارسهم سيرا.

واكد المتحدث باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية عدنان الضميري لوكالة فرانس برس "لسنا معنيين باي حال من الاحوال بالتصادم مع المواطنين، لاننا لا نريد تعقيد الامور وفي نفس الوقت نسعى الى تحقق السلام الاهلي في البلد"، وفي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية قام نحو الفي متظاهر بتحطيم سيارات البلدية والقوا الحجارة على الشرطة الفلسطينية التي حاولت تفريقهم، وقال خالد ادريس (28 عاما) "مطالبنا باختصار هي رحيل الرئيس عباس ورحيل فياض ورحيل كافة كادر السلطة باكمله لانه لم يستطع الوفاء بالتزاماته السياسية والاقتصادية"، ومن ناحيته اكد فواز الرجبي (32 عاما) الذي قدم مع حماره للتظاهر "اتيت مع حماري للتعبير عن الاحتجاج ودعم الهبة الشعبية والحراك الشعبي ضد الغلاء"، ووصف مسؤول اسرائيلي كبير الطلب الفلسطيني باعادة التفاوض في اتفاقية اقتصادية اساسية "بغير الجدي" الاثنين مشيرا الى انه طبيعته العامة والى انه قدم عبر قنوات لا صلة لديها بالموضوع، وكان وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ قال "تقدمت بطلب للحكومة الاسرائيلية عبر وزارة الدفاع الاسرائيلية (...) بان السلطة تطلب رسميا اعادة فتح اتفاقية باريس الاقتصادية التي اصبحت لا تتلاءم اطلاقا مع تطورات الاوضاع الاقتصادية". بحسب فرانس برس.

و بحسب المسؤول الاسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه فان حقيقة تقديم الطلب عبر وزارة الدفاع وطبيعته العامة جدا يعد "دليلا" على ان الطلب "ليس جديا" بل محاولة لتوجيه الغضب الفلسطيني من ارتفاع تكاليف المعيشة تجاه اسرائيل، وقال المسؤول لوكالة فرانس برس "ان كانوا يريدون اعادة فتح بروتوكول باريس،وهي اتفاقية دولية،لكانوا قدموا طلبا الى وزارة الخارجية،او كانوا قدموه الى وزارة المالية، او ببساطة الى مكتب رئيس الوزراء"، ووقع "بروتوكول العلاقات الاقتصادية بين حكومة دولة اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية" في 29 نيسان/ابريل 1994 في العاصمة الفرنسية باريس.

وينص الاتفاق على قيام اسرائيل بجمع ضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية وينص على ان لا يكون سعر الوقود في مناطق الحكم الذاتي اقل من 15% من السعر الرسمي في اسرائيل.

ونتيجة لهذا البند، وبعد ارتفاع الاسعار في اسرائيل قفز سعر لتر البنزين في الضفة الغربية بمقدار الثلث في غضون الشهرين.

وقالت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان الاثنين بان الازمة الحقيقية هي "قرار اسرائيل بزيادة سعر الوقود"، واضاف البيان بان "ارتفاعا مماثلا قد يتحمله الاقتصاد الاسرائيلي المزدهر الذي يعيش على حد ادنى للراتب الشهري وقدره 4,300 شيكل (850 يورو) ولكن ليس للفلسطينيين الذين يعيشون على حد ادنى قدره 1,600 شيكل (315 يورو)"ن ومن جهته قال فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة لوكالة فرانس برس بان ما يحدث في الضفة الغربية "رد فعل طبيعي لسلوك السلطة ونتيجة للفشل السياسي والاقتصادي هناك وحالة القمع الامني وكبت الحريات التي تمارس في الضفة الغربية"، وخرج الاف الفلسطينيين الى شوارع الضفة الغربية للاحتجاج على غلاء المعيشة وارتفاع اسعار الوقود والبطالة وطالب العديد منهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بالاستقالة، وعقد فياض الاحد اجتماعا استمر اربع ساعات مع قادة النقابات والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني لمحاولة ايجاد طرق لتخفيض الاسعار وتنظيم دفع الرواتب.

اضراب وسائل النقل

على الصعيد نفسه توقفت حركة النقل العام في مختلف مدن الضفة الغربية مع بدء الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة والبطالة وارتفاع اسعار الوقود، بعد ان دعت نقابات النقل الى اضراب عام، واحرق المضربون اطارات سيارات واغلقت المداخل المؤدية الى مراكز المدن، ولم تعمل اي من الحافلات العامة او سيارات الاجرة او الحافلات الصغيرة داخل المدن الفلسطينية او بينها، واضطر الاف الفلسطينيين الى الذهاب الى اعمالهم ومدارسهم سيرا.

وفي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية وضعت احجار كبيرة لاغلاق الشوارع الرئيسية بينما اصطفت شاحنات في مدينة بيت لحم لاغلاق الشوارع المؤدية الى وسط المدينة، وعند حاجز قلنديا بين مدينتي رام الله والقدس، نظم سائقو الحافلات وسيارات الاجرة دوريات بحثا عن اي مخالفين للاضراب، وقال احد السائقين "على الناس ان تقدر ما نفعله وعليهم ان يدعمونا لانه ليس عدلا ان يدفعوا سبعة شواكل (1,8 دولار) للوصول الى المعبر من رام الله". ويقدر السائقون ان يرتفع السعر الحالي لمثل هذه الخدمة من 3,5 شواكل (0,8 دولار) مع الزيادة القادمة لاسعار الوقود. بحسب فرانس برس.

وخرج الاف الفلسطينيين الى شوارع الضفة الغربية للاحتجاج على غلاء المعيشة وارتفاع اسعار الوقود والبطالة وطالب العديد منهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بالاستقالة، وعقد فياض اجتماعا استمر اربع ساعات مع قادة النقابات والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني لمحاولة ايجاد طرق لتخفيض الاسعار وتنظيم دفع الرواتب، ومن المفترض ان تقدم التوصيات الى الحكومة بحسب مسؤولين، وطلبت السلطة الفلسطينية من اسرائيل اعادة التفاوض حول اتفاقية باريس الاقتصادية بسبب الاضطرابات الاجتماعية التي تتصاعد في الضفة الغربية، ولهذه الاتفاقية التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل في نيسان/ابريل 1994 تأثير مباشر على اسعار الوقود والضرائب غير المباشرة.

خفض الاسعار

من جانب أخر قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ان حكومته اتخذت مجموعة من الاجراءات الرامية إلى خفض الأسعار بعد موجة من الاحتجاجات الشعبية، وقال فياض في مؤتمر صحفي بعد اجتماع للحكومة انه تقرر "إعادة أسعار كل من الديزل والكاز (الكيروسين) وغاز الطهي إلى ما كانت عليه نهاية شهر اب اعتبارا من يوم غد والتعويض عن النقص في الايرادات الناجم عن ذلك من خلال الاقتطاع من رواتب الفئات العليا في كافة المؤسسات الرسمية وبما يشمل الوزراء، واضاف انه سيتم "تخفيض ضريبة القيمة المضافة بمقدار نصف في المئة وذلك اعتبار من الاول من الشهر القادم، وقال فياض إن هذا الاجراءات هي ما استطاعت الحكومة عمله في ظل الامكانيات والموارد المتاحة لها، واضاف "وضعنا لا يسمح باتخاذ اجراءات اضافية باتجاه التخفيف دون اتخاذ اجراءات اضافية لتوفير التمويل اللازم لتعويض النقص الحاصل نتيجة هذه الاجراءات، وأعرب فياض عن أمله أن تلاقي هذه الاجراءات قبول المواطنين وقال " آمل أن يكون في هذا ما ينظر اليه المواطن في فلسطين في ظل الصعوبات التي تواجهنا خاصة الازمة المالية المتصلة ان يجد المواطن فيها ما يكفي وان تمثل خلاصة جهد معمق ومكثف للوصول الى هذه الصيغة، واضاف "لو كان لدينا بالامكان وسائط اخرى ما كنا ترددنا في البحث بها، وتعهد فياض مرة اخرى بالحفاظ على حرية التعبير وقال "أود التأكيد على احترام السلطة الوطنية للحق في التعبير بشكل مطلق ولكن كما شاهدنا جميعا للأسف الشديد على مدار الأيام الماضية كانت هناك أعمال مخلة بالقانون والنظام العام ...ان السلطة والوطنية الفلسطينية لن تتواني عن القيام بمهما والاطلاع بمسؤوليتها ومنع ووقوع هذه التعديات."

واوضح فياض أن قدرته حكومته على التدخل في الأسعار محدودة وقال " أولا قدرة الحكومات بشكل عام على التعامل مع الارتفاع العام في أسعار السلع قدرة محدودة، وتعهد فياض "بتشديد الرقابة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني لمنع الاستغلال والارتفاع غير المبرر في أسعار السلع الأساسية من خلال آليات لتحديد هامش الربح بما ينسجم مع هذه التوجهات واتخاذ اجراءات صارمة بحق المخالفين، وشارك مئات العاملين في القطاع الحكومي في اعتصام أمام رئاسة الوزراء في رام الله احتجاجا على الغلاء وللمطالبة بصرف رواتبهم. بحسب رويترز.

وقال جواد ناجي وزير الاقتصاد للصحفيين أمام مجلس الوزراء بعد انتهاء جلسة الحكومة "تم اتخاذ مجموعة من الاجراءات ستنعكس ايجابيا على المواطنين ويشمل ذلك تخفيض الاسعار، واعلن نبيل قسيس وزير المالية في حكومة سلام فياض عن صرف نصف راتب شهر اغسطس اب لموظفي القطاع العام الذين يتجاوز عددهم 153 ألفا في القطاعين المدني والعسكري، وقال بيان صادر عن مكتب الوزير إن الحد الادني الذي سيصرف لموظفي القطاع العام 50 في المئة من الراتب بما لا يقل عن 2000 شيقل (500 دولار تقريبا).

وأضاف أن الحكومة ستستمر في العمل على توفير الجزء المتبقي من الراتب خلال الفترة اللاحقة، ووصفت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجراءات الحكومة بأنها غير كافية وقال عزام الاحمد عضو لجنتها المركزية " نحن نرحب بها (القرارات) ولكنها غير كافية لانها لن تحل المشاكل وتدعم صمود الشعب الفلسطيني."

واضاف "لا بد من فتح حوار بين الفصائل والحكومة أو في إطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير باعتبارها مرجعية السلطة الوطنية الفلسطينية."

اتفاق اقتصادي مع إسرائيل

من جهة أخرى قالت السلطة الفلسطينية التي تمر بضائقة مالية إنها طالبت إسرائيل بالنظر في تعديل اتفاق اقتصادي مهم تحددت بناء عليه الجمارك والضرائب على مدى 18 عاما وذلك في أعقاب احتجاجات في الشوارع على ارتفاع الاسعار، وتقول وكالات الامم المتحدة وخبراء اقتصاديون فلسطينيون إن إسرائيل تتبع أسلوبا انتقائيا في تطبيق الملاحق الاقتصادية لاتفاقات أوسلو المؤقتة للسلام التي وضع أطرها العامة بروتوكول باريس لعام 1994 بما يخدم مصالحها في الغالب، وقال حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية الفلسطيني "18 عاما (مضت) على اتفاقية باريس الاقتصادية وأصبحت تشكل عبئا كبيرا على كاهل الشعب الفلسطيني مما أدى إلى ظروف مالية واقتصادية صعبة جدا، ويحدد بروتوكول باريس لعام 1994 مشروعا اقتصاديا لوحدة جمركية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية ويربط ضريبة القيمة المضافة بمعدلاتها في إسرائيل البالغة حاليا 17 بالمئة وهو ما يمنع فعليا أي تخفيضات كبيرة في الأسعار في الضفة الغربية.

وفي ضربة أخرى للاقتصاد الفلسطيني لم يتم تنفيذ بنود اخرى تتيح للفلسطينيين ابرام اتفاقات تجارة حرة مع دول اخرى وتسمح بدخول الاسواق الاسرائيلية.

وقد شهدت الضفة الغربية المحتلة احتجاجات استمرت لعدة أيام على ارتفاع تكلفة المعيشة ما دفع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إلى القول يوم الخميس إنه مستعد للاستقالة لو كانت هناك فعلا رغبة شعبية في ذلك، وقال الشيخ إنه أرسل خطابا بناء على طلب من الرئيس محمود عباس إلى وزارة الدفاع الاسرائيلية يطلب "فتح اتفاقية باريس" ويعرض عليهم تشكيل لجنة فنية مشتركة للتفاوض بشأن تعديلها، وقالت اموس جيلبوا المسؤولة الكبيرة بوزارة الدفاع الاسرائيلية لراديو اسرائيل ردا على سؤال عن الخطوة الفلسطينية "علينا أن ندرس ما يطلبونه بالضبط ونرى إن كان ممكن عمليا. بحسب رويترز.

وتعاني الحكومة الفلسطينية من عجز متكرر ودين خارجي يتجاوز كل منهما المليار دولار أي ما يقرب من 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتتراجع المساعدات الأجنبية إذ بلغت 750 مليون دولار فقط في 2011 من 1.1 مليار دولار كان من المتوقع تقديمها إذ لم تف دول الخليج بالتحديد بكامل تعهداتها، ويقول بعض الاقتصاديين إن النمو الاقتصادي قد ينخفض إلى ما بين ثلاثة وأربعة بالمئة هذا العام وفي ظل بطالة تبلغ 20 بالمئة من السكان فإن الفرص تتضاءل أمام كثير من سكان الضفة الغربية البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة، وادت الازمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية لتأخر سداد رواتب نحو 153 ألف موظف عمومي عدة مرات هذا العام.

وتبدي اسرائيل بعض المرونة ربما خشية أن يؤدي التدهور الاقتصادي لاضطرابات في الاراضي الفلسطينية، وبعد عام من المفاوضات وافقت اسرائيل هذا الصيف على تبسيط اجراءات التعامل مع رسوم الاستيراد التي تحصلها على البضائع المتجهة إلى السوق الفلسطينية والتي تساوي نحو 100 مليون دولار شهريا اي حوالي ثلثي دخل السلطة الفلسطينية، لكن سمير عبد الله مدير معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني قال إن هناك حاجة لاعادة التفاوض بشأن اتفاقية باريس لتحرير الفلسطينيين من الاعتماد على الرقابة الاسرائيلية ومنحهم بعض الحرية في اقامة علاقات تجارية بالخارج، وقال "اسرائيل لم تلتزم بفتح سوقها امام الفلسطينيين في الوقت الذي بقي السوق الفلسطيني مفتوحا أمامها."

عجز الميزانية

الى ذلك حذر البنك الدولي من ان السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تواجه عجزا في الميزانية قدره 400 مليون دولار وذلك حتى لو وفت الدول المانحة بالتزاماتها، مشيرا الى ان هناك حاجة "ملحة" الى تمويل جديد، وقال البنك في تقرير من 22 صفحة اعد قبل اجتماع للجهات المانحة مقرر في نيويورك في 23 ايلول/سبتمبر الجاري ان اسرائيل تخنق النمو الفلسطيني من خلال اعاقة التنمية في المنطقة ج في الضفة الغربية والخاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة.

واضاف التقرير ان "الازمة المالية للسلطة الفلسطينية تتفاقم" بعد التظاهرات الاحتجاجية ضد غلاء المعيشة في الضفة الغربية والتي اجبرت رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض على تخفيض اسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة، وبحسب التقرير فان الوضع المالي للسلطة الفلسطينية "من المحتمل ان يزداد سوءا بنهاية عام 2012"، مشيرا الى وجود عجز في الميزانية بنحو 400 مليون دولار "في حال اوفت الجهات المانحة بتعهداتها".

واضاف التقرر انه في حال لم يتم العثور على مانحين اضافيين "فمن الممكن ان تجد السلطة الفلسطينية نفسها مجبرة على تمويل العجز من خلال مراكمة مبالغ اضافية من المتأخرات المستحقة لنظام معاشات التقاعد، وخفض بعض نفقاتها الاساسية كالاجور مثلا، الامر الذي قد يكون له اثار اجتماعية شديدة الوطأة"، وشدد التقرير على انه من اجل ان يبني القطاع الخاص الفلسطيني اقتصاده "فانه يحتاج الى اتاحة فرص الوصول الى المنطقة ج من الضفة الغربية" التي تسيطر عليها اسرائيل.

واوضح ان المنطقة ج هي منطقة مهمة "لتطوير اقتصاد فلسطيني مستدام"، مشيرا الى ان اهميتها تكمن "بشكل رئيسي في تركيبتها فهي الارض الوحيدة المتصلة الجوار في الضفة الغربية والتي تربط بين 227 منطقة جغرافية منفصلة عن بعضها مصنفة تحت مسمى المنطقتين ا وب"، ويشير التقرير الى ان المنطقة ج هي "اكثر المساحات وفرة بالمصادر في الضفة الغربية ففيها اغلبية المياه ومعظم الاراضي الزراعية والمصادر الطبيعية والاحتياطي من الاراضي التي توفر الاساس الاقتصادي للنمو في القطاعات الاقتصادية الرئيسية".

وبحسب التقرير فان "القيود التي تفرضها الحكومة الاسرائيلية لا تزال تقف في وجه الاستثمار الخاص المحتمل وتبقى عائقا رئيسيا امام النمو الاقتصادي المستدام"، وتقع المنطقة ج من الضفة الغربية تحت السيطرة الادارية والعسكرية الاسرائيلية الكاملة، كما ودعا البنك الدولي الى استمرار تدفق الدعم للموازنة الفلسطينية من الجهات المانحة الذي "سيكون استمراره امرا بالغ الاهمية على المدى المتوسط بهدف استدامة هذه الانجازات ودعم السلطة الفلسطينية اثناء اجتيازها ازمتها الراهنة"، وحذرت الحكومة الفلسطينية لاشهر من عجز حاد في ميزانيتها لاسباب عدة منها عدم وفاء الدول المانحة بتعهداتها المالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيلول/2012 - 5/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م