العراق وصلاحيات مجالس المحافظات

 

شبكة النبأ: من حسنات النظام اللامركزي، أنه يعطي فرصة للهوامش كي تتحرك  بحرية لتؤسس وتنتج وتبني وتبدع، مع حدوث الاخطاء، وهو أمر لا يمكن تجنبه تماما، إلا مع الوقت والتقادم الذي يتيح الفرصة لتحاشي الوقوع في الاخطاء.

في العراق ثمة تجربة جيدة من حيث الجوهر والمطلوب، ونعني بها تنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات التي يطلق عليها بـ (الحكومة المحلية)، هناك عوائق كثيرة تجعل العلاقة بين الحكومتين المركزية والمحلية ملتبسة يشوبها الغموض، واحيانا تكون السلطة الاتحادية كالسيف المسلط على رقاب الجميع، وهذا ما حدث ابان الحكومات الفردية، لكن الآن يتمتع العراق بنظام اداري لا مركزي، ولكن مع حضور أنماط مرفوضة من الانظمة الادارية المعيقة للتقدم والتطور والابداع، ومنها الاداء البيروقراطي الذي يثقل كاهل الشعب بخطوات واجراءات ادارية لا مسوّغ لها، سوى نشر نوع من الفوضى الادارية من اجل تحقيق منفعة مادية لبعض الموظفين المتنفذين.

ولعلنا نلاحظ نوعا من الصراع بين الاحزاب والكتل السياسية بخصوص صلاحيات مجالس المحافظات، فبعضها لا يرى ضرورة لتوسيع الصلاحيات، وآخرون يرون أهمية منح المحافظات صلاحيات كبيرة لادارة ملفات البنى التحتية والامن والخدمات وما شابه، حيث تشهد الساحة السياسية في العراق، إضافة إلى الأزمات المزمنة بين قائمة العراقية وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أزمة جديدة تتمثل بمطالبات بعض المحافظات بإقامة أقاليم منها إعلان محافظة صلاح الدين إقليماً اقتصادياً وإدارياً منفصلاً احتجاجاً على التهميش وإجراءات الاعتقال والاجتثاث التي طالت العشرات من أبنائها، كما أعلنت القائمة العراقية في مجلس محافظة ديالى، عن تقديم ورقة عمل للحكومة المركزية تتضمن تسعة مطالب لحل كافة المشاكل داخل المحافظة، مؤكدة أن المحافظة ستعلن إقليماً في حال عدم الاستجابة، فيما لوحت محافظات الانبار ونينوى والبصرة بالمطالبة بإقامة أقاليم في حال عدم تلبية مطالبها وتحسين الخدمات المقدمة اليها.

وقد لاحظنا مؤخرا نجاحا لبعض المجالس في اتخاذ خطوات ادارية جيدة تمس شرائح من المجتمع، وتهدف الى تحسين اوضاعهم المعيشية وحياتهم من حيث الجانب الخدمي والسكن وسوى ذلك، وقد باشرت بعض المجالس بتنفيذ مشاريع في السكن والطرق والاتصالات وسواها، حيث تقدمت الخدمات في هذا الجانب على نحو جلي، وهو أمر يجب الاشادة به لكي تواصل هذه المجالس تقديمها للخدمات الجيدة لعموم السكان.

وقد اتجهت مجالس المحافظات الى الضغط والمطالبة بالصلاحيات الاوسع التي تتيح لها انتاجية ونوعية افضل، الامر الذي جعل الحكومة الاتحادية تعلن استجابتها لهذه المطالبات المشروعة، حيث أكد رئيس الوزراء نوري المالكي مؤخرا، أنه يتجه نحو زيادة صلاحيات الحكومات المحلية وتحويل كثير من المشاريع عليها، متمنيا أن تكون المحافظات قادرة على تنفيذ المشاريع، أشار إلى أن إعلان الأقاليم خلال هذه الفترة سيتحول إلى كارثة. وقال المالكي خلال زيارته لمحافظة كربلاء ولقاء وجهائها ومثقفيها، إنه يتجه نحو زيادة صلاحيات الحكومات المحلية وتحويل كثير من المشاريع عليها"، متمنيا أن تكون المحافظات قادرة على تنفيذ المشاريع". مؤكدا أن قدرات المحافظات أصبحت الآن جيدة، وتتحمل أن نحيل عليها المشاريع"، داعيا الحكومات المحلية إلى أن "ثبت أنها ناجحة وقادرة على إنجاز المشاريع، ويكون بإمكان الوزارات الاعتماد على الحكومات المحلية وتحتفظ الوزارات بدورها الرقابي والمتابعة.

ويعد هذا خطوة جيدة على خلق التفاهمات المطلوبة بين المركز والهامش، لمعالجة الاختلافات وسوء الفهم الذي قد يحدث بين الطرفين، وهناك مؤشرات على نجاح بعض مجالس المحافظات في تلبية جانب من خدما السكن وسواه، ناهيك الى ادارة ملف الخدمات لاسيما توفير الطاقة الكهربائية للموطنين.

وعلى العموم لابد من منح الفرصة الكافية للحكومات المحلية كي تقوم بواجباتها على النحو الافضل، مع وجود هامش المراقبة المركزي حفاظا على المال العام، لاسيما اننا نعاني من ملف الفساد والتجاوز على المال العام، لهذا يتطلب الامر رقابة مركزية وفرعية مشددة على الاعمال والمشاريع التي تتكفل بها الحكومات المحلية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيلول/2012 - 5/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م