ماذا لوكان الرسول من عائلة ميدلتون؟

عبد الواحد ناصر البحراني

لم يكن التطاول على رسول الله (ص) في فيلم براءة المسلمين الأول من نوعه فقد سبقه اعتداءات أخرى على شخص الرسول الكريم ككتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي والرسوم الكاريكاتورية في إحدى الصحف النرويجية وإحراق المصحف الشريف وغيرها.

وفي كل مرة كان الغضب الإسلامي كبيراً وعارماً لكنه سرعان ما يخبو كأي بركان ما يلبث أن يعود لسكونه وصمته. لكن عرض مقاطع من هذا الفيلم المسيء تزامنت مع حدث آخر أثار الرأي العام في كل من فرنسا وبريطانيا. فقد عرضت إحدى المجلات الفرنسية صوراً خاصة وشخصية لدوقة كامبريدج السيدة (كيت ميدلتون) اعتبرت مسيئة للعائلة المالكة وتجاوزاً للخطوط الحمراء. وما هي إلا ايام قليلة حتى أصدرت المحكمة في فرنسا قراراً يمنع نشر أي من هذه الصور واعتباره عملاً غير قانوني يستوجب الغرامة المالية والاستجواب القضائي.

وحقيقة فإن أهمية هذا الحكم القضائي تأتي من كونه يصدر من محكمة في بلد كفرنسا اعتبرت ومنذ زمن راعية لحرية الرأي والإعلام والعلمانية. وأيضاً في وقت تمتنع فيه شركة يوتيوب عن وقف عرض مقاطع الفيلم المسيء لرسول الله (ص) بحجة حرية الإعلام والرأي. وفي هذا تناقض واضح فعلى الرغم من معارضتنا لتجاوز المجلة الفرنسية على السيدة ميدلتون فإننا كمسلمون نعارض التطاول على رموزنا الدينية كرسول الله (ص) وزوجاته (رض). ونتساءل في نفس الوقت هل أن حرمة وكرامة أي إنسان تختلف باختلاف الدين والعرق أم أن كرامة الإنسان واحدة في كل مكان وزمان؟ ثم لماذا لا يعتبر نشر وعرض مقاطع من فيلم يهين مليار ونصف مليار مسلم عملاً متجاوزاً للخطوط الحمراء ولا يتم إصدار حكم بمنعه ومحاسبة من يقوم به؟

أعتقد أن الإجابة في جزء منها تقع علينا كمسلمين قبلنا بذلك أم رفضناه. فنحن لم نحترم رسولنا ولا قيمنا طيلة عقود طويلة من الزمن ولم نسع لتوضيح حقيقة هذا النبي الكريم أو رسالته للإنسانية. وأتذكر هنا الصعوبات التي جابهت المخرج الشهيد مصطفى العقاد لجمع المال لإنجاز فيلم الرسالة لكنه بعد سنوات من الجهد والإصرار والتوفيق تمكن من ذلك. ولكنه وأي مخرج سينمائي آخر لم يتمكنوا من إنجاز أفلام أخرى توضح رسالة الرسول الكريم (ص) وأخلاقه العالية.

ولا يتعلق الأمر بإمكانات هؤلاء وإبداعاتهم فالعالم الإسلامي مليء بالمبدعين وما أكثر الفنانين في عالمنا العربي وما أكثر ما يتقاضونه عن أدوار في أعمالهم لكن المشكلة أن المال يقل عندما تصل القضية لإنتاج فيلم عن رسول الله (ص).

وفي الوقت الذي يتوحد فيه المسلمون للدفاع عن رسول الله تراهم يتفرقون في صياغة النص الذي يروي حياة الرسول (ص). أما الخاسر الوحيد فهو القضية العادلة للإسلام في أن يعرف العالم حقيقة دين كغيره من الأديان السماوية لا يدعو إلا إلى الحب واحترام الإنسان لإنسانيته.

وفي ظل الربيع العربي أو الصحوة الإسلامية أو حكم الإسلاميين سمها ما شئت فإن رد الفعل الشعبي على هذا الفيلم المسيء للرسول (ص) كان أعظم من رد الفعل الحكومي فنحن لم نجد اجتماعاً عاجلاً لمنظمة المؤتمر الإسلامي ولا للقادة العرب ولم نر أي استدعاء للسفراء أو طلب لعقد اجتماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة وكأن القضية لا تعني مليار ونصف مليار مسلم أو أنها لا تخص نبي هؤلاء ورسولهم. يا جماعة الدنيا قامت ولم تقعد لهدم أصنام بوذا في أفغانستان، وقامت ولم تقعد لنشر صور تجاوزت على خصوصية إنسان في بريطانيا فلماذا يصمت العالم عن الإساءة لمحمد (ص)؟

نحن المسؤولون لأننا سمحنا بقتل 100 ألف مسلم في مينامار ونحن المسؤولون لأننا سمحنا بحصار غزة ونحن المسؤولون لأننا نكفر بعضنا البعض ولأننا سنصمت مراراً وتكراراً على كل ما جرى سيجري. نعم نحن المسؤولون ولا يمكن بأي شكل أن نتخلى عن المسؤولية فلو كانت للمسلمين كرامة وهيبة في المجتمع الدولي ككرامة دوقة كامبريدج وهيبة القصر البريطاني لما تجرأ أحد على ديننا ونبينا.

إن رسول الله (ص) هو صاحب الجلال والاحترام والكرامة وهو رسول السلام والإنسانية ونبي الرحمة والأخلاق العظيمة لذا يجب أن نكون حضاريين في ردنا واعتراضنا على كل ما يسيء إليه ويجب أن نعي حقيقة مما جرى لكن يجب أن ندرك في نفس الوقت الواقع المر الذي وصلنا إليه وأن نفكر في كيفية الخروج مما نحن فيه؟ أرجو ألا نكون كغثاء السيل وألا نكون كزوبعة في فنجان فرسولنا يستحق أن يكون له مسلمون أفضل منّا.

nasirbahrani@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيلول/2012 - 5/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م