حرب في الخليج... معركة القواعد الامريكية

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من المراقبين من تحول لغة التهديد المتبادل بين إسرائيل وإيران إلى كارثة حقيقة يصعب السيطرة عليها اذا ما أقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديداتها المستمرة بشن ضربة عسكرية استباقيه ضد إيران للحد من استمرار تطوير برنامجها النووي، وهو ما ستكون لها عواقب وخيمة ستؤثر على الاستقرار والأمن في المنطقة و العالم بصورة عامة خصوصا وان إيران تمتلك ترسانة عسكرية متطورة لايمكن الاستهانة بها هذا بالإضافة الى وجود الكثير من الحلفاء والمناصرين لها في المنطقة وهو ما تدركه إسرائيل وأمريكا التي لاتزال بعيدة عن استخدام الخيار العسكري التي تطالب به إسرائيل، وفي هذا الشأن حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إيران توشك على امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية في غضون ستة او سبعة اشهر فقط مما يعزز مطالبته للرئيس الأمريكي باراك أوباما بوضع "خط أحمر" لطهران وسط أسوأ خلاف إسرائيلي أمريكي منذ عشرات السنين. وفي محاولة لتوصيل رسالته مباشرة للرأي العام الأمريكي تحدث نتنياهو عبر شاشات التلفزيون قائلا إنه بحلول منتصف عام 2013 ستكون ايران قد امتلكت 90 بالمئة من المادة التي تحتاجها لصنع سلاح نووي.

وحث من جديد الولايات المتحدة على توضيح الحدود التي يتعين على طهران الا تتجاوزها اذا كانت تريد تفادي عمل عسكري وهو امر يرفض أوباما ان يفعله. وفي مقابلة مع قناة (إن.بي.سي) الأمريكية قال نتنياهو "عليك ان تضع هذا الخط الاحمر أمامهم (إيران) الآن قبل فوات الأوان" مضيفا أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تقلل فرص مهاجمة المواقع النووية الإيرانية.

وتزامن الخلاف العلني غير المعتاد بين الولايات المتحدة وحليفتها التقليدية اسرائيل مع قرار اوباما بعدم لقاء نتنياهو في وقت لاحق هذا الشهر وهو يكشف اتساع هوة الخلاف بين البلدين ويزيد الضغوط على الرئيس الامريكي في المرحلة الاخيرة من الانتخابات الرئاسية.

ويقول مسؤولون امريكيون كبار ان ايران لم تتخذ قرارا بعد بشأن الخطوة الاخيرة لتجميع مكونات قنبلة نووية ويبدون ثقة كبيرة في ان ايران ما زالت تحتاج إلى سنة على الاقل كي يصبح لديها المقدرة على صنع قنبلة نووية وستحتاج بعد ذلك لوقت اخر لتجهيز رأس حربية لوضعها على صاروخ. ويتناقض هذا مع الجدول الزمني الذي حدده نتنياهو على الرغم من عدم وصوله الى حد القول بان ايران قررت صنع سلاح نووي.

ولم يظهر نتنياهو اي مؤشر على تراجعه عن حملة الضغط التي يقوم بها وساوى بين خطر امتلاك ايران لسلاح نووي والغضب الاسلامي الذي اثار هجمات على سفارات امريكية في انحاء العالم الاسلامي. وتساءل نتنياهو في المقابلة في نداء عاطفي واضح للامريكيين الذين ما زالوا يترنحون من اثر الاحتجاجات الغاضبة التي اثارها الفيلم المسيء للنبي محمد "انه نفس التعصب الديني الذي ترونه يقتحم سفاراتكم اليوم. هل تريدون لهؤلاء المتعصبين ان يمتلكوا اسلحة نووية؟"

ولكن لم توجه اتهامات لايران بالضلوع في اشعال العنف الذي اجتاح عواصم في الشرق الاوسط وافريقيا .

وجادل نتنياهو الذي كان يتحدث عبر القمر الصناعي من القدس بان هناك حاجة إلى انذار امريكي موثوق فيه لكبح جماح ايران التي تنفي سعيها لامتلاك قنبلة نووية. وقال "انهم في المنطقة الحمراء" وذلك في تشبيه بكرة القدم الامريكية عندما يصل اللاعب إلى منطقة يوشك فيها على تسجيل هدف. وقال "لا يمكنكم ان تسمحوا لهم بعبور خط الهدف ."

ولم تقدم سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة ما يشير الى ان الرئيس الامريكي الذي طلب من نتنياهو عدم شن اي هجوم على المواقع النووية الايرانية ومنح العقوبات والسبل الدبلوماسية فرصتها كي تأتي بنتيجة ينوي تخفيف مقاومته لفكرة الخطوط الحمراء. وقالت رايس "لن نستبعد اي خيار من الطاولة لضمان عدم حصول ايران على سلاح نووي بما في ذلك الخيار العسكري". مؤكدة موقف اوباما منذ فترة طويلة ولكنها اصرت على "انهم لم يصلوا إلى هذه النقطة بعد". واوضح زعماء اسرائيل الذين يعتبرون تقدم البرنامج النووي الايراني خطرا محدقا باسرائيل انهم يتحركون في اطار اضيق بكثير من الولايات المتحدة القوة العظمى التي تمتلك ترسانة عسكرية تقليدية هائلة.

وسئل نتنياهو عما اذا كانت اسرائيل اقرب إلى التصرف بمفردها فقال "نحن دائما نحتفظ بحق التصرف. لكنني اعتقد اننا اذا تمكنا من تنسيق موقف موحد معا فسوف نزيد من فرص الا يضطر أينا للتصرف." وواجه اوباما الذي يخوض في نوفمبر تشرين الثاني الانتخابات الرئاسية سعيا لفترة رئاسية ثانية انتقادات من منافسه الجمهوري ميت رومني الذي قال ان الرئيس صارم جدا مع اسرائيل ولكنه ليس صارما بما يكفي مع ايران. واثارت لهجة نتنياهو الحادة في الاونة الاخيرة تكهنات باحتمال ان تهاجم اسرائيل ايران قبل الانتخابات الامريكية على اساس ان اوباما سيقدم العون العسكري ولن يخاطر بخسارة اصوات الناخبين المناصرين لاسرائيل.

واثار نتنياهو انتقادات في الداخل بسبب المبالغة في موقفه . وهو يواجه انقسامات في الرأي العام الاسرائيلي وداخل حكومته مما يجعل من الصعب شن اسرائيل هجوما في اي وقت قريب. وقال نتنياهو انه يقدر تأكيدات اوباما بعدم السماح لايران بامتلاك سلاح نووي. لكن نتنياهو الذي اثار اصراره على فكرة فرض خط احمر غضب المسؤولين الامريكيين اوضح ان هذه التاكيدات غير كافية.

وقال "اعتقد ان خطا احمر في هذه الحالة سيعمل على خفض فرص الحاجة إلى عمل عسكري." وفي اكثر تصريحاته تحديدا بشأن ايران وبرنامجها النووي قال نتنياهو لقناة سي.ان.ان "انهم يمضون بسرعة كبيرة نحو استكمال تخصيب اليورانيوم الذي يحتاجونه لصنع قنبلة نووية. في ستة اشهر او نحو ذلك سيكونون قد اتموا 90 في المئة من المطلوب." ويبدو انه كان يشير إلى تخصيب ايران لليورانيوم إلى نسبة 20 في المئة وهو مستوى تقول انها تحتاجه لصنع النظائر المشعة للاغراض الطبية لكنه ايضا أقرب إلى المستوى العسكري.

ويقول تقرير اصدره مفتشو الامم المتحدة في اغسطس اب ان ايران تملك مخزونا من اليورانيوم المخصب إلى مستوى 20 في المئة يصل إلى 91.4 كيلوجرام. ويقول خبراء ان الحد الادنى اللازم للتخصيب لصنع قنبلة يتراوح بين 200 و250 كيلوجراما تقريبا .ويحتمل ان تصل ايران الى هذا الحد قريبا بانتاج نحو 15 كيلوجراما شهريا وهو معدل يمكن ان يزيد اذا قامت ايران بتشغيل وحدات الطرد المركزي الجديدة لديها. بحسب رويترز.

وتحرص اسرائيل على منع ايران من امتلاك القدرة على صنع اسلحة نووية وليس مجرد منعها من صنع قنبلة فعلية وهي تخشى من ان الوقت ينفد. ويعتقد على نطاق واسع ان اسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط. ولم يكرر نتنياهو تصريحاته الحادة التي قال فيها ان الولايات المتحدة فقدت أي "حق معنوي " لمنع اسرائيل لأنها رفضت وضع قيود امريكية صارمة على طهران. وجاء ذلك بعد الإعلان عن ان اوباما لن يلتقي مع نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة لالقاء كلمة امام الامم المتحدة فيما اعتبر على نطاق واسع بانه تجاهل.

اكبر مناورات بحرية

من جهة اخرى انتشرت سفن حربية من ثلاثين دولة في مياه الخليج للمشاركة في تمارين لتعزيز قدرتها على كشف وإزالة الألغام. وتأتي هذه المناورات الحربية في وقت تتزايد فيه التوترات في المنطقة بسبب البرنامج النووي الايراني. يذكر ان 40 بالمئة من الانتاج النفطي العالمي يمر عبر مضيق هرمز الذي كانت ايران قد هددت باغلاقه في حال تعرضها لهجوم.

ووصفت البحرية الأمريكية هذه التدريبات بأنها اضخم مناورات بحرية تشهدها منطقة الشرق الاوسط. وجاء في تصريح ادلى به نائب الادميرال جون ميلر، قائد القيادة المركزية لقوات البحرية الامريكية، نشر في موقعه الالكتروني "ان هذا التمرين يتعلق بالالغام البحرية والجهود الدولية الهادفة الى ازالتها، وتتمثل فيه افضل ما لدى الدول المشاركة من جهود واساليب لضمان سلامة الممرات المائية الدولية. وانا اتطلع لرؤية كيفية عمل هذا الفريق المتميز من الحرفيين."

وكانت الخدمة الاخبارية الرسمية العائدة للبحرية الامريكية قد قالت في وقت سابق إن واشنطن قررت الغاء الاجازات الخاصة بطاقم احدى حاملات الطائرات الامريكية واعادتهم الى منطقة الشرق الاوسط لمواجهة اي تهديد مصدره ايران. بحسب بي بي سي.

ولفت مسؤول عسكري إيراني بارزإلى أن بلاده تراقب عن "كثب" السفن الأمريكية في مياه الخليج. وأعلن الأميرال، حبيب الله سياري، قائد القوات البحرية الإيرانية أن "تحركات السفن الأمريكية في الخليج هي تحت السيطرة والمراقبة الكاملة." وصرح سياري، في كلمة نقلتها وكالة "فارس" شبه الرسمية، بأن القوات البحرية الإيرانية لم تسمح إطلاقا بدخول أمريكا إلى المياه الإقليمية لبلاده. وأشار المسؤول العسكري الإيراني إلى أن قواته البحرية تراقب عن كثب تحركات السفن الأمريكية الموجودة في الخليج، مؤكدا أنها تملك معلومات كاملة عن نشاطات تلك السفن.

ويأتي ذلك في عقب تصريح للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله قال فيه إن إيران قد ترد على أي ضربة عسكرية إسرائيلية محتملة لمنشآتها النووية بضرب القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط. وأضاف نصر الله: "معلوماتي .. ما سمعته من المسؤولين الإيرانيين.. أن إيران لن تسكت ولن تتسامح عن ضرب أي من منشآتها النووية وأن حدود الرد لن تكون فقط داخل الكيان الإسرائيلي.. القواعد الأمريكية في كل المنطقة قد تكون أيضا أهدافا للإيرانيين."

هجوم شامل

على صعيد متصل هدد قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال محمد علي جعفري الاحد بان بلاده ستضرب مضيق هرمز والقواعد الاميركية في الشرق الاوسط واسرائيل اذا تعرضت لهجوم. وقال جعفري في مؤتمر صحافي نادر في طهران انه يعتقد ان ايران ستخرج من معاهدة الحد من الانتشار النووي اذا ما استهدفت بعمل عسكري.

وقال جعفري ان مضيق هرمز الذي تمر منه ثلث تجارة نفط العالم، سيكون هدفا مشروعا لايران اذا تعرضت لهجوم. واضاف "هذه سياسة ايران المعلنة بانه اذا وقعت حرب في المنطقة وكانت الجمهورية الاسلامية احد اطرافها، فمن الطبيعي ان يواجه مضيق هرمز وسوق النفط صعوبات".

واشار جعفري الى ان القواعد العسكرية الاميركية مثل تلك الموجودة في البحرين والكويت والامارات العربية المتحدة والسعودية - ستكون كذلك هدفا مشروعا للصواريخ الايرانية او للقوى الموالية لها.

وقال "الولايات المتحدة لديها الكثير من نقاط الضعف في المناطق المحيطة بايران، وقواعدها تقع في مدى صواريخ الحرس الثوري ولدينا قدرات اخرى خاصة عندما يتعلق الامر بدعم المسلمين للجمهورية الاسلامية. واضاف ان طهران تعتقد ان اسرائيل تحاول دون جدوى دفع الولايات المتحدة للمشاركة في عمل عسكري ضد المنشات النووية الايرانية. وقال "لا اعتقد ان هذا الهجوم يمكن ان يشن دون تصريح اميركي".

الا انه قال انه اذا ضربت الطائرات او الصواريخ الاميركية ايران "فلن يتبق شيء من اسرائيل بالنظر الى حجمها". واضاف "لا اعتقد ان اي جزء من اسرائيل سينجو من الضرر نظرا لقدراتنا الصاروخية. وبالتالي فان ردنا (التهديد برد مدمر) هو بحد ذاته رادع". بحسب فرنس برس.

واكد ان رايه الشخصي هو انه في حالة تعرضها لهجوم فان ايران ستخرج من معاهدة الحد من الانتشار النووي التي تهدف الى منع الدول من تطوير اسلحة نووية ولكن تسمح لها بتوليد الطاقة النووية. وقال "في حال تعرضها لهجوم فان التزامات ايران ستتغير. وفي تقديري فان ايران قد تخرج من معاهدة الحد من الانتشار النووي - ولكن ذلك لن يعني الاسراع الى انتاج قنبلة نووية لان لدينا فتوى بخصوص ذلك من المرشد الاعلى" للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/أيلول/2012 - 1/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م