شوق يتيم

حسين الحربي المحامي

أطفالكِ الصغارُ يكبرون

في كلِ يومٍ عنكِ يسألون

شفاهُهُم صامتةٌ

وتسألُ العيون

عن أمِهمِ

عن وجهها البريء

وثغرها المضيء

وقلبها الحنون

عن شعرها الطويل

وكُحلها الجميل

وحُلمها المدفون..

فمرةً تحت سرير العشق ينظرون...

ومرةً ما بين أوراق الهوى...

عنك يفتشون..

بنزعة الأطفال للعطور يكسرون

لعلك من نفحات العطر تخرجين

ويحرقون الشعر ما كتبت..

لعلك من وهج الدخان والنيران تطلعين

ويقرأون قصة الصديق...

لعلكِ كيوسف الصديق ترجعين

لغرفة مهجورةٍ موصدةٍ

من خلف ثقب الباب ينظرون

ويهمسون من هنا

اليكِ يهمسون

فلا يُجيبهم على سؤالهم..

عنكِ سوى السكون

لروضة الأزهار يذهبون

في كل صبح عنكِ يبحثون

فيحصدون أدمعاً تغصُ في العيون

وفي غروب الشمس يطلبون

من الإله لحظةً في العمرِ ترجعين

فيرجعون من دعاء الرب خائبين

ويسألوني يا أبي..

أليس ربُ الكون أن أراد شيئاً انما يقول كن فيكون

وعندها يحترق التاريخ خلفي كُلهُ والتين والزيتون

ويصبحُ الشك يقيناً..

لمَّ في التاريخِ ملحدون

يا(أفتخار) الحُب يا حبيبتي..

زاد بيَّ الجنون

أربعةٌ مرت ولا أعرفُ من أكون

يلومُني الجميعُ والجميعُ لا يدرون

بحرائق الشوق التي في خافقي

يا ليت يعلمون

ليفهمون كيف أهل الشعر يعشقون

لعلهم عن ربع ما كتبت يعذرون

أو ربع ما كتبت يكتبون

ولتعلمي بأننا..

مذ سافرت عيناك عن عُيوننا

في طُرقات الشوقِ ضائعون

نحن الثلاثةُ هدنا التفكير والحنين

أرهقنا ياقمري الحنون

أرهقنا الأنين

يا زوجتي ودولتي

والأمل الدفين

ذكرني الأطفال ياحبيبتي

بليلة الزفاف

بشجرة الصفصاف

بزهرة من ظلها تخاف

فداك الف أمرأة

ياأول المطاف

وأجمل الأطياف

فداك من كان ومن يكون

أطفالك الصغار نائمون

على ذراعي كالندى الغافي على الغصون

بقدرة الإله يحلمون

وفي الخيال من حنان الصدر يشربون

فيفزعون بعد حلم الليل خائفين

لحضنك الدافئ يحتاجون

فلا يرون أمهم وعندها يبكون

وللإله في هوى أحلامه شؤون

ويصرخون بي أبي.. أبي.. أبي

كانت هنا..

بقربنا...

أبتاه توصينا بأن نرعاكَ ياحنون..

حائمة في الغيم كان عشُها بجانب النجوم

تبكي ويبكي الدمع من فراقنا وأنت كل حين

ياأبي قد أطعمتنا

وعلى الغيم جلسنا.. وأكلنا

وبشعر دافئ قد حضنتنا..

أين أمي ياأبي الأن كنا؟؟؟

تضحك كانت يا أبي وكل اهل الارض كانوا معنا

في الحلم يضحكون

وأنبياء الله كانوا معنا

موسى وعيسى والنبي الصادق الأمين

يا أبي قد عانقتنا..

بحنان غمرتنا...

ومن الريش بجنحيها ثيابا البستنا..

ومن الثغر المطيب عطرتنا..

ثم من غير وداع ودعتنا..

ياأبي طارت كعصفور جميل..

ومضت أحداقنا تتبعها كالشمس..

اذ تغرب في صمت الأصيل

يا أبي هل يرجع الطائر

من بعد الرحيل..

كيف لي أقنع أطفالاً صغارا

أنها الأقدارُ شاءت

هل ترى يستوعبون

هل ترى سيفهمون

أننا جئنا ضيوفاً وبيوم عائدون

ان أهل الأرض جاءوا يعبدون

والى المجهولِ يوما راجعون

أنها أمانة وأسترجعت...

وأننا لا بد في يومٍ لرب عائدون

هل ترى سيقنعون

بالتفاهات التي يؤمن فيها الساذجون

يا اله العالمين

لمَّ لاتختار من يتاجرون

برقاب الناس أو من يقتلون

لم لا تمُيت من هُم يذبحون.. يسرقون.. يكذبون

ما هي الحكمة من موتِ ورود الياسمين

ما هي الحكمةُ يا ربي ورب العاشقين

* العراق

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/أيلول/2012 - 1/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م