امريكا بعد صدمة السفير... تصعيد أم تهدئة!

 

شبكة النبأ: صدمة كبيرة وتحدي أضافي تتعرض لها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب مقتل سفيرها وثلاثة من أعضاء البعثة الدبلوماسية في ليبيا بعد عرض فلم أمريكي مسيء عن الرسول محمد (ص) تزامن وذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول، حيث أسهم هذا الفلم بتأجيج مشاعر الغضب لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم وهو ما دفعهم للخروج بمسيرات احتجاجية تخللها حدوث بعض أعمال العنف، وتفيد بعض التقارير المأخوذة عن سجلات وزارة الخارجية الأمريكية أن جون كريستوفر ستيفنز يعد أول سفير أمريكي يلقى مصرعه أثناء أداء مهامه منذ عام 1979، ويرى بعض المراقبين ان السياسة الخاطئة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية بهدف فرض هيمنتها المطلقة على العالم في سبيل الحفاظ على مصالحها الخاصة هو ما أسهم بازدياد وتنامي حالة الكرة لدى باقي الشعوب وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط المتهمة بأنها اكبر حاضنة للإرهاب من قبل أمريكا التي فقدت بعض أهم أنصارها من الحكام العرب بعد ثورات التغير التي شهدتها المنطقة وهو ما يعد أهم واخطر التحديات خصوصا بعد وصول بعض التيارات الرافضة لسياسة البيت الأبيض الذي ، هذا ولم يستبعد بعض المراقبين أيضا ان تكون هذه خطة جديد من قبل أمريكا هدفها استفزاز مشاعر المسلمين من خلال الاعتداء المستمر على مقدساتهم الأمر الذي سيخلق حالة من التوتر والعداء ويدفع البعض الى الاعتداء على رعاياها في تلك الدول ، وهو ما سيخلق لها مبررات قانونية تتيح لها لتدخل العسكري المباشر بهدف حمايتهم وتوفير الأمن لهم وبذلك ستعيد صورة جديدة من صور الاستعمار القديم، وفي هذا الشأن فقد قتل السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة من موظفي السفارة في هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي ومنزل امن بعد ان اقتحمهما مسلحون اسلاميون يلقون على الولايات المتحدة باللائمة عن أنتاج فيلم يعتبرونه مسيئا للنبي محمد (ص) . وهاجم مسلحون القنصلية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا التي كانت مهد الانتفاضة ضد حكم معمر القذافي الذي استمر 42 عاما ، واشعلوا فيها النار بينما كان محتجون يهاجمون السفارة الامريكية في القاهرة.

ووصف الرئيس الامريكي باراك اوباما القتل بأنه "هجوم شائن" وامر بزيادة الحراسة على المواقع الدبلوماسية الامريكية في انحاء العالم. وهدد العنف بالانتشار في دول اسلامية اخرى. وبعد 24 ساعة من الهجمات في مصر وليبيا كانت الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين امام السفارة الامريكية في تونس.

ومن الممكن ان تؤدي هذه الهجمات إلى تغيير المواقف الامريكية تجاه موجة الانتفاضات التي يشهدها العالم العربي والتي اطاحت بحكام كل من مصر وليبيا وتونس وصعدت بالإسلاميين إلى سدة الحكم. كما يمكن ان تؤثر اعمال العنف هذه على الانتخابات الرئاسية الامريكية التي اشتغلت المنافسة فيها.

وقتل السفير كريستوفر ستيفنز المولود في كاليفورنيا في الهجوم لكن لم يتضح على وجه الدقة مكان وكيفية قتله. وقال وكيل وزارة الداخلية الليبية ونيس الشريف ان موظفي القنصلية الامريكية نقلوا سريعا إلى منزل امن بعد الهجوم الاول. ووصلت طائرة اجلاء على متنها وحدات من القوات الخاصة الامريكية من طرابلس لإجلائهم من المنزل الامن. وقال الشريف ان المنزل الامن من المفترض ان يكون سريا لكن السلطات الامنية فوجئت بمعرفة الجماعات المسلحة بشأنه وان اطلاقا للنار وقع.

وقتل شخصان آخران في مبنى القنصلية واصيب ما بين 12 و17 شخصا واثار الهجوم تساؤلات بشأن مستقبل الوجود الدبلوماسي الامريكي في ليبيا والعلاقات بين واشنطن وطرابلس والوضع الامني غير المستقر في ليبيا ما بعد عهد القذافي. وصور الفيلم وهو من انتاج هواة النبي محمد على انه كاذب وزير نساء ومثلي وقائد دموي. وتعيد هذه الاحداث إلى الاذهان الاحتجاجات التي انتشرت في الشرق الاوسط وافريقيا واسيا في اعقاب نشر صحيفة دنماركية لرسوم كاريكاتيرية مسيئة عام 2006 مما اسفر عن مقتل 50 شخصا على الاقل. وانتشرت صور السفير الامريكي بعد مقتله على الانترنت ومن بينها صورة يظهر فيها محمولا وقد رفع قميصه الابيض عن جسده وظهر جرح في جبهته.

وقال همام (17 عاما) الذي شارك في الهجوم ورفض الافصاح عن بقية اسمه "بدأنا في اطلاق النار عليهم ثم القى البعض قنابل بدائية الصنع على الاسوار واشتعلت النيران في البنايات." وقال همام انه شاهد امريكيا يموت امامه وسط الفوضى التي اعقبت الهجوم وقال "كان هناك بعض حراس الامن الليبيين للقنصلية في الخارج لكنهم فروا وغادروا المكان بعد انفجار القنابل." والقى مسؤول امني ليبي باللائمة في الهجوم على جماعة انصار الشريعة وهي جماعة اسلامية تعتنق افكار القاعدة وتعمل في بنغازي. وقال الشريف وكيل وزارة الداخلية ان قادة الجماعة نفوا مسؤوليتهم عن الهجوم وانه ليس هناك طرف محدد تلقى عليه المسؤولية.

وذكر شهود عيان ان من بين المهاجمين ايضا رجال قبائل ومقاتلي ميلشيات وغيرهم من المسلحين. واضاف همام ان مقاتلي انصار الشريعة وصلوا في سيارات في بداية الاحتجاج لكنهم غادروا بمجرد اندلاع الهجوم وقال "المحتجون كانوا يدورون حول البناية بحثا عن امريكيين. لقد كانوا يحاولون العثور على امريكي للامساك به."

واصبح مبنى القنصلية الكبير خاويا بينما كان المارة يدخلون بحرية لتفقد الاضرار. وكان ما يزال من الممكن الاحساس بحرارة الحرائق. وتفحمت الجدران وكانت السنة اللهب تتصاعد من حريق صغير في احدى الغرف بينما تناثر الزجاج المحطم من الثريات على الارض. وكانت مجموعة صغيرة من الرجال تحاول اطفاء الحريق وتفحص ثلاثة من رجال الامن المكان في عجالة. وكانت بعض بقع الدماء ما زالت موجودة امام احد المباني. واحترقت ثلاث سيارات تماما.

وقال عبد المنعم الحر الناطق الرسمي باسم اللجنة الامنية العليا ان قوات الامن الليبية تعرضت لأطلاق نار كثيف ولم تكن مستعدة لهذا الهجوم العنيف. ويتمتع سفراء الولايات المتحدة في مثل هذه البلاد المضطربة بحماية امنية قوية وفي العادة يتنقلون وسط قوافل بحماية جيدة. كما تقوم في العادة قوات من مشاة البحرية الامريكية او من القوات الخاصة بحماية مقار البعثات الدبلوماسية. بحسب رويترز.

وتعمل الحكومة الليبية الانتقالية على فرض سلطتها وسط فوضى تسببها الجماعات المسلحة التي رفضت التخلي عن سلاحها وغالبا ما تقوم بتطبيق القانون بنفسها. ويقول خبراء امنيون ان المناطق المحيطة ببنغازي مرتع للجماعات الاسلامية المتشددة التي تعارض اي وجود غربي في الدول الاسلامية. واسوأ السيناريوهات المحتملة بالنسبة للحكومات الغربية هو ان تؤدي موجة الهجمات الاخيرة إلى تمرد يشبه ما حدث في العراق تقوده الجماعات الاسلامية المتشددة. ومن الممكن ان يؤثر ذلك اذا حدث على صادرات النفط حيث يعتمد قطاع الطاقة على الموظفين الاجانب. لكن محللين امنيين يقولون ان التمرد على الارجح لن يصل إلى الدرجة التي وصل إليها في العراق وهو ما يرجع بشكل كبير إلى انه لا توجد قوات عسكرية غربية على الارض في ليبيا.

واشنطن تحقق

في السياق ذاته بدأت الولايات المتحدة التحقيق في الهجوم الذي استهدف قنصليتها في مدينة بنغازي حسبما أفاد مسؤولون أمريكيون. وكان يعتقد سابقا أن الهجوم كان رد فعل عفويا في إطار الاحتجاجات ضد فيلم مسيء للإسلام يحمل اسم "براءة المسلمين". وقال مسؤول أمريكي بارز في تصريح نقلته وكالة فرانس برس إن منفذي هجوم بنغازي يبدو أنهم استغلوا المظاهرات كذريعة لشن هجوم. وأضاف "كان هذا هجوما معقدا ، يبدو أنهم استخدموا هذا (الاحتجاج) كفرصة" لشن هجوم. وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز إن ثمة مؤشرات إلى أن عناصر ميليشيا يطلق عليها "انصار الشريعة" قد خططت للهجوم منذ فترة ، لكن الجماعة نفت ذلك. وذكر المسؤولون أن هناك تقارير تشير إلى أن عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ربما يكونون ضالعين في التخطيط للهجوم وتنفيذه.

على صعيد آخر ، قال مسؤولون عسكريون امريكيون إن وزارة الدفاع امرت اثنتين من المدمرات التابعة للبحرية الامريكية بالتوجه نحو السواحل الليبية. وقالوا إن واحدة من المدمرتين ، وهي المدمرة لابون ، قد اتخذت موقعا لها قبالة الساحل الليبي بينما ما زالت الاخرى ، وهي المدمرة ماكفول ، في طريقها وستصل الى موقعها المحدد في غضون ايام. بحسب بي بي سي.

وقال المسؤولون إن المدمرتين المزودتين بصواريخ توماهوك ليست لهما مهمة محددة ، ولكن وجودهما في المنطقة يعطي القادة الامريكية المرونة اللازمة لتنفيذ اي امر قد يصدره الرئيس اوباما. في غضون ذلك ، توجهت الى العاصمة الليبية بنغازي وحدة مكونة من خمسين من جنود مشاة البحرية المارينز لتعزيز الامن في السفارة الامريكية هناك.

ردود فعل دولية

من جانب اخر توالت ردود الفعل الدولية على مقتل السفير الاميركي في ليبيا ودان الرئيس الاميركي باراك اوباما الهجوم ، مشيدا بالسفير ستفينز وزملائه القتلى الذين راحوا ضحية الهجوم. وقال اوباما في بيان نشره البيت الابيض "ادين بشدة الهجوم المشين على البعثة الدبلوماسية في بنغازي والذي ادى الى مقتل اربعة اميركيين من بينهم السفير كريس ستيفنز". واضاف "الان يصلي الشعب الاميركي من اجل عائلات الاشخاص الذي فقدوا .. والذين جسدوا التزام الولايات المتحدة بالحرية والعدالة والشراكة مع الدول والشعوب في انحاء العالم ، ويقفون على الجانب الاخر من هؤلاء الذين سلبوهم حياتهم دون رحمة".

وقال "لقد اوعزت لادارتي بتوفير جيمع الموارد الضرورية لدعم امن موظفينا في ليبيا وزيادة الامن في مواقعنا الدبلوماسية في انحاء العالم". واصدر اوباما امرا بتنكيس الاعلام الاميركية على المباني العامة كما افاد مرسوم اصدره البيت الابيض. وقال الرئيس الاميركي "احتراما لذكرى جون كريستوفر ستيفنز، سفيرنا في ليبيا، واعضاء القنصلية الذين قتلوا في الهجوم على بعثتنا الدبلوماسية في بنغازي امرت بتنكيس اعلام الولايات المتحدة على البيت الابيض وجميع المباني العامة" حتى مساء 16 ايلول/سبتمبر الجاري.

بدورها اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان مقتل السفير الاميركي تم على أيدي "مجموعة متوحشة ولكن صغيرة" في هجوم يجب ان "يهز ضمائر" الناس من جميع المعتقدات. الا ان كلينتون وعدت بان لا تدير بلادها ظهرها لليبيا في سعيها لبناء مستقبل جديد بعد الهجوم الذي شنته مجموعة مسلحة على القنصلية الاميركية في بنغازي احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام.

في المقابل، انتقد المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية ميت رومني من جديد رد فعل اوباما على تظاهرات الاحتجاج العنيفة التي جرت امام السفارة الاميركية في القاهرة معتبرا انه يبعث "اشارات ملتبسة". واعتبر رومني ان ادارة الرئيس الديموقراطي ارتكبت "خطأ" بإصدار بيان "يتضامن مع الذين اقتحموا سفارتنا في مصر بدلا من ادانة افعالهم".

وقام متظاهرون غاضبون في القاهرة بتسلق سور السفارة الاميركية وتمزيق العلم الاميركي ووضع علم اسود مكانه كتب عليه "لا اله الا الله محمد رسول الله" ، وذلك احتجاجا على الفيلم المسيء للنبي محمد الذي انتجه اميركي اسرائيلي يصف الاسلام ب"السرطان". كما وصف رومني اعمال العنف في ليبيا بانها "مشينة" و"مثيرة للاشمئزاز".

واصدر مجلس الامن بيانا دان فيه ب"اشد التعابير حزما" الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الاميركية في مدينة بنغازي الليبية، وقيام متظاهرين باقتحام مقر السفارة الاميركية في القاهرة. وفي هذا البيان اعتبر اعضاء مجلس الامن ال15 ان هذه الاعمال "غير مبررة مهما كانت دوافعها ومرتكبيها. وكرروا التمسك ب"المبدأ الاساسي لعدم جواز انتهاك المقار الدبلوماسية والقنصلية" و"واجب الحكومات المضيفة" حماية هذه المقار والموظفين الدبلوماسيين والقنصليين تنفيذا لاتفاقات فيينا.

ودانت الامم المتحدة بأشد العبارات مقتل السفير الاميركي في ليبيا وثلاثة دبلوماسيين اميركيين. وقال جفري فلتمان مساعد الامين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية امام مجلس الامن الدولي "ندين بأشد العبارات" هجوم بنغازي ، مضيفا ان عملية القتل "تزيد التأكيد على التحديات الامنية التي تواجه السلطات في ليبيا".

بدوره دان الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن بشدة الاعتداء، وقال في بيان "ادين بشدة الاعتداء على القنصلية الاميركية في بنغازي الذي ادى الى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير". واضاف "لا يمكن تبرير هذا العنف. واقدم تعازي الى عائلات وذوي الذين قتلوا ، واتوجه بأفكاري الى المصابين" ، مؤكدا "ارحب بالإدانة والتعازي (التي عبر عنها) رئيس (المؤتمر الوطني العام) الليبي وتعهده بأن تتعاون حكومته تعاونا تاما. ومن المهم ان تستمر ليبيا الجديدة في التقدم نحو مستقبل سلمي وآمن وديموقراطي".

ودان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الهجوم في بنغازي ، مشيرا الى انه يظهر انه يتعين على موسكو وواشنطن توحيد جهودهما. وقال لافروف في برقية الى نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون بحسب وكالة انترفاكس "ندين بشدة هذه الجريمة التي تظهر مرة اخرى ضرورة ان تبذل جهود مشتركة من جانب بلدينا وكل المجتمع الدولي في مكافحة شر الارهاب تحت كل اشكاله".

ودان رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز الهجوم. وذكر في ختام مناقشة حول "حالة الاتحاد" في البرلمان الاوروبي بأن السفير والموظفين الاميركيين الثلاثة موجودون في ليبيا "لمساعدة البلاد على ان تستعيد السلام والاستقرار والازدهار" ، طالبا من السلطات الليبية "القيام بكل ما في وسعها للقبض على منفذي هذه الجريمة ومحاكمتهم". ودانت مجموعة المحافظين في البرلمان الاوروبي ايضا الهجوم على القنصلية واصفة اياه ب"الهجوم الارهابي".

ودعت فرنسا السلطات الليبية الى "التحرك" و"اعتقال قتلة" السفير الاميركي في ليبيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "لقد تحركنا لإدانة هذه الاعمال الشائنة ولنطلب من السلطات الليبية القيام بكل ما في وسعها لاعتقال القتلة ولا تسمح بحصول هذه التجاوزات المقيتة". واضاف انه بعد نظام معمر القذافي "تم التوصل الى حل جديد في ليبيا ، كنا نعتقد ونأمل في ان نعتقد دائما ان هذا الحل سلمي. لكن ثمة دائما متطرفون يقومون بمثل هذه التصرفات. هذا امر غير مقبول ومن الضروري ان تتحرك السلطات الليبية".

ودعا الاتحاد الاوروبي السلطات الليبية الى الاسراع في اتخاذ تدابير لحماية الدبلوماسيين والموظفين الاجانب الموجودين في ليبيا ، معربا عن ادانته للاعتداء الذي استهدف القنصلية الاميركية. واعربت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون عن "صدمتها العميقة" جراء الهجوم ، ودعت "ليبيا الى الاسراع في اتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية جميع الدبلوماسيين والموظفين الاجانب الذين يعملون في ليبيا" والى السعي الحثيث "لإحالة المسؤولين عن هذه الاغتيالات على القضاء".

من جهة اخرى ، اعرب مسؤول اوروبي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته عن اسفه لإخفاق اجهزة الامن الليبية في تأمين "حماية فعالة" للقنصلية الاميركية ، مشيرا الى ان اتفاقية فيينا تنص على هذا الواجب. ودان رئيس الحكومة الايطالية ماريو مونتي ب "اقسى درجات الحزم" الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي ، قائلا انه يقف "الى جانب السلطات في ليبيا الجديدة الديموقراطية". وقال "ندين بأقسى درجات الحزم هذا التصرف الوحشي". وقدم مونتي تعازيه الى "الرئيس والشعب الاميركيين والى عائلات الضحايا" ، معربا عن اعتقاده بأن السلطات الليبية "لن تدخر جهدا للحؤول دون وقوع ليبيا الجديدة رهينة" القوى المعادية للديموقراطية.

بدوره ، اعرب وزير الخارجية الايطالي جيليو تيرتسي عن "استنكاره" الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي. وطالب بالإسراع في "القاء القبض" على منفذي الهجوم. ودان وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي. وقال خلال زيارة للدوحة "نحن ندين العنف وسوف نقدم دعمنا للسلطات من اجل تحديد هوية المسؤولين واحالتهم امام العدالة". وقال هاموند ان بعض الافعال "يكون لها تداعيات كبيرة ومن مسؤولية كل شخص ان يفكر مليا بالعواقب قبل نشر عمل".

الا انه اعتبر انه "لا يمكن ايجاد اعذار لردود الفعل العنيفة ازاء هذا النوع من الاستفزاز ، والذين يقومون بأعمال العنف هذه يجب ان يحالوا امام العدالة". ودان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الهجوم "الوحشي وغير المعقول" على القنصلية الاميركية في بنغازي.

وقال وزير الخارجية الكندي جون بيرد ان كندا تدين الهجوم "غير المعقول" عل القنصلية الاميركية ، وطلب من الحكومة الليبية "اتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية البعثات الدبلوماسية عملا بالتزاماتها الدولية" و"الحرص على الاسراع في احالة المسؤولين المتطرفين على القضاء".

ودان الفاتيكان "الاهانات والاستفزازات" لمشاعر المسلمين وكذلك اعمال العنف الناتجة عنها. وقال فدريكو لومباردي المتحدث باسم الفاتيكان ان "التبعات الخطيرة للإهانات والاستفزازات غير المبررة لمشاعر المؤمنين المسلمين تظهر مرة جديدة بوضوح في هذه الايام ". واضاف لومباردي في بيان ان هذه الاستفزازات والاهانات "تترتب عليها نتائج مأسوية تعمق بدورها التوترات والحقد وتطلق العنان لأعمال عنف لا يمكن القبول بها اطلاقا"، مؤكدا ان "الاحترام العميق لمعتقدات ونصوص وشخصيات ورموز مختلف الديانات شرط جوهري للتعايش السلمي بين الشعوب".

وفي القاهرة دان رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الفيلم المسيء للنبي محمد معتبرا انه "في منتهى التدني الاخلاقي" ولكنه دعا الى "ضبط النفس". وقال قنديل في مؤتمر صحفي في القاهرة ان "الفيلم المسيء للرسول في منتهى التدني الاخلاقي وجموع الشعب المصري ، بمسلميه ومسيحييه ، يعبرون عن غضبهم ورفضهم لهذه الاساءة والحكومة ستقوم باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بهذا الشأن" ، مضيفا "نناشد شعب مصر العظيم ان يلتزم في التعبير عن الغضب بضبط النفس". وتظاهر ما بين 200 الى 300 شخص من الناشطين الاسلاميين امام السفارة الاميركية في القاهرة احتجاجا على الفيلم. وكان المتظاهرون ، ومن بينهم العديد من السلفيين ، يهتفون "الله اكبر" ويلوحون بأعلام كتب عليها "لا اله الا الله ، محمد رسول الله".

كما بحث اوباما في اتصال هاتفي في التعاون في المجال الامني ، مع الرئيس المصري محمد مرسي الذي اكد ان النبي محمد "خط احمر لا يجوز المساس به" ، لكنه شدد على رفضه العنف. وقال البيت الابيض ان "الرئيس اتصل بالرئيس المصري محمد مرسي لاستعراض الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر وشدد على اهمية متابعة مصر التزامها التعاون مع الولايات المتحدة في ضمان امن المنشآت الدبلوماسية الاميركية والموظفين".

وقدم رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف اعتذارا "للولايات المتحدة والشعب الاميركي" بعد مقتل السفير الاميركي في طرابلس. وقال المقريف ، رئيس اعلى سلطة سياسية في ليبيا ، في مؤتمر صحافي "نعتذر للولايات المتحدة وللشعب الاميركي ولكل العالم عما حدث ونحن والحكومة الاميركية نقف في صف واحد في مواجهة هؤلاء المجرمين القتلة"، واصفا الهجوم على القنصلية ب"الجبان" و"القذر". واضاف المقريف ان "ما حدث بالأمس يتزامن مع 11 ايلول/سبتمبر وله مدلول واضح"، في اشارة الى تنظيم القاعدة الذي تبنى هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

واكد السفير الليبي في الولايات المتحدة علي سليمان الاوجلي ان بلاده ما زالت "في حاجة الى المساعدة" الاميركية مدينا "بشدة" اعمال العنف التي اودت بحياة اربعة اميركيين بينهم السفير الاميركي في ليبيا.  كما دانت باكستان ، ثاني اكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان ، بشدة بث فيلم "شنيع" مثير للجدل حول الاسلام ورد الفعل العنيف عليه الذي كان السبب في مقتل اربعة اميركيين في ليبيا بينهم السفير.

وقالت السلطات الباكستانية في بيان ان "حكومة باكستان تدين بشدة بث فيلم تشهيري في الولايات المتحدة يتضمن افتراءات على الشخصية الكريمة للنبي محمد". واضافت السلطات الباكستانية ان "حكومة باكستان تدين بشدة مقتل السفير الاميركي كريستوفر ستيفنز وافراد من طاقم السفارة في قنصلية بنغازي ... ان افكارنا وصلواتنا تتجه لعائلات الضحايا".

وفي تونس ، اطلقت الشرطة التونسية قنابل مسيلة للدموع لتفريق مئات المتظاهرين السلفيين الذين كانوا يتظاهرون امام مقر السفارة الاميركية في تونس. وتجمع نحو 300 متظاهر بهدوء قبل ان يحاولوا بعد ذلك اقتحام مبنى السفارة الشديد الحراسة ، ما دفع الشرطة الى التدخل. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد الطروش ان الشرطة تدخلت حين اراد المتظاهرون تجاوز السياج الامني الذي اقيم حول جدار السفارة الاميركية. واوضح ان التظاهرة التي ارادت التنديد بفيلم "براءة المسلمين" لم تحصل على ترخيص.

وفي غزة ، تظاهر عشرات الفلسطينيين امام مبنى مقر الامم المتحدة في مدينة غزة وقام المتظاهرون بحرق العلم الاميركي وصور للقس الاميركي تيري جونز الذي اثار ضجة لقيامه بحرق نسخ من القرآن في نيسان/ابريل الماضي ، ورددوا شعارات منها "فداك يا رسول الله". واعتبر خالد الازبط المتحدث باسم حركة المقاومة الشعبية التي دعت الى التظاهرة ان "هذا الفيلم المسيء هو دليل واضح على ان هناك سياسة صهيونية غربية واضحة بالإساءة للإسلام بكل الطرق". وتابع "لا بد ان تكون هناك ردود واضحة على العدو الصهيوني وعلى الغرب ، لن نقف مكتوفي الايدي ولكل فعل ردة فعل".

وأدان رامين مهمان باراست المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية الفيلم أيضا دون أن يذكر الهجمات على البعثات الدبلوماسية. ونقلت عنه وكالة مهر للأنباء قوله إن على الولايات المتحدة "مسؤولية أخلاقية مباشرة" لوقف الاهانات للشخصيات الاسلامية المقدسة. وتواصلت التظاهرات احتجاجا على الفيلم المسىء للنبي محمد. فقد اخلت قوات الامن اليمنية مجمع السفارة الاميركية في صنعاء من المتظاهرين الذين اقتحموا المكان احتجاجا على الفيلم الذي اعتبر مسيئا للاسلام. ويذكر ان قوات الامن المركزي وشرطة مكافحة الشغب انتشرت بكثافة في المكان بعد ان استخدمت الطلقات التحذيرية وخراطيم المياه لإخراج المتظاهرين الذين لم يبدوا مقاومة كبيرة.

كما تظاهر المئات من انصار التيار الصدري في مدينة النجف، جنوب بغداد رفضا للفيلم. وتجمع المتظاهرون عند ساحة ثورة العشرين وسط مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد) تلبية لدعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ، احتجاجا على الاساءة للإسلام والنبي محمد.

وفي الخرطوم قتل متظاهران في الاحتجاجات، حيث أطلق حراس السفارة الامريكية النار في الهواء من على سطح مبنى السفارة لمنع مئات المتظاهرين من الاقتراب منه بعدما تمكن هؤلاء من اجتياز طوق امني اقيم حول المقر. والمتظاهرون الذين يحتجون على فيلم مسيء الى الاسلام انتج في الولايات المتحدة، عمدوا ايضا الى اضرام النار في سيارة شرطة قرب السفارة، وذلك بعد اندلاع مواجهات بينهم وبين قوات الامن اسفرت عن مقتل متظاهرين اثنين.

وكانت قوات الامن السودانية اطلقت القنابل المسيلة للدموع لمنع حوالى عشرة الاف متظاهر من الوصول الى مقر السفارة الاميركية في الخرطوم، بعدما هاجموا السفارتين الالمانية والبريطانية. وندد وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي بالفيلم المسيء الى الاسلام وباعمال العنف التي استهدفت السفارة الالمانية في الخرطوم. وفي لبنان قتل متظاهر في مواجهات دارت في طرابلس كبرى مدن الشمال بين قوى الأمن واسلاميين عمدوا ايضا الى احراق مطعم اميركي للوجبات السريعة احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، وقد اسفرت المواجهات ايضا عن اصابة 25 شخصا بجروح، كما افاد مسؤول في اجهزة الامن. وفي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا بجنوب لبنان، خرج مئات الفلسطينيين من مساجد المخيم في تظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة ، للتنديد بالفيلم المسيء للاسلام.

اما في تونس فاقتحم متظاهرون باحة مبنى السفارة الاميركية بالعاصمة، رغم ان قوات الامن استمرت باطلاق الغاز المسيل للدموع والطلقات التحذيرية لتفريق المحتجين. وتمكن المتظاهرون من اختراق احد اسوار المبنى قرب مرآب السفارة حيث شوهدت سيارات عدة تحترق. واندلع حريق ثان نجم عن القاء زجاجات حارقة في قسم آخر من الارض الفسيحة التي يحتلها مبنى السفارة الاميركية في منطقة ضفاف البحيرة شمال العاصمة التونسية. كما اضرم المتظاهرون النار في مباني تابعة للمدرسة الاميركية القريبة من مبنى السفارة. اما في المغرب فتظاهر نحو مئتي سلفي في مدينة سلا قرب العاصمة الرباط وقاموا بإحراق العلم الاميركي.

وفي اليمن اطلقت الشرطة النار في الهواء لصد متظاهرين كانوا يقتربون من السفارة الاميركية في صنعاء وذلك، غداة مقتل اربعة اشخاص في اقتحام هذا المبنى. وفي هذا الاطار اعلن البنتاغون ان الولايات المتحدة ارسلت فريقا من مشاة البحرية (المارينز) لحماية السفارة الاميركية في صنعاء.

وفي سوريا نظم نحو 200 شخص وقفة احتجاجية امام السفارة الاميركية في دمشق، وفي الاردن شارك نحو الفي شخص في تظاهرة لجماعة الأخوان المسلمين في الاردن وسط عمان واخرى للتيار السلفي الجهادي قرب السفارة الاميركية احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، احرقوا خلالها اعلام الولايات المتحدة.

وفي كينيا تظاهر مئات المسلمين بهدوء في باحة اكبر مساجد مومباسا، ثاني كبرى مدن البلاد، واحرقوا العلم الاميركي لكنهم لم يخرجوا الى الشارع وانفضت تظاهرتهم بسلام. وفي الهند افادت الشرطة ان مئات المتظاهرين المسلمين هاجموا القنصلية الاميركية في مادراس بجنوب شرق الهند، لافتة الى اعتقال 86 شخصا. وفي بنغلادش نزل حوالى عشرة آلاف متظاهر الى شوارع دكا احتجاجا على الفيلم الاميركي ، وقام بعضهم باحراق العلمين الاميركي والاسرائيلي وحاولوا الاقتراب من سفارة الولايات المتحدة.

وفي جاكرتا تظاهر نحو 500 اسلامي احتجاجا على الفيلم معتبرين انه "اعلان حرب" كما وصفه الناطق باسم حزب التحرير الاسلامي الذي دعا الى التظاهر. وفي ماليزيا سار عشرات الأشخاص حتى مقر السفارة الاميركية في كوالالومبور وسلموها رسالة تدعو الى ملاحقة مخرج الفيلم بتهمة ارتكاب "جريمة ضد الانسانية". وفي كشمير الهندية طلب احد اهم مشائخ المسلمين من كل المواطنين الاميركيين "مغادرة المنطقة فورا"، بينما شهدت سريناغار، كبرى مدن الاقليم، تظاهرة لمحامين شارك فيها حوالى سبعمئة محام اطلقوا خلالها شعارات مناهضة للولايات المتحدة. وقد حجب موقع يوتيوب موقع الفيلم عن الهند.

وأفادت الشرطة أن مئات المتظاهرين المسلمين هاجموا القنصلية الاميركية في مدراس في جنوب شرق الهند، لافتة الى اعتقال 86 شخصا. وقال ضابط رفيع في الشرطة رافضا كشف هويته ان المتظاهرين "رشقوا نوافذ القنصلية بالحجارة وحطموها ثم استهدفوا كاميرات المراقبة وحاولوا اجتياز الجدار المحيط بالمبنى قبل ان يتم تفريقهم". بحسب فرنس برس.

وفي نيجيريا، أعلن متحدث باسم الجيش ان جنودا اطلقوا النار في الهواء لتفريق حشد كان يستعد للتظاهر تنديدا بالفيلم المسيء للاسلام قرب مسجد في مدينة جوس بوسط نيجيريا. وقال الكابتن صالح مصطفى ان الجنود "اطلقوا عيارات نارية تحذيرية في الهواء ولم يسقط جرحى"، مقدرا عدد المحتجين ببضع مئات يرفعون "لافتات تدين الولايات المتحدة". وخرج المتظاهرون من مسجد يانتايا في جوس وهو مسجد يتبع للتيار الوهابي، وحاولوا الانطلاق في مسيرة احتجاجية خارجه الا ان الجيش كان لهم بالمرصاد اذ نشر طوقا حول المسجد ومنع خروج المتظاهرين منه.

نبذة عن السفير

تولى السفير الامريكي لدى طرابلس جون كريستوفر ستيفنز منصبه في 22 أيار/مايو. وكتب ستيفنز في بيان له بعد تعينه انه "فخور جداً" باختياره لتولي هذا المنصب الرفيع. واشاد الرئيس الامريكي باراك اوباما بستيفنز ووصفه بأنه "رجل شجاع ومثال يحتذى به" ، مضيفاً "خلال الثورة الليبية ، عمل ستيفنز جاهداً لخدمة بلده والشعب الليبي خلال مهمته في بنغازي".

وتولى ستيفنز منصبين في ليبيا قبل مقتله ، وهما نائب مسؤول البعثة الامريكية في ليبيا بين عامي 2007 الى 2009 والمبعوث الامريكي للمجلس الوطني الليبي الانتقالي خلال ثورة الربيع العربي في ليبيا في عام 2011 . وتقلد ستيفنز العديد من المناصب في واشنطن بما فيها منصب مدير مكتب شؤون الشرق الادنى في وزارة الخارجية الامريكية.

ولد جون كريستوفر ستيفنز في شمال كاليفورنيا وعمل محامياً مختصاً بالشؤون التجارية الدولية في واشنطن قبل ان ينضم الى الخارجية الامريكية في عام 1991. يجيد ستيفنز اللغة العربية والفرنسية وقد نشر العديد من المقالات في القدس ودمشق والقاهرة. ووصف ستيفنز في تسريبات ويكيليكس الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي انه "متقلب ومشهور بسمعته السيئة" مضيفاً انه قد يكون "محاورا جيدا". بحسب بي بي سي.

وفي فيديو على "اليوتيوب" ، تحدث ستيفنز حال توليه منصب السفير الامريكي في ليبيا عن تجربته كمتطوع في شمال افريقيا بعد تخرجه من الجامعة. وسبق ان عمل ستيفنز مدرساً لمادة اللغة الانجليزية في المغرب. وعلى احدى صفحات الانترنت التي تعود للمتطوعين السابقين في (بيس كورب) ، وصفته جوان موير بأنه "دبلوماسي محنك". واضافت موير: "لقد تمتع بشخصية مميزة وكان يستمع لجميع الناس".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/أيلول/2012 - 28/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م