اجتماع الرباعية حول سورية.. لو صدقت النوايا؟

زياد ابوشاويش

عقد في القاهرة في العاشر من الشهر الجاري لقاء لجنة المتابعة الرباعية التي اقترحها الرئيس المصري محمد مرسي بهدف بحث السبل الكفيلة بحل المعضلة السورية ووقف إراقة الدماء.

وكان السيد مرسي قد اقترح أن تتكون لجنة المتابعة من مصر وتركيا والسعودية وإيران التي اعتبرها جزءاً من الحل وليس من المشكلة كما يصفها الطرف المعادي للحكومة السورية.

وفي معرض الإعلان عن الاجتماع قال الناطق باسم الخارجية المصرية: " مصر ستركز على الخروج بتوافق حول عدد من الثوابت أهمها، الوقف الفوري لأعمال القتل والعنف، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، ورفض التدخل العسكري الخارجي في سوريا، وضرورة إطلاق عملية سياسية بمشاركة مختلف أطياف الشعب السوري ومكوناته وصولا لتحقيق آمال وتطلعات الشعب في الديمقراطية والحرية والكرامة وفى نظام سياسي ديمقراطي وتعددي، ومساندة الجهود العربية والدولية المختلفة الهادفة لمعالجة الأزمة، بما في ذلك مهمة المبعوث العربي/الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي". وأوضح في معرض حديثه عن الاجتماع بأنه سيضم كبار المسؤولين في وزارات الخارجية للبلدان المذكورة تمهيدا لاجتماعات لاحقة على مستوى الوزراء ومن ثم على مستوى الرؤساء إن كان ذلك يدفع العملية للأمام.

إن ما أعلنه الناطق باسم الخارجية المصرية حول أهداف الاجتماع تختلف في جوهرها عما قاله السيد مرسي في خطابيه بطهران والجامعة العربية ولذلك يمكننا أن نعلن تفاؤلنا باللجنة وبعملها لاحقاً رغم أنها تضم دولاً تدعم الإرهاب في سورية وتشجع المعارضة على استمرار القتال وتقدم لها كل وسائل الدعم وتحرضها على رفض الحوار مع الدولة والنظام في سورية وهذه معروفة للجميع، فالسعودية التي تعلن صباح مساء مساندتها للمواجهة العسكرية مع الحكومة السورية وتقدم المال والسلاح للمقاتلين المناوئين للسلطة والخارجين على القانون من كل الجنسيات كما أنها تحرض على الصعيد الدولي من أجل التدخل العسكري في سورية تحت البند السابع، ولا تكل من ترداد رواية المعارضة الأشد راديكالية والمرتبطة بأجندات خارجية التي يعرفها الشعب السوري بأنها معارضة غير وطنية ومشبوهة. أما الدولة الأخرى تركيا فهي الحاضنة الجغرافية والسياسية للجيش الحر والإرهابيين القادمين من الدول المختلفة كما أنها تفتح لكل من هب ودب أراضيها لإنشاء معسكرات التدريب على السلاح بغية إرسالهم لسورية من أجل تأجيج القتال والعمل على إسقاط سورية الوطن والدولة وليس النظام كما تزعم.

وفي مصر فقد لوحظ أيضاً أن قادة الإخوان والسلفيين يقدمون المساندة المعنوية والاجتهادات الدينية لتشريع القتال ضد الحكومة والجيش السوري تحت مبررات خاطئة ومنحرفة، وفي أحسن الحالات يقولون لك أنهم لا يستطيعون منع الشباب من "الجهاد" وأن هذا الأمر شخصي، ولنا عودة لموضوع المرتزقة القادمين من مصر في مقال آخر.

إذن نحن أمام مشكلة تتعلق بدور وموقف ثلاث دول من أصل أربعة دول لها موقف منحاز منذ البداية وتمارس انحيازها عملياً، وحتى لا يتهمنا أحد بتجاهل موقف إيران الداعم للحكومة والقيادة السورية فإننا نرى هذا بوضوح مع الفارق في أن إيران تدعم النظام لكنها لا تحرضه على الاستمرار في القتال ضد المعارضة بل تدعو باستمرار لوقف العنف واللجوء للحوار، بل وتبدي استعدادها للمشاركة في أي جهد من أجل وقف النزيف في سورية وهذا شيء وسلوك مختلف عن التحريض على القتل وتقديم وسائله للمعارضة.

إن من الأهمية بمكان تحديد الفواصل والتخوم بين مواقف الدول السياسية وقدرتها على لعب دور الوسيط النزيه الساعي حقاً لتطبيق الأهداف والغايات التي أعلن عنها الناطق باسم الخارجية المصرية، وهل يمكن عبر اللقاءات والحوار الوصول لقواسم مشتركة حول السعي بحياد إلى تعبيد الطريق أمام وقف القتال والبدء في الانتقال السلمي للسلطة باتجاه أكثر انفتاحاً وديمقراطية؟ إن معيار المصداقية الرئيس هنا يرتبط بالامتناع عن دعم المعارضة عسكريا والتوقف عن تحريضها على رفض الحوار مع السلطات السورية والحكومة التي ستكون بعد نجاح مهمة لجنة المتابعة انتقالية وتجري عملية المصالحة المطلوبة للبدء في الحل.

في مطلق الأحوال تلعب المصداقية والنوايا الحسنة الدور الحاسم في نجاح خطة الرئيس المصري، وهذه ستكون خطوة تعزز الدور المصري عربياً ودولياً كما ستثبت أنه بإمكان الدولة العربية الأكبر مصر ومعها السعودية أن توقف نزيف الدم في الشقيقة سورية وليس في تأجيج الصراع وتفخيخ الحل عبر اقتراحات وعنتريات لا تقدم أي خدمة للشعب السوري وقضيته.

Zead51@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/أيلول/2012 - 28/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م