الفيلم المسيء يشعل ثورات الغضب في العالم الاسلامي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: اثار فيلم "براءة المسلمين" المسيء للاسلام موجة احتجاجات غاضبة عمت العالمين العربي والاسلامي، وقد لقي هذا الفليم استنكارا شديدا من قبل ملايين المسلمين في  جميع أنحاء العالم الإسلامي، واشعل فتيل الاحتجاجات في كل من مصر وليبيا بدايةً، وقد أخذت الاحتجاجات طابعا دمويا في ليبيا إذ أسفرت عن مقتل عدد من الأمريكيين بينهم السفير مما سبب صدمة كبيرة للغرب، وتتوالى ردود الأفعال الرسمية والشعبية في البلاد العربية والإسلامية على عرض فيلم أميركي مسيء للنبي المسلمين جميعا، واشعلت الدعاية له الشارع الاسلامي في عدد من البلدان بينها مصر وليبيا وتونس والجزائر واليمن والعراق وايران وغيرها من الدول والمؤسسات والمنظمات، ومما ادى الى ايقاد فتيل أزمة جديدة بين المسلمين والغرب، وربما يكون ناتج من منطق صراع الحضارات، الذي لا يزال هو المنطق الذي يحكم العلاقة بين الإسلام والغرب وأن للمتطرفين والمتشددين على الجانبين مصلحة مشتركة في إبقاء جذوة هذا الصراع، وتمثل هذه الأزمة اختبارا مهما للحكام الجدد لبلدان الربيع العربي في إظهار مدى إحكام قبضتهم على دولهم وتحجيم دور الإسلاميين المتشددين الذين يجهرون بالعداء للدبلوماسيين. 

ومن الواضح أن مبدأ محتوى الفيلم، يظهر بأنه عمل عدواني عنصري ويغرس براثن الحقد والكراهية في جسم الاسلام والمسلمين، والدليل بانه من انتاج واخراج وتمويل الإسرائيلي وتشترك فيه 100 شخصية يهودية والمروج له من أقباط المهجر المصريين، وكذلك القس الأمريكي المتطرف تيري جونز، لذا فإن كل هذه المعطيات توضح الاهداف البشعة التي يهدف الى اثارتها  ونشرها هذا الفليم من اجل تشويه صورة الاسلام وزرع الفتنة بين المسلمين، مما يعني انه هدف اسرائيلي متطرف، لاثارة الفوضى في انحاء العالم الاسلامي من خلال المساس بمقدساتهم.

مصر

فقد تجددت الاشتباكات في محيط السفارة الأمريكية بالقاهرة بعدما رشق مئات المتظاهرين قوات الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة احتجاجا على فيلم يسيء إلى النبي محمد أنتج في الولايات المتحدة، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق مئات المتظاهرين بعد يوم من اعتلاء محتجين أسوار مجمع السفارة وقيامهم بإنزال العلم الأمريكي وتمزيقه وإحراقه، وامتدت الاشتباكات بين قوات الأمن المصرية والمتظاهرين إلى شوارع جانبية قرب مبنى السفارة وإلى ميدان التحرير، مهد الانتفاضة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في يناير كانون الثاني 2011، وأضرم متظاهرون النار في سيارة تابعة للشرطة بالقرب من السفارة. وتفحمت سيارة الشرطة وفر شرطي كان يستقلها. واغلقت كل الشوارع المؤدية إلى السفارة.

وتوجه الرئيس المصري إلى بروكسل في أول زيارة يقوم بها لأوروبا منذ انتخابه في يونيو/حزيران الماضي، واكد الرئيس مرسي في خطاب الى الأمة ادانته الفيلم المسيء للاسلام الذي اثار بثه موجة احتجاجات عمت العالمين العربي والاسلامي، مشددا على ان "الرسول الكريم خط احمر لا يجوز المساس به"، داعيا في الوقت نفسه الى نبذ العنف، وقال الرئيس في كلمة بثها التلفزيون المصري ان "المقدسات الاسلامية والرسول" تشكل "خطا احمر بالنسبة لنا جميعا نحن المسلمين .. نحن المصريين جميعا نرفض اي نوع من انواع التعدي او الاساءة الى رسولنا محمد" الذي "نفديه كلنا بكل ارواحنا ومهجات قلوبنا"، وتابع مرسي الذي يقوم بزيارة الى بروكسل، في كلمته المسجلة "لا نقبل ونعادي من يتعدي بالقول او الفعل او اللفظ علي رسولنا، هذا امر مرفوض من كل المسلمين ومن كل المصريين"، واضاف "انا اعبر عن الشعب المصري كله، وادين واتصدى لكل من يحاول او من يتكلم او يفعل او يمارس اي نوع من انواع الاساءة الى رسولنا"، او الى "اي من مقدساتنا الاسلامية"، وأوضح مرسي أن "التعبير عن الرأي وحرية التظاهر والاعلان عن المواقف مكفول ولكن بغير تعد علي الممتلكات الخاصة والعامة او على البعثات الدبلوماسية او على السفارات."

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط في بيان عن وزارة الصحة ان الاشتباكات التي وقعت في الشوارع المؤدية إلى مبنى السفارة اسفرت عن إصابة 16 شخصا وان جميع المصابين حالتهم مستقرة، وأضافت الوكالة نقلا عن مصدر أمني أن قوات الأمن اعتقلت 12 شخصا من المتظاهرين ويجري اتخاذ كافة الاجراءات القانونية حيالهم، ولواشنطن بعثة دبلوماسية كبيرة في مصر فيما يرجع بين اسباب اخرى إلى برنامج للمساعدات أعقب توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1979. وتقدم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية لمصر قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا ومساعدات اخرى. بحسب البي بي سي.

وكانت قوات الأمن المصرية قد تصدت لمحاولة جديدة لاقتحام السفارة الأمريكية وألقت القبض على اثني عشر متظاهرا من "مثيري الشغب" واتخذت الإجراءات القانونية حيالهم، بحسب بيان من وزارة الداخلية المصرية، وأنشأت القوات سياجا حول السفارة وحالت دون اقتراب متظاهرين يحتجون على فيلم يسيء لنبي الإسلام من أسوارها، وكان متظاهرون إسلاميون قد تمكنوا قبل يومين من اقتحام السفارة ورفع أعلام كتبت عليها الشهادتان.

وقال شاهد عيان لبي بي سي إن أعداد المتظاهرين تزايدت في ساعات الصباح الباكر كما أن عمليات الكر والفر متواصلة، وأفاد بسقوط عدد من المصابين قدره بخمسة وعشرين، وقال أحد المشاركين في الاعتصام لبي بي سي إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع والعصي لتفريقهم كما رشقتهم بالحجارة. وأوضح أن الاحتجاج لا يسيطر عليه تيار محدد ولم تشارك فيه جماعة الإخوان المسلمين، وأشار إلى أن هدف الاعتصام هو وقف عرض فيلم مسيء للنبي محمد في الولايات المتحدة وإغلاق السفارة وطرد السفير، وقال محمود الطباخي وهو صحافي مصري موجود في موقع الأحداث لبي بي سي إن هناك دعوات لمظاهرة ضخمة يوم الجمعة احتجاجا على الفيلم المسيء. ونفى أن يكون المتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة حيث لم تسمح لهم قوات الأمن الاقتراب من محيطها، وقد أصدرت الداخلية المصرية بيانا أعلنت فيه إصابة ثلاثة ضباط وأحد عشر مجندا، واتهم البيان المتظاهرين بإحراق سيارتي شرطة خلال مرورهما في شارع بمحيط السفارة بعبر إلقاء الزجاجات الحارقة "مما دعا القوات التعامل معهم لإبعاد المتظاهرين وإطفاء السيارتين "، ودعت وزارة الداخلية المتظاهرين التعبير عن مشاعر غضبهم بصورة سلمية وتناشد الرموز الوطنية التدخل لتهدئتهم حفاظاً على الأمن والإستقرار ومصالح البلاد الوطنية ، يذكر أن السلطات المصرية أزالت في أواخر يونيو / تموز الماضي الحواجز الأمنية التي كانت تمنع المرور في محيط السفارتين البريطانية والأمريكية، تنفيذا لحكم قضائي صدر قبل أيام من تسلم الرئيس المصري محمد مرسي مقاليد الحكم، وأبلغت وزارة الخارجية المصرية حينذاك السفارتين بأن الحكومة المصرية ملتزمة بتنفيذ حكم نهائي صدر عن القضاء الإداري بإزالة الحواجز "لتتسببها في إغلاق عدد من الشوارع بمنطقة غاردن سيتي" بوسط القاهرة.

اليمن

على الصعيد نفسه اقتحم متظاهرون غاضبون مقر السفارة الأميركية في صنعاء احتجاجا على الفيلم الأميركي الذي اعتبر مسيئا للاسلام وللنبي محمد للنبي وأضرموا النار في باحتها، ونقل موقع "براقش نت" عن شهود قولهم ان المتظاهرين أحاطوا بالسفارة الأميركية وان بعضهم تمكنوا من تسلق أسوارها وسط إطلاق نار كثيف من قوات الأمن، وأضاف الموقع ان حريقا اندلع في باحة السفارة وان الدخان يتصاعد من مبناها الواقع في حي سعوان بصنعاء، وأشار الموقع الى ان "مصابين سقطوا جراء اقتحام السفارة وان الحريق ناجم عن إضرام النيران في سيارات في حوش السفارة الذي يقع فيها أيضا منزل السفير الأميركي"، وأضاف ان "تعزيزات أمنية وصلت الى محيط السفارة وتستخدم الأسلحة الرشاشة المتوسطة لتفريق المتظاهرين .. فيما اعتقلت عددا من الذين تسللوا الى حرم السفارة وان بعضهم مصاب بالرصاص حسب المعلومات الأولية، غير ان المتظاهرين نجحوا في إجبار قوات الأمن على التراجع". بحسب يونايتد برس.

وقال مصدر في وزارة الداخلية ان الوزير عبد القادر قحطان توجه الى مقر السفارة للإشراف "على الخطة الأمنية الخاصة بالدفاع عن السفارة الأميركية من المتظاهرين"، يذكر ان هجوما بالصواريخ استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي خلال احتجاجات على فيلم من إنتاج أميركي أعتبر مسيئا للإسلام ،أدى إلى مقتل السفير وثلاثة دبلوماسيين آخرين وحراس أمنيين ليبيين.كما استمرت الاحتجاجات أمام السفارة الأميركية في القاهرة حتى الفجر احتجاجاً على الفيلم الذي اعتبر مسيئا للإسلام، يشار إلى أن الفيلم وهو بعنوان "براءة المسلمين" أخرجه وأنتجه في الولايات المتحدة سام باسيل (54 عاماً) وهو مخرج هاو إسرائيلي ـ أميركي من جنوب كاليفورنيا ويدير شركات عقارية وهو من أشد المناهضين للدين الإسلامي ويعتبره دين الكراهية، وتردد أن عددا من المسيحيين المصريين المقيمين بأميركا ساهموا في إنتاجه.

الجزائر

فيما أعربت الجزائر عن استيائها من الفيلم الأميركي الذي اعتبر مسيئا للإسلام والنبي محمد، ووصفته بالاستفزازي هدفه تأجيج الحقد والتوتر، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني في بيان نشر إنه "انطلاقا من تمسك الجزائر العميق بالوئام بين مختلف العقائد واحترام جميع الديانات تعرب الجزائر عن أسفها الشديد للا مسؤولية أصحاب فيلم (براءة المسلمين) الذي يسيء للإسلام ورسوله "، واعتبر البيان أن "المساس بالرموز الدينية المقدسة أيا كانت لا يمكنه إلا إثارة الشجب والاستياء إذ أن هذه الاستفزازات تهدف إلى تأجيج الحقد والتوترات وإعاقة الجهود المبذولة على المستوى الدولي في إطار حوار الحضارات والديانات". بحسب يونايتد برس.

إلى ذلك، عززت السلطات الأمنية الجزائرية إجراءاتها الأمنية بالقرب من السفارة الأميركية بالعاصمة الجزائرية، بعد إطلاق ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات الى تنظيم احتجاجات ضد الفيلم أمام مقر السفارة، ودعت حركة النهضة المعارضة الحكومة الجزائرية إلى استدعاء السفير الأميركي للتعبير عن احتجاج الجزائر عن هذا ''الفعل الإجرامي".

من جهة أخرى وجه وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي برقية تعزية لنظيرته الأميركية هيلاري كلينتون عقب مقتل السفير الأميركي في ليبيا، إلى جانب ثلاثة موظفين آخرين يعملون بقنصلية بنغازي التي تعرضت لهجوم بقذائف ار بي جي احتجاجا على الفيلم المذكور.

تونس

كما احتشد العشرات من الشباب أمام مقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية احتجاجا على الفيلم المسيء للنبي محمد والإسلام، وذكرت تقارير إعلامية أن محتجين محسوبين على التيار السلفي رفعوا الرايات السوداء واحتجوا أمام مقر السفارة على خلفية إنتاج فيلم مسئ للنبي في الولايات المتحدة، وقال راديو "شمس اف ام" إن السلطات التونسية دفعت بتعزيزات أمنية كبيرة حول موقع السفارة، وأشعل الفيلم الأمريكي للمخرج سام بازل احتجاجات واسعة في مصر وليبيا، وقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز وثلاثة موظفين في هجوم استهدف مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي. بحسب يونايتد برس.

العراق

من جهة أخرى تظاهر المئات من انصار التيار الصدري في العراق ببغداد والنجف والكوت رفضا للفيلم المسيء للاسلام الذي اثار موجة عنف مناهضة للاميركيين في العديد من الدول الاسلامية، وتجمع المتظاهرون عند ساحة ثورة العشرين وسط مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد) تلبية لدعوة الصدر، وردد المتظاهرون الذين حملوا اعلاما عراقية وصورا للصدر "كلا كلا امريكا .. كلا اسرائيل" و"خيبر خيبر يا يهود ..جيش محمد سوف يعود"، كما ردد المتظاهرون بالانكليزية "داون (تسقط) ..داون امريكا ..داون داون اسرائيل"، وحمل المتظاهرون كذلك لافتات كتب على احداها "الحوزة الشريفة تستنكر الاعتداء الاثم والجبان على مقام الرسول الاكرم"، ووزع خلال التظاهرة بيان صادر عن مكتب الصدر طالب "الحكومة العراقية باستدعاء السفير الاميركي في بغداد (...) وعدم استقبال الضيوف او اي زائر اميركي في العراق"، وطالب البيان ايضا "مجلس النواب العراقي بسن قانون يمنع التعامل مع هكذا دول تسيء للاسلام وللرسول الاكرم"، داعيا "المؤسسة الدينية المسيحية الى ردع هذه التصرفات ومنعها"، ورافقت التظاهرة اجراءات امنية مشددة من قبل الشرطة. بحسب فرانس برس.

وفي مدينة الصدر في بغداد، تظاهر الالاف من انصار التيار الشيعي بينهم اعضاء في مجلس النواب ومراجع دينية، وقام المتظاهرون خلال التظاهرة التي استمرت نحو ساعة بحرق العلم الاميركي، والقى شيخ يدعى علي العطواني كلمة خلال التظاهرة طالب فيها ب"عدم تكرار هذه الاعمال المشينة والا سيكون عندها لكل حادث حديث"، ودعا "الحكومة العراقية الى غلق السفارة الاميركية وتقديم اعتذار من الحكومة الاميركية الى الامة العربية والاسلامية"، كما ناشد "الدول العربية بان تغلق السفارات الاميركية في بلدانها"، وحمل المتظاهرون لافتات كتب على احداها "الموت لاميركا عدوة الشعوب"، في موازاة ذلك خرج العشرات من انصار التيار الصدري في مدينة الكوت (160 كلم جنوب بغداد) رفضا للاساءة ذاتها، وتجمع المتظاهرون امام مقر مبنى مجلس المحافظة مرددين "كلا كلا للسكوت "، وقال انور السماك احد المشاركين في التظاهرة "بعيدا عن السياسة، نرفض الاساءة للرسول الاكرم من قبل اعداء الاسلام".

حزب الله

من جانبه وصف حزب الله، الفيلم المسيء للنبي محمد وتسبّب باحتجاجات في عدة بلدان عربية وإسلامية، بأنه عمل "لا أخلاقي ومشبوه"، وقال الحزب في بيان، إن "الفيلم الذي عُرض في الولايات المتحدة مؤخراً بتمويل من شخصيات يهودية وأقباط متطرفين مصريين، وجرى التعرّض فيه لشخصية الرسول الأكرم محمد، هو عمل لا أخلاقي يمثل أعلى درجات العدوان على أرفع حق من حقوق الإنسان المتمثلة باحترام معتقداته ومقدساته فضلاً عن احترام مشاعره"، وأضاف أن الفيلم أيضاً "عمل مشبوه يقف وراءه ممولون من غلاة ومتطرفين أقباط ويهود، يستهدف تغذية نار الكراهية، ورفع منسوب التوتر بين المسلمين والأقباط في مصر لاستدراجهم إلى الفتنة الملعونة"، وقال إن هذه الأعمال "هي ترجمة لسياسات مرسومة، وليست تعبيراً عن حالات فردية، تعكس الموقف الحقيقي للحلف الصهيوني ـ أميركي من الإسلام والمسلمين"، ورأى أن "بيانات الشجب الرسمية الأميركية لم تعد تنطلي على أحد". بحسب يونايتد برس.

وتساءل الحزب "أين هي الجامعة العربية؟ وأين هي منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وأين هي الشعوب الإسلامية من هذه الإساءات المتكررة؟ فضلاً عن منظمات حقوق الإنسان، والأمم المتحدة المطالبة اليوم بإصدار قوانين تجرّم أعمالاً كهذه أسوة بالقوانين التي تجرّم معاداة السامية"، ودعا الى "وقفة إسلامية ـ مسيحية على أعلى المستويات تدفع بهذا الاتجاه".

حكومة حماس

من جهتها أدانت الحكومة الفلسطينية المقالة، التي تديرها حركة حماس، الفيلم المنتج في الولايات المتحدة الذي يسيء إلى النبي محمد واعتبرته جريمة وإهانة للدين الإسلامي، وقال الناطق باسم الحكومة طاهر النونو في تصريحٍ تلقت يونايتد برس انترناشونال نسخة منه، "نستنكر الفيلم المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونؤكد رفضه أخلاقياً ودينياً"، واعتبر أنه" يمثل خروجاً على كل القيم الإنسانية ويشكل جريمة وإهانة لديننا وعقيدتنا وأمتنا". بحسب يونايتد برس.

إيران

في حين أدانت إيران، الفيلم المنتج في الولايات المتحدة الذي يسيء إلى النبي محمد وأعربت عن تضامنها مع مشاعر الأمة الإسلامية، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "ارنا" عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، قوله إن عرض الفيلم الأميركي المسيء للرسول هو "إجراء مستهجن" وقال، إن "إيران تدين بقوة الإساءة إلى المقدسات الإسلامية وتعلن تضامنها مع مشاعر الأمة الإسلامية التي جرى المساس بها"، وقال مهمانبرست إن "الحكومة الإيرانية وفي إطار تحذيراتها السابقة تؤكد بأن الصمت الممنهج والمستمر للحكومة الأميركية تجاه هذه الممارسات المستهجنة والتي تجري في سياق مناهضة الإسلام يعتبر العامل الأساس في استمرار مثل هذه الممارسات". بحسب يونايتد برس.

وأكد أن الحكومة الأميركية وفضلاً عن التزاماتها الحقوقية تتوجب عليها مسؤولية مباشرة من الناحية الأخلاقية أيضاً لوقف هذه الوتيرة الخطيرة من نشر الكراهية الثقافية والإساءة إلى مقدسات الأمة الإسلامية السامية.

أنتاج إسرائيلي

على الصعيد نفسه ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الفيلم الذي كان وراء المظاهرات العنيفة المعادية للأميركيين في مصر وليبيا والتي أوقعت قتيلا على الأقل في بنغازي، أخرجه وأنتجه إسرائيلي أميركي ووصف فيه الإسلام بأنه "سرطان"، وقالت الصحيفة إن الفيلم "براءة المسلمين" أخرجه وأنتجه سام بازيل وهو إسرائيلي أميركي (54 عاما) ينحدر من جنوب كاليفورنيا ويدير شركات عقارية، وقال بازيل للصحيفة إن "الإسلام سرطان". وأكد أنه هو الذي يقف وراء الفيلم، مشيرا إلى أنه جمع خمسة ملايين دولار من مائة يهودي لم يحدد هوياتهم لتمويل الفيلم، وأوضح أنه عمل مع 60 ممثلا وفريق من 45 شخصا لإخراج الفيلم خلال ثلاثة أشهر العام الماضي في كاليفورنيا. وقال "إنه فيلم سياسي وليس فيلما دينيا"، وحصل الفيلم على دعم القس الأميركي المثير للجدل تيري جونز الذي أثار ضجة من خلال حرقه نسخا من المصحف الشريف في أبريل/ نيسان الماضي، وقال جونز في بيان عن الفيلم "إنه إنتاج أميركي لا يهدف إلى مهاجمة المسلمين ولكن إلى إظهار العقيدة المدمرة للإسلام".

حجب الفيلم من قبل جوجل

من جانب أخر قال موقع يوتيوب المملوك لشركة جوجل إنه لن يزيل مقطعا من فيلم يسخر من النبي محمد اثار احتجاجات مناهضة للولايات المتحدة في مصر وليبيا لكن الموقع منع الوصول إلى المقطع في هذين البلدين، وقتل السفير الأمريكي وثلاثة دبلوماسيين اخرين في هجوم على القنصلية الامريكية، وقالت جوجل في بيان "هذا الفيديو -المتاح بشكل واسع على الانترنت- يتماشى بوضوح مع قواعدنا الاسترشادية ولهذا سيبقى على يوتيوب، "لكن نظرا للموقف البالغ الصعوبة في ليبيا ومصر فقد حجبنا مؤقتا الوصول اليه في هذين البلدين. قلوبنا مع اسر الاشخاص الذين قتلوا في هجوم في ليبيا. بحسب رويترز.

والمقطع الذي مدته 13 دقيقة مأخوذ من فيلم بعنوان "براءة المسلمين Innocence of Muslims" اخرجه رجل يصف نفسه بانه يهودي اسرائيلي مقره كاليفورنيا واسمه سام باسيل، وقال أيمال مرجان مدير عام وزارة تكنولوجيا المعلومات في افغانستان"طُلب منا إغلاق موقع يوتيوب أمام المواطنين الأفغان حتى إزالة الفيديو.

الجامعة العربية

في الوقت ذاته أدانت جامعة الدول العربية، الإساءة إلى الرسول محمد من خلال فيلم سينمائي أنتجه بعض أقباط المهجر بالولايات المتحدة الأميركية، ووصف نائب الامين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي، في تصريح للصحافيين مساء اليوم، إنتاج الفيلم المسيئ إلى الرسول العربي والذي حمل اسم "محمد نبي الإسلام"، بالاستفزازي والمرفوض والمدان، مشدِّداً على أن احترام المقدسات والرموز الدينية هو مبدأ أساسي أقرته الأمم المتحدة، وأضاف بن حلي أن هناك قراراً في الأمم المتحدة يُدين أي أعمال تمس المقدسات أو تمس الرموز الدينية، "فما بالك بالرسول صلى الله عليه وسلم، فلهذا نحن ندين مثل هذه الأعمال التي أدانها المنصفون من الأديان السماوية". بحسب يونايتد برس.

وتسبب قيام عدد من أقباط المهجر برئاسة المحامي موريس صادق رئيس ما يُعرف بـ "الهيئة العُليا للدولة القبطية"، بإنتاج فيلم سينمائي يسيئ للرسول محمد، في ردود أفعال واسعة حيث أدانت مختلف الفعاليات المصرية وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الكاثوليكية والإنجيلية والبروتستانتية ذلك الفيلم الذي بدأ عرضه بدور السينما الأميركية اليوم بالتزامن مع ذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة الأميركية.

مثلو الفيلم المعادي للإسلام: المنتج خدعنا

من جهتم قال نحو 80 من أفراد الطاقم المشارك في صنع الفيلم الذي أثار جدلا كبيرا في العالم الإسلامي، إنهم تعرضوا "للتضليل" بشأن نوايا الفيلم، معربين عن أسفهم لأعمال العنف الناجمة عن ذلك، وعبر أفراد طاقم العمل، الذي حمل عنوان "براءة المسلمين" في تصريح لـCNN عن أن "أفراد الطاقم بأكمله يشعرون بالإستياء وأنه جرى استغلالهم من قبل المنتج، وأضافوا في بيان أرسل إلى CNN من قبل عضو من الطاقم طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "نحن بكل تأكيد لا نقف وراء هذا الفيلم.. لقد تعرضنا لتضليل كبير بشأن نواياه والهدف منه، وتابع البيان: "لقد صدمنا بالتغيير الجذري وإعادة كتابة السيناريو والأكاذيب التي أخبرت لجميع المشاركين في الفيلم.. نحن نشعر بحزن عميق بسبب المآسي التي حدثت، وقتل أربعة أمريكيين، بما في ذلك سفير الولايات المتحدة إلى ليبيا، كريس ستيفنز، وسط ضجة إقليمية بسبب الفيلم الذي قيل إنه يسخر من نبي الإسلام، ووصفت دعوة للعمل في الفيلم نشرت في يوليو/تموز 2011 بمجلة "باك ستيج" بأن العمل، الذي حمل آنذاك عنوان "محارب الصحراء،" هو مجرد "فيلم حول المغامرة الصحراوية التاريخية العربية، وقالت ممثلة في الفيلم، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن السيناريو الأصلي لم يتضمن اسم النبي محمد، مضيفة أنها وغيرها من الطاقم اشتكوا من تغيير النص، وأشارت الممثلة إلى أنها تحدثت مع منتج الفيلم، الذي قالت إنه يدعى سام باسيل، وأكد لها أنه كتب السيناريو لأنه "يريد من المسلمين الكف عن القتل،" موضحة أنه "لم يكن لديها أي فكرة عما كان يقوم به، وأيد عضو آخر في طاقم العمل كلام الممثلة، وقال إن نسخة من السيناريو الأصلي لا تأتي على ذكر اسم النبي محمد، أو الإسلام.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن منتج الفيلم سام باسيل، وهو أمريكي إسرائيلي، قوله إن فيلمه "جهد سياسي يهدف إلى لفت الانتباه إلى النفاق الإسلامي،" مضيفا أن "الإسلام هو كالسرطان، ولم تتمكن شبكة CNN من الاتصال بباسيل، ولا يمكنها التحقق من أنه أنتج أو أخرج الفيلم المثير للجدل، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها لا تعرف من هو باسيل، وأضافت: "هذا الرجل مجهول تماما.. وعند هذه النقطة لا يمكن لأحد أن يؤكد أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية، وحتى لو أنه يحملها فنحن لا دخل لنا، وأشار المتحدث باسم الوزارة، ايغال بالمور: "ليس هناك أي مؤسسة إسرائيلية، ولا الحكومة لديها أي علم أو مشاركة في هذا (الفيلم).. هذا الرجل تصرف بالأصالة عن نفسه."

في الوقت ذاته قال فريق عمل الفيلم المسيء للنبي محمد، إن منتج الفيلم ضللهم وغيّر نص الفيلم الأساسي الذي مثلوا فيه والذي كان عن الحياة في مصر قبل ألفي عام ولم يكن عن النبي ولا عن الإسلام، وقال الممثلون وفريق عمل فيلم "براءة المسلمين" الذي أشعل احتجاجات في العالم العربي لأنه اعتبر مسيئاً للنبي، والبالغ عددهم 80 شخصاً، في بيان نشرته "سي أن أن" إنهم "غاضبون جداً ويشعرون أنهم استغلوا من قبل المنتج"، وأضاف البيان "نحن بالكامل لسنا وراء الفيلم وتم تضليلنا حيال نواياه وأهدافه.. لقد صدمنا من التعديلات الجذرية في نص الفيلم والأكاذيب التي قيلت لنا.. ونحن مصدومون من المآسي التي وقعت"، وقالت سيندي لي غارسيا لموقع "غاوكر" إنها وفريق العمل في الفيلم قيل لهم أن المشروع هو عن الحياة في مصر قبل ألفي عام. بحسب يونايتد برس.

وأشارت إلى أنه "لم يكن يستند إلى أي شيء يتعلق بالدين بل كان فقط عن الحياة في مصر ولم يكن عن (النبي) محمد ولا عن المسلمين"، وقالت إن الفيلم الذي مثلت نصه في يوليو/تموز 2011 كان يحمل إسم "مقاتلو الصحراء" وكان البطل فيه والذي يلعب دور النبي محمد في الفيلم الذي أثار الضجة، يحمل إسم "السيد جورج"، وأضافت أن الحوار الذي ظهر في النسخة الترويجية للفيلم مدبلج وأضيف إسم محمد إليه كما أضيفت إليه إشارات مسيئة للإسلام لم تكن في النص الأساسي، وقالت غارسيا إنها سترفع دعوى بحق منتج الفيلم الأميركي الإسرائيلي سام باسيل، والذي توارى عن الأنظار منذ انتشار الأخبار حول فيلمه.

بي بي سي ترصد عناصر الفيلم المسيئ

الى ذلك صُور الفيلم الأمريكي الذي يقول المسلمون إنه مسئ للنبي محمد والذي أشعل فتيل أحداث العنف في مصر وليبيا كما يبدو في الولايات المتحدة الامريكية، وتبلغ مدة فيلم "براءة المسلمين" ساعتين لكن معظم الناس لم يروا سوى مقاطع متفرقة منه لم تزد على 14 دقيقة عُرضت على موقع يوتيوب وموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهو الأمر الذي جعل من الصعب فهم القصة الكاملة للفيلم حيث تظهر المشاهد الأولى من المقاطع، التي عرضت على الانترنت، "معاناة" المسيحيين المصريين في أحد مدن الصعيد، وجاء النصف الثاني بمستوى أقرب لإفلام الهواة ليصور حياة النبي محمد في صورة سيئة. ولعب الدور ممثل أمريكي مجهول، لكن يبدو أن الصورة أكثر تعقيدا من التحليل المبدئي لمحتوى الفيلم، فبعد أن كان ينظر له كمجرد عمل يهدف إلى الإساءة للنبي أخذ الأمر بعدا أخر بعد أن ظهر واضحا أن كل العبارات التي تشير إلى الدين الإسلامي لم تأت على لسان الممثلين ولكن تم إضافتها في عملية المونتاج، وهو ما يعطي احتمالا بأن الممثلين المشاركين في العمل لم يعرفوا أن الفيلم سيخرج بهذه الصورة "المهينة والاستفزازية" بحسب معلقين، وكان من الصعب أيضا التحقق من صحة التقارير بشأن هوية منتج العمل، وتم إنتاج الفيلم بشكل بدائي معتمدا على ديكور رخيص وحوار سطحي، وبالرغم من تصوير الفيلم باللغة الإنجليزية فإن نسخة مدبلجة باللغة العربية انتشرت ايضا على الإنترنت، وجاء أداء الممثلين المغمورين المشاركين في الفيلم بشكل أقرب للهواة منه إلى الاحتراف، كما صُورت مشاهد الفيلم- التي جاءت معظمها داخلية- مستعينة بخلفيات فقيرة بكاميرا قليلة التكلفة تستخدم في تصوير الأعمال التليفزيونية وليس السينمائية، وتشير التقارير المبدئية إلى أن منتج الفيلم يعرف نفسه باسم سام باسيلي وأنه اسرائيلي يهودي يقطن في الولايات المتحدة الامريكية، وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الفيلم تكلف 5 ملايين دولار تم جمعها عن طريق تبرعات من 100 شخص يهودي. بحسب البي بي سي.

وقال باسيلي في لقاء عبر الهاتف إن الإسلام مثل "السرطان"، بحسب تعبيره، وإن الفيلم سياسي وليس دينيا، ولم يتمكن مراسلو بي بي سي من التحقق من خلفية المنتج الذي قيل تارة إنه يعمل في العقارات وتارة أخرى إنه يعمل في "صناعة الأفلام"، وأورودت وكالة الانباء الفرنسية نقلا عن مصدر اسرائيلي -دون ذكر اسم- أنه لايوجد مواطن اسرائيلي يحمل هذه البيانات، وأشارت تقارير إعلامية أمريكية إلى أن منتج الفيلم ليس إسرائيليا وليس يهوديا وأن الاسم الذي استخدمه اسم مستعار بحسب ستيف كلين الذي عرفته صحيفة (الاتلانتيك) بانه مستشار الفيلم، وبعد نشر مقاطع الفيلم على يوتيوب أصبح محور اهتمام للمحطات التليفزيونية العربية، وعرضت قناة الناس الدينية المصرية مقاطع من الفيلم مصحوبة بدبلجة عربية في أحد البرامج الحوارية، وتسبب الفيلم في اقتحام متظاهرين للسفارة الأمريكية في القاهره وأحداث عنف شهدتها القنصلية الأمريكية في بنغازي وأودت بحياة السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة دبلوماسيين آخرين، وشارك قسم متابعة المحطات الدولية في بي بي سي في تحليل ورصد ردود الفعل ومحتوى وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/أيلول/2012 - 27/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م