الحركات الجهادية في سوريا... نفوذ متعاظم وميول متضاربة

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: ان ما يجري في سوريا من عنف حدث على أثره عمليات قتل وتهجير ونزاع ليصل الى مستوى دولي لكن الأهم من ذلك كله الى متى ستبقى سوريا تحت وطأة العنف؟

 بما هو سؤال له اجابات كثيرة وهنا يمكن القول ان الأمر سيبقى مرهونا بمدى ما ستنتهي المجاميع المسلحة من اعمالها وخروجها من سوريا حتى بعد فرضية عزل الحكومة السورية عن مهامها، إذ كلما طال وجوده التنظيمات الجهادية لا يستطيع احد الحديث عن تطور لأي وضع سياسي، الأمر الذي قد يستثير مخاوف دولية بمرور الوقت، فهؤلاء الذين يدخلون سوريا في سياق جهادي لا يُستبعد أن يلتفتوا لدول أخرى.

فالمسؤولية تقع على كاهل المجتمع الدولي وبعض الدول التي تدفع بآلة القتل وبمختلف الوسائل من أجل اسقاط الحكومة السورية لأسباب سياسية... ويخشى مراقبون من التأثير السلبي لانتصار الجماعات المتطرفة التي ترعاها المملكة العربية السعودية وقطر في سوريا، على الوضع بشكل عام.

حيث لا تثق الكثير من الدول بالمملكة العربية السعودية بسبب دعمها للوهابيين والسلفيين. ففي الواقع تقوم بتمويل التمرد من أفراد وجماعات  في شمال القوقاز. وتجدر الإشارة إلى أنه في سوريا هناك مجتمع شيشاني كبير، وهذا يمكن أن يتغير إذا ما أطاح المتمردين بالنظام السوري. وحينها يمكن أن تصبح سوريا ملاذاً ومصدراً لتمويل ودعم الإرهاب.

وقد كتبت المواقع المتطرفة الشيشانية مؤخرا أن رستم غولاييف، وهو ابن، واحد من القادة السابقين للانفصاليين، الذين قاتلوا ضد روسيا - قتل في شوارع حلب. وقد صل رستم في سوريا في بداية الصيف،  وقتل ما بين 11 و 13 أغسطس. وأعيد جثمانه في 17 أغسطس.

حيث رصد مراقبون اعداد كبيرة من الجهاديين والمتطرفين الذين ينتمون الى حركات جهادية عالمية أخذوا يتوافدون على معاقل المجاميع المسلحة خلال الاسابيع الأخيرة ويحاولون تحشيد الدعم بين السكان الناقمين.

وهناك تدفق من الجهاديين على سوريا من العراق، وان السلطات الاردنية اعتقلت اربعة على الأقل من المتطرفين الاسلاميين الاردنيين بتهمة محاولة التسلل الى سوريا للانضمام الى الثوار.

واعلنت جماعة لم تكن معروفة من قبل تطلق على نفسها اسم جبهة النصرة مسؤوليتها عن عمليات تفجير شهدتها دمشق وحلب مستخدمة لغة ومواد مصورة تعيد الى الاذهان بيانات تنظيم القاعدة في العراق واشرطة الفيديو التي يبثها عن عملياته. حسب واشنطن بوست

ويرى عسكريون في سوريا ان العالم الذي لا يحرك ساكنا يفتح الباب للجهاديين. في وقت ترفض فيه دول أخرى عدة عروض من مجموعات متطرفة، ابدت استعدادها لمد الحركات الجهادية بالمال والسلاح حيث هناك خوف من تنامي نفوذ المتطرفين.

ويرى مراقبون ان هناك مؤشرات عديدة بأن جماعات من نمط تنظيم القاعدة الذي يوجد على الأراضي السورية تحاول الاندساس في صفوف الحركات الجهادية. وكان زعيم القاعدة ايمن الظواهري حث الجهاديين على التوجه الى سوريا وتقديم العون الى الثوار. واعرب دبلوماسيون غربيون عن اقتناعهم بأن عناصر القاعدة كانوا وراء التفجيرات التي وقعت في دمشق وحلب ومدن أخرى.

ونقلت مصادر أمنية ان عشرات الجهاديين عبروا الحدود من العراق الى سوريا، بعضهم سوريون تطوعوا للقتال في العراق والبعض الآخر عراقيون. ولعل بينهم اجانب عادوا بالاتجاه المعاكس بعد سنوات على دخول العراق للقتال ضد الاميركيين قبل رحيلهم.

ويرى خبراء ان هذه المجموعات التي تتألف من اسلاميين سنة متطرفين انقلبت على راعيها السابق وأخذت تعود الى سوريا مدفوعة بتشددها الديني والطائفي... وتحدث قائد تشكيل معارض في شمال سوريا، قدم نفسه باسم ابو مصطفى كيف انه ورجاله طردوا نحو متطرفين جميعهم سوريون ولكن ليس بينهم واحد من المنطقة نفسها وصلوا اليها في كانون الثاني يناير. وحاولت المجموعة بقيادة شخص اسمه ابو سليمان ان تجند عناصر محلية لتنفيذ هجوم على قرية جسر الشغور القريبة.

يقول جوزيف هوليداي، من معهد دراسة الحرب في واشنطن، إن اتباع المدرسة السلفية المتزمتة ظهروا في مناطق سورية عديدة وهم يلعبون دورا في المعارضة ولكن هؤلاء ايضا ينبغي تمييزهم عن الجهاديين. فان هناك جملة ميول واتجاهات مختلفة.

ولكن كثيرا من الناشطين يخشون ان نفوذ المتطرفين يتعاظم. وأن نفوذ المتطرفين يتزايد بالطبع لأن لا أحد يفعل شيئا لوقفه. وأن لدى المتطرفين قواعد عمل فهم يقولون إذا اعطيناكم المال فعليكم ان تطيعوا اوامرنا وتقبلوا قيادتنا.

ويستخدم الإرهابيون أسلحة حديثة ومن مصادر عدة بينها كما يتبعون أساليب إجرامية عدة في الاعتداء فقد استخدموا أسطوانات الغاز المنزلية لتفجيرها بهدف إسقاط عدد أكبر من الضحايا ا كما وضعوا الدمى على نواصي الشوارع لخداع الجيش وذكر أحد المقاتلين أنهم كانوا يفرشون قطع السجاد على مسافة طويلة ورشها بمادة المازوت ومن ثم إشعالها مع اقترابهم من المكان.

ويبرز الاعتداء واضحاً في الشوارع وعلى المنازل والمحلات التجارية التي نزعت أبوابها وسرق محتوياتها. ما يأمله محللون هو أن تنتهي الجرائم في سوريا ومن ثم التحدث عن نظام ديمقراطي، لأن التنظيمات الجهادية سوف لن تسمح بإقامة حكومة ديمقراطية كما رأينا في العراق وبعض الدول كأفغانستان وباكستان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/أيلول/2012 - 25/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م