رصد مركز ديان للبحوث الإستراتيجية الأوضاع المصرية من البوابة
الاقتصادية فوجد أن الأعوام من 2005 وحتى العام 2010، كان النمو
الاقتصادي فيها سريعا نسبيا، ولا سيما بفضل الإصلاحات التي شجعت
الاستثمارات الخارجية.
لكن هذا النمو في سوق العمل لم يعالج البطالة، ولا سيما في أوساط
الشباب، الذين كان لهم الفضل في صناعة الثورة المصرية الحالية.
الملف الاقتصادي في الفترة هذه كشف أن التضخم عاليا، حيث ارتفعت
أسعار الغذاء في العام 2008، مما شكل تهديدا ملموسا على معظم السكان،
الذين يعتبرون فقراء او قريبين من خط الفقر، حيث شكل الإنفاق أكثر من
40 في المائة على الغذاء من مداخيلهم.
تقديرات المركز قالت أن الإحساس السائد في تلك الفترة أن الرفاه
الاقتصادي تضرر، وفيما أدت هذه العوامل الى المظاهرات الجماهيرية التي
تعاظمت حتى تنحي حسني مبارك.
هذا التحليل كان بوابة الحديث عن مصر ما بعد الثورة، حيث لا يزال
الاقتصاد المصري في حالة ركود، مما يعني أن الظروف الاقتصادية تفاقمت
في ظل نمو سكاني بنحو 1.8 في المائة في السنة، التقديرات هو أن نحو 3
مليون نسمة اضيف الى عدد السكان منذ كانون الثاني 2011.
المؤشرات أيضا قالت أن المداخيل المالية في تراجع مستمر ونفقات
الحكومة منذ الثورة عمقت العجز في الميزانية، والذي من المتوقع أن يصل
الى نحو 10 في المائة من الانتاج المحلي الخام في السنة المالية 2011 –
2012 (تموز 2011 حتى حزيران 2012).
إضافة الى ذلك فإن الفائدة التي تدفعها الحكومة على السندات المالية
المحلية ازدادت الى نحو 16 في المائة و أيضا هرب رأس المال والانخفاض
الحاد في المداخيل من السياحة ومن الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
النتيجة بحسب المركز انخفضت الأرصدة الدولية (بما في ذلك الودائع
بالعملة الصعبة في المؤسسات المحلية للبنك المركزي) الى 15 مليار دولار
في نهاية حزيران (مبلغ يكفي لتغطية الاستيراد لثلاثة اشهر)، من 43
مليار دولار في نهاية كانون الاول 2010 لكن بقي القطاع المصرفي مستقرا
نسبيا في هذه الفترة، كما أضيف الى كل ذلك ظروف السيولة، الائتمان
للقطاع الخاص هبط بالقيم الحقيقية فيما تباطأ الارتفاع في الودائع.
في ظل هذه الأوضاع الصعبة، الرئيس الجديد معني بان يستخدم النفقات
العامة كي يبني قاعدة تأييد في قطاعات مختلفة من المجتمع. فقد وعد بان
يرفع بمعدل 15 في المائة المخصصات لعمال القطاع العام والمتقاعدين،
اضافة الى رفع الرواتب للفقراء، ورفع الأجر الأساس لعمال القطاع العام
والمتقاعدين سيكلف الدولة 3.5 مليار جنيه مصري (580 مليون دولار).
وستمول ذلك ميزانية الدولة للعام 2012 – 2013،.
التقرير أضاف أنه قبل اعلان الرئيس مرسي، خطط المجلس الوزاري رفع
عام للمخصصات بمعدل 10 في المائة. لأكثر من 6 مليون من عمال القطاع
العام سيستفيدون من رفع المخصصات، دون صلة بمستوى رواتبهم، اضافة الى
ذلك فان 8 مليون متقاعد سيستفيدون من رفع الحد الادنى بمقدار 50 جنيه
مصري. وستزداد المساعدات الاجتماعية التي تقدم للمتقاعدين الفقراء هي
ايضا من 200 جنيه الى 300 جنيه في الشهر.
وبسبب ذلك سيواجه الاقتصاد المصري أزمة سيولة، عجز كبير في
الميزانية، ضغوط في ميزان المدفوعات وخطر انخفاض قيمة العملة.
لذلك فإن مبادرات مثل زيادة المخصصات تعتمد على ايجاد سبيل لسد
الثغرة المتسعة في الميزانية، وتلقي المساعدة من صندوق النقد الدولي
يعتبر كخشبة قفز للحصول على مزيد من القروض الخارجية.
حركة التغيرات في سلم المدفوعات 2012 – 2013 رفعت سقف المتوقع
لنفقات الدولة ان تزداد الى 533.7 مليار جنيه مصري (89 مليار دولار)
بما يعادل نحو 80 في المائة من الميزانية مخصص منذ الان لرواتب عمال
القطاع العام، ودفع ديون مصر والدعم الحكومي للغذاء والوقود، مما يترك
نحو 20 في المائة فقط للنفقات الجديدة، التي ستمول في قسم منها بتخفيض
الدعم الحكومي للوقود، والذي سينخفض الى 70 مليار جنيه (12 مليار
دولار) في العام 2012 – 2013 مقارنة مع 95 مليار جنيه (16 مليار دولار)
في 2011 – 2012.
القراءة هذه كان ملخصها أن مصر تعاني من أزمة إقتصادية ضخمة، تهدد
حالة الاستقرار فيها، وتنذر بحدوث هزة أرضية جديدة تعيد الحالة القائمة
إلى الفوضى.
في المقابل حرصت أوساط اقتصادية في الكيان متابعة لأداء الرئيس
الجديد الذي بدأ تسجيل نجاحات في هذا الملف من خلال دائرة الانفتاح
الجديد على بعض مناطق العالم كأفريقيا ودول شرق أسيا، والمحيط العربي.
لذلك إن هذا الحديث يظل محك إختبار للرئيس الجديد في الايام القادمة
التي نسأل الله فيها الخير لمصر وشعبها. |