العراق والارهاب... وجهة غامضة ومؤسسات عاجزة

علي الطالقاني

شبكة النبأ: هناك حقائق أمنية مخيفة تتحدث عن تعرض العراق الى 500 هجوم إرهابي شهريا وهناك عدد غير قليل يحدث بدون رصد للاعلام لايقل أهمية عن الرقم السابق.

ولو أدرجنا الحالات الإجرامية الأخرى  مثل الاختطاف والقتل والأبتزاز فستكون معدلات العنف أعلى بكثير من الأرقام المذكورة. فالجماعات الإرهابية تستغل الوضع السياسي المربك وتجعل الفراغ السياسي والأمني رئة للتنفس. مما يستدعي أن تكون هناك إستراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب الذي يمثل التهديد الأكبر الذي يتعرض له اليوم العراق.

بعد أكثر من تسع سنوات من عمر السياسة الجديدة في العراق يتعرض الى هجمات تحدث حالات عنيفة خطيرة. وتتهم الكتل السياسية بعضها البعض بالضلوع في الصراع المسلح. ولا تزال بعض التكتلات السياسية لديها مجاميع مسلحة وعصابات إجرامية للضغط على الخصوم.

هذا فضلاً عن وجود بعض العصابات المتسترة داخل القوات الأمنية ولذا تلعب الجماعات المسلحة دوراً هاماً في السياسة وتقف خلف الهجمات دوافع سياسية. وهناك أعداد من المعتقلين ممن اطلق سراحهم من السجون عادوا وانضموا إلى تنظيم القاعدة، فمن الواضح أن التنظيم هو المستفاد من اطلاق سراح المجرمين. فالعديد ممن قضوا في السجون بعد ان كانوا يخططون للقيام بأعمال إرهابية.

وتعرضت له مدن عراقية هذا الاسبوع اطاحت بأكثر من 300 شهيد وجريح في كل من محافظة بغداد والبصرة الناصرية والعمارة والبصرة وبلد وكركوك وطوز خرماتو وصلاح الدين وتلعفر ومدينة الصدر والشعلة وسامراء وفي بعقوبة والتاجي شمال بغداد.

فان هناك خروقات أمنية تحدث رغم التفتيش الدقيق للمركبات إلا ان الارهابيين يستخدمون آليات وطرق جديدة لإحداث عمليات نوعية.

فهناك مدن عراقية تعيش بنفس الخطورة التي تعرضت لهاغ من أول لحظة بدأ فيها الارهاب يدق ناقوس الخطر. فانعدام الأمن أصبح معلما واضحا من معالم السياسية الجديدة في العراق.

مما يستدعي أن يحمل على محمل الجد فالعنف يأخذ أشكالا مخفية بطرق مختلفة وهناك توترا حادا.

كما ان المناطق الريفية وحتى المناطق التي تقع ضمن المدن تخفي أخطاراً حيث تأوي مجاميع إرهابية وكلما اقتربنا من تلك المناطق نكتشف اكداس من السلاح والمتفجرات فضلا عن وجود آثار لمجاميع مسلحة. كما أن الحدود الداخلية بين المناطق يمكن أن تمثل خطرا كبيرا.

أما الورقة التي يراهن عليها الكثير من السياسيين والتي تتمثل في المجاميع التي تقاتل تنظيمات القاعدة واصبحت تدعم المشروع الوطني بدأت تتعرض تلك المجاميع الى عمليات تصفية.

الى أين تتجه الأحداث

ان عدم قدرة الأجهزة الأمنية على مكافحة الإرهاب والانفراد في اتخاذ القرارات الأمنية بالإضافة إلى السياسات القائمة على التهميش والإقصاء وعدم الأعتماد على الكفاءات والتنسيق المسبق هو سبب رئيس في تدهور الأوضاع الأمنية. وبالتالي ستحدث السياسات المتبعة أئتلاف لبعض القوى الإرهابية وستكون هناك فعاليات إرهابية في مدن عدة لتكون فيما بعد تلك المدن معقل للمجاميع الإرهابية.

ان الوقت أمام العراق لأثبات نفسه على المسار الصحيح بدأ ينتهي وقبل أن يفقد قيمته الديمقراطية ينبغي ان تكون هناك رؤية سياسية وأمنية عبر محورين.

المحور الأول إعداة بناء سياسة جديدة أولا والمحور الثاني الانطلاق برؤية جديدة مع الابتعاد عن الناقشات السياسية حول الماضي و النظر إلى العراق باعتباره جزءاً من إستراتيجية مكافحة الإرهاب.

والخلاصة هي أن القوى السياسية يجب أن تحدد موقفاً واضحاً تجاه السياسة المتبعة وطريقة إدارة البلد، وما إذا كانت السياسة المتبعة ينبغي ان تحتوي الجميع أم تغيير النظام. وإلى أن يصل الساسة في العراق الى تلك الطريقة من التفكير سيتعرض العراق الى عمليات إجرامية أكبر من تلك التي حدثت بسبب التناقضات. وهناك حقيقة لابد قبولها أن بعض القوى التي لاتريد للعراقي ان يستقر ديمقراطيا ترفض أية فكرة ترسخ الحكم في العراق. وما دام الأمر على هذا الحال فإن الصراع سيبقى محموما.

اما على صعيد مكافحة الإرهاب فان آليات وطرق مكافحة الارهاب مازالت تقليدية ابتداء من ملاحقة التنظيمات الارهابية وتدمير الشبكات المتطرفة، والقضاء على مصادر التمويل ومراقبة الحدود. ويبقى الأمر مرهونا بيد القوى الدافعة والتي تقف خلف التنظيمات الارهابية التي تكمن خلف موجة العنف إن فعاليات مكافحة الارهاب يجب ان تركز على قتال الأفكار المحرضة و مواجهة الحركات الارهابية والمتطرفة بكل الطرق. ونشر الثقافة القائمة على نبذ العنف والتأكيد على أهمية التعايش السلمي والاعتدال والحرية والإنسانية وتقبل الآخر. ولا ننسى ان تأصيل التثقيف الفكري ومعالجة السلوكيات المنحرفة للمتطرفين عامل يساهم في الحد من الجريمة والعنف.

وان التركيز على تنمية وتطوير آليات التعاون بين الأجهزة الحكومية، وتبادل الخبرات والمعلومات مع الدول التي قد حققت انجازات بدحر الإرهاب أمر مطلوب، وينبغي ان تتبلور رؤية واضحة حول تدريب وتعليم الكوادر الأمنية عبر التعليم المستمر من أجل رفع مستوى المسؤولية في مجال مكافحة الإرهاب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/أيلول/2012 - 23/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م