تونس تتعثر... على طريق الديمقراطية

 

شبكة النبأ: كانت تونس هي مهد ثورات الربيع العربي، بينما الان مازال مشهدها السياسي مائعا نوعا ما على مدى الفترة الاخيرة، فمن المرجح أن نرى انقساما واضحا بين الاحزاب المختلفة، فاذا كان بالامكان تأجيل المعركة على السلطة فان الفساد الاقتصادي لا يمكن السكوت عنه اكثر، حيث بدأت موجة الاضطرابات التي تهز تونس تشعل غضب الشعب من جديد، مما يعني ايقاد شعلة الثورة في تونس مجددا، كما حث في مظاهرة جمعة المحاسبة وتطهير البلاد من الفساد، حيث لايزال توجيه الاتهامات للمسؤولين من قبل الاطراف الخارجية و حتى الداخلية مستمرة، فعلى عكس بعض التوقعات فان المؤشرات تظهر أزمة حادة في الوسط السياسي بين حركة النهضة الاسلامية الحاكمة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية اليساري الوسطي الذي أسسه الرئيس التونسي منصف المرزوقي بالسعي إلى السيطرة على مفاصل الدولة، ففي ظل في ظل استمرار التوترات والاتهامات الخلافات بين مختلف القوى السياسية في الدولة، وهذا ينطوي على قدر كبير من الحذر والحساسية لمستقبل الاوضاع السياسية هناك، خصوصا وان تونس مازال تعاني من نقص الحريات وشيوع الفوضى بسبب التغيرات اثر الثورة، فيما يرى المختصون بهذا الشأن بأن تأسيس سلطة الجديدة سيحتاج وقتا فالأمر لا يقتصر على السياسين وإنما كل التونسيين اللذين يجب عليهم ان يتعلموا كيف تكون الديمقراطية حتى يمكنهم قبول الآراء المختلفة، وتقبل السلطة الجديدة في البلاد.

السيطرة على مفاصل الدولة

فقد اتهم الرئيس التونسي منصف المرزوقي حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم بالسعي إلى "السيطرة على مفاصل الدولة" منتقدا "إصرارها" على اعتماد نظام سياسي برلماني في تونس عوضا عن نظام معدل، وقال المرزوقي في خطاب ألقاه نيابة عنه أحد مستشاريه في افتتاح المؤتمر العام الثاني لحزب "المؤتمر"، شريك حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم، ان "إخواننا في النهضة يسعون للسيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية أنصارهم (سواء) توفرت (فيهم) الكفاءة أم لم تتوفر"، وأضاف "كلها ممارسات تذكر بالعهد البائد" في إشارة إلى فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وانتقد المرزوقي، الذي أسس حزب المؤتمر سنة 2001، "اصرارهم (حركة النهضة) على النظام البرلماني والحال أننا لدغنا من هذا الجحر مباشرة بعد الاستقلال، وعانينا نصف قرن من تبعات جمع حزب، وإن تحصل على الأغلبية بصفة ديمقراطية، للسلطتين التنفيذية والتشريعية في بلد هيأته القرون للدكتاتورية لا للديمقراطية"، ورفض حزبا "التكتل" و"المؤتمر"، شريكا حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم، وأحزاب معارضة مطلب النهضة اعتماد نظام برلماني صرف ودعوا إلى نظام رئاسي معدل تتوزع فيه السلطات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة.

وفي سياق آخر اتهم منصف المرزوقي الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة ب"التأخير في بعث مشاريع التنمية في الجهات المحرومة (..) والتردد في إطلاق عنان العدالة الانتقالية ومحاسبة الفاسدين وتسوية ملفات الجرحى وعائلات الشهداء (الذين سقطوا خلال الثورة التي أطاحت بنظام بن علي)"، وقال"هم (الحكومة) لا يرون جدوى الدخول في معارك لا طائل منها بخصوص استقلالية الإعلام والقضاء والهيئة الوطنية لتنظيم الانتخابات، وكلها تؤلب علينا جزءا من الرأي العام يمكن أن يكون بجانبنا"، وانتقد المرزوقي "خيارات حركة النهضة التي بيدها جل الوزارات وأهمها"، عازيا أسباب انشقاق عدد من قياديي حزب "المؤتمر" ونوابه بالمجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011 إلى رفضهم لخيارات النهضة، كما انتقد دعوة حركة النهضة الى استصدار قانون "تجريم الاعتداء على المقدسات" الذي يعاقب بالحبس على "جرائم الاعتداء على المقدسات"، وتساءل "إذا سارعنا لقانون يجرم التطاول على المقدسات ألا يجب أيضا أن نجرم (ظاهرة) التكفير"المنتشرة في صفوف جماعات دينية تونسية متشددة. بحسب فرانس برس.

وأضاف "إذا دخلنا في منطق المنع فإلى أي حد نذهب وهل لا يتهددنا خطر الانزلاق إلى ضرب المكسب الأكبر (الحرية) الذي ثار من أجله الشعب؟"، وتابع "هناك بطء غير مقبول في انطلاق المشاريع مما أدى إلى نفاد صبر مناطق حذرت كثيرا من انفجارها"، وقال ان اعمال العنف التي اندلعت الشهر الحالي بولاية سيدي بوزيد (وسط غرب)، مهد الثورة التونسية "جرس انذار يجب اخذه بجدية بدل الاكتفاء بطمأنة النفس والقول انها حركة شباب طائش بأعداد قليلة تحركها احزاب متطرفة ووراؤها فلول (حزب) التجمع" الحاكم في عهد بن علي، وقال "لو لم يكن هناك احتقان حقيقي ومطالب شرعية لم تلب وحوار مطلوب لم يستجب له، لما أعطيت الفرصة للمصطادين في الماء العكر"، وحمل المرزوقي بشكل غير مباشر الحكومة مسؤولية "تواصل عنف بعض الغلاة (السلفيين) والحال أنه من حق ومن واجب الدولة انطلاقا من شرعيتها كف أذاهم عن الناس والتصدي بالقانون لمن يدمر صورة تونس ويشوه ثورتها"، ودعا حزب المؤتمر إلى أن "يكون دوما وبلا أدنى تحفظ نصيرا قويا عنيدا، صلبا، لكل الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأساسا حرية الضمير والرأي، وحرية الإبداع، واستقلال المنظمات المدنية في مجال الإعلام، في مجال تنظيم الانتخابات، في مجال القضاء"، كما دعا نواب الحزب بالمجلس التأسيسي إلى "التمسك الكلي بحقوق الإنسان وحقوق المرأة بصفة خاصة وتضمينها في دستورنا بصريح العبارة وبدون لف ودوران وبرفض كل الجمل المثيرة للجدل العقيم من نوع المرأة التي تكمل الرجل".

وقال "إن المساواة تامة أو لا تكون إذ يكفي أن ينقص منها ابسط جزء لكي تصبح آليا مساواة منقوصة أي مساواة مزيفة"، وانتقدت منظمات حقوقية صيغة بند دستوري اقترحته حركة النهضة مؤخرا وينص على أن العلاقة بين الرجل والمراة علاقة "تكامل" وليس علاقة مساواة، واعتبرته مدخلا للالتفاف على مكاسب المرأة التونسية التي تحظى بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي، وأثارت تصريحات المرزوقي استياء حركة النهضة التي حضر قياديوها افتتاح المؤتمر، وخطب راشد الغنوشي رئيس الحركة في الحاضرين قائلا "نحن نخالف (المنصف المرزوقي) في كثير من الآراء ونعتبر أنها لا تعبر عن (رأي حزب) المؤتمر"، وغادر قياديون بارزون في النهضة قاعة المؤتمر احتجاجا على خطاب المرزوقي، ومن هؤلاء علي العريض وزير الداخلية وسمير ديلو الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية وعبد الفتاح مورو عضو مجلس الشورى في حركة النهضة.

جمعة المحاسبة وتطهير البلاد من الفساد

في سياق متصل تظاهر الجمعة بالعاصمة التونسية آلاف من انصار حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، أمام مقر الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي، الامين العام لحركة النهضة، في تحرك أطلقوا عليه اسم "جمعة المحاسبة وتطهير البلاد من الفساد"، وقدم جزء كبير من المتظاهرين الى العاصمة تونس من داخل البلاد على متن سيارات وحافلات، وفي أغسطس/آب الماضي، أطلق نشطاء انترنت محسوبون على النهضة، حملة على الفيسبوك بعنوان "إكبس" (ومعناها باللهجة التونسية اضغط او كن حازما) للضغط على الحكومة حتى "تسرع في تحقيق أهداف الثورة"، ودعوا إلى التظاهر كل يوم جمعة أمام مقر الحكومة لتحقيق مطالبهم، وعلى مدى أسبوع دعا انصار حركة النهضة إلى المشاركة في "مليونية" يوم 7 أيلول/سبتمبر، لكن مصادر امنية قدرت عدد المشاركين في تظاهرة اليوم بحوالي 7 آلاف شخص، وبالاضافة الى مطالب تطهير مؤسات الدولة من "الفساد"، وإقصاء المنتمين إلى الحزب الحاكم السابق، اضاف المتظاهرون مطلب "تفعيل (مرسوم) العفو العام" الصادر في 19 فبراير/شباط 2011، وبحسب نص مرسوم العفو العام فإن لكل من سجن أو طرد من وظيفته "على أساس نشاط نقابي أو سياسي" قبل ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011 التي أطاحت ببن علي، "الحق في العودة للعمل وفي طلب التعويض (..) طبقا لإجراءات وصيغ يحددها إطار قانوني خاص"، واتهمت أحزاب معارضة حركة النهضة "باستغلال وجودها في الحكم لتسوية الأوضاع المادية لمناضليها" على حساب "أولويات البلاد" التي تشكو انكماشا اقتصاديا وشحا في الموارد المالية وارتفاعا في نسب البطالة (19 بالمئة) والفقر (25 بالمئة) وغلاء المعيشة.

وتحت ضغط الرأي العام أعلنت الحكومة إرجاء البت في موضوع التعويضات إلى أجل غير مسمى لكنها وعدت ب"الإيفاء بالتزاماتها" تجاه المشمولين بمرسوم العفو العام، وفي 17 أغسطس/آب الفائت، نددت "التنسيقية الوطنية لتفعيل العفو العام" (غير حكومية) في بيان ب"خضوع الحكومة لضغط القوى السياسية المناهضة لتفعيل قانون العفو العام" ملوحة ب"التظلم لدى القضاء الدولي إذا لم ينصفها القضاء المحلي" في مطلبها تفعيل العفو التشريعي العام، وأعلن سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في وقت سابق ان حوالي 12 ألف شخص طالبوا حتى الآن بالتعويض فيما يتوقع مراقبون أن يصل العدد إلى 30 ألفا أو أكثر، ورفع مشاركون في تظاهرة الجمعة لافتات كتب عليها "الشعب يريد تفعيل العفو العام" و"لا للتفريط في حقوق المساجين السياسيين" و"لا تحقيق لأهداف الثورة دون إعادة كرامة المساجين السياسيين"، وقال رياض الشعيبي القيادي في حركة النهضة مخاطبا عددا من المتظاهرين "جئنا اليوم لنضغط من أجل تفعيل العفو العام"، وطالب الحبيب اللوز المحسوب على الجناح المتشدد في حركة النهضة، الحكومة بأن "تقر عاجلا" قانون العفو العام، وقال في خطبة ألقاها عندما أم المتظاهرين في صلاة الجمعة "يجب أن يعطى أصحاب الحق حقهم" معتبرا أن التعويضات "جبر ضرر" وليست "غنائم". بحسب فرانس برس.

وفي سياق آخر، شن المتظاهرون هجوما كاسحا على حزب "حركة نداء تونس" الذي أسسه العام الحالي رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، وقال رياض الشعيبي "نداء تونس أصبح تجمعا جديدا يعمل على إحياء الآلة التجمعية القذرة (..) ونحن كحزب (حركة النهضة) نعتبر نداء تونس استنساخا لحزب التجمع" الحاكم في عهد بن علي "ولن نرضى حتى يقع استصدار قانون العزل السياسي (ضد من تقلد مسؤوليات حزبية في التجمع) لمدة لا تقل عن 10 سنوات"، وأضاف أن حركة النهضة سترفع قانون العزل السياسي إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه، ورفع متظاهرون لافتتات كتب عليها "عودة التجمعيين طعنة لتضحيات السجناء السياسيين" و"لا رجوع لا حرية للعصابة التجمعية" و"العزل السياسي لعصابة الباجي"، وصب المتظاهرون وبعض قيادات حركة النهضة جام غضبهم على وسائل الاعلام في تونس. وطالب الحبيب اللوز الحكومة ب"الحزم ضد القوى المتآمرة ومن بينها الاعلام"، وقال "ليس من المنطق أن تقوم ثورة والاعلام بيد أعداء الثورة.. هذا ظلم"، وخطب لطفي زيتون عضو حركة النهضة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة، في المتظاهرين عبر مكبر صوت قائلا إن الاعلام في تونس "لا يغطي انجازات الحكومة بل يبرز العيوب"، وأضاف الشعيبي (اكرر الشعيبي) ردا عن سؤال حول ما إذا كانت حركة النهضة تعتزم إطلاق تلفزيون خاص "إن شاء الله في القريب"، واعتبر عصام الشابي النائب بالمجلس التأسيسي عن الحزب "الجمهوري" المعارض أن الغاية من حملة "أكبس" التي أطلقها أنصار النهضة هي "خنق الاعلام وحرية الاعلام والتعبير التي كانت المكسب الوحيد للثورة". وقال في تصريح لإذاعة شمس إف إم الخاصة ان الحملة التي اطلقها شباب حركة النهضة "لا تبشر بخير (..) ومحاولة لوضع اليد على الاعلام" التونسي.

خلافات سياسية

كما أعلنت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في تونس أن "لجنة الخبراء" اتخذت قراراً بحل نفسها والتخلي عن مهامها بشكل نهائي، بسبب استمرار الخلافات بين مختلف القوى السياسية في الدولة التي شهدت انطلاقة "الربيع العربي" مطلع عام 2011 الماضي، والتي امتدت شرارتها إلى العديد من الدول العربية الأخرى، وأكد رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، عياض بن عاشور، تخلي لجنة الخبراء عن مهامها اعتباراً من 27 أغسطس/ آب الجاري، مشيراً إلى أن أعضاءها ستوجهون إلى العمل في مجال المجتمع المدني، ضمن جمعية من المنتظر أن تحمل، حسب قوله، اسم "جمعية خبراء الانتقال الديمقراطي"، وبرر بن عاشور، خلال ندوة صحفية عقدها الجمعة بمقر الهيئة، اتخاذ قرار التخلي بتراجع الرئاسات الثلاث عن اتفاق ينص على تأسيس لجنة خبراء في إطار قانوني جديد، نافياً وجود أي علاقة لهذا القرار بتصريحات أعضاء لجنة الخبراء خلال المائدة المستديرة التي نظمتها، الجمعية التونسية للقانون الدستوري، حول قراءة نقدية لمشروع الدستور، وأكد رئيس هيئة تحقيق أهداف الثورة التونسية، في تصريحات أوردتها وكالة تونس أفريقيا للأنباء السبت، أن قرار التخلي تم اتخاذه في آخر اجتماع للجنة الخبراء يوم 8 أوت الجاري وأنه تمت مراسلة رئاسة الحكومة في الغرض يوم الثلاثاء الماضي "دون تلقي أي رد منها" على حد تعبيره، واستعرض بن عاشور ما أنجزته لجنة الخبراء طوال فترة عمل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ومساهمتها في "تجديد المنظومة القانونية بالبلاد"، على حد تعبيره، مضيفاً أن "اللجنة كانت مصدر الاستنباط والتفكير والتصور لجميع المراسيم، التي تم إعدادها خلال الفترة الانتقالية الأولى، لتأطير الحياة السياسية، على غرار المراسيم المتعلقة بالأحزاب السياسية والجمعيات، والقانون الانتخابي، وبقطاع الإعلام". بحسب فرانس برس. 

وقد واصلت اللجنة نشاطها بعد انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من أجل تقديم خلاصة تجربتها إلى السلط العمومية الجديدة،، وفق بن عاشور، الذي بين أن أعضاء اللجنة عملوا على متابعة أشغال المجلس الوطني التأسيسي، وقاموا بعديد الزيارات إلى اللجان التأسيسية، كما تقدموا إلى المجلس بمشروع دستور، إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى، على غرار مشروع الهيئة المستقلة للانتخابات الجديدة، وذكر بن عاشور بالمرسوم رقم 6 المؤرخ في 18 فبراير/ شباط 2011، الذي نص على إحداث هيكلين صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، الأول تمثيلي، وهو "مجلس الهيئة"، الذي قال إنه "تم إنهاء مهامه في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2011"، فيما يتمثل الثاني في "لجنة الخبراء"، التي تضم 20 عضواً، والتي تم الإبقاء عليها "لمعاضدة عمل المجلس الوطني التأسيسي والسلط الجديدة"، على حد تعبيره.

تسليم زين العابدين بن علي

من جهة أخرى أعلنت وكالة الأنباء التونسية أن الرئيس التونسي منصف المرزوقي طالب خلال مشاركته في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الاسلامي بمكة، السلطات السعودية بتسليم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب إلى السعودية يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011، وأوردت الوكالة أن المرزوقي صرح في مكة لوسائل إعلام سعودية "كيف تجير المملكة شخصا اضطهد الاسلام ودنس القرآن وسرق أموال شعبه وتمتعه بضيافة كان من الاجدر ان تقدم لأناس لم يقترفوا مثل هذه الافعال؟"، وأضافت أن المرزوقي أقر بأن ملف تسليم الرئيس المخلوع "يشكل حساسية في العلاقات الثنائية بين البلدين" لكنه "جدد" مطالبة السعودية بتسليم بن علي، وتجاهلت الرياض أكثر من طلب رسمي تونسي بتسليم بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي اللذين هربا إلى السعودية مع اثنين من ابنائهما، وفي نيسان/أبريل 2012 أعلن وزير العدل التونسي نور الدين البحيري أن تونس "استوفت كل الشروط القانونية" حتى تسلمها السعودية بن علي، وذكر البحيري بأن البلدين وقعا سنة 1983 اتفاقية تعاون قضائي تجيز لهما تبادل المطلوبين للعدالة، وأصدرت تونس 50 بطاقة جلب دولية ضد بن علي بحسب وزير العدل التونسي، وأصدرت محاكم تونسية حكمين بالسجن المؤبد بحق بن علي من أجل مسؤوليته في قتل متظاهرين خلال "الثورة" التونسية، وأدين بن علي في جرائم أخرى تتعلق بالفساد المالي وباستغلال النفوذ وبحيازة أسلحة ومخدرات. بحسب فرانس برس.

عرض الرئيس على طبيب نفسي

في حين جمد حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" اليساري الوسطي الذي أسسه الرئيس التونسي منصف المرزوقي عضوية الطاهر هميلة عضو المكتب السياسي للحزب وعميد نواب المجلس الوطني التأسيسي إثر تصريحات دعا فيها إلى "سحب الثقة" من المرزوقي وعرضه على طبيب نفسي، وحزب المؤتمر شريك مع حزب "التكتل" اليساري الوسطي في الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الاسلامية، وقال محمد عبو الامين العام لحزب المؤتمر في تصريح لإذاعة موزاييك إف إم الخاصة "اتفقنا في المكتب السياسي (للحزب) على تجميد عضويته (الطاهر هميلة) بالنظر لكونه بصدد الاضرار بالحزب" بعدما "أدلى بكثير من التصريحات (الصحفية) تضمنت تشهيرا بالحزب (..) ومخالفة للنظام الداخلي للحزب"، وكان الطاهر هميلة صرح في مقابلة مع إذاعة "كاب إف إم" الخاصة بأنه سيطلب من المجلس الوطني التأسيسي "سحب الثقة" من المرزوقي وعرضه على "الفحص الطبي (النفسي) لأنه يتصرف تصرفات ليست لرجل سوي"، معتبرا أن "سلوكات المرزوقي وتصرفاته ليس لرئيس دولة"، وقال هميلة في هذه التصريحات إن المرزوقي "حقوقي لا شأن له بالسياسية ولا يفقه شيئا في السياسة" ودعاه إلى "تقديم استقالته" و"الاهتمام بحقوق الانسان"، وأضاف قائلا "أحمد الله أن ليس له (المرزوقي) صلاحيات (واسعة مقارنة برئيس الحكومة) وإلا لخرب البلد"، وتابع أن حزب المؤتمر الذي أسسه المرزوقي سنة 2001 "دخل في نفق مسدود" بسبب "أزمة التمزقات والانشقاقات". بحسب فرانس برس.

وفي حزيران/يونيو الماضي انشق 10 من جملة 29 من أعضاء المؤتمر بالمجلس الوطني التأسيسي وكونوا تنظيما سياسيا أطلقوا عليه اسم "حركة وفاء" برئاسة المحامي عبد الرؤوف العيادي الأمين العام السابق لحزب المؤتمر، وقبل انشقاق هؤلاء كان المؤتمر ثاني حزب من حيث التمثيل في المجلس التأسيسي بعد حركة النهضة صاحبة أغلبية المقاعد في المجلس حيث تشغل 89 من جملة 217 مقعدا، والطاهر هميلة الذي تجاوز السبعين ترأس أول جلسة عامة للمجلس الوطني التأسيسي المنتخب في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011 باعتباره أكبر نواب المجلس سنا.

جامع الزيتونة الشهير

فيما أقر القضاء التونسي باستقلالية جامع الزيتونة الذي يعتبر من أشهر الجوامع في العالم الاسلامي، عن الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، ويحظى الجامع الذي يطلق عليه في تونس اسم "الجامع الاعظم" برمزية خاصة إذ تأسست داخله أول جامعة علمية في العالم الاسلامي، وقال المحامي فتحي الخميري رئيس قسم الشؤون القانونية والنزاعات بمشيخة الجامع الاعظم لفرانس برس ان "محكمة تونس الابتدائية رفضت الجمعة دعوى قضائية استعجالية أقامتها وزارة الشؤون الدينية ضد الشيخ حسين العبيدي الذي غير أقفال الجامع ومنع امام جمعة نصبته الوزارة من اعتلاء منبر الزيتونة"، وأوضح ان القضاء اعتمد وثيقة رسمية مؤرخة في 12 أيار/مايو 2012 تنص على أن "جامع الزيتونة مؤسسة اسلامية علمية تربوية مستقلة غير تابعة" للدولة و"تتمتع بالشخصية القانونية" وعلى أن حسين العبيدي هو "شيخ الجامع الأعظم وفروعه" وأن التصرف في الجامع وتنظيمه يعود إلى المشيخة، وتحمل الوثيقة توقيعات الشيخ حسين العبيدي ووزراء الشؤون الدينية، والتربية، والتعليم العالي والبحث العلمي، ويقول مراقبون ان الحكومة وقعت في "ورطة قانونية" بعدما أمضى ثلاثة من وزرائها على هذه الوثيقة، وفي 8 أغسطس/آب 2012 أصدر الوزراء الثلاثة بيانا مشتركا قالوا فيه ان "مشيخة جامعة الزيتونة تابعة قانونيا لرئاسة الحكومة" وأن "إدارة جامع الزيتونة من حيث تعيين الأئمة والمؤذنين وسائر الاعوان وتنظيم المناسبات والدروس العلمية والتوعوية هي من مشمولات وزارة الشؤون الدينية وتحت إشرافها المباشر". بحسب فرانس برس.

وعينت وزارة الشؤون الدينية في يوليو/تموز الماضي الدكتور محمد بوزغيبة أستاذ الفقه الإسلامي وعلومه في جامعة الزيتونة التابعة لوزارة التعليم العالي، إمام جمعة في الزيتونة، لكن مشيخة الجامع الاعظم لم تسمح له باعتلاء المنبر وطردته من الجامع في أكثر من مناسبة كان آخرها اليوم (امس الجمعة)، واتهم حسين العبيدي وزارة الداخلية ب"اختطافه" يوم الجمعة 3 أغسطس/آب وبالاعتداء عليه بالعنف المادي و"خلع كتفه" لتمكين محمد بوزغيبة من إمامة المصلين عوضا عنه، وأقام العبيدي دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية من أجل "الاختطاف" و"الاعتداء بالعنف"، وقال العبيدي (70 عاما) انه "لم يعامل أبدا مثل هذه المعاملة في وقت (الرئيس التونسي الراحل) الحبيب بورقيبة والمخلوع" زين العابدين بن علي اللذين اتهمهما إسلاميون في تونس ب"معاداة" الاسلام، وتطالب مشيخة الزيتونة باسترداد "الاوقاف" التابعة للجامع الأعظم والتي انتزعتها السلطات في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وقال حسين العبيدي إن "نصف الأراضي الخصبة في تونس هي أوقاف تابعة لجامع الزيتونة"، ويرجح مراقبون أن تكون مطالبة الجامع باسترداد هذه الاوقاف السبب الرئيسي للخلافات بين مشيخة الزيتونة والحكومة.

نقابات أمن تونسية

الى ذلك اتهمت نقابات أمن تونسية "قيادات أمنية" بوزارة الداخلية ب"محاولة تدجين وهرسلة (مضايقة) النشاط النقابي" في المؤسسة الأمنية، ودعت النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي والاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي (غير حكوميين) في بيان وزير الداخلية علي العريض الى "ضرورة حث القيادات الامنية على الكف عن مضايقة النقابيين وتعمد نقلهم (من مراكز عملهم إلى مراكز أخرى) دون مبرر شرعي، التزاما بما تضمنته المواثيق والمعاهدات الدولية" وإلى "وقف نزيف النقل التعسفي ومراجعته"، وقالتا إن قيادات في وزارة الداخلية "ترفض" العمل النقابي في المؤسسة الأمنية الذي اعتبرته "مكسبا ثوريا وتاريخيا".

وطالبت النقابتان باشراكهما في "جميع المجالس الادارية" التي تخص موظفي وزارة الداخلية وخاصة لجنة "التأديب"، وجددتا الدعوة إلى "التنصيص ضمن الدستور الجديد على مبدإ الأمن الجمهوري المحايد وبعث هيئة عليا لإصلاح المنظومة الأمنية تتولى اعداد مجلة قانونية لقوات الامن الداخلي ويكون الطرف النقابي ممثلا فيها"، كما طالبتا بتوفير "محاكمات عادلة للزملاء الموقوفين على خلفية أحداث (ثورة) 14 كانون الثاني/ يناير 2011 وصرف جراياتهم إلى حين البت النهائي في القضايا المرفوعة ضدهم والاحاطة بهم وعائلاتهم اجتماعيا وماديا وإطلاق سراح كل الابرياء منهم واعادة إدماجهم في محيطهم المهني". بحسب فرانس برس.

وتعد تونس نحو 65 ألف عنصر أمن بحسب إحصائيات أعلنتها وزارة الداخلية في وقت سابق.

وكانت تونس توصف في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ب"الدولة البوليسية".

واستعمل بن علي قوات الامن لقمع الحريات والتضييق على معارضيه، بحسب منظمات حقوقية تونسية وأجنبية، ويتولى وزارة الداخلية علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم، ومنذ توليه هذا المنصب قام العريض بتغييرات عدة في صفوف قيادات الأجهزة الأمنية، ويخشى مراقبون من "اختراق" حركة النهضة للمؤسسة الأمنية عبر هذه التغييرات. ويطالب حقوقيون ومعارضون وأمنيون بتحييد الأمن التونسي عن الاحزاب السياسية.

اتهامات دمشق

فقد نفى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس الاتهامات التي وجهها اليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم واكد فيها انه تلقى 150 مليون دولار من أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني لتمويل الحملة الانتخابية للحركة الاسلامية، وكان المعلم ساق هذا الاتهام في مقابلة نشرتها صحيفة الاندبندنت البريطانية، وقال زبير الشهودي مدير مكتب راشد الغنوشي في تصريح نشرته جريدة "التونسية" إنه "لا أساس للخبر من الصحة"، مؤكدا ان هذه الاتهامات ما هي الا "مجرد افتراءات من النظام السوري"، واضاف ان "الانتخابات جرت بصفة منظمة وشفافة ولا وجود لتمويلات أجنبية في حسابات حركة النهضة". بحسب فرانس برس.

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم للصحيفة البريطانية "قابلت الامير (حمد) في الدوحة على ما اعتقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 (...) وفي نفس الوقت الذي كنت انتظر فيه الدخول للقاء الامير، كان هناك زعيم النهضة التونسي حيث امر الامير بتقديم 150 مليون دولار لمساعدته في الانتخابات، كان هذا عمله".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/أيلول/2012 - 23/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م