بين الشرق والغرب... تنين هائج ومارد مريض

شراكة تجمع بين خلاف ووئام!

 

شبكة النبأ: تمر العلاقات الصينية الأمريكية بمنعطفات ومطبات قد تدخل كلا البلدين في نزاعات يطول أمدها مما قد تؤثر سلبا على الأوضاع السياسية والاقتصادية، ومن الملاحظ أن العلاقات بين البلدين تمر بفترات حرجة وقد تختلف أوجه الخلاف على موضوعات عديدة استدعت أن يطق الطرفين تصريحات وتبادل الاتهامات تجاه قضايا عديدة منها التدخل في النزاع على السيادة في بحر الصين الجنوبي في الوقت الذي وصلت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى بكين متعهدة بنقل رسالة قوية بشأن الحاجة إلى تهدئة التوتر الإقليمي.

ومنها الجانب الاقتصادي حيث هناك دول صغيرة تستفيد في جنوب المحيط الهادي من التنافس الجاري بين الولايات المتحدة والصين على تقديم المساعدات لكسب النفوذ في المنطقة.

لكن الولايات المتحدة تقول أن المحيط الهادئ كبير جدا ويتسع لنا جميعا، وذكرت خصوصا الصين واليابان والاتحاد الأوروبي. كما أكدت الصين أن الوقت ليس ملائما لتعكير المياه والصيد في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه في الوقت الراهن، وذلك بعيد الإعلان عن إعادة انتشار القسم الأكبر من الأسطول الأميركي في اتجاه المحيط الهادئ.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز وجودها في منطقة آسيا المحيط الهادئ التي تعتبرها منذ سنوات محرك النمو العالمي. وقد رأى مراقبون في رحلة كلينتون إلى المنطقة ردا على نفوذ بكين فيها.

لكن نائب الرئيس الصيني والرئيس الصيني تشي جينبينغ رأى من خلال زيارته إلى الولايات المتحدة التي انتهت باتفاق يتيح بث مزيد من الأفلام الأميركية في الصين بأنها ناجحة جدا. و اعتبر محللون أن الزيارة قد ترطب أجواء الخلاف وبالتالي لن يكون هناك خلافات كبيرة.

واشنطن من جهتها ترى في نفسها إنها لا تنحاز لطرف دون الآخر.. مما يلزم الولايات المتحدة بوعودها وتبذل المزيد من الجهود المفيدة للسلام والاستقرار الإقليمي وليس العكس.

لكن الصين قالت على الولايات المتحدة أن توقف التدخل في النزاع على السيادة في بحر الصين الجنوبي في الوقت الذي وصلت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى بكين متعهدة بنقل رسالة قوية بشأن الحاجة إلى تهدئة التوتر الإقليمي. بحسب رويترز

وكانت زيارة كلينتون الأخيرة للعاصمة الصينية والتي كان القصد منها إبراز تحسن العلاقات الأمريكية الصينية قد انحرفت عن مسارها بسبب لجوء معارض صيني كفيف إلى السفارة الأمريكية في بكين مما كشف عن العلاقة المتوترة بين البلدين.

أما المنغصات خلال هذه الزيارة فهي النزاعات حول جزر صغيرة ومناطق غنية بالنفط والغاز في بحري الصين الجنوبي والشرقي حيث تتنازع الصين السيادة على مناطق بحرية مع حلفاء إقليميين لواشنطن مثل الفلبين وتايوان.

ومع عودة كلينتون لبكين يقول مسؤولون أمريكيون إن رسالتها هي التعاون والشراكة كما تمثل الزيارة فرصة مهمة لتبادل الآراء خلال عام يشهد انتقالا سياسيا.

التوتر مازال قائما ويزيد من شدته نزاعات في بحري الصين الجنوبي والشرقي هزت أعصاب المنطقة وتسببت في تصريحات لاذعة مع واشنطن بعد إن عدلت الولايات المتحدة محور سياستها صوب اسيا والمحيط الهادي عقب سنوات من التدخل العسكري في العراق وأفغانستان.

وقال هونغ لي المتحدث باسم الخارجية الصينية إن واشنطن ليست قوة مساعدة في النزاعات البحرية.

وقالت صحف صينية من بينها صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم أن مزاعم الصين بشأن السيادة على بحر الصين الجنوبي هي في قلب المصالح القومية.

ولم يجب هونغ بشكل مباشر على سؤال عما إذا كان هذا هو الموقف الرسمي للحكومة وقال من واجب الصين مثل آي دولة أخرى في العالم أن تحمي سيادتها ووحدة أراضيها.

وكانت كلينتون قد حثت الصين وجيرانها في منطقة جنوب شرق أسيا في جاكرتا على التحرك بسرعة لوضع مدونة قواعد سلوك لبحر الصين الجنوبي وأكدت على أن النزاعات يجب أن تحل "دون إكراه ودون ترويع ودون تهديدات وبالتأكيد دون استعمال للقوة.

ويقول محللون إن الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لجزر كوك الصغيرة أبرزت أهمية المنطقة بعد أن عدلت الولايات المتحدة محور سياستها صوب أسيا والمحيط الهادي.

وجاءت زيارة كلينتون في الوقت الذي زادت فيه الصين من نفوذها ومن برامج المساعدات لترسيخ علاقتها مع دول المنطقة الصغيرة.

ويصعب معرفة حجم برنامج المساعدات الصيني وإن جاء في تقرير لمعهد لوي عام 2011 وهو معهد بحثي أن المساعدات الصينية نبلغ نحو 200 مليون دولار سنويا مع الاعتماد الكبير على القروض الميسرة لتمويل الأعمال العامة.

وخلال السنوات القليلة الماضية استخدمت المساعدات الصينية والقروض الميسرة في تنفيذ مشروعات في بابوا غينيا الجديدة وجزر كوك وساموا وتونجا وتونجان وفيجي التي قاطعت الدول الغربية حكومتها العسكرية بعد انقلاب عام 2006.

وخلال زيارتها لجزر كوك أعلنت كلينتون زيادة قدرها 32 مليون دولار في برامج المساعدات الأمريكية للمحيط الهادي لتحتفظ الولايات المتحدة بذلك بالمركز الثاني كأكبر دولة مانحة في المنطقة بعد استراليا.

وقالت كلينتون أيضا أن الولايات المتحدة يمكن أن تعمل مع الصين في منطقة المحيط الهادي مهونة من الحديث عن تنافس جديد بين القوتين في المنطقة. بحسب رويترز.

وتنفق الولايات المتحدة حوالي 300 مليون دولار سنويا على دول المحيط الهادي منها نحو 100 مليون دولار كمساعدات عسكرية مقارنة مع حوالي 1.2 مليار دولار سنويا من استراليا.

ودعت بكين المسؤولين السياسيين الأميركيين إلى الكف عن توجيه انتقادات إلى الصين بدون أساس والابتعاد عن شؤونها الداخلية والعمل من اجل أفضل العلاقات بين البلدين.

من جهتها قالت هيلاري كلينتون في قمة منتدى جزر المحيط الهادئ أن المحيط الهادئ كبير جدا ويتسع لنا جميعا وذكرت خصوصا الصين واليابان والاتحاد الأوروبي.

وقالت كلينتون أمام ممثلي الدول ال15 الأعضاء في المنتدى نرحب بإمكانية العمل مع شركائكم من اجل التنمية، اليابان والاتحاد الأوروبي والصين. وأضافت لكل منا دور ونساهم بشكل كبير في نجاح المنطقة في الامن والازدهار، مؤكدة أن المحيط الهادئ واسع ليتسع لنا جميعا. حسب فرانس برس.

لكن نائب وزير الخارجيبة الصيني كوي تيانكاي قال أمام المنتدى نحن في هذه المنطقة لا لنمارس نفوذا معينا أو لنحتل موقعا مهيمنا بل للعمل مع دول أخرى من اجل تنمية مستدامة.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة ستعيد انتشار القسم الأكبر من أسطولها البحري نحو المحيط الهادئ بحلول 2020 في إطار استرتيجية عسكرية جديدة تتمحور حول آسيا، كما أعلن السبت وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا.

وفي مجال حقوق الإنسان تستخدم واشنطن الملف كوسيلة ضغط على الصين فقد قالت الولايات المتحدة الأمريكية أنها لا يسعها أن تسمح لقضايا حقوق الإنسان باعتراض طريق التعاون مع الصين لمواجهة تحديات عالمية.

وألان بعد أن أضحى المعارض الصيني الضرير تشين قوانغ تشنغ تحت الحماية الأمريكية في بكين حسب منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة ستكتشف الاخيرة ما اذا كانت الصين لديها نفس الاعتبارات.

يأتي هرب تشين من الإقامة الجبرية بمنزله التي استمرت 19 شهرا وطلبه الحماية الأمريكية في وقت مربك للبلدين على ما يبدو اذ يقوم دبلوماسيون بالتحضير للمحادثات الاقتصادية والأمنية السنوية في بكين الأسبوع الجاري ويتزامن مع محاولة الحزب الشيوعي الصيني احتواء الفضيحة السياسية التي تورط فيها المسؤول البارز السابق باو شي لأي.

ويرى مراقبون بافتراض ان تشين موجود في السفارة يقول مسؤولون حاليون وسابقون انه من غير المتصور أن تسلمه الولايات المتحدة للسلطات الصينية رغما عن إرادته.

خيارات قد تحدد نوع العلاقة

وفي هذه الحالة أمام الصين خيار أن تدع الضرر يلحق بالعلاقات الاشمل في ظل مواجهة مع الولايات المتحدة او تسعى للتوصل لحل وسط ويرى محللون ودبلوماسيون حاليون وسابقون انه السيناريو المرجح ولكنه ليس مؤكدا باي حال من الأحوال.

وقال مسؤول بارز في إدارة الرئيس الامريكي باراك اوباما طلب عدم نشر اسمه لا أتصور أن يتخلوا عن العلاقات. القضية ليست مشابهة لحادثة طائرة التجسس أو ميدان تيانانمين. ففي عام 2001 أضيرت العلاقات بين بكين وواشنطن جراء تصادم بين مقاتلة صينية وطائرة تجسس أمريكية في الجو... أما واقعة ميدان تيانانمين في عام 1989 حين سحقت القوات الصينية احتجاجات مطالبة بالديمقراطية فقد كان لها تأثير سلبي أكبر على العلاقات مع واشنطن.

ولم تؤكد الولايات المتحدة رسميا تقارير فرار تشين من الإقامة الجبرية بمنزله الريفي في قرية بإقليم شاندونغ والاحتماء بالسفارة الأمريكية. كما أحجمت الصين عن التعليق المباشر على فرار المعارض من منزله الذي يخضع لرقابة لصيقة.

ويرى محللون إن الخلافات بين الصين وأمريكا أن الكفة تميل حاليا لصالح حل سريع وهاديء.

فان الصين لا تريد إن يكون لهذه القضية تأثير كبير لأنه لن يفيد علاقاتها الخارجية أو سياساتها الداخلية مضيفا أن ثمة أمور كثيرة على المحك لإثناء البلدين عن إلغاء الاجتماعات المقبلة.

لكن محللون قالوا إن الولايات المتحدة ستستغل هذه البطاقة لإحراج الصين. لا زالت ترغب في تغيير موقف الصين بشان كوريا الشمالية و سوريا. تريد احتواء تأثير هذه القضية لأنها تدرك أنها مبعث حرج للصين بالفعل.

حرب باردة

وأكدت الولايات المتحدة أنها لا تسعى إلى الدخول في نزاع مع الصين ونفت أن تكون هناك حرب باردة جديدة في آسيا. وصرحت كلينتون أمام الأكاديمية البحرية الأميركية في ضاحية واشنطن لسنا نسعى وراء أعداء جدد. الصين اليوم ليست الاتحاد السوفيتي ولسنا على مشارف حرب باردة جديدة في آسيا. وأضافت أن ازدهار الصين جيد للولايات المتحدة مثلما ازدهار الصين مفيد للولايات المتحدة، طالما أن الازدهار يتم بطريقة تستفيد منها المنطقة بكاملها.

وذكرت كلينتون بان الدول الناشئة مثل الصين والهند واندونيسيا تمكنت من تحقيق الازدهار بفضل نظام مساعدات دولية إقامته الولايات المتحدة.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في نفسها أنها وحدها لديها القوة العالمية والموارد والتصميم لمنع أي اعتداء ولجمع التحالفات حول مواضيع تضمن الاستقرار في المناطق الحساسة".

ويرى محللون أن النائب الرئيس الصيني تشي جين بينغ المرجح أن يصبح رئيسا في المستقبل انه سيبادر إلى نوع جديد من العلاقات بين البلدين التي مرت بفترات صعبة. حيث وصف تشي الذي تحدث خلال غداء رسمي في العاصمة الأميركية متوجها إلى رجال الأعمال في البلاد، العلاقات بين البلدين بانها تشبه نهرا يتابع مجراه رغم التعرجات معتبرا انه آن الأوان لانطلاقة جديدة تاريخية.

وقال وهو محاط بالعديد من رؤساء الشركات الكبرى بينها كوكاكولا وشيفرون انه خلال السنوات ال33 الماضية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، تعززت الصداقة بين شعبينا والتعاون المفيد المتبادل تزايد ومصالحنا مرتبطة ببعضها أكثر فأكثر.

وتشي الذي يرجح أن يخلف الرئيس الصيني هو جينتاو على رأس الحزب الشيوعي الصيني في تشرين الاول/اكتوبر 2012 ثم في منصب الرئاسة في اذار/مارس 2013، توجه بعد ذلك إلى موسكاتين بولاية ايوا الريفية بوسط الولايات المتحدة حيث له علاقات صداقة تعود إلى رحلة قام بها في العام 1985.

احترام القواعد

من جهته دعا الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى احترام القواعد المرعية الإجراء في الاقتصاد العالمي، وذلك خلال استقباله للمرة الأولى نائب الرئيس شي جين بينغ المرشح لان يكون الزعيم الصيني الجديد في البيت الأبيض، وبعد أن أشاد بالتطور العظيم للصين خلال العقدين الأخيرين قال اوباما أمام الصحافيين مع زيادة القوة والازدهار تزداد أيضا المسؤوليات على بكين.

وأضاف نريد أن نعمل مع الصين على إن يتبع الجميع نفس القواعد المرعية الإجراء فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي العالمي. وهذا يعني انه لا بد ان يكون هناك تدفق تجاري متوازن ليس بين الولايات المتحدة والصين فحسب بل في العالم اجمع.

ومن أهم نقاط الخلاف بين البلدين سعر صرف اليوان الذي تسعى بكين إلى إبقائه منخفضا لتعزيز صادراتها وجعلها أكثر تنافسية. كما اعتبر اوباما انه من الأهمية البالغة قيام الصين والولايات المتحدة بتعزيز علاقة عمل قوية. وتنظر واشنطن إلى زيارة شي على أنها فرصة لإرساء قواعد علاقة أكثر هدوءا بين بلدين تربطهما علاقات اقتصادية وثيقة وان كانا يتجاذبان بشأن مناطق النفوذ. ووعد الرئيس الأميركي بان تواصل بلاده إثارة موضوع حقوق الإنسان في الصين.

وقال بالنسبة إلى مواضيع أساسية مثل حقوق الإنسان، سنواصل التشديد على ما نعتقده مهما أي تجسيد تطلعات وحقوق الجميع وذلك في الوقت الذي احتشد فيه العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان أمام البيت الأبيض للتظاهر.

ورد نائب الرئيس الصيني أن بلاده ستواصل اتخاذ الإجراءات الملموسة والفعالة من اجل إقرار العدالة الاجتماعية وإقامة الانسجام بين المواطنين وتحسين وضع حقوق الإنسان في الصين.

وشدد على أن بلاده سجلت انجازات هائلة ومشهودا لها في مجال حقوق الإنسان في السنوات ال30 الفائتة منذ بدء الإصلاح والانفتاح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/أيلول/2012 - 21/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م